بتدابير احترازية.. ناشطون يفسرون إفراج نظام السيسي عن صحفي بالجزيرة

القاهرة - الاستقلال | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

احتفى ناشطون على مواقع التواصل، بإفراج النظام المصري مساء السبت 6 فبراير/شباط 2021، عن مراسل قناة "الجزيرة" القطرية، الصحفي محمود حسين، بعد أكثر من 4 سنوات من الحبس الاحتياطي، بمزاعم "نشر أخبار كاذبة والانضمام لجماعة محظورة".

وندد ناشطون عبر مشاركتهم في وسم #محمود_حسين، بفرض السلطات المصرية لتدابير احترازية للإفراج عنه تلزمه بالوجود داخل مقر احتجاز بمحيط سكنه، مشيرين إلى أن احتجازه من الأساس "كان تعسفيا ودون تهمة أو محاكمة". 

وربطوا بين الإفراج عن حسين وخشية نظام عبد الفتاح السيسي، من تهديدات إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن الذي وصل إلى البيت الأبيض في 20 يناير/كانون الثاني الماضي، وتلويحها بضرورة دعم الحريات والديمقراطيات في مصر والمنطقة العربية.

وتداول ناشطون مقاطع فيديو تظهر الفرحة والسعادة والحفاوة باستقبال أهل حسين له بعد الإفراج عنه، وتجمع الحشود أمام منزله وتوزيع الأهل للشربات احتفالا بفك أسره، وتبرز اللحظات الأولى لاستقبال والدته له بالأحضان والقبلات والدموع فور وصوله إلى بيت العائلة.

وشددوا على أن الصحافة ليست جريمة، واستنكروا اعتقال النظام المصري للصحفيين وكيل الاتهامات لهم، ووضعهم في الحبس بتهم كيدية، مشيرين إلى أن وجود آلاف المعتقلين الآبرياء في سجون النظام المصري دون محاكمات.

ومحمود حسين صحفي بقناة "الجزيرة" ‏أوقفته السلطات المصرية في ديسمبر/كانون الأول 2016، فور عودته إلى مصر، في إجازة من عمله بالعاصمة الدوحة، ووجهت له "تهم معلبة"، منها نشر أخبار كاذبة، والانضمام إلى جماعة محظورة، كما تعرض لإهمال طبي داخل محبسه، وحرم من تلقي العلاج عندما كسر ذراعه داخل ‏السجن.

بلطجة قضائية

وشكك ناشطون في نزاهة القضاء المصري واتباعه لتعليمات النظام سواء بتوجيه الاتهامات الباطلة أو إقرار الحبس أو التجديد اللانهائي لفترات الحبس الاحتياطي أو حتى الإفراج، معلنين تحفظهم على فرض إجراءات احترازية على حسين، ومعاملته كمرتكب جرم.

تلك التدابير تجيزها "المادة 201" من قانون الإجراءات الجنائية، كبديل عن الحبس الاحتياطي، ومنها إلزام المتهم بعدم مبارحة مسكنه أو موطنه، أو إلزامه بتقديم نفسه لمقر الشرطة في أوقات محددة وهي الحالة المقدمة بحق حسين، أو حظر ارتياد المتهم أماكن محددة، وفي حال مخالفة ذلك يعاد للحبس احتياطيا.

ويجمع مراقبون على أن السيسي الذي قاد انقلابا عسكريا في يوليو/تموز 2013، يمتطي القضاء ويحكم سيطرته عليه، ويستخدمه للتنكيل بالمعارضين والمناهضين له ولنظامه، بتلفيق القضايا وإصدار أحكام كيدية تصل للإعدام وتجاهل التعذيب والموت في السجون وغيرها من الانتهاكات.

وتساءل الناشط الحقوقي أسامة رشدي: "لماذا يفرج عن حسين بإجراءات احترازية؟ ما يستدعي وجوده في قسم الشرطة مرتين أسبوعيا مع منعه طبعا من السفر؟ هل هو مجرم معتاد الإجرام مما يستدعي مراقبته؟ أم أنه صحفي بريء اعتقل ظلما وعدوانا لأكثر من 4 أعوام؟"، قائلا إنها "بلطجة قضائية وانحراف في استخدام القانون واستبداد".

 وأشار رئيس تحرير صحيفة المصريون جمال سلطان، إلى قول  الكاتب "السيساوي"، معتز عبد الفتاح قبل أيام للإعلامي عمرو أديب على الهواء: "لماذا نظل نسجن حسين صحفي الجزيرة؟.. إحنا كده بنجيب أجوان -أهداف- في أنفسنا"، قائلا: "اليوم أفرجوا عنه، هل كان معتز يقصد أن القضاء المصري يلعب في دوري الدرجة الثانية؟!".

من يعوضه؟

وأعرب ناشطون عن تعاطفهم مع حسين واستنكارهم لتضييع النظام المصري 4 سنوات من عمره في المعتقل بتهم كيدية وملفقة.

