إعلام عبري: هكذا يراوغ محمود عباس موظفي السلطة الفلسطينية في غزة

12

طباعة

مشاركة

تعهد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، بتعويض عشرات الآلاف من المواطنين في قطاع غزة الذين تضرروا من العقوبات التي فرضها عليهم خلال السنوات الماضية. 

وعبر عن تعهدات عباس خلال يناير/كانون الثاني 2021، مسؤولون في السلطة الفلسطينية وفي حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح، في محاولة لكسب التأييد لقائمة الحركة التي يرأسها، في الانتخابات التشريعية.

وقال موقع "نيوز ون" العبري، إن "قطاع غزة ليس في عجلة من أمره لشراء وعود محمود عباس التي ينظر إليها على أنها حملة احتيالية للحصول على الأصوات وعملية انتخابية".

وفي 15 يناير/كانون الثاني 2021، أصدر عباس مرسوما حدد فيه مواعيد إجراء الانتخابات التشريعية في 22 مايو/أيار والرئاسية في 31 يوليو/تموز والمجلس الوطني (برلمان منظمة التحرير) في 31 أغسطس/ آب (من نفس العام)".

وستجرى الانتخابات إذا وافق اجتماع الفصائل الفلسطينية المقرر عقده في فبراير/شباط 2021 في القاهرة على الخطوط العريضة والترتيبات الفنية لها.

وأُجريت آخر انتخابات فلسطينية للمجلس التشريعي مطلع 2006، وأسفرت عن فوز حركة المقاومة الإسلامية "حماس" بالأغلبية، فيما سبقها بعام انتخابات للرئاسة وفاز فيها عباس.

ويسود الانقسام السياسي أراضي السلطة الفلسطينية منذ منتصف يونيو/حزيران 2007، عقب سيطرة "حماس" على غزة، بعد فوزها بالانتخابات البرلمانية، في حين تدير حركة "فتح" التي يتزعمها عباس الضفة الغربية.

استمالة أصوات

وتابع الموقع العبري أنه يتعين على محمود عباس أن يواجه تحديان في هذه الانتخابات: حركة حماس والانشقاق في معسكر فتح.

 ويحاول رئيس السلطة الفلسطينية توحيد جميع القوى التابعة لـ"فتح" في قائمة واحدة ولكن يبدو أن هناك احتمالًا معقولاً بأن يكون خصومه السياسيون الألداء (العضو المفصول من الحركة) محمد دحلان و (الأسير في السجون الإسرائيلية) مروان البرغوثي سيخوضان قوائم منفصلة.

ويقول مسؤولو السلطة الفلسطينية إن عباس يحتاج إلى كل صوت ممكن في الانتخابات، لذلك قرر استمالة أصوات ناشطين فتح في قطاع غزة، الذين يشكلون حوالي 40 في المائة من الأصوات، على الرغم من العقوبات القاسية التي فرضها على قطاع غزة والتي تضرر منها عشرات الآلاف من المسؤولين والناشطين المنتمين إلى حركة فتح.

وبدأت السلطة الوطنية الفلسطينية في مارس/آذار 2017 بفرض عقوبات على قطاع غزة، إثر تشكيل حركة حماس لجنة لإدارة القطاع، ورهنت رفع العقوبات بحل اللجنة، وسيطرة حكومة رام الله على غزة. 

أثرت هذه العقوبات على كافة مناحي الحياة في قطاع غزة، كونها أتت في ظل الحصار الإسرائيلي المشدد المفروض على القطاع منذ عام 2007، ومست العصب الأساسي للسكان (الرواتب).

ورغم أن "حماس" حلت اللجنة الإدارية في سبتمبر/أيلول 2017، إلا أن العقوبات لم ترفع، بل فُرِض المزيد منها بعد تعثر الجهود المصرية لتنفيذ اتفاق القاهرة 2017، وإصرار عباس على "تمكين" حكومة رام الله على القطاع "من الألف إلى الياء".

واجتمعت اللجنة المركزية لحركة فتح نهاية يناير/كانون الثاني 2021 وقرّرت إرسال وفد إلى قطاع غزة يضم 3 أعضاء من اللجنة المركزية: روحي فتح وأحمد حلس وإسماعيل جبر لحل مشاكل القطاع الناتجة عن الانشقاق عن الضفة الغربية، بما في ذلك مشكلة رواتب آلاف موظفي السلطة الفلسطينية.

ولفت الموقع العبري إلى أن مشكلة رواتب موظفي السلطة هي الأكثر خطورة، في منطقة تعج بالمسؤولين من حركة فتح في قطاع غزة البالغ عدد سكانه نحو 2.3 مليون فلسطيني.

وأشار إلى أن مسؤولي السلطة الفلسطينية في قطاع غزة المرتبطون بفتح والذين تضرّروا اقتصاديا ينقسمون إلى عدة فئات: الموظفين الذين فصلوا في عام 2005 وهم نحو 8000 شخص وأولئك الذين تقاعدوا في وقت مبكر.

ومنهم أيضا الموظفون الذين أجبروا على التقاعد، وأولئك الذين تم تخفيض رواتبهم بنسب معينة.

