كاتب تركي يرصد سياسات الإمارات الإقليمية لخدمة مصالح إسرائيل

12

طباعة

مشاركة

نشرت وكالة "الأناضول" التركية، مقالا سلطت فيه الضوء على سياسة الإمارات في المنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وتعزيزها بالتطبيع علنا مع إسرائيل بعد علاقات سرية دامت لسنوات.

وقالت الوكالة الرسمية، في مقال للكاتب محمد رقيب أوغلو، إن "هذا التطور في العلاقات الذي يمكن تعريفه على أنه إضفاء الطابع الرسمي بدلا من التطبيع، يظهر أن الإمارات اكتسبت المزيد من القوة وأن فعاليات الضغط التي كانت تمارسه في ممرات واشنطن قد ءاتت أكلها".

وأكد رقيب أوغلو أن "ولي العهد محمد بن زايد يمزج بين القوة الصلبة والناعمة ويقود سياسة نشطة في المنطقة، لكن المرء يتساءل، من المستفيد الأكبر من هذه السياسات".

وأوضح أن "نشاط الإمارات الإقليمي والعالمي لا يبدو يصب في صالح المسلمين وصالح شعوب المنطقة واستقرارها، وعند النظر إلى القضايا الإقليمية مثل اليمن وليبيا وسوريا والسودان، يمكن القول إن السياسة الخارجية للإمارات تخدم إسرائيل".

ضد الديمقراطية

واعتبر رقيب أوغلو أن "سياسة الإمارات الأولى لخدمة إسرائيل، تتمثل في منع التحول الديمقراطي في المنطقة، فقد قلبت الإمارات موجات الاحتجاجات التي اندلعت في السودان عامي 2018-2019 وأدت إلى الإطاحة بالرئيس عمر البشير، لصالحها بضم السعودية لصفها". 

وأشار إلى أن "عدم انصياع البشير في سياسته الخارجية للسعودية والإمارات، تسبب في قطع العلاقات بين هذه الدول خاصة بعد اتفاقه مع تركيا بشأن جزيرة سواكن، وقامت الإمارات بدعم المجلس الانتقالي العسكري ضد التقارب التركي السوداني والذي كان يراه البشير عنصرا موازنا للمحور الإماراتي السعودي".

ولفت الكاتب التركي إلى أنه "باستيلاء الجيش ـ بشكل مؤقت ـ على الحكومة، كانت الإمارات تتخذ خطوة وقائية ضد التحول الديمقراطي المحتمل في السودان، حيث أن تعيين العديد من الجنرالات المدعومين من الإمارات، ساعد في تعزيز الخط الاستبدادي العسكري وتقييد دعم تركيا للتحول الديمقراطي". 

واستطرد قائلا: "أما السياسة الثانية للإمارات والتي تخدم إسرائيل فهي مساهماتها في عملية التطبيع بين إسرائيل والدول العربية في المنطقة، حيث فقد أبو ظبي بتسريع عملية تطبيع السودان والمغرب؛ فالقرار بالتطبيع والذي يعارضه غالبية الشعب السوداني اتخذه المجلس العسكري الانتقالي بدعم من الإمارات". 

كما أن هذه الخطوة والتي جعلت الولايات المتحدة تقوم بإزالة السودان من قائمة الدول الداعمة للإرهاب، اتخذتها ـ إلى حد كبير ـ الإمارات وأشخاص مدعومين منها، وفق رقيب أوغلو.

ولفت الكاتب إلى أن "السودان أُلزم بدفع تعويضات لأسر المواطنين الأميركيين الذين قتلوا في تفجيرات بسفارتي واشنطن لدى تنزانيا وكينيا عام 1998، في المقابل تعهدت الإمارات التي تعلم بأن السودان الذي يمر بأزمة اقتصادية لا يمكن أن يدفع مثل هذا المبلغ، بتقديم 335 مليون دولار للسودان، بإشراك السعودية في العملية".

