"أسبرطة الصغيرة".. هل تتجه الإمارات نحو القطيعة مع السعودية وأميركا؟

قسم الترجمة - الاستقلال | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

أكد موقع إيطالي أن تدخل الإمارات، التي باتت تمتلك أقوى جيش بالشرق الأوسط، في النزاعات التي اندلعت في المنطقة في أعقاب الربيع العربي "أدّى إلى إطالة أمدها".

ولفت موقع "معهد تحليل العلاقات الدولية" إلى أن "وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس قد أطلق عام 2018، على الإمارات اسم أسبرطة الصغيرة"، في إشارة إلى "دولة صغيرة تلعب دورا أكبر من حجمها".

ويعود ذلك بحسب الموقع إلى "تكثيف الاستثمار العسكري وقيامها بالعديد من العمليات الخارجية طيلة عقود، بدءا من البلقان أثناء التسعينيات، والصومال عام 1992، إلى أفغانستان عام 2003، ومؤخرا في سوريا وليبيا واليمن". 

فضلا عن استفادتها من دعم حلفائها التقليديين، الولايات المتحدة والسعودية، لكن هناك مؤشرات تؤكد أنه قد يحدث على المدى الطويل نفور بين مصالح الطرفين، يتكهن الموقع الإيطالي.

وتضم القوات المسلحة الإماراتية حاليا، قرابة 63 ألف فرد في الخدمة، دون احتساب مجموعات المرتزقة المنتشرة في أنحاء اليمن وليبيا، وتعد قوات الحرس الرئاسي والقوات الجوية الأفضل استعدادا، كما أنها تحظى بدعم أكثر الضباط الأميركيين خبرة.

ضد الشرعية

واعتبر الموقع أن "اندلاع ثورات الربيع العربي كان بمثابة الحافز المهم لنمو القدرات العسكرية الإماراتية، لا سيما وأن أبو ظبي شرعت في القيام بعمليات عسكرية جديدة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لمواجهة صعود الحركات السياسية الإسلامية معتمدة على دعم دول خليجية تقليدية وتجنيد مرتزقة من مناطق مختلفة". 

وفي هذا السياق، صنفت أبو ظبي قوى المعارضة ذات التوجه الإسلامي، التي قادت التغيير السياسي المؤسسي وحلت محل الأنظمة الديكتاتورية العربية التي حكمت لعقود، على أنها "منظمات إرهابية".

وذكر في نفس الإطار، قيامها عام 2014 بحظر جماعة "الإصلاح" الإسلامية المحلية، المتهمة بالتحريض على التمرد المسلح ضد الدولة، بالإضافة إلى ذلك، أقرت في نفس العام، قانونا للخدمة العسكرية الإجبارية للمواطنين الذكور الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و 30 عاما. 

وجاء هذا الإجراء لترسيخ الشعور بالانتماء الوطني لدى الفئات الشابة، وكذلك للاستعانة به للتعبئة ضد الضغوط الداخلية والخارجية التي تهدد البلاد.

وأشار الموقع إلى أن القوات العسكرية لـ''أسبرطة الصغيرة'' شاركت في الانقلاب العسكري الذي وقع في مصر عام 2013 للإطاحة بالرئيس محمد مرسي ممثل جماعة "الإخوان المسلمين" والمنتخب ديمقراطيا عام 2012. 

وكان تدخلها في ليبيا واليمن، البلدين اللذين نشبت فيهما صراعات متواصلة، أوسع نطاقا، في ليبيا، تدخلت الإمارات دعما للجنرال الانقلابي خليفة حفتر، الذي يسعى للإطاحة بحكومة الوفاق الوطني المعترف بها شرعيا، بالاعتماد على مرتزقة سودانيين. 

أما في اليمن، انضمت أبو ظبي إلى التحالف الذي تقوده السعودية في مواجهة تمرد جماعة "الحوثي" ودعما للانفصاليين الجنوبيين، باستخدام الجماعات العسكرية التي شكلها زعماء العشائر المحلية بإشراف إماراتي.

جدير بالذكر أن أبو ظبي جزء من مجلس التعاون الخليجي، وهي منظمة تأسست عام 1981 لاحتواء نفوذ طهران في الشرق الأوسط، وبدءا من تلك السنوات، أصبح من أولويات أجندتها السياسية مواجهة ما يسمى بـ"الهلال الشيعي''، وقد برر هذا التصور تدخلها العسكري في الصراع اليمني، حيث يحظى تمرد "الحوثيين" المسلح بدعم  طهران.

انقسامات جديدة

علاوة على ذلك، هناك نزاع إقليمي بين إيران والإمارات يعود إلى سبعينيات القرن الماضي بشأن 3 جزر تقع في الخليج العربي (أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى) وهي جزر إستراتيجية للتدفقات التجارية التي تعبر مضيق هرمز.

وأضاف الموقع أن "تركيا تعتبر دولة أخرى مهددة للاستقرار الوطني والإقليمي بالنسبة للإمارات، ويبرر هذا أيديولوجيا على أساس الطابع الإسلامي للحكومة التركية الحالية".

ومن وجهة نظر جيوسياسية بحتة، يرجع ذلك إلى حقيقة أن أنقرة، "من خلال سياسة خارجية واقعية للغاية، تمكنت من بلوغ شرق البحر الأبيض المتوسط ​​وأيضا منطقة الساحل الإفريقي، وهو ما أثار مخاوف الأنظمة الملكية التقليدية في الخليج"، وفق الموقع الإيطالي. 

وفي هذا الصدد، تُعد المناورات المشتركة التي أجرتها الإمارات مع اليونان في سبتمبر/أيلول 2020، في أعقاب تصاعد التوترات في مياه البحر الأبيض المتوسط، من مظاهر تضارب المصالح بين أبوظبي وأنقرة.

وفي السنوات الأخيرة، لعبت الإمارات دورا رئيسا في الصراعات المستمرة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، معتمدة بصفة متناوبة على إستراتيجيات القوة الناعمة والقوة الصلبة -تطبيع العلاقات مع إسرائيل من ناحية والتدخل المسلح في اليمن وليبيا من ناحية أخرى- وذلك من أجل الدفاع عن مصالحها الجيو-اقتصادية والحفاظ على الوضع الراهن. 

وأكد الموقع أن "التدخلات العسكرية الإمارات في اليمن وليبيا سمحت لها بتأمين نقاط وصول إستراتيجية في القرن الإفريقي وضمان السيطرة على التدفقات التجارية في شرق البحر الأبيض المتوسط​​، وكذلك السيطرة على حقول الطاقة في إقليم برقة الليبي".

وفي السنوات القادمة، يتوقع الموقع أن "تسجل الإمارات مزيدا من النمو العسكري، خصوصا وأنها تعتزم فك الارتباط بحلفائها التقليديين، الولايات المتحدة والسعودية، من خلال زيادة إنتاجها الحربي والاستثمار بشكل أكبر في إنشاء الأكاديميات العسكرية التي تديرها بالكامل". 

وخلص الموقع إلى القول أن "هذا السعي لتحقيق قدر أكبر من الاستقلالية قد يؤدي مستقبلا إلى تباعد بين المصالح الإماراتية والمصالح الأميركية والسعودية، مما يؤدي إلى ديناميكيات وانقسامات جديدة في الصراعات طويلة الأمد الجارية في المنطقة".