احتجاجات متصاعدة.. من وراء توتر الأوضاع في الشارع التونسي؟

12

طباعة

مشاركة

عادت الاحتجاجات إلى تونس ضد تواصل تردي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، بعد مرور عشر سنوات على اندلاع ثورة الياسمين في 2011.

ومنذ منتصف يناير/كانون الثاني 2021، تخرج تظاهرات في مدن تونسية عديدة للمطالبة بسياسة اجتماعية أكثر عدلاً وبإطلاق سراح مئات المحتجين الذين اعتقلتهم الشرطة خلال الاحتجاجات. 

في هذا السياق، تطرق موقع ''إنسايد أوفر'' الإيطالي إلى الأطراف التي تقف وراء تأجيج الاحتجاجات، متطرقا إلى السيناريوهات المحتملة سياسيا بالإضافة إلى تداعيات الوضع على المستوى الخارجي. 

وقال الموقع إن "تونس تعيش أوضاعا صعبة بعد مرور عقد على اندلاع ثورة الياسمين، الأمر الذي من شأنه أن يتسبب في عواقب سلبية محتملة أيضًا على إيطاليا من ناحية الهجرة".  

وأضاف أن تفشي وباء كوفيد 19 (كورونا) يعيد خلق نفس الظروف التي أدت إلى اندلاع الربيع العربي. لذلك فإن انتشار البطالة وحالة التوتر الاجتماعي والإجراءات التقييدية ليست سوى حلقات متكررة. 

من المستفيد؟ 

ألمح الموقع الإيطالي إلى أنه من المثير للاهتمام مشاهدة مئات الشباب التونسيين، الذين كانوا قبل عشر سنوات مجرد أطفال، ينهبون المتاجر الكبرى ويخربون المحلات. من جانبها، لا تزال السلطات قادرة على احتواء ما تبدو - في الوقت الحالي - أنها اضطرابات غير منظمة. 

واستدرك قائلا إن "الانطباع السائد أن هناك من له مصلحة في إثارة الاحتجاجات لإحراج تحالف الأغلبية البرلمانية بقيادة حزب النهضة الإسلامي سواء داخل البلاد وخارجها.  

وفي هذا الصدد، أشار إلى أن  المحور المتكون من الإمارات والسعودية ومصر لم يخف كراهيته للتجربة الديمقراطية التونسية. 

ويتوقع أن أنصار النظام السابق بقيادة الحزب الدستوري الحر (الذي يحظى بتأييد كبير في الخليج) سيحصلون على أكثر الأصوات بفارق كبير إذا ما سقطت الحكومة الحالية وأجريت انتخابات مبكرة. 

وفي حديثه للموقع الإيطالي، بيّن أومبرتو بروفازيو، زميل مشارك في المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية ومحلل وخبير بالشأن المغاربي بمؤسسة كلية الدفاع بحلف شمال الأطلسي، أن "وسائل الإعلام الخليجية تنفخ في نار الوضع في تونس".

لكني لا أعلم مدى قدرة أبو ظبي أو الرياض على الوقوف أمام الولايات المتحدة في بلد استثمرت فيه واشنطن الكثير في السنوات الأخيرة، وفق بروفازيو.

وأضاف الخبير أنه "من ناحية أخرى، قد يمثل هذا أول اختبار مهم للإدارة الأميركية الجديدة، بقيادة جو بايدن سيفهم من خلاله أي اتجاه تنوي اتخاذه في المنطقة". 

وأوضح أنه "من المرجح أن بايدن يريد حماية التجربة الديمقراطية الوحيدة التي نجت من أحداث الربيع العربي، رغم أنها تشكو أزمات متواصلة على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي".

في نفس سياق الأزمات، أكد "إنسايد أوفر" أن خطر عدم الاستقرار لا يتعلق بتونس فقط وإنما يهدد شمال إفريقيا بأكمله، مشيرا إلى أنه ''باستثناء مصر، الدولة الوحيدة في المنطقة التي شهدت نموًا اقتصاديًا في عام 2020، ضرب وباء كوفيد 19 جميع بلدان المنطقة بشدة''، بحسب قوله.  

