بعد مجزرة الجنينة.. سودانيون يطالبون بهيكلة "الجنجويد" لإخماد الأحداث

12

طباعة

مشاركة

اشتباكات قبلية.. تصاعد أحداث عنف.. تكليف قوات نظامية بالتدخل.. فيرتفع عدد الضحايا وتصمت الحكومة قليلا لتفرض حظر تجول، وبعدها ترسل وفدا للوقوف على الأحداث.. مسلسل يتكرر دون حلول جذرية للعنف القبلي الحاصل بين الحين والآخر في السودان.

آخر هذه الاشتباكات ما وقع الجمعة 15 يناير/كانون الثاني 2021، بمدينة الجنينة في ولاية غرب دارفور التي شهدت نزاعا بين قبيلتي "المساليت" و"العرب" على خلفية مقتل أحد شباب القبائل العربية قرب معسكر "كريندينق" للنازحين، أعقبها وقوع أعمال عنف.

وقرر على إثرها والي غرب دارفور محمد عبد الله الدومة، تفويض القوات النظامية باستعمال القوة، لحسم ظاهرة الخروج عن القانون، وفرض حظر تجوال بجميع أنحاء الولاية، بداية من السبت،  وحتى إشعار آخر، مع الإغلاق التام للأسواق ومنع كافة التجمعات.

هذا القرار أدى لاشتعال الأحداث، ووقوع 50 قتيلا، وحرق أجزاء كبيرة من معسكر "كريدنق" للنازحين، -بحسب حركة "العدل والمساواة" بالسودان، التي يقودها جبريل إبراهيم، والتي دعت الحكومة إلى "توفير الأمن وبسط هيبة الدولة ومنع كافة أشكال ومظاهر الانفلات الأمني".  

الناشطون على تويتر، نددوا بما وصلت إليه أحداث العنف في مدينة دارفور، واتهموا الحكومة بالفشل وقوات الدعم السريع (الجنجويد) بإشعال الأحداث والتورط في العنف، وحملوهم المسؤولية، مجددين مطالباتهم بسحب السلاح من القبائل وإعادة هيكلة "الدعم السريع". 

وأشار ناشطون عبر مشاركتهم في وسمي #الجنينة_تنزف، #هيكلة_ودمج_الدعم_السريع، إلى تعطش قوات الدعم السريع للدماء وتورطها في الأحداث لإشعالها لا السيطرة عليها، محذرين من "خطورة التقاعس عن نزع السلاح من كافة الميليشيات وبسط هيبة الدولة".

وتداولوا صورا للضحايا والمصابين تبرز حجم الانتهاكات والعنف الذي تعرضوا له، معربين عن مخاوفهم من عودة الحرب الدموية التي وقعت في دارفور 2003 وراح ضحيتها 300 ألف قتيل، وتشريد أكثر من 2,5 مليون –بحسب ما أكدته الأمم المتحدة-.

يشار أنه قبل أكثر من 5 أشهر وتحديداً في 25 يوليو/تموز 2020، تعرضت منطقة مستري جنوب مدينة الجنينة لهجوم شنته ميليشيات مسلحة استمر لمدة 9 ساعات، وخلف 60 قتيلا وأكثر من 60 جريحا.

واستهجن حينها ناشطون انشغال الحكومة بقضايا فرعية بعيدة عن الأمن السوادني الداخلي. كما سبق أن شهدت مدينة الجنينة أيضا نهاية ديسمبر/كانون الأول 2019، مواجهات قبيلة دامية تصاعدات لإشعال مخيم كريندنق للنازحين، واستمرت حتى يناير/كانون الثاني 2020، راح ضحيتها عشرات المدنيين.

لا سلام

واليوم، يجدد ناشطون هجومهم على الحكومة، مستنكرين غياب تنفيذ "اتفاق السلام" الموقع بينها وبين الحركات المتمردة بالسودان الموقع في أكتوبر/تشرين الأول 2020، المفترض أنه ينهي الحرب والنزاع في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، وتساءلوا عن دوره في ظل الأحداث المتصاعدة في مدينة الجنينة.

وتساءل المغرد منتصر أبو سنين عن موقف الحكومة والحركات الموقعة على السلام، مستنكراً انشغالهم عن ما يحدث في  الجنينة.

 ورأى رئيس حركة "العدل والمساواة"، جبريل إبراهيم، أن ما يحدث في الجنينة "مأساة إنسانية، ولا معنى لاتفاقات السلام إن لم تفض إلى سلم مجتمعي"، داعيا الدولة لـ"البحث عن أسباب الفتنة واجتثاثها من جذورها وتوفير الأمن للمواطنين دون إبطاء".

