بزعامة زوجة نافالني.. صحيفة إيطالية تكشف مستقبل المعارضة الروسية

12

طباعة

مشاركة

رجحت صحيفة إيطالية أن تكون يوليا نافالنايا، زوجة "أليكسي نافالني" المعارض الروسي والخصم للرئيس فلاديمير بوتين، "مستقبلا سياسيا" لزعامة المعارضة في بلادها، معتبرة هذه الفرضية "الأكثر واقعية".

وذكرت صحيفة "إيل بوست" أنه في يونيو/حزيران 2020، قررت سفيتلانا تيخانوفسكايا زوجة المدون البيلاروسي سيرجي تيخانوفسكي، بعد أن ألقي القبض عليه، الترشح لرئاسة بيلاروسيا، وفي وقت قصير أخذت مكان زوجها وأصبحت زعيمة جديدة لمعارضة نظام ألكسندر لوكاشينكو.

ويعتقد بعض المراقبين أن يوليا، زوجة نافالني الذي صدر بحقه حكم في بداية فبراير/شباط 2021 بالسجن لمدة عامين و8 أشهر بتهمة انتهاك "شروط الرقابة القضائية"، يمكنها أن تشق طريقا مشابها في روسيا.

السيدة الأولى

يطلق البعض على نافالنايا لقب "السيدة الأولى للمعارضة"، وفي الماضي عرفت بمشاركتها ونشاطها في تحركات زوجها، وعلى مر السنين، غالبا ما كشفت عن شخصيتها بشكل مباشر خلال العديد من المحاكمات والاعتقالات التي مر بها نافالني، وكانت تتحدث وتتصرف كمعارضة سياسية.

وفي هذا الإطار، كتبت الصحفية الروسية، آنا نارينسكايا، أن "نافالنايا شخصية استثنائية تماما في البلاد، حيث من غير المعتاد أن تكون زوجة أحد السياسيين المعارضين معروفة ومشهورة جيدا".

ولدت نافالنايا في روسيا وتبلغ من العمر 44 عاما، حازت شهادة في الاقتصاد وعملت لفترة في أحد البنوك، قبل ولادة طفليها بعد زواجها من نافالني الذي تعرفت عليه خلال عطلة في تركيا أواخر التسعينيات. 

ويذكر أن كلاهما نشط في حزب "يابلوكو" الاجتماعي الليبرالي الروسي والمؤيد للغرب، ووفقا لما ذكرته إيفجينيا ألباتس، وهي أكاديمية قريبة من الأسرة، كانت نافالنايا "دائما المحفز الأول لزوجها، الذي كان يستشيرها أولا قبل اتخاذ أي قرار".

وعلى إثر تعرض نافالني للتسميم، تكثف ظهور نافالنايا خصوصا بعد تمكنها بصعوبة بالغة من نقل زوجها إلى مستشفى في برلين، لاقتناعها بتلقيه العلاج بشكل أفضل من روسيا، وبإمكانية اكتشاف المادة المستخدمة في محاولة قتله. 

وفي تلك الحادثة، اتهمت نافالنايا أيضا الحكومة الروسية بإخفاء الأدلة وحرمان زوجها من تلقي أفضل العلاجات.

في عام 2018، أشارت "إيل بوست" إلى أن كسينيا سوبتشاك، وهي سياسية ليبرالية روسية نافست بوتين في الانتخابات الرئاسية لعام 2018، فكرة خوض نافالنيا غمار العمل السياسي. 

وفي حديثها لصحيفة "الإندبندنت"، قالت سوبتشاك: إن "نافالنايا كان بإمكانها أن تكون عام 2018 أفضل مرشح يمكن أن يتحد حوله جميع المعارضين، خصوصا وأنه لم يكن لديها إدانات جنائية، كما أنها تحمل (اللقب المناسب)"، واصفة إياها بـ"الأكثر عقلانية والأقل تشدد في الرأي مقارنة بزوجها".

وعموما، "لا تزال سوبتشاك تعتقد أن نافالنايا لديها القدرة على توحيد الناخبين المعارضين في روسيا".

بدورها، أكدت الأكاديمية ألباتس لصحيفة "إندبندنت" قبل صدور الحكم بحق نافالني، أن زوجته لا تنوي أخذ مكانه، خشية الدخول في منافسة معه بعد خروجه من السجن. 

