"لوريون لوجور": وساطة نبيه بري بين الرياض وطهران تزعج أمريكا

12

طباعة

مشاركة

قالت صحيفة "لوريون لوجور" اللبنانية الناطقة بالفرنسية إنه "في القوت الذي أنهى فيه رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري زيارة وصفت بالتاريخية إلى العراق، أعلنت صحيفة "ذا ناشيونال" الإماراتية عن نية إدارة ترامب إدراج شخصيات قريبة من نبيه بري وأعضاء "حركة أمل" التي يرأسها على قائمة عقوباتها الجديدة".

وأفادت "ذا ناشيونال" أن بري سينأى بنفسه عن "حزب الله" وإيران خوفا من أن تطاله وحركته "أمل" عقوبات أمريكية، حذره منها وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، خلال زيارته الأخيرة إلى بيروت، وأضافت الصحيفة الإماراتية أن زيارة بري إلى العراق كانت تهدف بشكل غير مباشر إلى طمأنة إدارة ترامب.

وقالت "ذا ناشيونال" استنادا على تصريح مسؤول رفيع المستوى في البيت الأبيض أن بري وشركاءه رفيعي المستوى هم حالياً تحت التدقيق الأمريكي، وأن "حزب الله" و"حركة أمل" هما فريق واحد، مشيرة إلى أن "هذا الأمر يجب أن يتوقف، وأن نبيه بري لا يزال رجل إيران في لبنان وأنه الخط الرئيسي للدعم السياسي لحزب الله".

وقالت الصحيفة إن استهداف الولايات المتحدة للاقتصاد اللبناني سيتزايد، وستُفرض المزيد من العقوبات عليه، إلى أن يترك بري منصبه أو يغير سياسته.

طمأنة الإدارة الأمريكية

من جهتها اعتبرت الصحيفة اللبنانية، أن "إخبار الإدارة الأمريكية للمحاورين اللبنانيين أنها لم تعد تقبل المواقف المتباينة وأنه يجب اختيار إما مع حزب الله وإيران أو ضدهم"، جعل وسائل الإعلام تتحدث عن استعداد رئيس مجلس النواب النأي بنفسه عن "حزب الله".

وأشار التقرير، إلى أن أهم ما كان في زيارة نبيه بري إلى العراق، هو لقاؤه الذي حظي بتغطية إعلامية كبيرة مع المرجع الديني الشيعي في البلاد، آية الله السيستاني. مستدركا: "الفكرة الأساسية في التركيز على هذه الزيارة تهدف إلى إظهار أن بري وحركته نأيا بنفسيهما عن السلطة الدينية في قم ليتماشى مع سلطة النجف".

وأوضحت "لوريون لو جور" أن الصحيفة الإماراتية ادعت أن "اللقاء سيكون أيضًا محاولة لإحياء التنافس بين العرب الشيعة، الذين تم تثبيت سلطتهم الدينية في النجف، وبين الشيعة في إيران الذين يخضعون لسلطة قم". مضيفة أنه "من خلال الاقتراب من الشيعة في عهد آية الله السيستاني، فإن رئيس مجلس النواب سوف ينأى بنفسه عن السلطة الدينية في إيران التي تعهّد حزب الله بالولاء إليها، وبالتالي يسعى بشكل غير مباشر إلى طمأنة الإدارة الأمريكية تجاه حقيقة الموقف وعلى ولائه الديني".

قربه من "حزب الله"

ورأى مراقبون، بحسب الصحيفة اللبنانية، أن السيستاني يمثل في هذه المرحلة رمزا للاعتدال الشيعي، في مواجهة النموذج المتشدد الذي يقدمه علي خامنئي، وأشاروا إلى صراع خفي بين المرجعين على توجيه المسار الشيعي في المنطقة.

وأكدت الصحيفة أن المصادر القريبة من "تحالف 8 آذار" -الذي يجمع عدة أحزاب لبنانية- يرفض هذا التفسير، ويرى أن هناك اختلافا دائما بين النهج الديني لبري و"حركة أمل" من جهة، ونهج "حزب الله" من جهة أخرى.

لفتت الصحيفة إلى أنه خلال وجود محمد حسين فضل الله، كان بري جزءًا من مدرسته الدينية التي لم تعترف، على سبيل المثال، بالسلطة المطلقة لولاية الفقيه، كما هو الحال في إيران.