وعود عبثية

وأشار المحلّل الأمني والإستخباراتي الإسرائيلي يوني بن مناحيم إلى أنه من المتوقع أن تقوم الحكومة الفلسطينية بصياغة حلول مالية لهؤلاء المسؤولين بعد تلقي توصيات اللجنة.

 لكن قبل الانتخابات، يقدم كبار المسؤولين في السلطة الفلسطينية وفتح وعودًا عبثية بالهواء بأن أي شخص تضرر من العقوبات التي فرضها محمود عباس على قطاع غزة سيتم تعويضه بما يرضيه، وفق قوله. 

ويتابع: "بل إن اللجنة المركزية لحركة فتح أصدرت بياناً رسمياً جاء فيه أن الرئيس محمود عباس سيعالج جميع المشاكل في قطاع غزة ويحلها بطريقة إيجابية".

ومع ذلك، بدأت الأخبار تتدفق ببطء إلى سكان قطاع غزة بأن حل محنتهم المالية ليس قريبا كما حاول رسم ذلك كبار مسؤولي السلطة الفلسطينية وقادة حركة.

وقال المسؤول الكبير في حركة فتح توفيق الطيراوي إن الحل لسكان غزة سيكون على مراحل، في إشارة إلى احتمال تأجيل الموضوع إلى ما بعد الانتخابات التشريعية. 

كما أن المسؤول في فتح، أحمد حلس، الذي جاء إلى رام الله من قطاع غزة للقاء رئيس الوزراء محمد اشتية قال عقب الاجتماع معه إن "المشاكل في القطاع ستحل تدريجياً".

ونوّه بن مناحيم إلى أن مصادر في السلطة الفلسطينية تزعم أنها تعاني من مشكلة السيولة المالية وأنها لا تستطيع حاليًا حل المشاكل المالية لعشرات الآلاف من الموظفين في قطاع غزة، على الرغم من حسن النية. 

ولفت المحلل الاستخباراتي إلى أن سكان قطاع غزة لا يؤمنون بالوعود الانتخابية لرئيس السلطة محمود عباس، وينعكس ذلك على وسائل التواصل الاجتماعي.

ويقول إن "وعود محمود عباس ومسؤولي فتح لعشرات الآلاف من الموظفين في قطاع غزة لحل الظلم المالي يُنظر إليها على أنها ابتزاز سياسي وحملة احتيالية تهدف إلى إقناعهم بالتصويت لقائمة فتح في الانتخابات البرلمانية لزيادة قوتها مقابل حماس".

ومع ذلك، من الناحية العملية فإن الخوف هو أن يتم التخلي من قبل الرئيس عباس (عن رفع العقوبات) بعد نهاية الانتخابات.

مناورات انتخابية

وأكد المحلل الأمني أنه ليس لدى حماس أي خطط للترشح للرئاسة بسبب مخاوف من "فيتو" إسرائيلي وأميركي.

وقالت مصادر في حركة فتح في قطاع غزة إن عباس واثق من فوزه في الانتخابات الرئاسية، ويقدر أنه لن يعتمد إلى حد كبير على أصوات ناشطين فتح من قطاع غزة.

ورأى بن مناحيم أن الغضب في غزة يتنامى ومن المحتمل ألا تسير المناورة الانتخابية كما يريد عباس بالحصول على أصوات عشرات الآلاف من سكان القطاع المحسوبين على فتح هم وعائلاتهم وقد يفشل في الفوز. 

من ناحية أخرى، إذا لم يحصل على تلك الأصوات مرة أخرى سينتقم من سكان القطاع الذين خيّبوا أمله، وفق تقدير المحلل الإسرائيلي.

ونقل عن أحد سكان قطاع غزة في تدوينة له مقولة للأديب الفلسطيني غسان كنفاني: "يسرقون خبزك ثم يعطونك كسرة منه ويطلبون منك شكرهم على كرمهم، يا لوقاحتهم".

بدورها نقلت صحيفة "يسرائيل هيوم" العبرية عن صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية قولها إن رئيس السلطة الفلسطينية يصّر على إجراء انتخابات عامة في المناطق المحتلة حتى لو انسحبت حماس من التفاهمات.

وبحسب مصدر فلسطيني رفيع تحدث للصحيفة السعودية، فإن عباس سيجري هذه الانتخابات لأنه يريد تجديد شرعيته، لذلك أصدر مرسوماً رئاسياً بحيث لا يمكن تأجيل تحت أي ظرف من الظروف "حتى لو لم تتوصل الفصائل إلى اتفاق في القاهرة وحتى لو كانت هناك عقبات وحتى لو تراجعت حركة حماس عن ذلك". 

وقال إن "الخطوط العريضة هي التوصل إلى اتفاق مع حماس في كل شيء، لكن إذا لم يتحقق ذلك فلن تكون هناك عودة وتراجع عن الانتخابات".

وتشير التقديرات الآن إلى أنه في ظل تغير إدارة البيت الأبيض، فإن عباس مهتم بتقديم عرض ديمقراطي للرئيس جو بايدن، ومن ناحية أخرى، هناك تخوف في السلطة الفلسطينية من فوز حماس في الانتخابات كما حدث عام 2006.