وقال رقيب أوغلو: إن "سياسة الإمارات الثالثة والتي تخدم إسرائيل تتمحور حول المغرب، وكما حدث في السودان، اتخذت الإمارات خطوات مناهضة للديمقراطية ومعززة للديكتاتورية في المغرب ومؤيدة للتطبيع مع إسرائيل، وقد تشكلت سياسة الإمارات في المغرب ونفوذها المتزايد بالتحركات الدبلوماسية القاهرة".

تهديد ديبلوماسي

وأوضح ذلك بالقول: "استدعت الإمارات سفيرها من المغرب في أبريل/نيسان 2019، واتخذت موقفا مناهضا للسلطة في المغرب بحجة فشل إدارة الرباط في تقديم الدعم المباشر للأزمة المصطنعة التي تم تشكيلها ضد قطر في 5 يونيو/حزيران 2017".

وأشار رقيب أوغلو إلى أن حزب العدالة والتنمية الذي يوجد في السلطة بالمغرب لم يرضخ للتهديد الموجه للدوحة بـ"أن لا تتحالفوا مع الإخوان المسلمين"، وعلى الرغم من ذلك، سحبت الرباط سفيرها من أبوظبي في مارس/آذار 2020؛ ردا على الخطوة الدبلوماسية الإماراتية.

وقد ازداد التوتر بين البلدين مع رد فعل الإمارات على سياسة المغرب في ليبيا، حيث إن دعم المغرب ـ الذي اتبع سياسة أكثر حيادية في المعادلة الليبية ـ لحكومة الوفاق الوطني والذي تعتبره الأمم المتحدة شرعيا، أدى إلى تسريع تحركات أبوظبي المناهضة للمغرب، والتي دعمت الانقلابي خليفة حفتر، بحسب الكاتب التركي.

وشرح رقيب أوغلو ذلك قائلا: "وقعت الإمارات اتفاقية مع موريتانيا، إحدى أفقر دول العالم والدولة الشقيقة للمغرب من الجنوب في فبراير/شباط 2020، واستهدفت مشروع ميناء الداخلة الأطلسي ومشروع ميناء طنجة المتوسط ​​من خلال الوعد باستثمار ملياري دولار في موانئ نواذيبو بموريتانيا".

وأردف: "كما دعمت  أبوظبي جبهة البوليساريو، وهي منظمة انفصالية تشكل تهديدا للأمن القومي المغربي وتحارب من أجل إنهاء السيادة المغربية في إقليم الصحراء".

واستدرك رقيب أوغلو قائلا: "لكن الإمارات تخلت فجأة عن كل هذه التحركات المعادية للمغرب وفتحت سفارة بإقليم الصحراء في أكتوبر/تشرين الأول 2020. وبهذه الخطوة، أصبحت الإمارات أول دولة عربية تعترف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية".

ويرى الكاتب أن "تحركات الإمارات العدوانية ضد المغرب، دفعت الرباط للاستسلام ليقرر المغرب التطبيع مع إسرائيل في ديسمبر/كانون الأول 2020، وقد رحبت الإمارات والولايات المتحدة بالقرار، كما أعلنت الأخيرة أنه بعد التطبيع، سيتم الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية".

ولفت إلى أن إسرائيل قامت بـ"تطبيع" العلاقات مع دولة عربية (المغرب) بفضل دولة عربية (الإمارات)، دون أي تحركات أو تنازلات منها، كما حدّ هذا التطبيع من نفوذ الجماعات الإسلامية السياسية النشطة في البلاد وفي السلطة، وقررت الإدارة المغربية "التطبيع" رغم معارضة الشعب. 

