رفع بايدن حظر الدخول عن دول إسلامية.. وفاء بوعوده أم حاجة لمهاجرين؟

سام أبو المجد | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

في أول إجراء عقب أدائه اليمين الدستورية في 20 يناير/كانون الثاني 2021، وقع الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن حزمة قرارات، من بينها مرسوم يقضي برفع الحظر عن مواطني دول عربية وإسلامية من السفر إلى الولايات المتحدة.

وبينما عد البعض قرار بايدن من قبيل رد الجميل إلى المسلمين الذين صوتوا له في الانتخابات بشكل كبير والوفاء بوعوده، فإن آخرين اعتبروه يصب في صالح الولايات المتحدة التي هي في أمس الحاجة إلى مزيد من الهجرة وتجنيس العلماء والنابغين في مختلف المجالات.

وعود انتخابية

كان بايدن قد تعهد للجالية المسلمة في أميركا، أثناء حملته الانتخابية، بأن أول إجراء يتخذه في اليوم الأول بعد دخوله البيت الأبيض هو رفع الحظر عن مواطني دول عربية وإسلامية، كان سلفه دونالد ترامب قد فرضها عقب توليه الرئاسة في يناير/كانون الثاني 2017.

وقالت مساعدة الرئيس الجديد، جين ساكي، والتي ستصبح المتحدثة باسم البيت الأبيض، إن بايدن، بعد أدائه اليمين الدستورية، وقع حزمة قرارات، من بينها قرارات تتعلق بالتعامل مع جائحة كورونا والاقتصاد وتغير المناخ والتفرقة العنصرية.

وأضافت ساكي أن بايدن وقع أمرا تنفيذيا يلغي سياسة سلفه ترامب بحظر دخول الأشخاص من دول ذات أغلبية مسلمة إلى الولايات المتحدة، مؤكدة أن هذا القرار يعد من بين 15 أمرا تنفيذيا وقعها بايدن في أول يوم له في السلطة.

ونقلت صحيفة "واشنطن بوست"، في 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، أن المرشح الديمقراطي جو بايدن تعهد بأن أول القرارات التي سيوقعها عند تسلمه السلطة ستتضمن رفع حظر السفر المفروض على عدد من الدول الإسلامية.

مضيفة أنه "سيعيد البرنامج الذي يسمح للحالمين، الذين تم جلبهم إلى الولايات المتحدة بشكل غير قانوني كأطفال، بالبقاء في البلاد"، وفقا لأشخاص مطلعين على خططه.

رفع الحظر من المتوقع أن يدخل حيز التنفيذ خلال نحو 3 أشهر من توقيعه، وهو الأمر الذي كان صرح به بادين بالقول إن إدارته تخطط للتخلص من القرار خلال أول 100 يوم له في المنصب.

وانتظر مواطنو كل من السودان وليبيا والصومال وسوريا واليمن وإيران أن يتم رفع الحظر عن سفرهم إلى الولايات المتحدة، والتي كانت قد فرضت عليهم بعد أسبوع واحد فقط من تولي ترامب السلطة في 20 يناير 2017.

استمالة المسلمين

استطاع بادين أن يستميل الجالية المسلمة لصالحه، وفي حملته الانتخابية، خاطب بايدن المسلمين وتعهد لهم بأنه سيقوم بإلغاء قرار الحظر فور تقلده المنصب في حال صوت الأميركيون لصالحه في الانتخابات.

وقتها، دعا بايدن الأميركيين المسلمين إلى مساعدته في تخليص البلاد من التمييز والكراهية التي تسببت فيها سياسات منافسه الجمهوري دونالد ترامب، مؤكدا أن قرار حظر المسلمين لا يخدم سوى أجندة عنصرية، ولا علاقة له بالأمن القومي.

وفي مهرجان "مليون صوت مسلم"، الذي نظمته جمعية "إيمغاج" التي تأسست لتعزيز حضور المسلمين في الحياة السياسية الأميركية وتشجعيهم على المشاركة في الانتخابات والاستحقاقات الانتخابية، افتتح بايدن كلمته بحديث نبوي شريف.

بايدن استشهد بحديث النبي محمد صلوات الله عليه (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه)، مستدلا على ذلك بوجوب تغيير المنكر الذي يمارسه ترامب في إرساء جرائم العنصرية والكراهية.

وأكد بايدن في حملته الانتخابية أنه يعتزم إشراك قيادات مسلمة في إدارته الرئاسية، ودعم حقوق الأقليات المسلمة في العالم، مثل الروهنغيا والإيغور، إضافة إلى مساندة من يعيشون في بلدان كسوريا واليمن.

كما تعهد المرشح الديمقراطي بأنه سيعمل مع الكونغرس لإصدار تشريعات جديدة، لمواجهة جرائم الكراهية والتمييز التي تصاعدت بحق الأميركيين من أصول إسلامية وإفريقية، منذ تولى ترامب الرئاسة.

بالفعل نجحت خطة بايدن في استمالة الأغلبية المسلمة لصالحه، فقد أظهر استطلاع للرأي أجراه مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية، تحت عنوان "استطلاع اقتراع الناخبين المسلمين في الانتخابات الرئاسية لعام 2020" إلى أن 69% من الناخبين المسلمين في الولايات المتحدة الأميركية دعموا بايدن.

وأوضح الاستطلاع أن نسبة مشاركة من يحق لهم التصويت من مسلمي أميركيا قد بلغت نحو 84%، حصل بايدن منها على نحو 69%، وهي النسبة التي تساوي نحو مليون صوت، في حين حصل ترامب على 17% من أصوات المسلمين الأميركيين.

