موقع إيطالي: أوروبا على أبواب أزمة بسبب صراع إقليم تيغراي الإثيوبي

12

طباعة

مشاركة

حذر موقع "إنسايد أوفر" الإيطالي من تداعيات خطيرة للأوضاع الإنسانية المتردية في إثيوبيا، جراء تواصل الصراع بين السلطات الفيدرالية والقوات التابعة لإقليم تيغراي، على المستوى الإقليمي وخصوصا فيما يتعلق بتفاقم مشكل زيادة تدفقات الهجرة نحو السواحل الأوروبية.

وقال الموقع، إنه "منذ إعلان رئيس الوزراء آبي أحمد الحرب على إقليم تيغراي في نوفمبر/تشرين الأول 2020، اندلعت أزمة إنسانية جديدة في إفريقيا خلفت ​​آلاف المدنيين من الضحايا". 

وذكر أن الكثير من المسيحيين أجبروا على الفرار إلى السودان، البلد ذي الأغلبية المسلمة، الذي يعاني من صعوبات داخلية خطيرة، الأمر الذي من شأنه أن يزيد تدفقات الهجرة الوافدة إلى أوروبا.

الحرب مستمرة

وأشار الموقع إلى أن آبي أحمد جعل الوحدة الوطنية المبدأ الأساسي لنشاطه السياسي منذ توليه منصبه عام 2018، ولتحقيق هذا الهدف، رأى أنه من الضروري وضع حد للنظام الدستوري القائم على الفيدرالية العرقية، والتي كانت تعتبر مشكل وعقبة أمام تشكيل دولة مركزية.

وبحسب آبي أحمد، على الدولة الاعتراف بالأمهرية كلغة رسمية وعلى الديانة المسيحية الأرثوذكسية، وذلك لخلق الأساس لتوحيد السكان وإنهاء الاختلافات التي تقسم الولايات. 

في المقابل، عارضت جبهة تحرير شعوب تيغراي بالإضافة إلى جماعات فيدرالية أخرى، منذ البداية هذا النهج لحماية نموذج الدولة الحالي.

مسلحا بدعم سياسي وعسكري داخلي، قرر آبي أحمد في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، إرسال الجيش الفيدرالي إلى إقليم تيغراي لإجباره على الخضوع لسياساته، وبعد أيام قليلة دخلت القوات الحكومية ماكالي عاصمة  الإقليم، وأعلن بذلك  رئيس الوزراء انتهاء العمليات العسكرية، معتقدا أن الهدف قد تحقق، وفق الموقع الإيطالي.

إلا أن حرب العصابات لم تنتهِ أبدا، هذا ما أكده لـ"إنسايد أوفر" الأب المبشر الإيطالي جوليو ألبانيزي، الخبير في شؤون إفريقيا لصحيفة المراقب الروماني، "الحرب مستمرة ويحاول التيغريون مقاومة الجيش الإثيوبي".

وتابع الموقع قائلا: إن "الحرب المستمرة تضاعف من أزمات بلد يعاني من مشاكل أخرى، ويتحمل المدنيون في المقام الأول عواقبها الوخيمة خاصة على الجانب الإنساني". 

من جهته، أكد المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، في زيارة أداها في الأول من فبراير/شباط إلى أديس أبابا أن "الوضع في تيغراي خطير للغاية". 

وتسببت آثار الحرب في أضرار جسيمة تتطلب إجراءات فورية، لذلك وجه غراندي نداء قائلا: إن "السكان في حاجة إلى جميع أشكال الدعم الممكنة مثل الغذاء والمنتجات غير الغذائية والأدوية والمياه النظيفة والمأوى". 

يضاف إلى كل ذلك نزوح الآلاف مقابل وجود القليل من الخدمات، وفي هذا السياق، أكد المفوض السامي الأممي أن "إغلاق النظام المصرفي وقطع الاتصالات، أدى إلى تفاقم محنة هؤلاء الأشخاص ولهذا تعد عودة الخدمات أولوية كبيرة جدا". 

