طارق الأوس.. أول لاجئ سوري يكافح للوصول إلى قبة البرلمان الألماني

يوسف العلي | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

اللاجئ السوري طارق الأوس، الذي ركب أمواج البحر الأبيض المتوسط مهاجرا لألمانيا عبر زورق مطاطي، يكافح الآن للوصول إلى قبة البوندستاغ (البرلمان الألماني) ليكون صوتا للاجئين والمهاجرين، كمرشح عن الدائرة الانتخابية في أوبرهاوزن، دينسلاكن (غرب).

ومع ازدياد وحشية حرب نظام بشار الأسد ضد السوريين في 2015، قرر الأوس الهروب، وبعد وصوله إلى دورتموند في 3 سبتمبر/ أيلول من العام نفسه، سرعان ما نشط مرة أخرى للدفاع عن حقوق نحو مليون مهاجر وصلوا إلى ألمانيا في ذلك العام وحده.

رجل قانون

الأوس البالغ من العمر 31 عاما درس القانون في جامعة حلب، وتعلّم اللغة الألمانية بطلاقة فور وصوله لألمانيا عام 2015، ويعمل الآن مستشارا قانونيا لطالبي اللجوء بمنظمة غير حكومية في برلين، ويقسم وقته بين العاصمة ومدينة أوبرهاوزن، دائرته الانتخابية.

استوفى الأوس الشروط المطلوبة لتقديم طلب الحصول على الجنسية، وهو واثق من الموافقة عليها قبل يوم الانتخابات في 26 سبتمبر/ أيلول 2021.

في 9 فبراير/ شباط 2021، قال الأوس لوكالة أنباء "أسوشيتد برس" الأميركية "أنا أول لاجئ سوري يترشح للبرلمان الألماني. أريد أن أعطي صوتا للاجئين والمهاجرين في ألمانيا، وأن أكافح من أجل مجتمع متنوع وعادل للجميع".

وأضاف الأوس: "أريد حقا المساعدة في تحسين الظروف المعيشية للاجئين في ألمانيا. ليس من المقبول أن يظلوا على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي في ظروف محفوفة بالمخاطر، ويغرقون في البحر الأبيض المتوسط ثم يعيشون في معسكرات مزدحمة في ألمانيا، كل ذلك بينما يجتمع وزراء الداخلية الأوروبيون معا لإيجاد طرق لإبعادهم".

ومن بين 709 مشرّعين تولوا مناصبهم في الانتخابات الفيدرالية الأخيرة في عام 2017 كان 58 فقط، أو 8.2 في المئة لديهم جذور مهاجرة، وفقا لمجموعة "Mediendienst Integration"، التي تتابع قضايا المهاجرين في ألمانيا.

حزب الخضر

بحسب الأوس، فإن هذه المعطيات، كانت سبب انضمامه لحزب "الخضر"، حيث يعول من خلال ترشحه على تحسين أوضاع أكثر من 818 ألف سوري في ألمانيا، لم يتقدم معظمهم بعد بطلب للحصول على الجنسية.

ونقلت تقارير عن المكتب الاتحادي للإحصاء بألمانيا أن البلاد استقبلت حتى نهاية عام 2019 نحو مليوني طالب لجوء فروا من بلدانهم بحثا عن الحماية بسبب الحروب أو الاضطهاد أو غير ذلك، ويمثّل السوريون النسبة الكبرى من طالبي اللجوء، بنسبة 41 بالمئة، ثم الأفغان 11 بالمئة، والعراقيين بنسبة 10 بالمئة.

صحيفة "تاغس شبيغل" الألمانية، أشارت في 2 فبراير/ شباط 2021، إلى أن برنامج طارق الانتخابي يتضمن حلا لمسألة المناخ والعدالة الاجتماعية، وإعادة لدور الجمعيات والمنظمات غير الحكومية لاستقبال اللاجئين.

وقالت إنه يريد إنقاذ اللاجئين من البحر، لا سيما السوريين العالقين على حدود الاتحاد الأوروبي، حيث يرى أن هناك تقاعسا من الحكومة الفيدرالية في إنقاذهم ومساعدتهم.

وانضم الأوس إلى "حزب الخضر" (وسط اليسار) عام 2020، ويخوض الانتخابات كمرشح عن الدائرة الانتخابية في أوبرهاوزن-دينسلاكن، غربي ألمانيا، ويتشارك مع الحزب في التركيز على نشاط حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية.

ويضغط "حزب الخضر" من أجل اندماج ومشاركة أفضل للمهاجرين، ويركز على القضايا البيئية، ويفتخر بأن ما يقرب من 15 بالمائة من نوابه لديهم خلفيات أجنبية.

