هاجمها سابقا.. ناشطون يفسرون تغير نبرة السيسي في حديثه عن ثورة يناير

12

طباعة

مشاركة

لم يتوان رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي، منذ تسلمه رئاسة مصر رسميا في يوليو/تموز 2014، والإعلام الموالي له، عن مهاجمة ثورة يناير/كانون الثاني 2011 التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك، وتشويهها والتنكيل بقادتها واعتقال شبابها وملاحقتهم.

ولم يترك السيسي، الذي كان يشغل منصب مدير المخابرات الحربية، إضافة إلى عضويته في المجلس العسكري، إبان ثورة 2011، مناسبة إلا ووصمها وانتقدها، رغم وصوله للسلطة بمدحها وتمجيدها، خلال لقائه مع ناشطين.

وبعدما تمكن من السلطة بركوب موجة الثورة والعزف على وترها، تبدلت تصريحاته وبرزت عباراته الاستفزازية لثوار يناير، إذ شدد في 2020 على أن هدف ثورتهم كان تدمير الدولة وليس التغيير، وفي 2019 وصفها بالمؤامرة لإضعاف قدرة الدولة الوطنية.

كما حمّل فشله في إنهاء أزمة سد النهضة الإثيوبي على ثورة يناير، قائلا: "خلال الثورة مصر كشفت ظهرها وعرت كتفها، ولولاها لكنا عقدنا اتفاقا حول السد، وتوافقنا على الاشتراطات الخاصة بملء السد بمنتهى السهولة". 

وفي 2018 قال السيسي: إن "ثورة 2011 علاج خاطئ لتشخيص خاطئ"، فيما وصفها في 2017 بـ"أحداث 2011"، قائلا: إن "الأحداث منذ 2011 سبّبت لمصر آلاما كبيرة.. وكان الهدف منها تفريق وحدة المصريين"، بينما زعم في 2016 أن ما يطلق عليها ثورة 30 يونيو (انقلاب) "جاءت لتصحيح مسار 25 يناير".

وفي ذكراها العاشرة، عاد مجددا لسيرته الأولى بالقفز على الثورة مرة أخرى، قائلا خلال احتفال وزارة الداخلية بعيد الشرطة، الإثنين، إن "ثورة 25 يناير 2011 قادها شباب مخلصون متطلعون لمستقبل وواقع أفضل".

كلمات قائد الانقلاب العسكري المقتضبة جدا عن ثورة يناير وصمت إعلامه عن الحديث عنها، أثار غضب ناشطين على تويتر، ودفعهم للربط بين تهدئة خطابة هذا العام وتجنبه مهاجمة الثورة والثوار وبين تطورات الأحداث عالميا ورحيل الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب أبرز حلفائه والذي كان يصف السيسي بـ"ديكتاتوره المفضل"، وتولي جو بايدن رئاسة أميركا.

وندد ناشطون عبر مشاركتهم في وسوم عدة تحيى ذكرى ثورة يناير 2011، أبرزها #عقد_على_الربيع، #ثورة_شعب، #يناير_أمل_يتجدد، وغيرها بحديث السيسي عن الشباب، مستنكرين حالة الإنكار الشديدة للثورة من جانب الإعلام وتركيزهم على احتفالات الشرطة.

وطالبوه بإخراج المخلصيين المتطلعيين لمستقبل وواقع أفضل من المعتقلات، والذين أفادت منظمات حقوقية دولية، في تقارير سابقة، أن أعدادهم تصل إلى 60 ألف معتقل.

رضا بايدن

الناشطون ذكروا السيسي بتصريحاته السابقة التي هاجم فيها ثورة يناير، وقارنوها بتصريحاته الأخيرة التي تحدث فيها عن دور الشباب، والتي جاءت عقب أيام من تنصيب بايدن رسميا رئيسا لأميركا، ملمحين إلى ارتباك السيسي وتوتره وخشيته من موجة جديدة للثورة.

المراقبون أشاروا أيضا إلى أن خطاب السيسي يأتي وسط تصاعد الحديث عن أن ثورة يناير 2011 قابلة للتكرار، ما دفعه لتغيير نبرته عن الثورة والثوار. 

