صراع أميركا وروسيا.. موقع إيطالي: بايدن لن يسير على خطى ترامب

12

طباعة

مشاركة

سلط موقع إيطالي الضوء على المسار الجديد لسياسة الولايات المتحدة الأميركية، بعد توقيع الرئيس الجديد جو بايدن، سلسلة من الأوامر التنفيذية ألغت قرارات اتخذها سلفه دونالد ترامب، وذلك بعد مرور ساعات قليلة من حفل تنصيبه في 20 يناير/كانون الثاني 2021.

وأوضح موقع "إنسايد أوفر"، في مقال له، أن "هذه القرارات شملت مسائل مختلفة، من إلغاء انسحاب الولايات المتحدة من منظمة الصحة العالمية، واتفاق باريس للمناخ، إلى وقف بناء جدار على الحدود مع المكسيك". 

واعتبر أن "أكثر هذه الإجراءات الجديدة أهمية تلك المتعلقة بإستراتيجية السياسة الخارجية الأميركية التي تؤثر على أوروبا وحلفاء واشنطن في حلف الشمال الأطلسي، وتخص العلاقات مع روسيا".

وأضاف أن "الرئيس بايدن وضع على الفور، كما توقع الكثيرون، موسكو في مرمى النيران لتشكيلها تهديدا للديمقراطية والاستقرار العالمي".

توتر مستمر

ويشمل الموقف المتغير والأكثر حزما للولايات المتحدة تجاه روسيا بعض الملفات، من قضية المعارض أليكسي نافالني مرورا بالعلاقات بأوكرانيا وبيلاروسيا إلى جانب التمديد في معاهدة خفض الأسلحة النووية "ستارت الجديدة" (2010-2021)، وأيضا الحرب الإلكترونية وخاصة الملف السوري.

وأوضح أنه "بينما تُظهر واشنطن استعدادها من ناحية لتمديد معاهدة ستارت الجديدة، بخمس سنوات إضافية والتي هددت إدارة ترامب بالتخلي عنها دون مشاركة الصين، يهدف المسار الذي ينتهجه بايدن من ناحية أخرى إلى استئناف سياسة المواجهة مع موسكو".

وبحسب الموقع الإيطالي، يتضح ذلك على الجبهة السورية، "بينما قام ترامب بخفض عدد القوات الموجودة هناك، يبدو أن  الإدارة الجديدة قد أعطت إشارة لا لبس فيها لتغيير سياسة البيت الأبيض في المنطقة".

وذكر الموقع في هذا الصدد، الخبر الوارد في 16 يناير/كانون الثاني 2021، أن التحالف العسكري بقيادة الولايات المتحدة أرسل قافلة جديدة من المركبات تحمل معدات عسكرية ولوجستية إلى محافظة الحسكة شمال شرق سوريا.

فيما أفادت قناة "روسيا اليوم"، نقلا عن مصادر محلية، أن قافلة مؤلفة من 35 شاحنة عبرت معبر الوليد الحدودي إلى الأراضي السورية قادمة من إقليم كردستان العراق. 

وأضافت نفس المصادر أن "الآليات دخلت مدينة القامشلي السورية -التي أعلنت فيها موسكو عن إنشاء قاعدة جوية ثانية بالبلاد في نوفمبر/تشرين الثاني 2019- بإمدادات للقوات العسكرية الأميركية  المتمركزة في الحسكة ومحافظة دير الزور المجاورة". 

وشكل ذلك "إشارة قوية أرسلت إلى الكرملين حتى قبل تولي بايدن السلطة"، وفق الموقع الإيطالي.

وفيما يتعلق بقضية نافالني، أورد الموقع أن "البيت الأبيض ندد بشدة على لسان مستشار الأمن القومي الجديد، جيك سوليفان، باعتقاله فور وصوله روسيا"، مطالبا بـ"الإفراج الفوري عنه" ومستنكرا "الانتهاك غير المقبول لحقوق الإنسان"، كما دعا مجددا إلى "تحديد ومحاكمة المسئولين عن محاولة اغتيال زعيم المعارضة".

