أصدره ترامب.. موقع إيطالي: لهذا جمد بايدن الانسحاب العسكري من ألمانيا

12

طباعة

مشاركة

تطرق موقع "إنسايد أوفر" الإيطالي إلى مبررات استمرار تغير مسار السياسة الخارجية الأميركية الجديدة بقرار البيت الأبيض تجميد الانسحاب الجزئي لقواته المتمركزة في ألمانيا والمخطط له من قبل الرئيس السابق دونالد ترامب.

وفي يونيو/حزيران 2021، قررت الإدارة السابقة، سحب نحو 12 ألف جندي من الأراضي الألمانية ونقل مقاتلات "إف 16" المتمركزة في قاعدة ''Spangdahlem''، بولاية راينلند بالاتينات الألمانية، إلى قاعدة أفيانو بإيطاليا. 

وكما كان من المفترض إعادة نشر غالبية القوات، 36 ألفا المتمركزة في ألمانيا، على طول "خط المواجهة" الجديد مع روسيا، المكون من دول أوروبا الشرقية خاصة بولندا، كان يفترض نقل "القيادة الأميركية في أوروبا" من ألمانيا إلى بلجيكا. 

صداع روسي

وأشار الموقع الإيطالي إلى أن قرار إدارة ترامب كان مبررا بإحجام برلين عن زيادة حجم الناتج المحلي الإجمالي المخصص للدفاع بنسبة تصل إلى 2 بالمئة (البالغ 1.36 بالمئة تقريبا)، إلى جانب تفضيل البوندستاغ شراء الأسلحة الأوروبية بدلا من الأميركية الصنع.

وذكر الموقع أن قرار ترامب "تعرض لانتقادات شديدة داخل الحزب الجمهوري".

من جانبه، طلب الجمهوري ماك ثورنبيري، عضو الكونغرس الأميركي المؤثر، وعضو لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب، من الرئيس الأمريكي آنذاك إعادة التفكير في هذا القرار الذي "قد يضر بشكل كبير بأمن الولايات المتحدة وفي نفس الوقت سيعزز موقع روسيا على حسابنا". 

وفي هذا الصدد، أوضح "إنسايد أوفر" أن معارضة قرار ترامب داخل الحزب الجمهوري وأيضا القرار الذي يتخذه البيت الأبيض حاليا يشتركان في نفس الهدف وهو احتواء روسيا وتوسعها السياسي الاقتصادي نحو أوروبا. 

من جهته، استقال وزير الدفاع السابق، الجنرال جيمس ماتيس، من منصبه في 20 ديسمبر/كانون الأول 2018؛ بسبب خلافات مع ترامب تتعلق بالنهج المتخذ في مواجهة موسكو وبكين، والذي يعتبر "غامضا"، وأيضا بسبب التغيير في العلاقات مع الحلفاء (الناتو)، والتي اعتبرها ماتيس "ضرورية لحماية مصالحنا".

ورغم ذلك، لفت الموقع الإيطالي إلى أن الوجود العسكري الأميركي في أوروبا ظل ثابتا، وخلال عهد ترامب ازداد تواتر التدريبات العسكرية والطلعات الجوية الدورية على طول الحدود مع روسيا. 

وما كان ينقص في تلك الفترة سوى اندلاع صراع حقيقي أو القيام بعمل عسكري واسع النطاق، وفق "إنسايد أوفر".

واستمر ترامب في نفس المسار رغم الانتقادات مستفيدا من تأييد السفير الأميركي في برلين، ريتشارد غرينيل، لكن الانتخابات الرئاسية الأخيرة أعاقت هذه العملية، كما كان متوقعا.

في المقابل، ذكر الموقع أن على جدول أعمال الرئيس الجديد جو بايدن، هناك رغبة قوية في إعادة العلاقات العابرة للأطلسي وجعلها أقوى من ذي قبل، إلى جانب التفكير في تنفيذ سياسة تقوم على "التعددية" وعلى مبادئ مشتركة مثل "الدفاع عن الحرية، دعم الحقوق العالمية، احترام سيادة القانون". 

تعديل البوصلة

وألمح "إنسايد أوفر" إلى أن هذه المبادئ ستسجل حضورها في صلب العمل السياسي للولايات المتحدة في جميع ألواح الشطرنج العالمية، إلى جانب نهج "تصدير الديمقراطية" الذي تتبناه الإدارة الديمقراطية والتي عملت بموجبه على إسقاط ما اعتبرتها "أنظمة استبدادية" في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وكانت النتيجة الرئيسة هي زعزعة الاستقرار في منطقة شرق البحر المتوسط ​​والخليج بأكملها، الأمر الذي تسبب في دخول روسيا إلى المسارح القديمة (سوريا) والجديدة (ليبيا). 

بالإضافة إلى تزايد وجود الصين التي، بالإضافة إلى العلاقات التي تربطها بإيران والسعودية، تعمل على زيادة حضورها العسكري أيضا بالمنطقة، وتقوم بتدريبات مشتركة (على سبيل المثال مع مصر).

ولذلك يعتزم بايدن وفق قوله "إعادة بناء التحالفات الديمقراطية، التي دمرت بسبب 4 سنوات من الإهمال وسوء المعاملة". 

لذلك، فإن الولايات المتحدة "ستنافس من موقع قوة" من خلال إعادة النظر في أهم الملفات (روسيا)، وتعديل البوصلة في ملفات أخرى (الشرق الأوسط، السعودية، إيران) والاستمرار في ملفات أخرى بنفس الطريقة التي اتبعتها الإدارة السابقة (مع الصين).

بالعودة إلى الملف الألماني، أكد الموقع الإيطالي أن استعادة محور واشنطن - برلين يصبح أمرا أساسيا في سياق المواجهة مع روسيا، لذلك يعد تجميد انسحاب القوات علامة على انفراج العلاقات بين البلدين، رغم مواصلة واشنطن معارضة مشاريع الطاقة الروسية الألمانية (نورد ستريم 2) كما كان الحال خلال الإدارة السابقة. 

وفي هذا السياق، أشار الموقع إلى أن الانفتاح جاء أيضا من برلين، وإن كان بطريقة مختلفة وعلى ألواح الشطرنج الأخرى، من خلال قرار إرسال فرقاطة بحرية إلى الشرق الأقصى نحو اليابان، ما يدل على تغيير  في مسار العلاقات الألمانية الصينية.

وأكدت كلمات وزير الدولة الألماني في وزارة الدفاع الفيدرالية، توماس سيلبرهورن، ذلك بعد أن علق على هذا القرار بالقول إنه "لا يمكن السماح للصينيين بفرض إرادتهم من خلال الاستعانة بالقوة"، وهو تصريح يذكر بالتصريحات الصادرة في السابق عن الولايات المتحدة أو الحكومة البريطانية، على حد تعبير "إنسايد أوفر".

وختم الموقع تقريره بالقول: "رغم بوادر الانفتاح المتبادل بين البلدين، تظل بعض المسائل الأساسية، مثل المساهمة في نفقات الدفاع بـ2 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي أو قضية الطاقة، مصدرا للخلافات، إلا أن قرار بقاء القوات الأميركية على الأراضي الألمانية سيفتح قنوات تواصل مهمة بين البلدين لمحاولة إقامة علاقات جديدة و مثمرة أكثر".