مسؤول أممي لـ"الاستقلال": هكذا ساهم مشروع الزكاة في إنقاذ اللاجئين

محمد عيد | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

ملايين اللاجئين ينتشرون حول العالم إما بسبب الحروب أو الاضطهاد بمختلف أنواعه، وهو ما يضع مؤسسات الإغاثة الدولية أمام تحد كبير في تقديم المساعدات وتوفير الاحتياجات.

ويعد اللاجئون العرب والمسلمون الأكثر تضررا في العالم خاصة السوريين ومسلمي الروهينغا، بسبب الاضطهاد والتطهير العرقي الذي يتعرضون له في بلادهم.

المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إحدى مؤسسات الإغاثة الدولية التي تقدم الدعم والمناصرة والحماية للاجئين الذين هم بحاجة إلى طعام وشراب وصحة وتعليم.

"الاستقلال" حاورت محمد أبو عساكر مسئول شراكات القطاع الخاص في شمال أميركا لدى المفوضية الأممية، للوقوف على ظروف اللاجئين وأعدادهم حول العالم، وكيفية توفير سبل الحماية والعيش لهم ولأسرهم وتسليط الضوء على مشروع الزكاة الذي يعد أحد الأبواب الجديدة والإبداعية في إطار البحث عن طرق جديدة للتمويل.

3 خيارات

  • ما هو إطار عمل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين؟

المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين هي المنظمة الأممية التي تقوم بتنسيق جهود الإغاثة والحماية للاجئين في العالم ما عدا اللاجئين الفلسطينيين لأن لديهم منظمة الأونروا التابعة لهم، لكن اللاجئين في بقاع العالم تحت مسئولية وولاية المفوضية، وتعمل المفوضية على تقديم المساعدات العاجلة والحماية والبحث عن حلول دائمة لقضايا اللاجئين.

  • ما هو تعريف اللاجئ وفق المفوضية؟

اللاجئ هو أي شخص يخرج خارج الحدود الدولية لبلده بسبب اضطهاد سياسي أو ديني أو عنف أو حروب أو بسبب يؤدي إلى تهديد حياته للخطر، أما من ينتقل من مكان سكنه إلى مكان آخر داخل حدود بلده فيسمى نازح.

وبمجرد خروج الشخص خارج حدود بلاده، يصبح تحت ولاية المفوضية حيث تقوم على الإغاثة وتقديم المساعدات له إلى حين انتهاء السبب الذي أجبره على الخروج من بلده.

  • ما هي الحلول المطروحة في قضايا اللاجئين؟

الحلول أمام اللاجئين أولها العودة الطوعية حال انتهاء سبب خروجه من بلده، وثانياً الدمج في المجتمعات المضيفة حال تعذرت العودة، لكن إذا كانت قوانين البلد تسمح في استيعابه كلاجئ، من أجل توفير الإقامة والجنسية.

البلاد العربية مثل لبنان أو الأردن لا يستطيعون توفير الجنسية للاجئين السوريين، وبالتالي عملية الدمج بالمجتمع غير ممكن.

الخيار الثالث هو إعادة التوطين للاجئ الموجود خارج بلاده، وهؤلاء الأشخاص المعرضين للخطر يتم إعادة توطينهم لدولة ثالثة تقبل الإقامة على أراضيها وحصوله على الجنسية.

  • كيف توفر المفوضية التمويل اللازم لضمان استمرار عملها؟

من أجل تقديم المساعدات للاجئين نحن بحاجة إلى أموال، وهذه الأموال تكون أحيانًا متوفرة، وأحيانًا أخرى غير متوفرة، ونعتمد بشكل أساسي على التمويل من الدول التي تقدم المنح والمساعدات للمفوضية، لكن هذا الدعم المقدم غير كاف لسد احتياجات اللاجئين الملحة يوميا.

إحصائيات معتمدة

  • هل هناك إحصائيات معتمدة من قبل المفوضية حول أعداد اللاجئين حول العالم؟

هناك 80 مليون شخص حول العالم بحاجة إلى مساعدات، نحن نتحدث عن 1 بالمئة من سكان الأرض إما لاجئين أو نازحين، وهي أرقام غير مسبوقة، والمساعدات التي تقدمها الدول غير كافية، وبالتالي تبحث المفوضية دائما عن طرق إبداعية ومصادر أخرى لتوفير الأموال للاجئين.

