"حياتنا في خطر".. ناشطو الريف المغربي في إسبانيا يروون معاناتهم

12

طباعة

مشاركة

تطرقت صحيفة إسبانية لأوضاع اللاجئين من منطقة الريف شمالي المغرب والهاربين عبر "قوارب الموت" نحو الجارة الإسبانية طلبا للجوء السياسي، بعد سنوات من الاعتقال أو خوفا من الاعتقال، عقب الاحتجاجات الشهيرة بـ"حراك الريف" عام 2016.

وقالت "بوبليكو"، إن "ناشطي الريف أرادوا طلب اللجوء السياسي في إسبانيا، لكن اعتقل ما لا يقل عن 16 شخصا مرتبطين بحركة احتجاج الحراك المغربي وأصدر في حقهم أمر طرد بعد إنقاذهم من قوارب الموت، فيما تمكن اثنان من بينهم من مغادرة مركز الاحتجاز بعد قبول طلب معالجة قضاياهم".

وأضافت: "لكن رُفضت طلبات الآخرين، بينما أعاقت إجراءات العزل لثلاث حالات مصابين بفيروس كورونا، عمل محاميهم للدفاع عنهم". 

وأوضحت الصحيفة أن "جمال منى وصل على متن قارب في 18 يناير/كانون الثاني 2021 إلى ساحل موتريل الإسباني، بعدما فر من القمع المغربي ضد ناشطي الريف؛ وأراد أن يطلب اللجوء في إسبانيا، لكن، انتهى به المطاف في مركز اعتقال الأجانب في مركز مورسيا مع 15 من زملائه الناشطين والسياسيين السابقين". 

واستدركت: "أما الآن، فهو بالفعل في منزل أحد أقاربه في مدينة تاراغونا بإسبانيا، ومن هنا، يحاول الشاب جعل أولئك الذين سافروا معه يتمتعون بنفس حظوظه، حتى يتم قبول معالجة طلب اللجوء الخاص بكل منهم".

حالة استثناء

وفي حديثه مع صحيفة "بوبليكو" عبر الهاتف، قال الناشط الريفي، جمال: "أشعر أنني تخلصت من كل مشاعر الخوف التي رافقتنا هذه السنوات، لقد تمكنت من الخروج واستنشاق الهواء النقي...".

وأفادت الصحيفة بأن "جمال تمكن من النجاة من الاضطهاد الذي ما زال يعاني منه أولئك الذين قرروا، مثله، المطالبة بتحسين الأوضاع الاجتماعية لمنطقتهم انطلاقا من الاحتجاجات في الشوارع"، وفق قولها.

ويعد الناشط الريفي واحدا من مئات الناشطين الذين تحدوا عامي 2016 و2017 السلطات المغربية فيما أصبح يعرف باسم "الحراك"، وهي حركة اجتماعية انطلقت في الريف، هذه المنطقة الشمالية المنسية والفقيرة، التي هجرها النظام وقمعها تاريخيا منذ خروج إسبانيا من المغرب عام 1956. 

وأمام هذه الاحتجاجات، كان رد فعل "المخزن" (السلطة) قويا، خاصة منذ عام 2017، عندما كانت التظاهرات يومية وكان عدد المعتقلين بالمئات، بحسب "بوبليكو".

وأوردت الصحيفة أن "حراك الريف انتهى في غضون أشهر جراء قمع السلطات لرموزه وكل المشاركين فيه، حيث اعتقل أكثر من ألف شخص، وفي وقت لاحق، جرت محاكمة حوالي 800 محتج وحكم على حوالي 400 من بينهم في محاكم مختلفة". 

ومن بين هؤلاء كان "جمال منى"، الذي قضى عامين خلف القضبان، في سجن مدينة الدار البيضاء، بتهمة "التنظيم والمشاركة في مظاهرات غير مرخصة وتهديد الأمن والوحدة الوطنية، بالإضافة إلى تهم أخرى".

وقالت "بوبليكو": "في هذه السجون، تعرض المشاركون في احتجاجات الريف وقادتهم للتعذيب الخطير، الأمر الذي أكدته منظمات مثل العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، الذين يتحدثون عن مخالفات خطيرة في الإجراءات القضائية".

واعتبرت الصحيفة الإسبانية أنه "منذ اندلاع حراك الريف، عاشت المنطقة في حالة من الاستثناء المستمر، ووصفها الملك على أنها  تهديد انفصالي، وخضعت إلى عسكرة مشددة، وبالكاد خصص لها أي استثمار". 

