بعد زيارة وفد سعودي.. صحيفة روسية: موسكو جاهزة لتكون الضامن لإيران 

12

طباعة

مشاركة

رصدت صحيفة "كوميرسانت" الروسية، آخر التطورات في العلاقات بين موسكو ودول الخليج وإيران، في ضوء زيارة وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان إلى موسكو، في 14 يناير/كانون الثاني 2021.

ووصفت الكاتبة ماريانا بيلينكايا في مقالها بالصحيفة، الزيارة بـ"التاريخية والمهمة" على المستوى الروسي، حيث تأتي كأول زيارة لوفد رسمي سعودي رفيع المستوى إلى البلاد منذ بداية العام الجديد.

وقالت بيلينكايا: إن "ابن فرحان هو أول ضيف أجنبي رفيع المستوى لوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف هذا العام".

وتأتي أهمية الزيارة كونها تعقد على الفور تقريبا بعد المصالحة بين السعودية والبحرين والإمارات ومصر مع قطر، حيث تقول موسكو إنها "تأمل الآن أن تجد هذه الدول لغة مشتركة مع جارتهم إيران".

وأشارت الكاتبة إلى أن "المراقبين وبحكمهم على تصريحات وزير الخارجية السعودي غير متفائلين في هذا الشأن، وأن هذا لا يزال بعيد المنال".

ومع ذلك، الوزير لافروف "لا ينوي الاستسلام، على الأقل وعد بنقل مخاوف الرياض إلى وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، الذي من المتوقع زيارته لروسيا نهاية يناير/كانون الثاني الجاري"، وفق بيلينكايا.

طاولة المفاوضات

وتطرقت بيلينكايا في وصف أجواء اللقاء قائلة: "لم يحالف الحظ الوفد السعودي في موسكو بسبب الطقس، لم يكن من المتوقع أن يكون الطقس شديد البرودة، حيث لم يخلع بعض الضيوف ملابسهم الخارجية على طاولة المفاوضات، وهذا يعد غير لائق عند الروس".

وتابعت: "لم تكن المفاجأة في شعور الضيوف بالبرد، ولكن الملابس التي تم اختيارها لمثل هذا الطقس، حيث ارتدت الدبلوماسيات السعوديات بدلات رسمية، بينما وصل الرجال بالزي العربي التقليدي، وهذا كل ما تمكن الصحفيون من رؤيته وسماعه من الجزء الأول، البروتوكولي".

وأشارت إلى أن "جميع الكلمات والمحادثات الرسمية الرئيسة تمت دون كاميرات كما كانت جلسة التعارف بين الوزيرين، حيث يجدر بالذكر أن هذا اللقاء كان الأول بينهما، رغم أنهما تحدثا عبر الهاتف سابقا". 

الوزير ابن فرحان -تقول الكاتبة- هو أحد أفراد الأسرة الحاكمة آل سعود، تم تعيينه في منصب وزير فقط في أكتوبر/تشرين الأول 2019. قبل ذلك، كان الأمير كبير مستشاري سفارة الرياض في واشنطن، وعمل لفترة وجيزة سفيراً في ألمانيا. 

يبلغ من العمر 46 عاما فقط، وهو سن مبكر للسياسة العربية، ونموذج للجيل الجديد من النخبة السعودية، ولد ودرس في ألمانيا، وهو يتحدث الألمانية والإنجليزية بطلاقة، وفق بيلينكايا.

وقالت الكاتبة: إن "الوزراء عوضوا عدم وجود جزء بروتوكولي عام، بمؤتمر صحفي مفصل، حيث تم الإدلاء بمحتوى المفاوضات بالتفصيل، بدءا من التعاون الثنائي وصولا إلى الأجندة الإقليمية".

وأشار ابن فرحان إلى أن البلدين سيحتفلان هذا العام بمرور 95 عاما على اعتراف الاتحاد السوفيتي "ويذكر أن كان الاعتراف الأول في العالم" باستقلال المملكة، فضلا عن 30 عاما من استعادة العلاقات الثنائية. 

من جانبه، أشار لافروف إلى أن التبادل التجاري في نمو مستمر حيث اقترب من 1.5 مليار دولار، وفي عام 2018، تجاوز هذا الرقم المليار دولار.

وخلال زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى السعودية في أكتوبر/تشرين الأول 2019، خطط ممثلو البلدين في المستقبل القريب، لتعيين الحد الأقصى عند 2 مليار دولار، "ولن يتراجع الجانبان عما تم الإعلان عنه"، وفق الكاتبة.

وتتابع بيلينكايا أنه في ديسمبر/كانون الأول الماضي، وعد نائب رئيس وزراء روسيا والرئيس المشارك للجنة الحكومية الروسية السعودية للتعاون التجاري والاقتصادي، ألكسندر نوفاك، أنه في نهاية مارس/آذار المقبل سيقدم الجانبان 74 مشروعا مشتركا جديدا. 