وذكر في هذا الصدد، أن المغرب سجل تراجعا كبيرا في عائدات السياحة، وبدورها عانت الجزائر من انخفاض حاد في أسعار النفط والغاز الذي يعتمد عليه الاقتصاد بأكمله. وفي ليبيا، التي مزقتها الصراعات، قد تندلع ثورة خبز جديدة بسبب انخفاض قيمة الدينار ونقص الدقيق.

وأعلن رئيس الوزراء التونسي هشام المشيشي مؤخرًا عن إجراء تعديلاً حكوميًا واسعا سيشمل 11 وزارة، وذلك بتغيير وزراء مقربين من رئيس الدولة قيس سعيد، بوزراء تكنوقراط مقربين من رئيس الحكومة نفسه، وحزبي حركة النهضة وقلب تونس، وفق الموقع الإيطالي. 

حدث ذلك بالفعل في 26 يناير/كانون الثاني، إذ صادق مجلس نواب الشعب التونسي (البرلمان)، على التعديل الوزاري في حكومة المشيشي، بالأغلبية المطلقة, إثر جلسة عامة تواصلت أشغالها على امتداد أكثر من عشر ساعات.

غياب القادة 

بحسب الصحفي والمحلل السياسي التونسي، سفيان بن فرحات، تمر تونس بأزمة تضع جهاز الدولة ما بعد الثورة بأكمله موضع تساؤل في إشارة إلى وجود أزمة شرعية تكافح الطبقة السياسية للتعامل معها بسبب غياب القادة الكاريزماتيين. 

وأضاف الصحفي التونسي أن "رئيس الجمهورية يتحدث عن مؤامرات لكنه في نفس الوقت لا ينتمي إلى أي حزب ولا إمكانية له لتوجيه الحكومة".

 وبدورها تعاني الطبقة السياسية من أزمة، لدرجة أننا نتحدث عن حزبقراطية (تحزب مع ديمقراطية) كما كان يحدث في إيطاليا سابقا، وفق وصفه.

وتابع بالقول أن "الوضع في تونس يشبه إلى حد كبير ما يجري في لبنان:  لدينا ثلاث رئاسات مفككة وأزمة هيكلية إلى جانب سخط شعبي متواصل على إثر القيام بثورة أكسبتنا بعد عشر سنوات حرية الصحافة والتعبير ولكنها باءت بالفشل على المستوى الاقتصادي والاجتماعي".

وفي تطرقه إلى تداعيات الوضع التونسي على الجار الإيطالي، أكد الموقع أن الأولوية بالنسبة لروما تتمثل في تجنب حدوث فراغ في السلطة يمكن أن يؤدي إلى زيادة أخرى في تدفقات الهجرة.

 لذلك يحتاج الطرف الإيطالي إلى التباحث مع حكومة تونسية متماسكة وموحدة قادرة على اتخاذ قرارات سريعة. 

ويقول الموقع الإيطالي: "تشارك حركة النهضة ذات التوجه الإسلامي بقوة في الحكم وعلى الرغم من أنها تدعي استقلاليتها، إلا أنها ترتبط بحزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا"، وفق تعبيره. 

وأشار إلى أن تونس توصلت بفضل هذه العلاقات في ديسمبر/كانون الأول 2020 إلى اتفاق لشراء ثلاث طائرات بدون طيار من طراز العنقاء من الشركة التركية لصناعات الفضاء (تاي). 

ويوضح تقرير صادر عن كلية الدفاع في حلف شمال الأطلسي أن الصفقة، التي بلغت قيمتها 80 مليون دولار، تشمل أيضًا ثلاث محطات أرضية وتدريب 52 طيارًا من القوات الجوية التونسية في تركيا. 

من جهته، شدد الخبير الإيطالي أومبرتو بروفازيو، أن الصفقة "من شأنها أن تخلق مزيدًا من الخلافات في تونس وتزيد من الصعوبات القائمة بين الرئيس ورئيس الوزراء". لذلك إذا سقطت حكومة تونس، فستخسر تركيا أيضًا، يختم الموقع الإيطالي.