وبلغ إجمالي عدد من أدلوا بأصواتهم لبايدن نحو 81 مليون صوت، من بينهم نحو مليون صوت مسلم، وهي النسبة التي تبلغ نحو 1.2% من إجمالي من أدلوا بأصواتهم لبايدن، مع الإشارة إلى أن بايدن فاز بنسبة 51.3% في مقابل 46.8% حصل عليه منافسه الجمهوري دونالد ترامب.

اليمين المتطرف

ترامب الذي صعد على أكتاف اليمين المتطرف في 2017 توعد بعدة إجراءات بحجة حماية الأميركيين من الإرهاب، على رأسها فرض حظر على عدد من الدول المسلمة من السفر للولايات المتحدة، وهو ما جاء على هوى التيارات اليمينية في الولايات المتحدة، وزاد من فرص فوز ترامب.

وبالفعل أصدر ترامب قرار الحظر بعد أسبوع واحد فقط من توليه السلطة، واستهدف القرار حينها مواطني 7 دول إسلامية هي: العراق والسودان وإيران وليبيا والصومال وسوريا واليمن، وتسبب بفوضى بالمطارات واحتجاجات عارمة، وبعد سلسلة من الطعون والمعارك القضائية، عدلت المحكمة العليا الأميركية القائمة ليتم إلغاء الحظر عن العراق، وإبقاء الحظر على 6 دول.

وقد تم تعديل القرار لثلاث مرات بعد سلسلة طعون أخرى، ليشمل إلى جانب الست الدول، الحظر على مهاجرين آخرين من إريتريا ونيجريا وميانمار وقرغيزستان، وفرض مزيد من القيود على كل من تنزانيا وفنزويلا.

تسبب القرار في نسخته الأولى بحرمان كثيرين من زيارة أقاربهم في الولايات المتحدة، وقد كانت اليمنية شيماء صويلح إحدى النماذج التي أصبحت قضية رأي عام في الولايات المتحدة، وحظيت بتغطية إعلامية واسعة.

في ديسمبر/كانون الأول 2018 رفضت السلطات الأميركية منح صويلح تأشيرة زيارة لتوديع طفلها المريض الذي يحتضر في إحدى مستشفيات كاليفورنيا، بموجب قرار الحظر الذي فرضه ترامب.

وقتها تقدم والد الطفل عبد الله حسن باستغاثة على قناة "سي إن إن"، يطلب فيها منح زوجته تأشيرة زيارة لتوديع ابنها، وخلقت هذه المناشدة رأيا عاما في الولايات المتحدة، وتداولت وسائل إعلامية ذلك القرار بشكل واسع، وتحدثت عن تسببه بمعاناة مئات اليمنيين وحرمانهم من حقوقهم في زيارة أقاربهم.

حينها صرحت النائبة الديموقراطية عن مدينة أوكلاند باربرا لي، قائلة: "هذه المأساة تجسّد الطابع اللاإنساني واللاأميركي لمرسوم ترامب". وغردت النائبة على تويتر، قائلة: "بصفتي عضوا في الكونغرس وأمّا، فقد صدمتني قسوة منع أمّ من ملاقاة ابنها المريض".

وتحت الضغط الشعبي والإعلامي، اضطرت السلطات إلى منح السيدة شيماء تأشيرة استثنائية من فئة "أي -130"، التي تسمح لأقارب المواطنين الأميركيين بزيارتهم، وتم سفرها وحظيت باستقبال وتغطية إعلامية واسعة.

استقطاب الكوادر

وتعد الولايات المتحدة من الدول التي تحتاج للمهاجرين، والعقول المهاجرة على وجه الخصوص، حيث أعلنت في مارس/آذار 2020، أنها تقدم تسهيلات في الحصول على التأشيرة للأجانب العاملين في القطاع الصحي، وتسهيلات أخرى إذا رغبوا في العمل على أراضيها.

وبسبب حالة عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي في عدد من الدول العربية، فإن كثيرا من الكوادر المؤهلة تأهيلا عاليا ترغب بالهجرة للولايات المتحدة لتحسين وضعها المعيشي والحصول على امتيازات أفضل في المواطنة، ولهذا فإن الولايات المتحدة تسعى لاستقطاب تلك الكوادر لرفد مؤسساتها وتدعيم قطاعاتها الصحية والتعليمية والتقنية.

وبغية استقطاب المهاجرين، تستمر الولايات المتحدة في طرح برنامج هجرة التنوع Diversity Visa، أو ما يعرف باليانصيب الأميركي، وهي قرعة عشوائية تتم سنويا لاختيار نحو 50 ألف متقدم للهجرة إلى الولايات المتحدة والحصول على رخصة الإقامة الدائمة، ثم الحصول على الجنسية.

وتأسست الولايات المتحدة في الأساس على أيدي مهاجرين أوروبيين، كما أن أعمدة الاقتصاد الأميركي ينحدرون من أصول غير أميركية، فستيف جوبز مؤسس الشركة العملاقة "آبل"، ابن لمواطن سوري يدعى عبدالفتاح جندلي.

وأسس التايواني الأصل جيري يانغ، شركة "ياهو"، أما شركة "غوغل" فأسسها الروسي الأصل سيرجي برين، فيما أسس شركة "يوتيوب" جاويد كريم، وهو مواطن بنغالي الأصل كان يحمل الجنسية الألمانية.