بعد مسلسل التطبيع.. مركز عبري يدعو إسرائيل لعدم "تجاهل" الأردن

12

طباعة

مشاركة

دعا معهد عبري إلى عدم تجاهل محور الأردن بعد مسلسل التطبيع الإسرائيلي مع دول عربية، نظرا للأهمية الإستراتيجية للمملكة، وفي الوقت نفسه لإمكانية الضغط عليها عبر "القنوات غير العامة لإثارة مطالب في ظل التطورات الداخلية".

وأشار معهد "القدس للإستراتيجية والأمن" إلى أنه "في أكتوبر/تشرين الأول 2020، أطاح ملك الأردن عبد الله الثاني برئيس الوزراء عمر الرزاز وسط حالة يرثى لها في مكافحة وباء كورونا وتزايد الاضطرابات العامة وعيّن مكانه بشار الخصاونة الذي يعتبر أقرب مستشار له".

والخصاونة حاصل على درجة الدكتوراه في القانون، وسفير سابق في مصر وعدد من الدول الأخرى, وتظهر حكومة خصاونة بوادر اقترابها من النظام الإستراتيجي العربي بقيادة دول الخليج، إلى جانب توثيق العلاقات على المحور العراقي الأردني المصري.

تغيرات سياسية

ورأى المركز العبري أن "هذه السياسة تفتح في النظام الإقليمي، على الأقل من الناحية النظرية، فرصة لتحسين العلاقات بين إسرائيل والأردن، بعد فترة متوترة اتسمت بقرار الملك (10 نوفمبر/تشرين الثاني 2019) بعدم تجديد عقد إيجار الأراضي التي تم نقلها من السيادة الأردنية إلى إسرائيل بموجب اتفاقية سلام أبرمت عام 1994".

وأكد أن "مساحة المناورات السياسية للحكومة الجديدة، اتسعت إلى حد ما، بسبب نتائج الانتخابات البرلمانية (10 نوفمبر/تشرين الثاني 2020)".

وتابع المعهد: "من 115 مقعدا منتخبا في مختلف الدوائر، باستثناء 15 مقعدا في مجلس النواب النسائي، يمثل العُشر فقط الإطار السياسي للإخوان المسلمين، جبهة العمل الإسلامية، التي يُسمح بنشاطها السياسي على عكس الإخوان المسلمين".

وشاركت الجبهة في هذه الانتخابات ضمن "الائتلاف الوطني الإصلاحي"، لكنها لم تفز إلا بنحو نصف عدد نواب الجبهة في الانتخابات السابقة.

ولفت المعهد العبري إلى أن "الحركة المدنية" التي حاول تشكيلها، مروان معشر، وزير الخارجية السابق ونائب رئيس الوزراء والذي كان أول سفير للأردن في إسرائيل، فشلت بدورها وتفككت حتى قبل الانتخابات.

ومعظم النواب في البرلمان الجديد لهم انتماءات قبلية وليست حزبية ومن المتوقع أن يسهل ذلك الأمر على الحكومة ويتمتع بصلاحيات واسعة لا تحتاج إلى موافقة برلمانية على أي حال.

واستطرد المعهد قائلا: "نسبة الإقبال في الأردن منخفضة وهذه المرة وصلت إلى مستوى متدن جديد، حوالي 30٪ فقط، جراء مخاوف من التصويت في صناديق الاقتراع بسبب كورونا والدعوات لمقاطعة الانتخابات".

وأضاف "لذلك هناك علامات استفهام حول شرعية النتائج واستمرار الاضطرابات في أوساط الجمهور الأردني التي تضررت بسبب الإغلاق المحكم والإجراءات الأخرى المتخذة".

اختبار الزمن

وأشار المعهد إلى أن الوضع السياسي الجديد الذي أعقب تعيين مجلس الشيوخ الجديد من قبل الملك يخفّف القيود على الحكومة، سواء في التعامل مع الأزمة الطبية الحادة أو في إعادة تشكيل السياسة الخارجية".

واستدرك قائلا: "وفي ظل التطورات الدراماتيكية في علاقات إسرائيل مع أجزاء مهمة من العالم العربي، الإمارات والبحرين، والتقدم نحو السودان والانفراج مع المغرب ودول أخرى وربما السعودية نفسها، فيجب الحرص على عدم الاستهانة بالعلاقات مع الأردن".

ولفت المعهد إلى أن "وزنه الاقتصادي بالنسبة لإسرائيل ليس كبيرا، رغم أن كلا البلدين وكذلك تركيا، لهما مصلحة في استخدام ميناء حيفا لنقل جزء كبير من التجارة إلى الأردن ومن هناك إلى المنطقة العربية؛ لكن أهميته الإستراتيجية كبيرة جدا".

