لعبة أم استجابة؟.. جدل بشأن تجميد واشنطن صفقات سلاح للسعودية والإمارات

12

طباعة

مشاركة

خلال حملته الانتخابية تعهد الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن، بمنع استخدام الأسلحة الأميركية في العمليات العسكرية في اليمن التي يشنها التحالف السعودي الإماراتي، ليتخذ أول خطوة بشأن ذلك في أسبوعه الأول بالبيت الأبيض.

وجمدت إدارة بايدن في 27 يناير/كانون الثاني، بشكل مؤقت، مبيعات الأسلحة للبلدين الخليجيين الحليفين لأميركا، معلنة مراجعتها صفقات أسلحة بقيمة مليارات الدولارات وافق عليها الرئيس السابق دونالد ترامب.

وتشمل الصفقات بيع ذخائر دقيقة التوجيه إلى الرياض بالإضافة إلى مقاتلات من طراز "إف- 35" إلى أبو ظبي وهي الصفقة التي وافقت عليها واشنطن كجزء من اتفاقيات أبراهان، وأقامت الإمارات بموجبها علاقات دبلوماسية مع إسرائيل.

القرار الأميركي سربته الصحف وأكده مسؤولين بوزارة الخارجية، وتباينت ردود فعل الناشطين على تويتر عليه، إذ اعتبره فريق خطوة نحو تغيير موازين القوى في الحروب التي تخوضها الدول الخليجية، فيما رآه آخرون مجرد تعليق مؤقت للمراجعة وسيتبعه مزيد من "حلب الأموال الخليجية".

ونقلت وكالة فرانس برس، عن مسؤول في الخارجية الأميركية، قوله إن تعليق الإدارة الأميركية لبيع الأسلحة إجراء روتيني إداري تتخذه غالبية" الإدارات الجديدة، لكي تلبي عمليات بيع الأسلحة التي تقوم بها الولايات المتحدة أهدافها الإستراتيجية.

لكن تحدث ناشطون عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية، عن خسران الإمارات لرهانها على السلاح الأميركي مقابل التطبيع، مشيرين إلى أن النظام الإماراتي لم يكسب سوى الإحراج أمام العالم العربي والإسلامي والمناصريين للقضية الفلسطينية.

السفير الإماراتي في واشنطن يوسف العتيبة، عقب على تجميد الصفقة التي أبرمتها أبو ظبي مع ترامب في آخر أيامه، قائلاً إن الأسلحة الأميركية تمكّن الإمارات من تحمل المزيد من العبء الإقليمي للأمن الجماعي، وتحرير الأصول العسكرية الأميركية لتحديات عالمية أخرى.

وكانت منظمة حقوقية في بريطانيا قد دعت بايدن إلى إلغاء صفقة الأسلحة التي أُبرمت نهاية ولاية ترامب لأنها تشجع النظام الإماراتي لارتكاب مزيدا من الجرائم في المنطقة العربية التي شهدت في السنوات الأخيرة كوارث إنسانية بفعل استخدام أسلحة تستوردها أبوظبي من أميركا ودول أخرى. 

وتقود السعودية والإمارات منذ مارس/أذار 2015 تحالفا يشن عمليات عسكرية مكثفة في اليمن دعما للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا برئاسة عبد ربه منصور هادي، والتي تحارب قوات الحوثيين المدعومين من إيران.

وما زالت الإمارات تقدم الدعم المالي والتقني والسياسي لجنرال الانقلاب العسكري في ليبيا خليفة حفتر، الذي يقود مليشيا غير شرعية، منذ عام 2014، وتساند حملته للسيطرة على العاصمة طرابلس. 

كما تخرق الإمارات حظر مجلس الأمن الدولي تصدير السلاح إلى ليبيا، بدعمها لحفتر بأسلحة ثقيلة وإستراتيجية، للإطاحة بالحكومة الليبية، المعترف بها دوليًا، وتساند حكومة بشار الأسد دبلوماسياً في حربه على الشعب السوري.

حفاوة بالقرار

وأثنى ناشطون على القرار الأميركي وتحدثوا عن تداعياته، معربين عن تفاؤلهم بالإدارة الأميركية الجديدة، واستجابتها للمطالبات الحقوقية بشأن إيقاف الأسلحة، خلافاً لما فعلته إدارة ترامب التي عطلت قرارات الكونغرس الأميركي أكثر من مرة بشأن وقف تصدير السلاح للخليج.

المحامي محمود رفعت، رأى أن قرار التجميد الأميركي لصفقات السلاح خطوة من شأنها قلب موازين حرب اليمن جذرياً ويعري الرياض وأبوظبي تماما أمام إيران بترسانة أسلحتها المتنامية.

ووصف الأمين العام لحزب التجمع الوطني السعودي المعارض، يحيى عسيري، الخطوة بالخطوة الجيدة، لأن بدون السلاح الأميركي والبريطاني لن يستمر قصف الرياض للأبرياء، ناصحاً اليمنيين بالعودة إلى الحوار للاتجاه للسلم والخيار الديموقراطي بعيدًا عن السعودية والإمارات وإيران.

