مركز إسرائيلي: إيران ترغب بأن تكون شريكا في أي اتفاق أميركي مع طالبان

12

طباعة

مشاركة

في 26 يناير/كانون الثاني 2021، زار وفد رفيع المستوى من حركة طالبان الأفغانية، إيران، بناء على دعوة من وزارة الخارجية، وذلك بهدف إجراء مشاورات.

وقال المتحدث باسم الحكومة الإيرانية علي ربيعي، في الثاني من فبراير/شباط 2021، إن وفد طالبان، زار طهران بعِلم الحكومة الأفغانية، مؤكدا أن بلاده تؤيد انخراط كافة الأطراف السياسية الأفغانية، في محادثات السلام. 

وشدد على أنه من غير الممكن أن تتجاهل إيران أجواء الفوضى وانعدام الأمن في أفغانستان، مستدركا: "إلا أن هذا لا يعني أن لدينا علاقات خاصة مع طالبان". 

الزيارة جاءت بقيادة رئيس المكتب السياسي للحركة الملا عبد الغني برادر، بالتزامن مع إعلان إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن أنها ستراجع اتفاق إدارة سابقه دونالد ترامب مع المنظمة.

ونصّ الاتفاق المبرم في فبراير/شباط 2020 على سحْب الولايات المتحدة وحلفائها في حلف شمال الأطلسي "ناتو" كل القوات من أفغانستان، في غضون 14 شهرا، شريطة وفاء حركة طالبان بالتزاماتها.

وتضمنت التزامات طالبان عدم السماح لتنظيم القاعدة، وغيره من "الجماعات المتطرفة" بتنفيذ عمليات في المناطق التي تسيطر عليها الحركة، فضلا عن المضيّ قدما في محادثات سلام وطنية.

وأوقفت طالبان هجماتها على قوات التحالف الدولي التزاما منها بما نص عليه الاتفاق التاريخي، لكنها لم توقف هجماتها على الحكومة الأفغانية.

وتشترط طالبان لكي تبدأ مفاوضات مع الحكومة الأفغانية أن تطلق الأخيرة سراح الآلاف من عناصر الحركة التي تعتقلهم في عملية تبادل للأسرى.

واستأنفت طالبان والحكومة الأفغانية في 7 يناير/كانون الثاني 2021 محادثات السلام في قطر، التي تهدف إلى إنهاء 42 عاما من النزاعات المسلحة بأفغانستان، منذ الانقلاب العسكري في 1978، ثم الغزو السوفيتي بين عامي 1979 و1989. 

وانطلقت المفاوضات بالدوحة في 12 سبتمبر/أيلول 2020، وجرى تعليقها لفترة بسبب الخلافات في وجهات النظر، قبل أن تتواصل مجددا.

قنوات الاتصال

وأشار مركز القدس لشؤون الدولة والعامة (إسرائيلي) إلى أن مسؤولين إيرانيين ووسائل إعلام إيرانية أكدوا أن الزيارة جزء مهم من سياسة طهران الخارجية لتطوير قنوات الاتصال مع مختلف الفصائل الأفغانية المشاركة بعملية السلام في البلاد.

وقال المتحدث باسم المكتب السياسي لحركة طالبان في قطر محمد نعيم يوم الزيارة إنها "تناولت العلاقات بين إيران وباكستان وأوضاع اللاجئين الأفغان في طهران والوضع السياسي والأمني ​​الحالي في كابول والمنطقة".

ونوّه المركز العبري إلى أنه لا يزال من غير الواضح موقف إدارة بايدن من اتفاقية السلام الموقعة بين إدارة ترامب وطالبان. وبين أنه في أفغانستان يجري التركيز على الطرق التي يتم من خلالها تقسيم مراكز السلطة السياسية في البلاد من أجل وضع حد للأزمة والأمنية.

وتطرق ميخائيل سيغال الرئيس السابق للفرع الإيراني داخل الإستخبارات الإسرائيلية إلى لقاء وفد طالبان في 27 يناير/كانون الثاني الأمين العام لمجلس الأمن القومي الإيراني علي شمخاني.

وبين أن شمخاني انتقد كما كان متوقعا الوجود الأميركي في المنطقة، قائلا إن واشنطن معنية بمواصلة إراقة الدماء بين الفصائل الأفغانية وليس بحسم الأزمة وهدفها خلق مأزق في محادثات السلام.

ودعا شمخاني إلى إشراك جميع الفصائل في محادثات السلام في البلاد  وقال إن أمن أفغانستان في المقاطعات المتاخمة لإيران هو من أمن طهران أيضًا وأن تعاون طالبان ضروري لمحاربة تنظيم الدولة.

وعرض أمام عبد الغني نقاط الضعف في الاتفاقية الموقعة في 20 فبراير/ شباط مع إدارة ترامب، قائلاً "لا يمكن الوثوق بالولايات المتحدة. وإيران ستستمر في محاربة كل مرتزق أميركي في المنطقة".

وأكد سيغال على أن شمخاني حرض طالبان على الاستمرار في إيذاء الجنود الأميركيين عندما أشاد بتصميم مقاتلي طالبان على مواصلة القتال ضد الولايات المتحدة، بل وغرّد أن "أولئك الذين قضوا 13 عامًا وتعرضوا للتعذيب في (سجن) غوانتانامو (الأميركي) ليسوا في عجلة من أمرهم للتخلي عن القتال".