وفي موضوع آخر، أشار الموقع إلى أن "الهجوم الإلكتروني الهائل الأخير الذي تعرضت له الولايات المتحدة والذي استهدف شبكات وزارة الخزانة والتجارة يوفر سببا جديدا للتوتر بين موسكو وواشنطن". 

وسيخضع هذا الهجوم الذي جرى في ديسمبر/كانون الأول 2020، لمراجعة دقيقة وتحقيق معمق من قبل الإدارة الجديدة لتحديد المسئولين والرفع من درجة الأمن المعلوماتي للحماية أكثر من هجمات حرب الإنترنت. 

ووفقا للإدارة الجديدة، تشير العديد من الدلائل إلى أن "روسيا تقف وراء الهجوم".

اختبار حقيقي

أما بالنسبة للدول التي مثلت (وتمثل) مجال النفوذ الروسي الحيوي في القطاع الغربي -أوكرانيا وبيلاروسيا-، لفت الموقع الإيطالي إلى أن "الإشارات القادمة من إدارة بايدن تثير القلق إلى حد ما". 

وقال الموقع الإيطالي: إن "بايدن قد وعد بالترحيب بسفيتلانا تيخانوفسكايا، معارضة رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو، التي لجأت إلى الخارج بعد نتيجة الانتخابات السابقة في بلادها والاضطرابات اللاحقة، لذلك يبدو أن الإدارة الأميركية  مستعدة لدعم تيخانوفسكايا علانية كما أنها حريصة على رفع مستوى العقوبات ضد مينسك". 

في المقابل، "غالبا ما وجد الكرملين نفسه محرجا أمام بعض خطوات لوكاشينكو وينوي أيضا التخلص منه بدعم المعارضة الليبرالية والديمقراطية التي تديرها موسكو، من أجل نزع فتيل التوتر في بيلاروسيا والقضاء على الميول نحو الغرب، خاصة وأن موسكو لا تتحمل لأسباب جغرافية وتاريخية خسارة بيلاروسيا أيضا بعد خسارتها لأوكرانيا".

واعتبر "إنسايد أوفر" أن الملف الأوكراني أكثر إثارة للجدل، وسيكون، إلى جانب الملف البيلاروسي، بمثابة اختبار حقيقي لسياسة الولايات المتحدة تجاه روسيا. 

وأوضح أن "الأمر لا يتعلق فقط بمسألة شبه جزيرة القرم أو دونباس، وإنما باحتمال انضمام كييف إلى الحلف الأطلسي، والذي وقع تأجيله دائما لقضايا رسمية تتعلق بالنزاع في شرق البلاد، ومن المتوقع أن تتخذ إدارة بايدن موقفا أكثر جرأة من خلال العلاقات السياسية والعسكرية. 

وألمح الموقع إلى أن تعيين أنتوني بلينكين وزيرا لخارجية أميركا، والذي ساعد عام 2014 في تنسيق العقوبات ضد روسيا بعد غزو القرم، يشير إلى أن "واشنطن ستضع من أولوياتها انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو وبذلك سيكون الانفصال عن موسكو شبه كلي وخطير للغاية في المستقبل".

وأردف الموقع الإيطالي بالقول إنه "يكفي إلقاء نظرة على التعيينات الرئيسة صلب إدارة بايدن للتأكد من التوجه العام للسياسة الخارجية الأميركية". 

ويذكر في هذا الإطار، أن المدير الجديد لوكالة المخابرات المركزية، ويليامز بيرنز، كان سفيرا في موسكو، بينما أيدت نائبة وزير الخارجية للشؤون السياسية، فيكتوريا نولاند،  سياسات إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما ضد روسيا خلال انتفاضة "الميدان الأوروبي" بأوكرانيا عام 2013.

لذلك قد تنطوي خطة بايدن في تنظيم "قمة من أجل الديمقراطية" خلال السنة الأولى من ولايته، بدلا من العمل على إنشاء تحالفات بين الدول الديمقراطية "لمجابهة الأنظمة الاستبدادية التي تهدد الاستقرار والأمن العالميين"، على مخاطر جدية.

وختم الموقع مقاله بالقول: إن "هذه القمة، بالنظر إلى السوابق التاريخية، قد تصبح مؤتمرا يتقرر فيه اسم الدولة التي سيقع زعزعة استقرارها، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى صراعات جديدة".