وأكد أن "التعاون الأمني ​​والاستخباراتي بين إسرائيل والأنظمة الموازية في الأردن يساهم مساهمة حيوية في الأمن والسلام والتي لم تنتهك منذ سنوات، على طول أطول حدود إسرائيل، فإن مستوى هذه الأنظمة في الأردن مرتفع وقد صمدت فعاليتها مرارا وتكرارا أمام اختبار الزمن، بما في ذلك التطبيق الأخير لإغلاق كورونا".

ورأى المعهد أنه "لا يوجد إرهاب من الأردن، رغم أن جزءا كبيرا جدا من سكانه فلسطينيون، ويضم حاليا حوالي مليون لاجئ سوري لم يكن توجههم العقائدي معروفا قبل الاستقرار عبر الحدود، وهذه شهادة شرف على فعالية المؤسسة الأمنية الأردنية".

علاوة على ذلك، ستستفيد إسرائيل من الاندماج المناسب للأردن في القوة الإقليمية الناشئة، والتي تشمل الإمارات ومصر وإسرائيل واليونان وربما حتى فرنسا.

فالأردن عضو في "منتدى غاز شرق المتوسط" (EMGF) وأطر متوسطية بحرية أخرى، بحكم وصوله إلى الموانئ الإسرائيلية، و"من المهم إبعاده عن دائرة النفوذ التركي وربما استخدام موقعه الإستراتيجي كجسر بين الخليج والبحر المتوسط، ومصر والعراق، لدفع المصالح المشتركة بما في ذلك إمكانية علاقة برّية مستقبلية بين إسرائيل ودول الخليج"، وفق المعهد.

مصلحة مشتركة

وأشار نائب رئيس المعهد، عيران ليرمان، إلى ما يتعلق بمسألة القدس، أن "هناك مصلحة مشتركة لإسرائيل والأردن في الحفاظ على الوضع الراهن، بينما يعني ذلك عمليا استمرار السيادة الإسرائيلية في المدينة، إلى جانب وضع الوقف الأردني في الحرم القدسي الشريف".

وتابع ليرمان: "حتى لو كان للمغرب والسعودية طموحات للتأثير في القدس (ملك المغرب هو رئيس لجنة القدس في منظمة التعاون الإسلامي (OIC) ويحمل ملك السعودية لقب خادم الحرمين والقدس، وسيكون من الخطأ أن ترقى إلى مستوى توقعاتهم على حساب الأردن".

ورأى أنه "مع تنصيب الإدارة الأميركية الجديدة، سيكون من المفيد لكل من إسرائيل والأردن أن يقدّما لها وللكونغرس رؤية للحوار المفتوح والتعاون، بما في ذلك في المجالات القريبة من قلوب الديمقراطيين، وتشمل هذه المناطق مجال الطاقات المتجددة ومجال البيئة والحفاظ على  ترميم الأصول الطبيعية الفريدة مثل البحر الميت".

ونوّه ليرمان إلى أن "الاجتماع سيكون على مستوى سياسي رفيع، فرصة أيضا لإقامة علاقات أفضل مع الحكومة الجديدة في الأردن، كما ذكرنا، بعد فترة طويلة نسبيا من التوتر وفي الوقت نفسه، تسمح التغييرات الدراماتيكية في المناخ الإقليمي وحتى في التعليم العام في بعض البلدان، لإسرائيل بإثارة قضايا حساسة تم قمعها في الماضي".

واعتبر أن "هذا ليس كشرط لتحسين العلاقات والدعم الإسرائيلي لمواقف الأردن في واشنطن وتجاه دول الخليج، ولكن كنتيجة واضحة ستخدم في نهاية المطاف المصلحة الوطنية الأردنية واحتياجات المملكة وقائدها".

ولفت ليرمان إلى أنه "بشكل عام، هناك حاجة لتغيير الجو العام في الأردن، حيث أظهرت الدراسات الاستقصائية التي أجرتها معاهد أبحاث (بيو) وغيرها من المعاهد مرارا وتكرارا أنه رغم علاقات السلام الرسمية، هناك عداء عميق لإسرائيل وخاصة لليهود".

وأشار إلى أن "على عكس مصر، لم يرحب الأردن بعد بالاتفاقيات بين إسرائيل ودول الخليج والسودان والمغرب، وقد يكون التحرك في هذا الاتجاه ذا أهمية رمزية".

ويرى ليرمان أنه "من الممكن أن يتجسد التعبير المناسب عن التغيير المطلوب بشكل ملموس في زيارة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى الأردن بعد الانتخابات، أو في مشاركة الأردن بقمة إقليمية، ربما كجزء من جهود لاستئناف مبادرة سياسية".