باغتيال لقمان سليم.. "لاكروا" تحذر من تكرار النموذج العراقي في لبنان

12

طباعة

مشاركة

عاشت بيروت صدمة جديدة، إثر اغتيال الناشط الشيعي لقمان سليم، المعروف بانتقاده الشديد لحزب الله، ما فتح باب النقاش بشأن إمكانية تحول لبنان إلى عراق جديد.

وفي 4 فبراير/شباط، عُثر على سليم (58 عاما) مقتولا بالرصاص داخل سيارته بمنطقة العدوسية جنوبي لبنان، المنطقة التي يتمتع فيها "حزب الله" الموالي لإيران، بسطوة ونفوذ كبيرين.

وتقول صحيفة لاكروا الفرنسية، إن الصدمة في لبنان هائلة، حيث أشعلت أنباء اغتيال سليم المعروف بمواقفه العدائية ضد حزب الله وحركة أمل، الجماعتين الشيعيتين الرئيستين، مواقع التواصل الاجتماعي، وأثار ذلك حالة من الذهول. 

ما قصته؟

أدار سليم مركز "أمم" للأبحاث والتوثيق، ضمن جزء من منزل عائلته في حارة حريك بالضاحية الجنوبية لبيروت، معقل "حزب الله"، الأمر الذي كان يُنظر إليه على أنه تحد للحزب.

أنشأ سليم المركز مع زوجته بهدف تسليط الضوء على مسألة المفقودين بعد الحرب الأهلية (1975-1990) وخاصة في السجون السورية.

وجاء حادث اغتياله عقب ساعات على اختفائه، لدى عودته من زيارة منزل صديقه في إحدى قرى جنوب لبنان، وفق ما نشرت شقيقته رشا سليم، عبر حسابها على فيسبوك.

وسبق أن تعرض الراحل لحملات تخوينية عدة من قبل أنصار "حزب الله" وحليفته حركة أمل، حتى أنهم دخلوا في 2020 حديقة منزله، تاركين له رسالة تهديد، وملوحين برصاص وكاتم صوت. 

وآنذاك، أصدر سليم بيانا حمل فيه مسؤولية تعرضه لأي اعتداء إلى "حزب الله" بزعامة حسن نصر الله، و"حركة أمل" برئاسة رئيس مجلس النواب نبيه بري.

وتقول لاكروا: "هذا المثقف الذي قُتل بخمسة رصاصات في الرأس وواحدة من الخلف، كان يُعتبر، كما يؤكد الأستاذ في الجامعة الأمريكية في باريس زياد ماجد، شخصًا حرًا يتحدى النظام السلطوي داخل مجتمعه". 

ويضيف: "بالنسبة لي كإنسان، إنها خسارة، لقمان سليم كان علمانيا وشيعيا مستقلا، ومحررا وكاتبا عمل كثيرا في مجال الثقافة وفي ذكرى الحرب الأهلية اللبنانية على وجه الخصوص". 

شجب لقمان سليم بانتظام القبضة الخانقة لحزب الله وحركة أمل خلال مداخلاته في وسائل الإعلام، فقد كرس السنوات الثلاثين الماضية لتعزيز القيم العلمانية، لا سيما داخل المجتمع الشيعي. 

وفور ورود نبأ وفاته، طالبت أسرته بـ "تحقيق دولي"، مؤكدة أنها "لا تثق بالعدالة اللبنانية"، خاصة أن يوم مقتله تزامن مع ذكرى مرور 6 أشهر على انفجار مرفأ بيروت المروع، في 4 أغسطس/ آب 2020؛ والذي لم يصل إلى نتيجة حتى الآن رغم تسببه بمقتل 200 شخص وإصابة أكثر من 6000 آخرين.

عراق جديد؟

وعلى الصعيد السياسي، كما على مواقع التواصل الاجتماعي، اندلعت ردود فعل غاضبة، أشارت إلى أن حزب الله مسؤول عن اغتيال لقمان سليم. 

ولم يتفاجأ زياد ماجد بهذه الاتهامات ويرى أنه "من الصعب عدم المقارنة" مع الاغتيالات المستهدفة التي حدثت في العراق مؤخرا. 

ويلاحظ في كلتا الحالتين أنهم (المتعرضون للاغتيال) شخصيات شيعية معارضة للهيمنة الإيرانية وحلفاء إيران في العراق وفي لبنان.

يقول محلل سياسي لبناني غاضبا، مفضلا عدم الكشف عن هويته إن "حزب الله لن يقع في عملية رد الفعل، ولكن سيقوم بالعمل المدروس، لن يضر نفسه بإعطاء خصومه الفرصة السانحة مهما كان". 

 ويضيف أن "لقمان سليم كان معارضا معترفا به لحزب الله، لكن مواقفه لم يكن لها تأثير على الرأي العام داخل المجتمع الشيعي".

هذا المحلل يرى أن الفرضية "الأكثر ترجيحا" هي "الرغبة في تخريب الانفراج النسبي الجاري في الولايات المتحدة مع وصول إدارة جو بايدن الجديدة".

ويعتقد أن تعيين روبرت مالي (مبعوث واشنطن إلى إيران)، وهو شخص معتدل، للتفاوض مع طهران يثير حفيظة الكثيرين. 

ويشير المحلل اللبناني إلى أن "هذا الاغتيال يمكن أن يكون وسيلة للابتزاز السياسي للحوار الذي بدأته فرنسا (بعد انفجار المرفأ) مع جميع الأطراف، بما في ذلك حزب الله في لبنان". 

وفي يوم اغتيال سليم، دعا وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ونظيره الفرنسي جان إيف لودريان في بيان مشترك بشأن لبنان إلى تشكيل حكومة دون مزيد من التأخير، وهو شرط لا غنى عنه "للدعم الهيكلي وعلى المدى الطويل" من المجتمع الدولي. 

كانت البلاد بلا حكومة فعلية منذ ستة أشهر، على الرغم من المبادرة التي يقودها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. ويخشى زياد ماجد أن يكون اغتيال لقمان سليم بمثابة "عودة للاغتيالات السياسية" في لبنان، مثل ما حدث بين 2005 و2013.

وذكر على سبيل المثال: اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري والصحفي سمير قصير والسياسي جورج حاوي والإعلامي والبرلماني جبران تويني ووزير الصناعة الأسبق بيار الجميل وغيرهم. 

ويقول في ذات السياق إنه "على الرغم من وجود مفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران، هناك البعض ممن يرغبون في البقاء مهيمنين داخل مجتمعاتهم وكذلك داخل البلد الذي يمثلون فيه القوة السياسية الأساسية وهو ما يُتهم به حزب الله بمعنى ما".