وأكد القيادي العسكري الليبي، سليم قشوط، أن هذه الخطوة من شأنها قلب موازين الحرب في ليبيا واليمن وسوريا جذريا.

فيما أكد الكاتب والصحفي اليمني عباس الضالعي، أن الخطوة "ستحمي المدنيين في اليمن"، متأملا أن تحذو باقي الدول التي تبيع أسلحة لأنظمة الإرهاب العالمي السعودية والإمارات نفس الخطوة.

وتساءل المغرد عبدالله كمال: هل هذا بداية الكابوس على ولي العهد محمد بن سلمان بعد أفول إدارة ترامب واستلام بايدن الإدارة؟.

وقالت الأكاديمية فاطمة الوحش: "يبدو أن بايدن يسعى لتحقيق وعوده الانتخابية".

سواد الوجه

وأعرب ناشطون عن شماتتهم في النظام الإماراتي أحد أوثق حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط الذي وقع رسمياً اتفاق التطبيع مع إسرائيل في سبتمبر/أيلول 2020، مقابل وعود جانبية من إدارة ترامب بالحصول على فرصة شراء الطائرات المقاتلة إف 35.

 ووقعت الإمارات على صفقة شراء 50 طائرة بالإضافة 18 طائرة مسيرة مسلحة، قبل أيام قليلة من تولي بايدن.

وطائرات إف 35 مكون كبير في صفقة حجمها 23 مليار دولار لبيع أسلحة عالية التقنية من إنتاج جنرال أتوميكس ولوكهيد مارتن ورايثيون تكنولوجيز كورب، للإمارات التي اقترحت استلامها في 2027.

واستنكر الناشط الإماراتي حمد الشامسي، دفاع يوسف العتيبة عن صفقة الطائرات الأميركية التي علقتها إدارة بايدن والتي كانت أحد أسباب التطبيع المعلن، قائلاً: "إن المسؤولين في الإمارات يظنون أن لهم الحق في الوصاية على المنطقة ولو بمنطق القوة".

وسخر الناشط الحقوقي الإماراتي عبدالله الطويل، متسائلاً: "أسد الإمارات كيف وضعه الآن!" - في إشارة إلى موقف ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد بعد تعليق واشنطن صفقة بيع المقاتلات-.

وقال الباحث في شؤون الخليج السياسية فهد الغفيلي، خدعوهم عندما قالوا لهم طبّعوا وسنعطيكم إف-35، لم يكسبوا من التطبيع إلا سواد الوجه.

وأضاف أن الإمارات أرادت أن تكون "شرطياً لأميركا وإسرائيل" في المنطقة، ولكن يبدو أن نظرتهم لها تقول "هي أصغر من أن تكون خادمةً لنا".

وأكد الصحفي السعودي المعارض تركي الشلهوب، أن الأمر واضح منذ البداية، إسرائيل لن تسمح لأي دولة في المنطقة بامتلاك أسلحة مماثلة لأسلحتها، صحيح أن الإمارات هي إسرائيل الخليج، ولكن ذلك بالممارسات والأساليب وليس بالمكانة بالنسبة لأميركا.

تشكيك بالقرار

في المقابل شكك ناشطون في أهداف أميركا الحقيقة من وراء تعليق صفقات بيع الأسلحة لدول الخليج.

ورأى الإعلامي اليمني نجيب الاشموري، أن التعليق يأتي للتفاوض على سعر أفضل كما يبدو أنهم أكثر ذكاء من ترامب الذي كان يعقد الصفقات أمام شاشات التلفزة.

وقال آخر إن الهدف من الخطوة هو إعطاء فرصة للحوثيين وإيران لالتقاط أنفاسهم وتقوية موقفهم لإطالة الحرب والتكسب منها والعودة إلى بيع السلاح.

ورفض فارس أباالخيل، المبالغة في تضخيم قدرة الإدارة الأميركية الجديدة بالضغط على الرياض، قائلاً إن أميركا دولة، ولديها خبره تراكمية كبيرة في التعامل مع دول المنطقة وأهمها السعودية، ولا يمكن أن ترهن مصالحها وأهدافها في المنطقه بالشكل الذي يصوره البعض.

وأضاف أنها تضغط أحيانا وربما تطالب بأكثر مما تعي أنها تستطيع الحصول عليه للتفاوض فيما بعد، وهذه هي اللعبة السياسية، وفق تعبيره.

ورأى دينيس روس المبعوث الأميركي الأسبق للشرق الأوسط ومستشار معهد واشنطن للدراسات أن المراجعة لم تكن مفاجئة بل هي نموذجية للإدارة الجديدة.

وقال إن إدارة بايدن كانت حريصة على إظهار "أنها تأخذ مبيعات الأسلحة المتقدمة على محمل الجد وتريد النظر في الآثار المترتبة على هذه المبيعات، خاصة في مكان مثل الشرق الأوسط"، وفق ما نقلت عنه نيويورك تايمز في 27 يناير/كانون الثاني 2021.

لكن توقع روس أن تعطي الإدارة الضوء الأخضر في نهاية المطاف للاتفاق مع الإمارات، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن بايدن أيد الاتفاق الدبلوماسي (التطبيع) مع إسرائيل الذي كانت صفقة الطائرات مرتبطة به.