حسب الإحصائيات يوجد 80 بالمئة من اللاجئين في مناطق تعاني أصلاً من أزمات غذاء ومجاعة، و73 بالمئة من اللاجئين حول العالم تتم استضافتهم في 5 دول فقط، هي تركيا (رقم واحد)، كولومبيا، باكستان، أوغندا وألمانيا.

68 بالمئة من اللاجئين حول العالم جاؤوا من 5 دول، سوريا (رقم واحد) 6.5 ملايين، فنزويلا 3.7 ملايين، أفغانستان 2.7 مليون، جنوب السودان 2.2 مليون، ميانمار مليون و100 ألف.

مشروع الزكاة

  • هل الأموال التي تقدمها الدول المانحة تكفي وكيف تسدون العجز؟

دعم الدول المانحة غير كاف، وهنا يأتي دورنا في التواصل مع القطاع الخاص، وهو أحد الأعمدة الرئيسة في العملية التنموية التي نحن بحاجة إلى مساعدتهم ليس من أجل الأموال فقط، لكن أيضا من خلال تدريب اللاجئين على المهارات التي يتطلبها سوق العمل، ويستطيع القطاع الخاص توفير فرص عمل للاجئين في المناطق التي يوجدون فيها.

وفي إطار القطاع الخاص، أطلقت المفوضية في عام 2017، مشروع الزكاة، وهو أحد الأبواب الجديدة والإبداعية تحت إطار البحث عن طرق جديدة للتمويل، وهو يوفر سبل دعم إضافية للمفوضية تذهب للاجئين في إطار مساعدات نقدية، خاصة وأن 60 بالمئة من أعداد اللاجئين في العالم هم من دول العالم الإسلامي.

البرنامج يسير بشكل كبير وناجح، في العام الماضي فقط (2020) جمعنا 50 مليون دولار من أموال الزكاة والصدقات.

الآن البرنامج مهم لأنه حظي بـ6 فتاوى من كبار علماء المسلمين ومؤسسات إسلامية دولية، ويتمتع بالشفافية الكاملة، لأنه يتم توفير الأموال للاجئين وفق قوانين الزكاة المنصوص عليها في الشريعة الإسلامية، ويتم توزيع الأموال بطريقة عادلة على اللاجئين المستحقين.

  • كيف تقومون بتصنيف اللاجئين في إطار مشروع الزكاة؟

اللاجئون يصنفون ضمن 4 بنود، وهم الفقراء والمساكين وأبناء السبيل والغارمين وهؤلاء من ضمن بنود صرف الزكاة، وتنطبق على اللاجئين، ومن هنا أخذنا الفتاوى، وأنه يحق للاجئين الاستفادة من أموال التمويل الإسلامي التي يتم توفيرها.

تم إطلاق صندوق الزكاة للاجئين في منطقة الشرق الأوسط وآسيا وإفريقيا ومن خلاله نبحث عن شراكات مع القطاع الخاص، ومن خلال المشروع يتم صرف 120 دولار شهريا لكل عائلة، وهذا يساعدهم أحيانا في استئجار منزل، أو شراء أدوية، أو طعام.

أموال الزكاة تذهب مباشرة للاجئين، بمعنى أن المفوضية لا تستقطع أي مصاريف تشغيلية منها، فمثلا لو تبرع بـ 100 دولار لمشروع الزكاة تصل للاجئ كاملة، وأي مصاريف تشغيلية أخرى يتم توفيرها من ميزانية المفوضية الخاصة.

 مسلمو الروهينغا

  • بعد سنوات على ترك بيوتهم ما هي أوضاع مسلمي الروهينغا؟

أزمة اللاجئين الروهينغا المسلمين أزمة سياسية بامتياز، كانوا مضطهدين في بلادهم، وهم الآن يوجدون في بنغلاديش التي تستضيفهم بكرم كبير، وتعمل المفوضية مع حكومتي ميانمار وبنغلاديش من أجل التوصل إلى حلول جذرية لقضية لاجئي الروهينغا.

هم يعيشون في ظروف صعبة جدًا، منهم نساء وأطفال وشيوخ وقرى كاملة حرقت، يعيشون في تلال بنغلاديش ذات الأمطار الموسمية الجارفة، بيوتهم وخيامهم معرضة للخطر خاصة في موسم سقوط الأمطار.