وأشار الكاتب والأكاديمي حسن براري، إلى أن "حسين قضى 4 سنوات سجن دون محاكمة، ثم أطلق سراحه"، متسائلا: "من ينصفه بعد ذلك على هذه السنوات؟ وهل تتحمل حكومة مصر أي مسؤولية عن هذا الجرم بحق مواطن لم يرتكب جرما؟!!".

ولفتت الكاتبة القطرية إبتسام آل سعد، إلى أن "حسين قضى أربع سنوات تعسفا وظلما خلف قضبان قضاء وأمن السيسي"، متسائلة: "من يعوضه وهل يمحو الإفراج ألم السجن ظلما وقهرا ومرضا وخوفا؟!".

خشية بايدن

وأكد ناشطون أن الإفراج عن حسين الذي جاء بعد نحو أسبوعين من وصول بايدن إلى البيت الأبيض، جاء لخشية السيسي من تهديداته وتلويحه باتخاذ إجراءات صارمة تجاه الأنظمة الديكتاتورية، منذ إعلانه عن سياساته الخارجية إبان حملاته الانتخابية وما تبعها من خطوات تؤكد تمسكه بتعهداته.

وسبق أن أكدت مجلة "فورين بوليسي" الأميركية، أن الحكام الديكتاتوريين، مثل السيسي يشعرون بالقلق بخصوص المستقبل مع بايدن الذي أكد أهمية الديمقراطية، والتي تتعارض مع الاستبداد والقمع الذي تعيشه بعض الدول منها مصر.

وأشارت إلى أن السيسي "يعتمد على أساليب غير ديمقراطية ولا يحترم حقوق الإنسان وعلى مدى السنوات الأربع الماضية تعرض ناشطو حقوق الإنسان في مصر إلى أسوء معاملة وغيبت حقوقهم، وبدا المشهد مختلفا تماما عما كان عليه قبل 2016".

وقال أستاذ الإعلام السياسي أحمد بن راشد بن سعيد: إن "نظام السيسي لو كان يخاف الله عشر ما يخاف بايدن لتغير وجه المنطقة".

وأشار المذيع بقناة "الشرق" الفضائية، أحمد عطوان، إلى "نشر كل وكالات الأنباء المحلية والعالمية بما فيها اللندنية لخبر الإفراج عن حسين بعد تلويح إدارة بايدن بضرورة دعم الحريات والديمقراطيات في مصر والمنطقة العربية". ونشرت الإعلامية نادية المجد صورة من اتصال هاتفي للسيسي مع عمرو أديب، قائلة: "يا ترى حيسأله عن اعتقال محمود حسين بلا تهم حقيقية ولا محاكمة لأكثر من 4 سنوات في مصر وعلاقة توقيت الإفراج بوصول بايدن للحكم". وقال أحد المغردين عن نظام السيسي: "ناس تخاف ماتختشيش (لا تستحي)".

ليست جريمة

وهاجم ناشطون السيسي ونظامه وذكروا بأن "الصحافة ليست جريمة تستوجب العقاب".

وكانت لجنة حماية الصحفيين الدولية، قد أكدت أن مصر تحتل المركز الثالث عالميا في عدد الصحفيين المعتقلين عام 2020، وأفاد "المرصد العربي لحرية الإعلام" بأن سجون السيسي بها 72 صحفيا، فيما قدرتهم رابطة الإعلاميين المصريين في الخارج بـ90.

وبحسب منظمة "مراسلون بلا حدود" الدولية، فإن مصر تحتل المركز 166 عالميا في تصنيف حرية الصحافة للعام نفسه.

وتجاهل النظام المصري دعوات المنظمات الحقوقية والمؤسسات المعنية بمراقبة أوضاع الصحفيين، لإطلاق سراح الصحفيين المعتقلين، في أعقاب انتشار فيروس كورونا، خاصة أن السجون المصرية معروفة بازدحامها وسوء خدماتها الصحية.

ورأى مستشار وزير الأوقاف السابق محمد الصغير، أن "النظام المصري جعل من حسين رمزا بعد سجنه 4 سنوات بلا تهمة مكايدة للجزيرة، ثم أفرج عنه بدون مقدمات بما يؤكد أن الصحافة ليست جريمة"، معربا عن أمله أن "يكون الإفراج عنه بداية للإفراج عن آلاف من المعتقلين بلا ذنب أو جريرة".

وأكد الكاتب أحمد منصور، أن "اعتقال حسين والإفراج عنه دون محاكمة أو توجيه تهم يكشف حجم المعاناة والظلم والاستبداد الذي يعيش فيه المصريون في ظل نظام السيسي"، معرباً عن أمله أن تكون حريته "بداية لحرية كل الصحفيين بل كل المعتقلين ظلما في سجون مصر". وأكدت الإعلامية حياة اليماني، أن "الصحافة لم ولن تكن جريمة، فساد الأنظمة وديكتاتوريتها هي الجريمة التي تستحق العقاب".