ووعد عبد الغني من جهته بالتعاون في تأمين الحدود المشتركة بمسألة اللاجئين الأفغان المقيمين في إيران وتنقل رجال الأعمال. وألقى بالّلوم على الولايات المتحدة لانتهاك الاتفاقية الموقعة قائلا "نحن لا نثق بالولايات المتحدة وسنقاتل أي جماعة ستكون مرتزقتها".

من جانبه، قال برادر: "نحن لا نثق بالولايات المتحدة، لعدم التزامها بالتعهدات المفروضة عليها، ونؤمن بضرورة لعب جميع الأطراف الفاعلة دوراً محورياً في تحديد مستقبل أفغانستان".

وأشار سيغال إلى أن زيارة وفد طالبان لإيران تأتي في ظل تصريح الجيش الإيراني في مقابلة مع قناة TOLOnews التلفزيونية الأفغانية بأنه "حسب تعريف الحكومة الإيرانية، تُعرّف طالبان على أنها منظمة إرهابية ولا يزال يتعين عليها إلغاء هذا القرار".

وتابع أن وفد طالبان برئاسة الملا عبد الغني زار طهران قبل عام (نوفمبر/تشرين الثاني 2019) والتقى بوزير الخارجية. وورد أن الوفد التقى أيضا مع إسماعيل قاني، خليفة قاسم سليماني، قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الذي يتمتع بخبرة واسعة في العمل في منطقة الحدود الشرقية لإيران أفغانستان وباكستان.

ولفت سيغال إلى أنه في السنوات الأخيرة، كان هناك عدد من المسيرات والمظاهرات في أفغانستان احتج فيها الكثيرون على "التعاون بين إيران الشيعية وطالبان".

إشارة إلى بايدن

رأى سيغال أن توقيت زيارة وفد طالبان لطهران له أهمية خاصة، حيث يأتي ذلك بعد أسبوعين من بدء الجولة الثانية من المحادثات المباشرة بين الحكومة الأفغانية وطالبان في الدوحة وبعد حوالي أسبوع من أداء الرئيس بايدن اليمين (20 يناير/كانون الثاني 2021).

ويعتقد أن إيران باستضافتها لوفد طالبان في طهران تشير إلى الإدارة الأميركية المقبلة بأنها تنوي أن تكون لاعباً أساسياً في صياغة الترتيبات الأمنية واتفاقيات السلام في أفغانستان. 

وبين أن إيران تواصل النظر إلى الوجود العسكري الأميركي في ساحاتها الخلفية، العراق وأفغانستان (الحدود البالغ طولها 945 كيلومترًا) ودول الخليج على أنه تهديد لأمنها القومي. وأشار إلى أن أجهزة الدعاية الإيرانية تدعو إلى إخراج واشنطن من المنطقة.

ولفت إلى أنه في الوقت الحالي، قررت إدارة بايدن تمديد ولاية زلماي خليل زاد، المبعوث الخاص لإدارة ترامب في المحادثات مع طالبان الذي يتمتع أيضًا بعلاقات جيدة مع النظام الإيراني، خاصة فيما يتعلق بقضية الحركة الأفغانية. 

لكن أوضحت إدارة بايدن أنها "تنوي مراجعة" الاتفاقية، حتى أن مستشار الأمن القومي الجديد جيك سوليفان أرسل رسالة بهذا المعنى إلى كابول في 22 يناير/كانون الثاني 2021.

ونقل بيان للبيت الأبيض عن سوليفان قوله إن موظفيه مهتمون بفحص ما إذا كانت طالبان تفي بالتزاماتها بقطع العلاقات مع المنظمات الإرهابية وتقليل العنف وإجراء محادثات مثمرة مع الحكومة وأصحاب المصلحة الآخرين في البلاد.

وبهذه الروح، تحدث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مع الرئيس الأفغاني أشرف غني في 28 يناير/كانون الثاني وأخبره أن الولايات المتحدة تدعم حل الأزمة في أفغانستان، لكنها تعيد النظر في الاتفاقية التي وقعتها إدارة ترامب مع طالبان بشأن إنهاء العنف. 

في غضون ذلك، زار وفد آخر من طالبان روسيا (28 يناير/كانون الثاني 2021). وقال محمد عباس ستانيكزاي أحد مفاوضي طالبان خلال زيارته إن الغرض من الزيارة هو محاولة تجييش مختلف الدول للضغط على حكومة بايدن للوفاء بالتزامات الولايات المتحدة بالانسحاب من أفغانستان. 

وبحسب ما قال ستانيكزاي: "الدول التي زرناها على الحدود مع أفغانستان ونريدها أن تشارك في القضية نشاركها القلق ونطلب دعمها في عملية السلام".

جدير بالذكر أن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف التقى نهاية يناير/كانون الثاني أيضا في روسيا نظيره سيرغي لافروف لمناقشة عدد من القضايا، من بينها أفغانستان وسوريا واليمن في إطار التعاون الإستراتيجي بين البلدين.