وأردف التقرير أن عناصر مسلحة ومليشيات مختلفة "تواصل ارتكاب أعمال إجرامية من نهب وعنف واغتصاب في بعض المناطق، الأمر الذي دفع التغريين إلى اللجوء إلى أماكن آمنة".

جسر مثالي

بحسب الأب ألبانيزي، أصبح الوضع في تيغراي "جحيما حقيقيا"، خصوصا وأن "التدخل العسكري فاقم الأوضاع المتردية مسبقا جراء غزو الجراد وآثار تفشي وباء كورونا".

ولذلك أصبح العيش شبه مستحيل بالنسبة لآلاف المدنيين، واضطر الكثير منهم إلى الفرار إلى السودان. وبعد أسابيع قليلة من بدء الأعمال العدائية، أحصت مفوضية شؤون اللاجئين تدفق نحو 4 آلاف شخص يوميا إلى البلد المجاور. 

وحاليا، "بات من شبه المستحيل إجراء تقديرات لأعداد المهاجرين نظرا لعدم توفر أرقام رسمية خاصة وأن المعلومات التي تصل من تيغراي قليلة جدا"، وفق الأب جوليو.

من جانبها، تحاول الحكومة السودانية، بدعم من مختلف المنظمات الدولية، معالجة هذه الظاهرة وإدارة نزوح التغريين، "لكن مهمتها ليست بسيطة على الإطلاق"، وفق وصف الموقع الإيطالي. 

وأوضح أن حكومة الخرطوم "ضعيفة" وتواجه العديد من الصعوبات الداخلية، فضلا على أن معظم الأشخاص الذين فروا من تيغراي هم من المسيحيين، وبالتالي يلتمسون اللجوء المؤقت في بلد، مثل السودان، ذو الأغلبية المسلمة. 

وبحسب الموقع الإيطالي، قد يثير هذا الظرف الأخير مشاكل أخرى، خاصة على الصعيد الأمني بوجود جماعات متطرفة لها سيطرة قوية على المنطقة. 

وحذر من أن الحرب في تيغراي، بكل العواقب التي تسببها في المنطقة المحيطة، على أبواب إيطاليا، مشيرا إلى أن السودان، البلد الذي يستضيف آلاف النازحين، يلعب دورا إستراتيجيا في تدفقات الهجرة القادمة من إفريقيا إلى البحر الأبيض المتوسط.

وحسبما صرح به مصدر بالمنظمة الدولية للهجرة في أكتوبر/تشرين الأول 2020 لموقع "إنسايد أوفر"، يعتبر السودان بالنسبة للمهاجرين غير النظاميين "جسرا مثاليا للعبور إلى ليبيا".

وفي هذا الصدد، أشار الموقع إلى أنه في السنوات الأخيرة، تم تسجيل أرقام كبيرة للمهاجرين إلى ليبيا من السودان، قادمين من عدة دول مثل إريتريا والصومال. 

كما تتخذ العديد من منظمات تهريب البشر من الخرطوم مقرا لها، ويلاحظ الخبير جوليو ألبانيزي أن "الحكومة السودانية الجديدة ترغب في تغيير هذا الوضع، لكنها في الوقت الحالي لا تملك القوة لفرض سيادة القانون".

لذلك، يستنتج "إنسايد أوفر" أنه من الصعب محاربة تلك الجماعات الإجرامية التي طالما استفادت من عبور آلاف الأشخاص إلى ليبيا، وبالتالي فإن وصول اللاجئين من تيغراي يمكن أن يعطي مساحة أكبر لأنشطة المتاجرين بالبشر، ونتيجة لذلك، يمكن أن تنظم المزيد من الرحلات إلى الأراضي الليبية ومنها إلى شواطئ المتوسط. 

وختم الموقع تقرير بالقول: إنه "من غير المستبعد أن تتأثر إيطاليا بعواقب الحرب في تيغراي خلال الأشهر القليلة المقبلة بزيادة كبيرة لتدفقات الهجرة إلى أوروبا".