في ذكرى يناير.. لماذا استحضر ثوار الربيع العربي رمزية الرئيس مرسي؟

أحمد يحيى | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

مع حلول الذكرى العاشرة لاندلاع ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011، التي أسقطت حكم الرئيس المصري الراحل حسني مبارك بعد 3 عقود من الاستبداد، تذكر رموز الربيع العربي نضال شعب مصر، خاصة الراحل محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب يحكم مصر.

في 17 يونيو/ حزيران 2019، توفي الرئيس مرسي أثناء محاكمته من قبل سلطات الانقلاب، تاركا ذكرى لا تنسى، وانتقلت السردية المتعلقة به من زعيم وقف في وجه الآلة العسكرية، إلى أيقونة صمود عالمية، تخلدها الأجيال.

وقبل أشهر من الذكرى العاشرة للثورة، تم تدشين مؤسسة "مرسي للديمقراطية" في 17 يونيو/ حزيران 2020، التي حملت على عاتقها شعار "مناصرة الحرية في العالم"، وإعلاء القيم التي حملها مرسي حتى الممات.

مؤتمر الثورة 

في 28 يناير/ كانون الثاني 2021، نظمت مؤسسة "مرسي للديمقراطية"، مؤتمرها بمناسبة 10 سنوات على انطلاق ثورة يناير، داعية خلاله إلى استكمال مسار الربيع العربي، ومواجهة الثورات المضادة التي أعادت القمع والفساد والاستبداد إلى المنطقة.

المنظمون شددوا على أن الرئيس مرسي كان "هو الثمرة الرئيسة لثورة يناير كأول رئيس مدني منتخب بعد 60 عاما من الحكم العسكري، وأن ثورات الربيع العربي لن تتوقف، مشيرين إلى الموجة الثانية التي انطلقت في الجزائر والسودان والعراق ولبنان، وأن الشعوب العربية لن تتوقف عن نضالها حتى تنال حريتها".

المؤتمر الذي أداره الكاتب الصحفي قطب العربي، حضره قادة سياسة وفكر من مختلف أنحاء العالم، على رأسهم الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي، ورئيس وزراء ماليزيا السابق مهاتير محمد، وكذلك الدكتور ياسين أقطاي مستشار رئيس حزب العدالة والتنمية التركي.

وحضر أيضا الدكتور علي القرة داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، والمهندس مراد العضايلة رئيس حزب جبهة العمل الإسلامي في الأردن، والدكتور عبد الرزاق مقري البرلماني الجزائري، والدكتور عبد الله العودة أستاذ الفكر الإسلامي السياسي بجامعة جورج واشنطن. 

رئيس الوزراء الماليزي السابق مهاتير محمد، أكد في كلمته أن "الرئيس مرسي أظهر للعالم كله نضاله تجاه القيم الإنسانية وعدم الخوف من العواقب ودفع الثمن، وأنه لم يتردد قط حتى عندما كانت هناك معارضة قوية ضد قيادته للبلاد وقف بحكمة وإخلاص وتمسك بالديمقراطية".

صرح للحريات

المنصف المرزوقي رئيس تونس الأسبق والرئيس الشرفي لمؤسسة "مرسي للديمقراطية"، قال في كلمته: "مؤسسة مرسي للديمقراطية، تحتاج بحق إلى كل الجهود والدعم من شعوبنا الحرة، خاصة أننا أخذنا على عاتقنا أن نكون منهم وبهم".

وأكد المرزوقي أن المؤسسة "سوف تكمل هياكلها لتكون في الذكرى الثانية لرحيل الشهيد مرسي صرحا جاهزا لتقديم العون لهذه الأمة الحرة وتلك الشعوب الثائرة بفضل الله ثم جهود المخلصين من أبناء هذا العالم الحر".

أما المحامي البريطاني توبي كيدمان فقال: "محاكمة الرئيس مرسي التي جرت بعد الانقلاب كانت باطلة وتفتقر إلى الشفافية والشرعية. وكانت معاملته الجسدية أسوأ بشكل واضح من محاكمته. ورفض السلطات السماح له بتلقي العلاج الطبي الذي يحتاجه كان أمرا مبيتا من السلطات لتزداد حالته الطبية سوءا".

وذكر كيدمان أن "مرسي تعرض للتعذيب والاهانات وعانى من ظروف احتجاز تفتقد للمعايير المحلية والدولية، ومن الواضح أن معاملته على يد السلطات أدت مباشرة إلى وفاته".

ودعا كيدمان عن طريق مؤسسة "مرسي للديمقراطية"، "الأمم المتحدة إلى بدء تحقيق كامل دون مزيد من التأخير كما دعا الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة والولايات المتحدة إلى "فرض عقوبات تجارية ودبلوماسية على النظام العسكري والتحقيق مع المسؤولين عن الانتهاكات المنهجية والمستمرة لحقوق الإنسان".

وتأسست مؤسسة "مرسي للديمقراطية"، يوم 17 يونيو/ حزيران 2020، بمناسبة الذكرى الأولى على رحيل الرئيس، بإشراف من أسرته وبالتعاون مع عدد من الرموز السياسية والإعلامية.