ولم يتم تحديد ماهية المشاريع، ومع ذلك، وفقا للافروف، تناقش موسكو والرياض بنشاط التعاون في مجالات مثل الفضاء والطاقة النووية.

كما تطرق الوزير الروسي إلى المفاوضات الجارية لإجراء المرحلة الثالثة من التجارب السريرية للقاح Sputnik V في المملكة وتوطين إنتاجه.

وهنا كانت مصادفة جيدة أن اللقاح يتم التعامل معه من قبل صندوق الاستثمار المباشر الروسي (RDIF)، الذي يعمل كقناة اتصال رئيسة بين الشركات الروسية والسعودية، وكما ذكر لافروف، أن جميع المفاوضين يعرفون بعضهم البعض منذ فترة طويلة.

الجدير بالذكر – تقول الكاتبة- أن ولي العهد محمد بن سلمان كان من أوائل الذين تم تطعيمهم بلقاح "فايزر"، وقرر والده الملك سلمان بن عبد العزيز البالغ من العمر 85 عاما التطعيم في يناير/كانون الثاني الجاري.

العلاقات الإقليمية 

وقالت بيلينكايا: إن "المسائل الاقليمية كانت أكثر تعقيدا، ويبدو أن الوزيرين أعلنا وجهات نظر مشتركة في - دعم الحوار الوطني في ليبيا وسوريا، وضرورة دعم جهود الأمم المتحدة للمصالحة في اليمن، والحاجة إلى استئناف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية". 

لكن هذا كان فقط طالما أنه لم يأت الذكر على إيران، حيث اتهم الوزير السعودي طهران تقليديا بتقويض الأمن في المنطقة، وعلى وجه الخصوص، ورد بشكل منفصل دعم طهران لـ"الأعمال التخريبية" لجماعة "الحوثي" في اليمن، بما في ذلك إمدادها بالسلاح. 

وبحسب ابن فرحان، فإن قرار واشنطن الأخير بإدراج "الحوثيين" على القوائم الأميركية للتنظيمات الإرهابية لن يقوض جهود الأمم المتحدة للمصالحة اليمنية، كما يخشى المفاوضون الدوليون والمنظمات الإنسانية.

وقال الوزير السعودي: "ندعم جهود الأمم المتحدة، لكننا نعتقد أن القرار الأميركي لن يكون له تأثير سلبي على العملية السياسية كما هي تصرفات الحوثيين"، مذكرا بالقصف المستمر للمملكة من قبل الحوثيين. 

وهنا نشأ الخلاف الأول مع لافروف، وقال: "أرغب بشدة في أن تتحقق هذه التوقعات وأن لا تتأثر العملية السياسية، لكن الكثيرين، بمن فيهم ممثلو الأمم المتحدة، أعربوا عن مخاوفهم من ظهور تأثير سلبي".

وأضافت الكاتبة المختصة في شؤون الشرق الأوسط والعلاقات الروسية الإفريقية، أن النقاش مع الصحفيين دار حول إيران نفسها، حيث شدد الوزير السعودي على أنه "ما لم تعد طهران النظر في دورها وتدخلها في شؤون المنطقة وترفض نشر فكرها، فلا يمكن الحديث عن أي تفاعل معها"، ردا على أسئلة الصحفيين.

ولم يسع لافروف سوى أن يضيف أن روسيا "مع ذلك مهتمة بالحوار بين إيران والدول العربية ومستعدة لمساعدتها على هذا الطريق"، وعلى وجه الخصوص، أشار إلى المفهوم الروسي للأمن في منطقة الخليج الفارسي. 

وقال لافروف: "نتفهم أن السعودية قلقة أيضا بشأن ما يحدث بشأن برنامج إيران الصاروخي، وتشعر بالقلق إزاء الإجراءات المقلقة التي تتخذها إيران في دول معينة في المنطقة، لكن كل هذه القضايا يمكن طرحها في مؤتمر تقترح روسيا عقده لبحث مفهومه". 

وأشارت الكاتبة إلى أن "المصالحة بين السعودية والإمارات ومصر والبحرين مع قطر، والتي جرت أوائل يناير/كانون الثاني 2021، قد تسهم في تنفيذ الأفكار الروسية لتعزيز الأمن في الخليج العربي". 

وأضافت أن "موسكو تعتقد أنه بعد المصالحة الخليجية، سيأتي وقت الحوار مع إيران، إذا لم يعرقل ذلك تحريض من الخارج، وخاصة من الإدارة الأميركية الجديدة".

وختمت بيلينكايا مقالها بالقول: إن "لافروف وعد بنقل كل مخاوف الرياض شخصيا إلى وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، المتوقع وصوله إلى موسكو نهاية يناير/كانون الثاني الجاري".