زاد 35 بالمئة.. ما أسباب الإقبال على زواج القاصرات السوريات في لبنان؟

قسم الترجمة - الاستقلال | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

قالت صحيفة "الباييس" الإسبانية، إن ضغوط العائلات الفارة من الحرب في سوريا واللاجئة بلبنان، تسببت في زيادة عدد حالات الزواج في سن مبكرة؛ على غرار "نايلة زبير". 

وأوضحت أن "نايلة تزوجت في سن 14 عاما من عمرها، في مخيم غير رسمي للاجئين السوريين في بلدة عرسال اللبنانية على الحدود مع سوريا".

وشددت الصحيفة على أن "انهيار الاقتصاد اللبناني يتسبب في إحداث دمار في صفوف السكان الأكثر ضعفا وهشاشة، مثل أولئك الذين فروا من حرب استمرت لعقد من الزمن".

وبدافع الحاجة، ترتب المزيد والمزيد من العائلات السورية زواجا لبناتهم الصغيرات رغبة في الحد من عدد أفراد العائلة التي يتكفل بهم الأبوان وبمصاريفهم اليومية، وفق "الباييس".

ونقلت الصحيفة أنه "ذات يوم في بداية السنة الحالية، وفجأة، جاء الشاب السوري، ميري، البالغ من العمر 20 عاما، إلى متجر العائلة وطلب يد نايلة، وبعد أن استشارها والدها، أومأت الفتاة برأسها معبرة عن قبولها دون أن ترى وجه خطيبها أو تتبادل معه كلمة واحدة".

بالنسبة للفتاة القاصر، فقد حسمت قرار هذا الزواج بالقول إنه "نصيب"، وفي سن مبكرة، بدى من الواضح أن الحياة أثرت عليها بشكل كبير، حيث كانت تبلغ من العمر 5 سنوات عندما اندلعت الحرب السورية عام 2011.

ثم كانت في السابعة من عمرها عندما فرت الأسرة من مسقط رأسها في منطقة القلمون غربي سوريا، بحثا عن ملجأ في لبنان المجاور، وفي سن 11، أجبر تصاعد القتال بين إرهابيي تنظيم الدولة والجنود اللبنانيين عائلة هذه الفتاة على الفرار مرة أخرى، هذه المرة داخل لبنان، للاستقرار في مخيم "وفاء العثمان" في عرسال.

ظروف اجتماعية

ونقلت الصحيفة الإسبانية أن "العام الماضي، أصبح 4.5 ملايين لبناني تحت خط الفقر، أما بالنسبة للسوريين، فإن 9 من بين كل 10 بالكاد يعيشون في فقر مدقع"، وفقا لبيانات الأمم المتحدة، التي تسجل 865 ألف لاجئ. 

من جهتها، ترفع الحكومة اللبنانية من هذه الأرقام، وتؤكد أنها بلغت أكثر من 1.5 مليون سوري يعيشون على أراضيها، وإذا كان هناك سوري واحد مقابل كل 3 لبنانيين في البلاد، فإنه في عرسال هناك ترحيب أكثر من قبل السكان المحليين، حيث يوجد حوالي 65 ألف سوري مقابل 35 ألف لبناني.

وذكرت "الباييس" أن "قيمة الليرة اللبنانية انخفضت مقابل الدولار بنسبة 80 في المئة خلال الأشهر الخمسة عشر الماضية، مما قلل بشكل كبير من القدرة الشرائية للاجئين، وبقية السكان". 

بالإضافة إلى ذلك، تراجعت قيمة المساعدات الأسرية التي يتلقونها من الأمم المتحدة، والتي مرت من 143 إلى 40 يورو شهريا، فيما كان تقليص نفقات دراسة أبناء اللاجئين من الآليات التي لجأت إليها هذه الأسر لمواجهة النقص في الموارد، كما تبرز طريقة أخرى؛ تمثلت في زواج القصّر. 

في هذا السياق، سجلت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، زيادة في هذه الزيجات منذ بداية الجائحة بين السوريين.

وقالت المتحدثة باسم المنظمة في لبنان ليزا أبو خالد، في محادثة هاتفية: إن "مناطق مثل بيروت أو جبل لبنان، حيث يعيش حوالي 207 آلاف لاجئ، بلغت الزيادة في زيجات القصّر حوالي 6 بالمئة منذ الربع الثالث من عام 2020". 