ويحتاج طارق الأوس إلى أن يصوت عليه الحزب ليضعه على رأس قائمة المندوبين من ولاية شمال الراين وستفاليا الغربية، حيث تقع دائرته الانتخابية، عندما يقرر تعيين أسماء المرشحين للبرلمان في الربيع.

المتحدثة باسم "حزب الخضر" في مقاطعة أوبرهاوزن-دينسلاكن "بيات ستوك شروير" عندما أطلق طارق حملته في فبراير/ شباط 2021 قالت: "طارق هو مرشح يدعو إلى العدالة الاجتماعية والمساواة لجميع البشر بالإضافة إلى تطبيق عدالة السياسة الشاملة".

تحالف "زيبروكه"

في أيلول/سبتمبر 2020، نظّم الأوس مع ناشطين في برلين احتجاجا سلميا بوضع 13 ألف كرسي أمام مبنى البرلمان، لدعوة السلطات إلى استقبال اللاجئين من مخيم موريا اليوناني الذي تدمر بعد حريق كبير.

ساهم طارق الأوس في تأسيس تحالف "زيبروكه" الذي يعمل على إنقاذ المهاجرين العالقين في البحر والضغط من أجل استقبالهم.

وقال اللاجئ السوري في حينها لـ"وكالة الأنباء الألمانية": "الهدف الرئيس من النشاط كان لفت الانتباه إلى حالة حوالي 13 ألف شخص في مخيم موريا بجزيرة ليسبوس".

وأضاف: "تدعو الحالة الطارئة إلى المساعدة السريعة والعمل الفوري. الحكومة الاتحادية لم تستقبل إلا 465 شخصا حتى الآن، مشيرا إلى أن ذلك العدد "سخيف تماما بالنظر إلى المعاناة في الموقع والاستعداد لاستقبال اللاجئين هنا في ألمانيا".

وكمرشح عن "حزب الخضر" الذي يركز على ضرورة حماية المناخ والبيئة، يؤكد الأوس على الصلة بين التغير المناخي وسياسات الهجرة. قائلا: "ستزيد أزمة المناخ أوضاع الناس سوءا في جنوب الكرة الأرضية. لذا، يجب أن تركز سياسة المناخ العادلة على اللجوء والهجرة".

وأضاف: "بصفتي اللاجئ السوري الأول المرشح لعضوية البوندستاغ، أريد أن أعطي صوتا سياسيا لمئات الآلاف من الأشخاص الذين أجبروا على الفرار من بلدانهم والذين يعيشون معنا". وقال إنه إذا نجح في محاولته، فإنه يأمل "أن يكون صوت كل اللاجئين".

مناهض للأسد

وأثناء وجوده في سوريا، شارك الأوس في الاحتجاجات الشعبية ضد نظام بشار الأسد، التي اندلعت عام 2011، كما تطوع في منظمة الهلال الأحمر للإغاثة أثناء الحرب، وساعد في تسجيل اللاجئين النازحين داخليا.

بعد التخرج، كان الأوس يواجه التجنيد في الخدمة العسكرية للنظام السوري، لكنه قرر الهروب إلى "مكان يمكنه العيش فيه بأمان وكرامة"، على حد قوله، فوصل إلى دورتموند غرب ألمانيا في 3 سبتمبر/ أيلول 2015.

ونشط الأوس خلال الثورة السورية، كما تدرب كمحام، وعمل في منظمة الهلال الأحمر السوري قبل أن يصل إلى ألمانيا بعد أن قطع البحر الأبيض المتوسط عن طريق ما يسميه لاجئون سوريون بـ"قوارب الموت".

بعد قطعه طريق دول البلقان مع مئات الآلاف من اللاجئين، انتهى المطاف بطارق في صالة رياضية بمدينة "بوخوم" بولاية شمال "الراين- فستيفاليا" غرب البلاد، بعد تحويلها إلى مركز إيواء للاجئين الجُدد.

وبعد حشره في صالة ألعاب رياضية مع 60 لاجئا آخرين، "لم يكن يستطيع أحد النوم ليلا إذا كان هناك طفل واحد فقط يبكي"، قرر الأوس تنظيم احتجاجات ضد هذه الظروف، ليستعيد نشاطه الاحتجاجي من جديد، ويصب تركيزه على العمل في مجالات دعم حقوق الإنسان وتحقيق العدالة الاجتماعية.

احتفى عدد كبير من الناشطين السوريين بقرار طارق الترشح لانتخابات البرلمان الألماني، داعمين فكرته بأن يكون أول سوري في ألمانيا ينال عضوية البرلمان.