واستدركت بالقول: "إنه من الممكن أن تتغير الأمور إذا لم يقدر نافالني القيام بأي نشاط سياسي لبعض الوقت"، وهو سيناريو تأكد بصدور حكم السجن في بداية فبراير/شباط"، تعلق الصحيفة الإيطالية.

بالإضافة إلى مشاركته معاركه السياسية، أوضحت "إيل بوست" أن نافالنايا على دراية جيدة بعمل زوجها على رأس مؤسسة مكافحة الفساد، وهي المنظمة التي تنشر تحقيقات فساد حكوميين بارزين، على غرار نشر الفيديو الاستقصائي في يناير/كانون الثاني الماضي، الذي كشف فيه نافالني صرف بوتين أموالا ضخمة تحصل عليها بطريقة غير شرعية لبناء قصر فخم مطل على البحر الأسود.

مستقبل سياسي

من جانبهم، يفكر مؤيدو فكرة قيام نافالنايا بدور بارز في السياسة الروسية، أن بإمكانها أن تحل محل زوجها أيضا داخل المؤسسة، أي القيام بنفس النشاط الذي أدى إلى اكتساب نافالني الشهرة.

وذكرت الصحيفة الإيطالية في هذا الصدد، أن نافالنايا تولت زمام الأمور في الماضي أثناء وجود زوجها بالسجن، حدث ذلك عام 2018، عندما ردت على مقطع فيديو لرئيس الحرس الوطني الروسي، فيكتور زولوتوف، ينتقد زوجها، وعلقت في صورة  نشرتها على موقع إنستغرام "محتال آخر يهددنا، أنا لا أخاف منهم، وأدعو الجميع ألا يخافوا".

وأضافت الصحيفة أن في يناير/كانون الثاني الماضي، عندما عاد الزوجان من برلين وتم إلقاء القبض فورا على نافالني بمطار موسكو، خاطبت نافالنايا حشدا من الأشخاص الحاضرين مكررة الكلمات نفسها تقريبا: "أنا لست خائفة، وأدعوكم إلى عدم الخوف" . 

وفي الأيام التالية، أفادت نافالنايا بأنها كانت تحت مراقبة الشرطة وتم اعتقالها خلال المظاهرات المطالبة بالإفراج عن نافالني.

وبحسب الصحيفة الإيطالية، من المفارقات أن وسائل الإعلام الحكومية الروسية تروج أيضا لمسيرة سياسية لنافالنايا كمعارضة سياسية.

ويعتقد كثيرون بأنها طريقة لصرف الانتباه عن احتجاز نافالني، والترويج لصورة الرجل الذي تفوقت عليه زوجته، وتصدر القرارت في عوضه. 

وبحسب صحيفة "نيويورك تايمز"، تحول الرسم الكاريكاتوري لوسائل الإعلام الحكومية الروسية عن نافالنايا إلى "هجوم متحيز جنسيا ضدها في بعض الأحيان".

من ناحية أخرى، بينت الصحيفة أن "في روسيا من الطبيعي ألا تؤخذ المرأة في السياسة على محمل الجد، ورغم أن عدد النساء يزيد عن عدد الرجال بحوالي 11 مليونا من 147 مليون نسمة، إلا أن تمثيل المرأة في البرلمان ضعيف ويبلغ 16 في المئة فقط من النواب". 

من جهتها، قالت ألينا بوبوفا، مؤسسة منظمة روسية للدفاع عن حقوق المرأة، لصحيفة نيويورك تايمز، إن "الرجال احتكروا أيضا المعارضة السياسية". 

وفقا لبوبوفا، تعد شخصية نافالنايا مثالية لوضع المرأة في روسيا اليوم: "إنها أم وزوجة سجين، لم ترغب في دخول عالم السياسة إلى أن أجبرها النظام الفاسد على ذلك".

وللتشابه في الأدوار، قارن البعض نافالنايا بزوجة الرئيس الأميركي الأسبق، ميشيل أوباما، وفي هذا السياق كتبت الصحفية آنا نارينسكايا، أنه "يمكننا أن نقول على وجه اليقين أن مكانتهما، كزوجات لسياسيين لم يكن ظرفا، وإنما اختيار واع".

وفيما يتعلق بالحديث عن إمكانية أن يكون لكلاهما مستقبل سياسي، وإن كان ذلك بطرق مختلفة جدا، اعترفت نارينسكايا بأن "المقارنة قد تكون مبالغا فيها لا سيما وأن وضعية نافالنايا تعتبر أكثر صعوبة".