ما حدث لمسلمي الروهينغا هو أكبر وأسرع نزوح في العالم، فهم عديمي الجنسية ولا يتمتعون بأوراق تثبت هويتهم، وهو تحد أكبر لأنهم لا يستطيعون السفر ويجهلون أعمارهم.

نحن نعمل من أجل إيجاد حلول دائمة تضمن حرية وكرامة هؤلاء الأشخاص بالعودة إلى بلادهم وترضي كل الأطراف، وفي القريب العاجل نتمنى التوصل لصيغة تضمن عودتهم إلى بيوتهم وتمنع عدم تكرار مثل هذه الحوادث.

جائحة كورونا

  • كيف أثرت جائحة كورونا على أزمة اللاجئين حول العالم؟

أزمة كورونا ضربت العالم اقتصاديا وأثرت بشكل مباشر على التمويل، ومنطقة عمليات المفوضية، نواجه تحديات جمة في قلة الأموال، من كان يقدم للاجئ 10 دولارات أصبح يقدم 5 دولار فقط، وهو ما أثر على الخدمات المقدمة للاجئين.

نبحث عن طرق إبداعية لتوفير الأموال، لأن حاجتهم للماء النظيف والمأكل والمأوى هي احتياجات يومية، وبالتالي نحن أمام تحديات بزمن كورونا لها علاقة بحركة التنقل، لكن جنودنا المجهولين في الميدان بالخطوط الأمامية يتركون أولادهم ونسائهم لتوفير الاحتياجات لهؤلاء اللاجئين، بشكل يومي لأنهم ضمن مسئوليتنا.

نحن محظوظون في المفوضية أن أعداد اللاجئين الذين أصيبوا بفيروس كورونا قليلة جدًا مقارنة بأعداد المصابين حول العالم، نحن في وضع جيد جدًا.

غالبية المخيمات لم ينتشر فيها الفيروس، 15 بالمئة من اللاجئين فقط يعيشون داخل المخيمات، و85 بالمئة منهم يعيشون في المناطق الحضرية بين الناس ما ساهم في تقليل الإصابات بكورونا لأن اللاجئين غير متركزين في مكان واحد.

المفوضية عملت جاهدة منذ اللحظة الأولى مع وزارات الصحة المحلية في الدول التي يوجد فيها اللاجئون من أجل إدماجهم في الخطة الوطنية والصحية للدول، بمعنى أن أي لاجئ أصيب بالفيروس يخضع للرعاية الصحية في الدولة التي يقيم بها.

لاجئو سوريا

  • وماذا عن وضع اللاجئين السوريين؟

اللاجئون السوريون يمرون الآن بأصعب وقت وهو فصل الشتاء، لأنهم يوجدون في مناطق تتسم بانخفاض كبير لدرجات الحرارة وتصل إلى ما دون صفر مئوي مثل العراق ولبنان، وسوريا، وأوضاعهم صعبة جدا.

ولدينا نداء استغاثة سنوي، خاص بفصل الشتاء، من أجل توفير المعدات والمستلزمات الشتوية للاجئين، وتشمل المواد الاستهلاكية ومواد التدفئة، والملابس الشتوية والبطاطين.

ما نقدمه للاجئين السوريين في الشتاء لا يكفي الجميع لنقص التمويل، وحسب التمويل المتوفر نقدم المساعدات للأسر الأكثر عوزًا واحتياجًا، لكن بكل تأكيد يبقى أناس محتاجين لكن لا تصلهم مساعدات.

10 سنوات مرت على أزمة إنسانية هي الأكبر في العالم، نصف شعب سوريا تهجر، وظروفهم بالمخيمات ليست أحسن حالا، لكن سهولة الوصول إليهم والحركة تكون أسهل من النازحين الذين يكون بعضهم في مناطق نزاع داخل سوريا، ويصعب الوصول إليهم.

  • هل تعمل المفوضية على برنامج يتبنى عودة اللاجئين السوريين لوطنهم؟

هناك عائلات بدأت تعود وترجع بقرار شخصي وهي عودة طوعية، ونحن في منظورنا الوضع لا يزال في سوريا غير آمن لعودة اللاجئين لذا لم نعمل حتى الآن على برنامج لعودتهم لأنه لا يوجد سلام حقيقي أو حل جذري للصراع، لكن لو أراد شخص الرجوع لا نمنعه.