وكيدمان هو من أشرف على تأسيس المؤسسة كونه المستشار القانوني للعائلة، الذي أعلن حينها أن مؤسسة "مرسي للديمقراطية" تعد تخليدا لذكرى الرئيس الراحل واستكمالا لمسيرته في الدفاع عن قيم العدالة.

وكيدمان هو أيضا عضو رئيس في المحكمة الجنائية الدولية، وخبير في القانون الدولي بمجال جرائم الحرب وحقوق الإنسان والإرهاب وتسليم المجرمين، وهو عضو الفريق القانوني المعني بضحايا مذبحة سربرنيتسا بالبوسنة والهرسك، الذين نجحوا في إدانة مجرمي الحرب أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي.

رمزية الرئيس

ظهر اسم الرئيس مرسي، منذ سنوات وتحديدا في مطالع الألفية الثالثة، عندما أصبح عضوا برلمانيا معارضا عن جماعة الإخوان المسلمين، وبعد ثورة 25 يناير، شارك في تأسيس حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسي لجماعة الإخوان.

كما شارك الراحل مرسي كذلك في تأسيس "التحالف الديمقراطي"، الذي ضم أحزابا عدة، لينتخبه لاحقا مجلس شورى الجماعة في 30 أبريل/ نيسان 2011، رئيسا للحزب، بجانب عصام العريان نائبا له، ومحمد سعد الكتاتني كأمين عام للحزب.

وفي يوم الأحد الموافق 24 يونيو/ حزيران 2012، أعلنت لجنة الانتخابات فوز محمد مرسي، في أول انتخابات رئاسية بعد الثورة، ليصبح بذلك أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا في مصر، وخامس رئيس لها.

وفي 29 يونيو/ حزيران 2012، أدى مرسي اليمين أمام الحشود في ميدان التحرير بوسط القاهرة على نحو رمزي، مؤكدا أن إرادة الشعب هي مصدر السلطة ولا سلطة أو مؤسسة فوق هذه السلطة، ومثّلت هذه الخطوة الاعتبارية في بداية مسيرته، مدى ارتباطه بالميدان الذي انطلقت منه شرارة الثورة.

وفي 3 يوليو/ تموز 2013، أطاح وزير الدفاع آنذاك عبد الفتاح السيسي، بالرئيس مرسي، في انقلاب عسكري كامل الأركان، وزجّ بالرئيس في السجن ليظهر بعدها في محاكمات صورية وتهم ملفقة أمام قضاة تابعين للعسكر.

وفي 17 يونيو/ حزيران 2019، ختم الرئيس مرسي حياته داخل المحكمة،  وهو يلقي بيتا من الشعر: "بلادي وإن جارت علي عزيزة وأهلي وإن ضنوا علي كرام".

ومن كلمات مرسي الخالدة: "ليعلم أبناؤنا أن آباءهم وأجدادهم كانوا رجالاً، لا يقبلون الضيم ولا ينزلون أبداً على رأي الفسدة ولا يعطون الدنية أبداً من وطنهم أو شرعيتهم أو دينهم".

الحكم الرشيد

المفكر والأكاديمي المصري الدكتور عطية عدلان يرى أن الانقلاب العسكري الغاشم لم يكن انقلابا على رئيس منتخب ديمقراطيا وحسب، وإنما كان انقلابا على كل مكتسبات الثورة وجميع قيم المجتمع.

وقال عدلان في حديثه مع "الاستقلال": "يعد الرئيس محمد مرسي رحمه الله رحمة واسعة رمزا من رموز الحكم العادل الرشيد الذي ينبغي أن تقتدي به وتقتفي أثره كل الديمقراطيات في العالم، ذلك لأنه كان يمثل أعلى وأنبل القيم التي تبتغيها الديمقراطية في خطابها النظري القيمي".

وأضاف المفكر المصري: أن "محمد مرسي هو شهيد العدل والحرية والحكم الرشيد، لم يعرف الظلم والاستبداد سبيلا إلى حكمه ولا إلى نفسه التواقة للخير، فهو جدير بأن يعده العالم رمزا مثاليا للحاكم العادل الذي يحب شعبه ويتواضع له ويتق الله فيه".

وأضاف: "من العيب الكبير على مستوى العلم والسياسة أن يتجاهل العالم هذا الرمز الكبير ويتجاوزوه، وعلى المستوى الثوري فلا جدال في أن مرسي يعد أعلى مكتسب للثورة".

وتابع: "لا يمكن المرور بذكرى يناير دون التعرض للرئيس مرسي الذي كان قبل الثورة من أعظم رموز التغيير والعمل الثوري وكان من بعدها أكبر مكتسب لها".

وختم المفكر المصري حديثه بالقول: "سوف يسجل التاريخ يوما أن مصر لم يحكمها في الواقع المعاصر رئيس له شرعية إلا واحدا فقط هو الرئيس محمد مرسي، وسوف يسجل التاريخ في صفحاته أنه لم يحكم مصر الحديثة أعدل ولا أقوم منه".