وكانت مجلة "فورين بوليسي" الأميركية، قد أكدت أن الحكام الديكتاتوريين، مثل السيسي يشعرون بالقلق بخصوص المستقبل مع بايدن الذي أكد أهمية الديمقراطية، والتي تتعارض مع الاستبداد والقمع الذي تعيشه بعض الدول منها مصر.

وقالت إن "السيسي يعتمد على أساليب غير ديمقراطية ولا يحترم حقوق الإنسان وعلى مدى السنوات الأربع الماضية تعرض ناشطي حقوق الإنسان في مصر إلى أسوأ معاملة وغيبت حقوقهم".

بدوره، أشار المستشار وليد شرابي، إلى قول السيسي أيام ترامب إن "ثورة يناير مؤامرة ضد الجيش والشرطة"، وتغيير رأيه اليوم في عهد بايدن إلى أن "ثورة يناير قادها شباب مخلصون متطلعون لمستقبل أفضل لوطنهم ".

ورأى في تغريده أن "السيسي يفقد أعصابه، وبدأ يبحث عن أي كلمات قد يرضى بها عنه بايدن"، ساخراً بالقول: "إهدا شوية علشان لسه اللعب ما ابتداش".

 

وقال رئيس تحرير صحيفة المصريون جمال سلطان: إن "السيسي نشر كلمته للشعب، حوالي 50 سطرا تهنئة للشرطة، منها سطر ونصف فقط إشارة لثورة يناير، تشعر أنها خارجة من تحت ضرسه، بينما إعلامه الرسمي بالكامل، تجاهل ثوره 25 يناير تماما، لم يأت على أي ذكر لها، السيسي مرتبك، وحائر، وثورة يناير ما زالت تمثل صداعا وقلقا للنظام بكامله".  ورأى المغرد آدام أن "تغيير السيسي لرأيه عن 25 يناير وتسميتها باسمها الحقيقي ثورة، يرجع لإعلان الكونغرس الأميركي عن تشكيل لجنة لمتابعة حقوق الإنسان في مصر بمناسبة الذكرى العاشرة لثورة يناير، مشيرين إلى أن الثورة التي ألهمت آمال الشعب في تقرير مصيره وحريته، وأن قمع السيسي غير مسبوق وانتهاكه لحقوق الإنسان مروع".

ظروف غير إنسانية

وصب ناشطون غضبهم على رئيس الانقلاب المصري، منددين بقمعه وتنكيله بالشباب والزج بهم في المعتقلات والسجون وتوجيه القضاء لإصدار أحكام إعدام بالجملة بتهم كيدية، وطالبوه بالإفراج عن المعتقلين أولاً ثم الحديث عن تطلعاتهم وأحلامهم التي قتلها.

وبحسب منظمة العفو الدولية، فإن الناشطين المعتقلين بالسجون المصرية يعانون من ظروف اعتقال قاسية، ومحرومون عمدا من الرعاية الصحية كنوع من العقاب لهم على مشاركتهم في ثورة 25 يناير.

وأكدت المنظمة أن "مسؤولي السجون في مصر يعرِّضون سجناء الرأي وغيرهم من المحتجزين بدواع سياسية للتعذيب وظروف احتجاز قاسية وغير إنسانية، ويحرمونهم من الرعاية الصحية عقابا على معارضتهم". 

وتشير تقديرات إلى أن العدد يبلغ حوالي 114 ألف سجين، أي ما يزيد عن ضعف القدرة الاستيعابية للسجون والتي قدّرها السيسي في ديسمبر/كانون الأول 2020، بـ55 ألف سجين.

وتهكم المغرد الهادي شوشان على تصريح السيسي ورآه استهزأ بثورة يناير، مخاطبه بالقول: "لذلك قمت بأكبر مجزرة في التاريخ المعاصر والبقية رميتهم في غياهب السجون".

