"تمييز ممنهج".. لوموند: كن مستوطنا إسرائيليا ليتم تطعيمك في فلسطين

12

طباعة

مشاركة

أكدت صحيفة "لوموند" الفرنسية، أن الاحتلال الإسرائيلي، الذي يتصدر سكانه قائمة التحصين ضد فيروس كورونا، قرر التخلي عن الفلسطينيين في الضفة الغربية وتركهم لمصيرهم، رغم التزاماته الدولية.

وقالت الصحيفة، إن "إسرائيل اليوم هي الدولة الأكثر تقدما في العالم من حيث التطعيم ضد فيروس كورونا، فاعتبارا من 29 يناير/كانون الثاني 2021، تلقى 32 بالمئة من إجمالي 9 ملايين جرعتهم الأولى و18 بالمئة من الثانية". 

وأضافت أن "هذه الحملة الاستباقية تجري في وقت أدت فيه الموجة الثالثة من الوباء، منذ 27 ديسمبر/كانون الأول 2020، إلى حجر صحي ثالث، وحتى 25 يناير/كانون الثاني 2021، إلى تعليق، لمدة 6 أيام على الأقل، جميع الرحلات الجوية الدولية، فيما لا يزال انتشار الفيروس مرتفعا للغاية". 

ولفتت "لوموند" إلى أنه "يجب تطعيم جميع السكان قبل الانتخابات العامة في 23 مارس/آذار 2021، حيث يلعب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، منذ عام 2009، بمستقبله السياسي مرة أخرى".

بشكل انتقائي

أثير الجدل حول تعامل الحكومة مع الأزمة الصحية بالرجوع إلى الوراء بشأن تطعيم السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية، والتي يجب أن تتولى إسرائيل مسؤوليتهم كقوة احتلال. 

وأوضحت لوموند أن "اتفاقية جنيف الرابعة، وهي إحدى أسس القانون الدولي الإنساني عام 1949، تنص بالفعل، في مادتها 56، على أنه من واجب دولة الاحتلال أن تعمل، بأقصى ما تسمح به وسائلها، وبمعاونة السلطات الوطنية والمحلية، على صيانة المنشآت والخدمات الطبية والمستشفيات، وكذلك الصحة العامة والشروط الصحية في الأراضي المحتلة". 

ومنذ بداية احتلالها للقدس الشرقية والضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967، قررت إسرائيل تطبيق هذه الاتفاقية بشكل انتقائي فقط، رغم الرأي الاستشاري الصادر لصالح تطبيقها عام 2004، من قبل محكمة العدل الدولية في لاهاي.

من ناحية أخرى، دخل عضوان بحكومة نتنياهو، في جدل مثير، بشأن تطعيم نحو 4400 أسير فلسطيني في سجون الاحتلال الإسرائيلي. 

وأوضحت الصحيفة أن "وزير الأمن العام أمير أوحانا، لم يؤيد تطعيمهم، على عكس نظيره وزير الصحة يولي أدلشتين، المدعوم من المدعي العام ورئيس دولة الاحتلال".

واعتبرت أن "أدلشتين هو الذي فاز في نهاية المطاف، مع إطلاق عمليات التطعيم لجميع المعتقلين، بغض النظر عن الجنسية، في 17 يناير/كانون الثاني الماضي". 

وعلى نفس المنوال، تشمل حملة التطعيم القدس الشرقية، الأراضي التي ضمها الاحتلال منذ عام 1980، بالإضافة إلى حوالي 200 ألف مستوطن عبري و300 ألف فلسطيني يحملون بطاقة هوية خاصة، حتى لو لم يكونوا حاملين للجنسية الإسرائيلية.

وقالت لوموند: "في حين أن الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة قاوموا بشكل أفضل من الإسرائيليين في بداية انتشار الوباء، ولا شك أنه بسبب معدلات شبابهم المرتفعة، أدت الحالة الكارثية للنظام الصحي المحلي إلى ارتفاع شديد في معدلات العدوى في الخريف". 

تثير الغضب

ووقّعت السلطة الفلسطينية 4 اتفاقيات لاستيراد اللقاحات في يناير/كانون الثاني الماضي، بما في ذلك اللقاح الروسي "سبوتنيك 5"، التي سيتم تسليمها في غضون شهرين، ومن المتوقع أن تقوم في نهاية المطاف بتلقيح 70 بالمئة من سكان الضفة الغربية وغزة. 

وقد رفض وزير الصحة الإسرائيلي أي طلب فلسطيني للتطعيم، مستشهدا باتفاقات أوسلو الموقعة عام 1993 بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، وحمّل السلطة الفلسطينية مسؤولية صحة السكان التابعين لسلطتها.

وأشارت المنظمات الإنسانية، في هذا السياق، إلى "سذاجة ما وصفته بالتذرع باتفاقات أوسلو من قبل حكومة نتنياهو التي أفرغت منها بشكل منهجي معانيها، مما يُقوض قدرة السلطة الفلسطينية على العمل". 

وقد شجبت منظمة العفو الدولية "التمييز الممنهج" ودعت إسرائيل إلى "توفير اللقاحات بطريقة عادلة ومنصفة للفلسطينيين الذين يعيشون تحت الاحتلال". 

وبحسب هيومن رايتس ووتش، "لا شيء يمكن أن يبرر الوضع الحالي في أجزاء من الضفة الغربية، حيث يتلقى السّكان اليهود اللقاحات على قارعة الطريق، في الوقت الذي لا يحق ذلك للسكان الفلسطينيين على الضفة الأخرى". 

وعلقت لوموند قائلة: إن "هذه المعايير المزدوجة، وهما إجراءان لصالح حوالي 450.000 مستوطن في الضفة الغربية هي التي تثير الغضب".

وأضافت "مع ذلك، يبدو أنه من المستبعد أن تقوم إسرائيل بتعديل سياساتها في هذا الصدد، حتى فيما بتعلق بـ140 ألف فلسطيني يأتون يوميا من الضفة الغربية للعمل في أراضيها". 

لذلك حث منسق الأمم المتحدة للشرق الأوسط، إسرائيل على المساعدة في تلبية احتياجات الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة والعمل، بشكل عام، على توفير أكثر لقاحات ضد كورونا. 

أما بالنسبة للملك الأردني عبد الله الثاني، الذي بدأت بلاده حملة التطعيم الخاصة بها قبل أيام، فقد وجد أن سياسة إسرائيل تأتي بنتائج عكسية بقوله: "إذا نظرت إلى الترابط بين الفلسطينيين وسكان إسرائيل، لا يمكنك تطعيم جزء من شعبك، وتغض الطرف عن الآخر، وتفكر أنك ستكون بأمان". 

وختمت الصحيفة الفرنسية مقالها بالقول: "من جديد، لا تظهر الأزمة الصحية في الشرق الأوسط، كمؤشر فحسب، بل كمفاقم للتوترات والتناقضات وموازين القوى".