وأفادت الصحيفة بأن "عرسال الفقيرة والمكتظة تسجل أعلى نسبة من زواج الأطفال"، ويقدر رئيس منظمة "أوردا" الإسبانية غير الحكومية في بيروت، زياد أبو حوش، أن "عدد حالات زواج القاصرات زاد بين 30 و35 بالمئة منذ بداية الوباء". 

وأشارت إلى أن "المنظمة الإسبانية موجودة في هذه المدينة منذ عقد من الزمان، وقد أجرت مؤخرا إحصاء حديثا لحوالي ألفي حالة زواج؛ مثلت فيها نسبة زواج القصّر ما يقارب 21 بالمئة". 

في هذا السياق، قال أبو حوش: "نعمل بشكل شامل مع الأسرة وخاصة مع الأب، وكذلك ننظم حملات التوعية التي تستهدف مجتمع اللاجئين".

وتجدر الإشارة إلى أن زواج القاصر يمكن تسجيله بشكل قانوني في لبنان، باعتباره بلدا يوجد فيه 18 طائفة رسمية، لكل منها قوانينها الخاصة، ويعتبر زواج القاصرين من سن 14 قانونيا، وفي اثنين من هذه القوانين، يصل الحد الأدنى لسن زواج الفتيات بإذن من الوالدين إلى 9 سنوات.

طفولة مسروقة

ونقلت الصحيفة أن حماة نايلة زبير، علقت على اختيارها قائلة: "أراد ابني أن يتزوج، وأكد لنا شقيق زوجي أنها فتاة طيبة، علاوة على ذلك، فإن زوجات الأبناء في سن 14 هن أكثر طواعية وأسهل في التعليم مقارنة بعمر 18".

وعلقت "الباييس": "عموما، يبدو أن هذا الزواج يناسب جميع الأطراف المعنية، حماتها، والشاب الذي أراد الزواج، ووالدا العروس الذين لم يعد بإمكانهما تلبية احتياجات أطفالهما الخمسة".

كما علّقت على ذلك، المتحدثة باسم المفوضية أبو خالد: "يتزوج الآباء اليوم بناتهم في سن مبكرة، بين 13 أو 14 عاما، مقارنة بعام 2019، عندما كان متوسط ​​العمر بين 16 و17 عاما". 

وأوضحت الصحيفة أن "زواج القاصرات اليوم يستهدف فئة أصغر سنا، كما أصبح عدد هذه الزيجات أكثر بكثير، لكن حفلات الزفاف للقصر ليست بأمر مستجد".

ونقلت الصحيفة عن السورية طرفة ناصر، التي أنجبت 9 أطفال قبل بلوغها سن 35 عاما، قولها: "لقد سرقوا مني شبابي، عندما كان عمري 14، زوجوني من رجل يبلغ من 31 عاما، أردت فقط الخروج للعب مع أصدقائي، لكنهم منعوني من ذلك، لقد كنت بالفعل حاملا في ذلك الوقت".

واليوم، ترفض "ناصر" تزويج ابنتها بشكل قاطع حتى تتمكن الشابة من "أن تقرر بنفسها ما تريده من الحياة"، وتقول إن "أصعب شيء يمكن التعامل معه في حالتها هو أن رأيها لم يؤخذ في الاعتبار أبدا، لأن الجميع، من حماتها إلى والدها، وصولا إلى زوجها، اتخذوا القرار عنها".

وبعد أن تزوج زوجها من زوجة ثانية، تؤكد السيدة ناصر أنها "لن تسمح لابنتها أن تعاني من نفس المصير".

وأوردت الصحيفة أن نجوى حسين الحسين البالغة من العمر 16 عاما تتحدث بفخر، في مخيم عشوائي آخر في عرسال، عن حملها.

وتعليقا على زواجها، تقول الفتاة: "إذا كنت زوجة صالحة، وتحافظين على نظافة منزلك، وتجهزين الطعام عندما يعود زوجك إلى المنزل من العمل، فلن يشعر الرجل بالحاجة إلى البحث عن امرأة أخرى".

وتعلق إحدى قريباتها، التي تركت مقاعد الدراسة في سن 14، قائلة: "زوجي لا يستطيع القراءة أو الكتابة؛ لهذا السبب أرغب في مواصلة الدراسة، لأنني سأتمكن من مساعدة أطفالنا في المستقبل في أداء واجباتهم المدرسية".. لكن، في مواجهة رفض زوجها، استسلمت الشابة.