صحيفة روسية: هكذا يمكن للولايات المتحدة بناء الثقة مع كوريا الشمالية

12

طباعة

مشاركة

تحدث موقع "غازيتا.رو" الإخباري الروسي، عن خطوات كوريا الشمالية للالتفاف على القرارات الدولية التي تمنعها من تطوير قدراتها النووية.

وقال الكاتب إيفان بولوفينين في مقال تحليلي بالموقع إن من بين هذه العمليات استخدام كوريا الشمالية لقراصنة الشبكة العنكبوتية.

ونقل عن تقرير سري للأمم المتحدة نشرته وكالة رويترز أن خبراء أمميون أشاروا إلى أن كوريا الشمالية تمكنت من الحصول على أموال لبرنامجها النووي عن طريق سرقة العملات المشفرة، في الفترة من 2019 إلى نوفمبر/تشرين الثاني 2020.

وأضاف: يُزعم أن قراصنة كوريين شماليين تمكنوا من الحصول على عملة افتراضية يبلغ مجموع قيمتها 316.4 مليون دولار.

ومع ذلك، يشير المحللون الأمميون في تقريرهم الذي نُشر في 8 فبراير/شباط 2021، إلى معلومات تلقوها عن أنشطة كوريا الشمالية، من دولة عضو في الأمم المتحدة، دون تحديدها. 

ويتابع الكاتب أن كوريا الشمالية ترعى إنتاج وتطوير أسلحة جديدة من خلال سرقة العملة المشفرة، فوفقا لتقرير للأمم المتحدة، تلقت بيونغ يانغ أكثر من 300 مليون دولار من خلال هجمات القراصنة، وبالتالي فهي تنتهك العقوبات الدولية. 

التفاف على العقوبات 

يشير المحللون أيضا إلى تطوير البرنامج النووي الكوري الشمالي وتفاعل بيونغ يانغ مع الدول الأخرى وإنشاء صواريخ جديدة. 

ويقول الكاتب: وفي الوقت نفسه، وفقا لتقديرات الخبراء، من جهة مغايرة، يبدو تقرير الأمم المتحدة أشبه ما يكون بجزء من حملة لتشويه صورة كوريا الديمقراطية.

لكنه يستدرك: "عملت جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية خلال السنوات الماضية على تطوير برامجها النووية والصاروخية الباليستية وحافظت عليها طوال عام 2020، منتهكة بذلك العقوبات الدولية".

وفقا للبيانات، كانت بيونغ يانغ تستخدم الأموال المسروقة لإنتاج مواد انشطارية، وصيانة المنشآت النووية، وتحديث البنية التحتية للصواريخ الباليستية. 

وأشار الخبراء في التقرير أيضا إلى أن كوريا الشمالية تواصل البحث عن التقنيات والمواد في الخارج لمواصلة تطوير برامجها الصاروخية والنووية.

وبالتالي، يزعم التقرير الأممي أن كوريا الشمالية استأنفت التعاون مع إيران في مشاريع لتطوير صواريخ بعيدة المدى. كما يُزعم أن الطرفين يتاجران في الأجزاء الهامة المطلوبة لأنشطتهما. 

وردت طهران على هذه المعلومات وأصرت على أنها ليست سوى استنتاجات خاطئة لعدد من المراقبين.

في الوقت نفسه، يتابع الكاتب: "قبل عام، قال خبراء الأمم المتحدة إن كوريا الشمالية حصلت على ما لا يقل عن 370 مليون دولار من صادرات الفحم غير القانونية في عام 2019، لكن هذه الإمدادات توقفت الآن".

على وجه الخصوص، تم إغلاق هذه القناة بسبب العزلة الصارمة لكوريا الشمالية وسط جائحة فيروس كورونا، فقد خفضت البلاد بشكل خطير التجارة مع الدول الأخرى، على الرغم من الأضرار الاقتصادية.

ويذكر الكاتب أن المحللين لاحظوا وبشكل منفصل أنه في عام 2020، كشفت بيونغ يانغ النقاب عن صواريخ باليستية جديدة متوسطة وقصيرة المدى وأخرى عابرة للقارات وغواصات في العديد من العروض العسكرية.

 ومع ذلك، ليس لدى الخبراء حتى الآن معلومات واضحة حول مدى فعالية الأسلحة الجديدة لكوريا الشمالية. الاستنتاج الرئيس للتقرير هو أن كوريا الشمالية، في عملية تجاوز للعقوبات الدولية، تطور أسلحتها وتستورد النفط المكرر بشكل غير قانوني.

وعلاوة على ذلك، تحتفظ بيونغ يانغ بإمكانية الوصول إلى القنوات المصرفية الدولية وتقوم "بنشاط خبيث" في الفضاء الإلكتروني.

يتابع الكاتب: "كان ألكسندر زيبين، رئيس مركز الدراسات الكورية بمعهد دراسات الشرق الأقصى التابع لأكاديمية العلوم الروسية، يشكك إلى حد ما بتقرير خبراء الأمم المتحدة بشأن الانتهاكات المزعومة. ووفقا له، ليس من الواضح من أين حصلوا على هذه المعلومات".

يبدو أن الولايات المتحدة، التي تمتلك أقوى صناعة كمبيوتر وإنترنت في العالم، لا تفعل ذلك، لكن كوريا الشمالية، المنعزلة عن العالم بأسره، تمكنت بطريقة ما من سحب ملايين الدولارات. 