وبينت مصادر الصحيفة أن هذا الاختلاف في الولاء الديني لم يمنع نبيه بري و"حركة أمل" من إقامة تحالف قوي وإستراتيجي مع "حزب الله"، لدرجة أن حسن نصر الله ورئيس مجلس النواب قد صرحا مرارًا بأن "أمل" و"حزب الله" هما روح في جسد واحد، منوهة بأنه لا ينبغي البحث عن صراعات غير موجودة، ولا يراهن على قطع العلاقات بين "أمل" و"حزب الله"، في أعقاب زيارة بري للعراق.

اختلافات أكثر خطورة

ووفقًا لنفس المصادر، قال التقرير إن نبيه بري وأتباعه لم يخفوا أبدًا أن معتقداتهم الدينية أقرب إلى المدرسة الشيعية في النجف من مدرسة قم، لكن هذه الاعتبارات ليس لها أي تأثير على العلاقات الاجتماعية والسياسية وغيرها.

وأكدت أنه في هذا الصدد، كانت هناك اختلافات أكثر خطورة، ومنها على سبيل المثال ما حدث خلال انتخاب الجنرال ميشال عون للرئاسة حيث كان يدعمه "حزب الله"، بينما فضلت "حركة أمل" ترشيح سليمان فرنجيه التابع لحزب تيار المردة.

ورغم ذلك، تقول المصادر، هذا الاختلاف الأساسي لم يؤد إلى احتكاك بين القواعد ذات الصلة في "أمل" و"حزب الله"، ولم يكن له تأثير على التحالف الإستراتيجي والسياسي بين الاثنين، مؤكدة أن هذا التحالف ناتج عن قناعة عميقة لدى المسؤولين في التشكيلين اللذين يعتبران أن هذا التوافق يصب في المصلحة المشتركة للمجتمع الشيعي، لذلك لا يمكن لتهديدات إعلامية أن تغير شيئا من هذا الواقع.

وساطة بين إيران والسعودية

وكشفت مصادر مقربة من "8 آذار" للصحيفة، أن رئيس مجلس النواب اللبناني لم يهدف من الذهاب إلى العراق، وزيارة النجف تحديدا، إيجاد مسافة بينه وبين "حزب الله"، بل خلال اجتماعاته مع الزعماء السياسيين والدينيين العراقيين، اقترح بري الوساطة العراقية بين إيران والسعودية بسبب الدور المهم لهذا البلد بين هذين الدولتين.

وأكدوا على أن بري لم يخف أبدًا رغبته في رؤية حوار بين طهران والرياض لصالح المسلمين والمنطقة بشكل عام، وأنه ذكر هذا الموضوع عدة مرات وشعر أن زيارته للعراق كانت فرصة مثالية لتطوير هذه الفكرة.

ولفتت "لوريون لوجور" إلى أنه في الوقت الذي كان فيه رئيس مجلس النواب في العراق، وصل وفد سعودي رفيع المستوى مكون من سبعة وزراء لتعزيز التعاون بين الرياض وبغداد، وجاء ذلك بعد أسابيع قليلة من زيارة هامة للرئيس الإيراني، حسن روحاني، للعاصمة العراقية.

وبحسب الصحيفة، تعتقد المصادر في "8 آذار" أن أولئك الذين يرون زيارة بري للعراق وسيلة للنأي بنفسه عن حزب الله ونفوذ إيران مخطؤون، وأنه على العكس من ذلك، رئيس مجلس النواب دعا إلى الحوار بين الرياض وطهران؛ لأنه مقتنع بأن التنافس بين إيران والسعودية أضر بالمسلمين عمومًا وفي العديد من بلدان المنطقة. وأنه حان الوقت لوقف هذا التنافس، أو على الأقل إجراء وساطة لتخفيف التوتر بين الدولتين اللتين تحظيان بثقل في المنطقة والعالم الإسلامي.

وختم التقرير بأن ذلك قد يكون ذلك مفيدًا لليمن، وأيضًا بالنسبة لسوريا، مما يؤكد السماح بالتقارب قبل توقفه بين دمشق وبعض دول الخليج. مشيرا إلى أنه بناءً على ذلك، فإن مبادرة نبيه بري ليست، وفقًا لمصادر "8 آذار"، تقاربًا مع العالم العربي على حساب إيران، ولكنها محاولة لبناء الجسور حيث يقوم الآخرون ببناء حواجز على الطرق.