وقال الكاتب ماهر اليوسفي: إن "ثورة 25 يناير انقلب عليها جنرال خسيس، وغدر بأحلام المصريين، واعتقل شبابها المخلصين"، مستطرداً: "قولوا للسيسي على الأقل اخجل وأطلق سراح سجناء الرأي والسياسيين الذين شاركوا بالثورة.. العمى بقلبه على البجاحة والوقاحة.. هتركب الموجة يا سيسي". وأعاد المغرد محمد فكري نشر تصريح السيسي، معقبا بالقول: "النفاق والكذب في أوضح صوره.. السيسى اعتقل وقتل شباب ثورة 25 يناير والنهاردة يقول عليهم أنهم مخلصون ومتطلعون لمستقبل وواقع أفضل"، مضيفا: "أقسم بالله أنا عمري في حياتي ما شوفت إنسان في وقاحتك وقذارتك يا سيسي". وسخر المغرد عطية المصري، من قول السيسي إن ثورة يناير قادها شباب مخلصون متطلعون لمستقبل وواقع أفضل، قائلاً: "مش دول الشباب المخلص المعتقلين؟ وكنت بتقول عليهم متآمرين؟..  صح بس هانكر".

تزوير الإعلام

وهاجم ناشطون تجاهل الإعلام المصري التابع للسيسي لثورة يناير، مستنكرين حديثهم عن عيد الشرطة التي قامت ثورة يناير2011 بالأساس ضد ممارساتهم.

ونقل الإعلامي أيمن عزام عن السيسي قوله إن "ثورة 25 يناير قادها شباب مخلصون يتطلعون لمستقبل أفضل"، مشيرا إلى ما ينقل عن السيسي في إعلامه وما يقوله في كل خطاباته أن "ما حدث في 25 يناير فوضى وخراب كان سيلحق بالبلاد".

واعتبر عزام أن "السيسي كذاب أشر والواقع أصدق أنباء وأقوم قيلا، فشباب يناير كلهم في السجون أو قضوا شهداء أو مطاردون أو منفيون".

ورأى المغرد ميدو عيسى أن "قمه البجاحة أن الإعلام كله يبقي بيحتفلوا بعيد الشرطة والشرطة قتلت شهداء الثورة"، قائلا: "مش عيد الشرطة دا عيد الثورة ورحم الله شهداء 25 يناير". واستنكرت المغردة رانيا منصور، "تزوير الإعلام المصرى لتاريخ ثورة يناير ومحاولات تشويهها بطريقة فاجرة، رغم أن الشهود عليها لازالوا على قيد الحياة"، وأضافت أن "الإعلام المصري غلب كل مزوري التاريخ".

ودعت قائلة: "ربنا يوعدنا بمؤرخ عنده ضمير يكتب بأمانة عن أعظم ثورة قام بها المصريون ويبقى فى فصل بحاله عن قذارة الإعلام المصري".

وقالت الأكاديمية والاستشارية الدولية، ماجدة غنيم: "نفترض جدلا أن أحداث يناير كانت مؤامرة وشيء سلبي جدا، هل ممكن يوم مرور السنين على أحداث بهذا القدر من الأهمية يتجاهلها الإعلام كأن لم تكن".

كابوس الفاسدين

وتحدث ناشطون عن "ثورة يناير ستظل تلاحق الفاسدين"، إذ أكد الرسام أحمد عز العرب أن "الثورة مازالت حتى الآن حلم الملايين وكابوس الفاسدين المستبدين".

وأشار مغرد آخر، إلى صك حكومة السيسي عملة الجنيه بشعار لإحياء الذكرى 69 لعيد الشرطة، قائلاً إنهم يريدون اغتيال كل ما يمت للثورة بصلة.. لساها ثورة كابوس مزعج للانقلاب". وقال مغرد بحساب "ربعاوي": إن "25 يناير سيظل يوم للثورة، والنظام لم ولن ينسى ذلك اليوم وسيظل كابوسا يطارده في صحوه ونومه، مهما ادعوا تجاهله، واعتبروه عيدا لعصي النظام الغليظة"، مؤكدا أن "هذا اليوم  ارتبط في ذاكرة التاريخ وكل الشعوب التواقة للحرية