"ليست الحجة ذات قواعد صلبة، من الواضح أن كوريا منخرطة في برنامجها الصاروخي والنووي، لكن من غير المرجح أن تستخرج الموارد بهذه الطريقة. هذه المواد ليست سوى جزء من حملة شيطنة مستمرة منذ سنوات لبيونغ يانغ"، قال الخبير.

ويتابع زيبين، أن الدول الغربية نفسها انتهكت أكثر من مرة قرارات الأمم المتحدة بشأن كوريا الشمالية، حيث لم يكن من المفترض أن تؤدي القيود إلى تدهور مستوى معيشة السكان العاديين في بيونغ يانغ.

مع ذلك، تم حظر حتى إمداد البلاد بالمعدات الطبية مما خلق صعوبات لكوريا الشمالية عند محاولتها فتح مستشفيات جديدة. 

طريق السلام

يقول الكاتب: "تم إعداد التقرير بالتزامن مع الحديث عن اتخاذ خطوات أميركية جديدة تجاه كوريا الشمالية، بما في ذلك التنسيق مع الحلفاء في مسائل تتعلق بقيود معينة على بيونغ يانغ".

ما هو الموقف الذي سيتخذه الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن بشأن كوريا الشمالية، يتساءل الكاتب، ويجيب أنه لا يزال من الصعب تحديده. 

إذ وعد سلفه، دونالد ترامب، بتحقيق نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية، بل وعقد عدة اجتماعات شخصية مع الزعيم كيم جونغ أون لتنفيذ هذه الخطة. لكن في نهاية فترته الرئاسية، توقف الحوار بين واشنطن وبيونغ يانغ مؤقتا.

وانتهت المفاوضات بين الطرفين إلى طريق مسدود، حيث أوفت بيونغ يانغ بجزء من التزاماتها لحل الوضع في شبه الجزيرة الكورية، لكنها لم تتلق شيئا في المقابل. 

رفضت الولايات المتحدة التخفيف الجزئي للعقوبات المفروضة على كوريا الشمالية، وواصلت الإصرار على نزع السلاح النووي الكامل للبلاد.

ووفقا لألكسندر زيبين، فقد "حدت كوريا الشمالية وتوقفت بالفعل في برنامجها النووي، على وجه الخصوص، وذلك بالتخلي عن إنتاج الصواريخ الباليستية العابرة للقارات وإجراء تجارب نووية".

ومع ذلك، فإن العقوبات المفروضة على كوريا الشمالية لم يتم تخفيفها أو رفعها.

ويقول الخبير: "من الضروري الآن انتظار اقتراح إدارة بايدن، لرؤيته في التعامل مع الملف الشائك، ولكن الكثيرين يتحدثون مرة أخرى عن الصفقة بين واشنطن وبيونغ يانغ، والتي تعد بالازدهار الاقتصادي لكوريا الشمالية مقابل نزع السلاح ".

كان هذا البرنامج هو الذي روج له ترامب، لكن على الأرجح، لن تنجح مثل هذه الاتفاقية، كما يعتقد زيبين، مضيفا: "لم تعد كوريا الشمالية تصدق الولايات المتحدة، حيث يمكن لكل إدارة جديدة تغيير نهجها بمقدار 180 درجة". 

ويتابع الكاتب مقاله: "حتى الآن، لم ترد إشارات إيجابية من كوريا الشمالية بشأن استئناف محتمل للتفاعل مع واشنطن".

 في يناير/كانون الثاني 2021، وصف كيم جونغ أون الولايات المتحدة علانية بأنها العدو الرئيس لكوريا الشمالية، ووعد أيضا بمواصلة التسلح النووي لبلاده وأعلن أيضا الانتهاء من تطوير غواصة نووية جديدة.

ومع ذلك، إذا كان استمرار الحوار مع الولايات المتحدة أمرا مشكوكا فيه، فسيتم قريبا ملاحظة التحولات الإيجابية على مسار التعاون بين كوريا الشمالية وجارتها الجنوبية، كما حدث في نهاية العام 2020.

ووقتها حظرت سيئول إطلاق منشورات دعائية ضد كوريا الشمالية، وسجلت في عدم وجود أي نشاط عسكري متزايد من جانب بيونغ يانغ.

وفي خلاصة الموضوع يقول الكاتب فيما يتعلق بتسوية الوضع في شبه الجزيرة الكورية، إن الإشارات تأتي من كوريا الجنوبية للانضمام إلى روسيا في عملية السلام. 

وطلب المبعوث الخاص لوزارة الخارجية الكورية الجنوبية للسلام والأمن في شبه الجزيرة الكورية، نو جيو دوك، رسميا من موسكو المساعدة في إحراز تقدم بشأن هذه القضية.

ومن وجهة نظر ألكسندر زيبين، فإن استقرار الوضع حول كوريا الشمالية أمر ممكن، ولكن هذا يتطلب مقاربة جديدة، بما في ذلك من الولايات المتحدة. 

ويرى أن واشنطن تحتاج إلى التخلي عن مطلب نزع السلاح النووي الكامل والانتقال إلى إستراتيجية خارطة طريق، بقاعدة خطوة بخطوة، أي التنازل والتقدم التدريجي وإقامة الثقة بين الطرفين.

ويقول: "لا توجد طريقة أخرى لحل المشكلة". يختم الكاتب مقاله: "لذلك في المستقبل المنظور سيتعين على العالم أن يتعايش مع كوريا الشمالية النووية".