مسؤولية الحكومة

وصب ناشطون غضبهم على الحكومة السودانية والقوات المسلحة، وحملوهم مسؤولية تصاعد الأحداث وفشلها في نزع السلاح من الميليشيات والقبائل، مؤكدين أن غياب الردع دفع الفاعلين للتمادي في أفعالهم. 

وكان رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، قد عقد اجتماعا طارئا السبت، أفضى إلى إرسال وفد رفيع المستوى إلى الجنينة.

وقال المواطن ياسين حميد إن "الحكومة مسؤولة مسؤولية مباشرة عن الاقتتال في مدينة الجنينة وعن أمن أي مواطن"، مشيراً إلى أن عجزها عن نزع السلاح "لا يعفيها من المسؤولية".

وحمل الإعلامي خالد طه، القوات المسلحة مسؤولية المجزرة التي وقعت في الجنينة، متسائلاً: "أليس حفظ الأمن مسؤوليتهم؟".
من جانبه، أكد المغرد الحسن حسين، أن على الحكومة حل القضايا الداخلية أولا وأخيرا ثم بعد ذلك الخارجية.
 وتهكم آخر قائلا: "الجيش السوداني يُعجزه احتواء الصراعات القبلية الداخلية وينزع السلاح من أيدي المدنيين وبسط هيبة الدولة وسيادة القانون.. يُعجزه هذا الفعل وهو يحتشد لإعلان والدخول في حرب خارجية مع دول الجوار .. ياله من أمر عجيب وغريب".  ورأى المغرد، أباذر حسن أن "ترويع المواطنين مازال مستمر وكل ذلك لغياب المحاسبة للسابقين"، متسائلاً: "يا ترى من يتحمل كلفة الدم المسفوح من المواطن بين كل حين وآخر؟".

وأكد أن انتشار السلاح وعدم تطبيق القانون على المعتدين "جعل الآخرين يستمروا في نهجهم في ترويع الآمنين".

هيكلة الدعم السريع

وهاجم ناشطون قوات الدعم السريع وقائدها محمد حمدان دقلو الملقب بـ"حميدتي" ووضعوها في دائرة الاشتباه في إشعال الأحداث بالجنينة وتغذيتها، مؤكدين على ضرورة هيكلتها وتوحيدها في صفوف الجيش.

وكانت اللجنة العليا لإدارة أزمة الجنينة وأحداث مخيم "كريندنق" للنازحين الواقعة في ديسمبر/كانون الأول 2019، قد أكدت تورط جماعات من الدعم السريع والشرطة ونافذين من الدولة واللجنة الأمنية بالولاية في الأحداث.  

وأشار الإعلامي أمين الجمل، إلى أن أحداث الجنينة تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن الجنجويد هم شوكة وطعنة في خاصرة الثورة السودانية وأنه لا سلام في ظل وجود هذه الميليشيا غير المنضبطة عسكريا، قائلاً لا تنخدعوا بالتصريحات البراقة لقادة هذه الميليشيا.

فيما أكد المغرد، أسامة إسماعيل، على ضرورة توحيد جيش البلاد، ودمج جنود الميليشيات فيه والعتاد، وحل الدعم السريع وجميع الحركات المسلحة، محذراً من أن تعدد الجهات الحاملة للسلاح، ينذر بِشرّ يلوح في الأفق. وحث المواطن جعفر علي، على "ضبط الوجود العسكري بهيكلة ودمج الدعم السريع وكذلك حركات الكفاح المسلح والعمل بجد على خلق قوات نظامية تكون لها المقدرة على خلق الأمن والأمان الداخلي والخارجي". وأشار مغرد آخر إلى أن قوات الدعم السريع "الجنجويد" لا تأتمر إلا بأمر حميدتي، مؤكداً أن "القائد العام للقوات المسلحة (عبد الفتاح البرهان) لا أمر له على حميدتي ولا سلطة له لتغيير قيادت الدعم السريع أو تعيين ضباطها وأفرادها". بدوره، أدان "تجمع المهنيين السودانيين" الذي يضم 17 نقابة، مساء السبت، ما سماها "جرائم بشعة" ارتكبتها ميليشيات مسلحة بحق مواطنين عزل في الجنينة، داعياً السودانيين للضغط بكل الوسائل على هياكل السلطة الانتقالية للجم هذه الميليشيات ونزع سلاحها وتقديم الضالعين في هذا الهجوم للعدالة.