تحييد الإسلاميين

واعتبر رقيب أوغلو أن سياسة الإمارات في اليمن تقع ضمن السياسات التي تخدم إسرائيل، حيث بُنيت سياسة الإمارات في اليمن أساسا على منع التوسع الإيراني والحركات الإسلامية السياسية، فيما استخدمت الإمارات "شرعية" العملية العسكرية التي أطلقت ضد الحوثيين بقيادة السعودية في مارس/آذار 2015، كغطاء وقامت بتقسيم اليمن فعليا.

وأوضح أن "الإمارات دعمت الانفصاليين في الجنوب وتسببت في انهيار التحالف مع حليفتها السعودية، كما هدفت إلى تحييد الحركات الإسلامية عن معادلة اليمن من خلال تنظيم اغتيالات لمسؤولين رفيعي المستوى في حزب الإصلاح المعروف بكونه فرع جماعة الإخوان المسلمين في اليمن إضافة لغزوها جزيرة سقطرى بالتعاون الاستخباراتي مع إسرائيل".

ويرى الكاتب أن "سياسة الإمارات تجاه اليمن تخدم المحور الإسرائيلي الأميركي أيضا، فبما أن المجلس الانتقالي الجنوبي، ممثل الإمارات في اليمن والذي يعتقد أنه يمكن تحقيق الاستقلال من خلال إقامة علاقة وثيقة مع إسرائيل، لا يملك موقفا مناهضا لإسرائيل على العكس من شعب اليمن، فقد أعلن ترحيبه بتطبيع الإمارات مع إسرائيل".

وأضاف قائلا: "رغم عدم وجود اتصال رسمي بينهما حتى الآن، إلا أن إظهار ممثل الإمارات في اليمن موقفا مؤيدا ومواليا لإسرائيل يكشف أن سياسة أبو ظبي تجاه اليمن تخدم إسرائيل أيضا، فيما تعتبر إسرائيل الشراكة بين الإمارات والمجلس الانتقالي الجنوبي فرصة مهمة من حيث تحقيق التوازن بين نفوذ حركة الإصلاح ونفوذ إيران في معادلة اليمن".

وتوقف رقيب أوغلو عند سياسة الإمارات التي تخدم إسرائيل في بلاد الشام قائلا: "لقد تسببت الإمارات التي تحالفت مع الجميع ضد الحركات الإسلامية السياسية في الحرب الأهلية السورية، في إطالتها وسهلت على إسرائيل مهاجمة الأهداف التي تريدها، وفي المقابل تريد الإمارات المشاركة في المعادلة الفلسطينية".

وتابع: "فالإمارات التي تريد للقيادي حركة فتح المفصول، محمد دحلان وهو الذراع الأيمن لابن زايد، أن يتولى الرئاسة الفلسطينية، تخدم إسرائيل لإضفاء الشرعية على الاحتلال".

وشدد على أنه "مع دفع دحلان الذي كان له يد في محاولة الانقلاب في 15 يوليو/تموز في تركيا، وكان وراء الاحتجاجات المناهضة للرئيس المنتخب ديمقراطيا، الراحل محمد مرسي ​​في مصر وانقلاب 3 يوليو/تموز، إلى المسرح الفلسطيني، فإن الإمارات تنتهج سياسة تصب في صالح إسرائيل من خلال تقييد الحركات الإسلامية السياسية وبالتالي حماس".

وأردف الكاتب قائلا: "وأخيرا، تدعم الإمارات المشروع المزمع إقامته بين إسرائيل ودول الخليج والذي يهدف إلى إعادة سكة حديد الحجاز للعمل، ويخطط المشروع لزيادة التعاون بين إسرائيل ودول الخليج دون استشارة الإدارة الفلسطينية".

واختتم رقيب أوغلو قائلا: "سياسات الإمارات في السودان والمغرب واليمن وبلاد الشام تخدم مصالح إسرائيل، وبهذا المعنى، فإن سياسة الإمارات تجاه المناطق المذكورة، سرعت من وتيرة التطبيع مع إسرائيل وهدفت إلى تحييد الحركات الإسلامية السياسية".