تجدر الإشارة إلى أن الحراك اشتعل بوفاة بائع الأسماك، محسن فكري، عام 2016؛ لكن الحراك اشتعل في الواقع بسبب "سوء المعاملة التاريخية وبسبب يأس الريفيين، الذي تجسد في فكري"، تقول الصحيفة.

ونقلت بوبليكو عن الناشط الريفي جمال قوله: "لا توجد كلمات لوصف حياة ناشط سياسي داخل سجن في المغرب، أمضيت عامين استخدموا ضدي خلالهما التعذيب الجسدي والنفسي، إنها طريقة النظام للسيطرة على المعارضة، بحيث عندما يطلق سراح السجين مرة أخرى، فإن الرعب الذي يمرّ به في الداخل سيجعله مكتوف الأيدي وملتزما بالصمت".

وبينما كان يفكر في مصير زملائه الذين لا يزالون محتجزين في مركز مورسيا في إسبانيا، مع قرار الترحيل إلى المغرب، قال جمال: "إنهم في خطر، يمكن أن يكونوا سجناء الحراك السياسيين التاليين إذا رُحّلوا، تخيل الوقوع في أيدي الشخص الذين فروا منه، في بلد لا يتمتع فيه المواطنون بحرية التعبير والتجمع والتظاهر...".

تعقيدات كورونا 

وأضافت الصحيفة أن "طلب اللجوء الذي قدمته هذه المجموعة قد رفض بسبب عدم قدرة المحامين على غرار، سيرجيو راموس، الاستعداد له بشكل كافٍ بسبب 3 حالات إصابة بكورونا التي تم اكتشافها داخل مركز الاحتجاز في موسيا". 

في هذا السياق، صرح المحامي قائلا: "لم أتمكن من زيارتهم للاستماع جيدا لقصصهم وطلب جمع الأدلة التي تثبت أنهم مضطهدون بسبب أفكارهم السياسية، وأنهم شاركوا في الاحتجاجات واعتقلوا من قبل الشرطة"، كما يدين المحامي "انعدام توفر الدفاع للمحتجزين".

ونقلت الصحيفة عن الناشط رضا بنزازا أنه "عندما بدؤوا في اعتقال الناس من حوله خلال الاحتجاجات قبل نحو 4 سنوات، قرر مغادرة بلاده".

وأضاف: "نظمت تجمعات واحتجاجات في الحسيمة، رأيت أن حياتي كانت في خطر واضطررت إلى الهروب، دون إخبار عائلتي ودون الذهاب إلى منزلي، لأنني أعرف بأنني كنت دائما محاطا بالشرطة.. أو عملاء المخابرات".

وفي إسبانيا، يرى الناشط أنه "مسؤول عن جعل الصراع مرئيا، وجمع الدعم ومساعدة الفارين من بطش الديكتاتورية في المغرب". 

وأوردت الصحيفة أن "الناشطين يستنكرون عدم وجود أرقام رسمية حول عدد سكان الريف الذين فروا من الاضطهاد المغربي"، وهذا ما تؤكده المفوضية الإسبانية لمساعدة اللاجئين التي تأسف لـ"عدم وجود إحصاء في هذا الصدد بإسبانيا، كما هو الحال مع الشتات الفار من الصراع الصحراوي".

وعلى وجه الخصوص، يجرى العد بحسب الجنسية، وليس عن طريق كل حالة على حدة، وبين عامي 2017 و2018، تمكن الآلاف من سكان الريف من المغادرة، ورغم أنه للأسباب نفسها، لا يُعرف عدد طلبات اللجوء التي قبلت في إسبانيا، تقول الصحيفة.

في هذا السياق، يشرح الناشط بنزازا: "لا يمكننا أن نحدد أرقاما دقيقة ومؤكدة، لكننا نقدر أن نسبة قبول طلبات اللجوء في حدود 10 بالمائة".

وأشار إلى أن "الأوضاع ساءت الآن، واستمر اعتقال الناشطين لأي سبب من الأسباب، وتسبب الوباء في خنق الاقتصاد بشكل أكبر، كما تتوفر إمكانيات محدودة للعثور على عمل".

ويختم الناشط السياسي جمال منى تصريحه بالقول: "لم يتوقع اللاجئون هذا الاستقبال، حيث أصبحوا محبوسين ومحتجزين بمعزل عن العالم الخارجي في مركز الاحتجاز بمركز مورسيا"، وفي أوروبا التي من المفترض أنها أرض حقوق الإنسان".