Tuesday 19 March, 2024

صحيفة الاستقلال

وسط قلق إسرائيلي.. ما حقيقة الخلافات بين نظام السيسي والإمارات؟

منذ 2021/01/21 12:01:00 | تقارير
ربما يعرقل السيسي مشروعات إماراتية بمصر أو يفرض ضرائب عالية
حجم الخط

حالة توتر تسود علاقة دولة الإمارات بحليفها رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي مؤخرا، ولأول مرة منذ الانقلاب العسكري على الرئيس الراحل محمد مرسي منتصف 2013.

وتحدثت وسائل إعلام عبرية عن غضب السيسي من فرض أبوظبي المصالحة الخليجية عليه دون تنفيذ شروطه، ومن تصدرها ملف التطبيع مع إسرائيل وتخطي مصر في هذه القضية.

تقريران أحدهما في موقع "هآرتس"، يرصد نقاط غضب السيسي من الإمارات، والثاني في موقع "إسرائيل اليوم"، يطالب فيه كاتبه بموازنة العلاقات الإسرائيلية بين البلدين العربيين في ظل الخلاف بينهما، وهي الحالة التي رصدها أيضا محللون ومراقبون.

المستشرق الإسرائيلي خبير الشؤون العربية تسفي بارئيل، قال إن "المصالحة الخليجية مع قطر تنضم لسلسلة ضربات أضرّت بالسيسي، تحديدا في الوقت الحساس لدخول رئيس جديد للبيت الأبيض".

وأشار في مقاله المنشور بموقع "هآرتس" 9 يناير/ كانون الثاني 2021 إلى أن القاهرة ليست متوافقة تماما على التعاون بين إسرائيل والإمارات، فضلا عن تدخل الأخيرة في تعزيز التطبيع الإسرائيلي مع السودان.

أما رئيس برنامج الأمن الدولي بجامعة حيفا، دان شيفتان، فقال في صحيفة "إسرائيل اليوم"، 11 يناير/ كانون الثاني 2021، إن تل أبيب تطرح سؤالا مهما في ظل هذا التوتر، حول الموقف الذي يجب أن تتخذه والجهة التي تدعمها أو تفضلها عن الأخرى.

مؤشرات الغضب

وفي رصده لمؤشرات غضب السيسي من الإمارات، قال المستشرق الإسرائيلي إن الرجل غاب عن قمة الخليج 5 يناير/ كانون الثاني 2021، وأرسل وزير خارجيته، ما يشير أنه غير راضٍ عن بنود المصالحة، واعتبرها "تنازلا مفرطا لصالح الدوحة".

بارئيل، أشار لمخاوف مصر من أن تأخذ دول الخليج، والإمارات خصوصا، موقعها بالشرق الأوسط، مشيرا لغياب السيسي عن اتفاقيات التطبيع بين أبوظبي وإسرائيل 15 سبتمبر/ أيلول 2020.

وبين أن السيسي "أراد أن يكون صاحب أقوى تحركات سياسية مع إسرائيل، وخشي أن يُسقط الاتفاق وصاية مصر على الحالة الإسرائيلية، وأن تظهر الإمارات واحة للسلام".

المستشرق الإسرائيلي، عبر عن حجم غضب السيسي بالقول إنه "ظهر غاضبا من سلوك الإمارات المستقل عنه في التطبيع، وبذل عناء لإخفاء شعوره، صحيح أنه أول من رحب بالاتفاق، لكنه امتنع عن إرسال سفير لواشنطن لحضور حفل التوقيع".

وتحدث أيضا عن تبعات التطبيع الإماراتي الإسرائيلي على مصر والإضرار بقناة السويس، وأكد أن القاهرة قلقة من التقارير التي تتحدث عن نوايا مشتركة لإسرائيل وأبوظبي لبناء قناة مائية تربط البحر الأحمر عبر إيلات بميناء حيفا، وإنشاء خط أنابيب نفط بين إيلات وأسدود، ومحاولات الدولة الخليجية شراء ذلك الميناء مع شركات إسرائيلية.

ملف آخر وهو النفوذ الإماراتي القائم على حساب مصر بالقارة السمراء، وتدخلها في القرن الأفريقي، فتحه بارئيل، ملمحا لتحويل أبوظبي 3 مليارات دولار، وتوسطها للمصالحة بين إثيوبيا وإريتريا بالعام 2018، وتعزيز التعاون الاستخباراتي مع إسرائيل، ملمحا إلى أن ذلك "يثير مخاوف القاهرة أن تصبح إفريقيا قاعدة استخبارات إسرائيلية".

وفي ملف مياه النيل والأزمة القائمة بين مصر وإثيوبيا، أكد المستشرق الإسرائيلي أن "الإمارات لم تفعل ما يكفي بهذا الشأن لصالح القاهرة"، لافتا إلى أن الأخيرة طالبت أبوظبي للضغط على أديس أبابا وممارسة نفوذها الاقتصادي لحملها على قبول مطالبها.

خلاف السيسي وأبوظبي، رصده أيضا موقع "مدى مصر" 21 ديسمبر/ كانون الأول 2020، تحت عنوان "اتساع الهوة.. هكذا تدهور التنسيق الوثيق بين مصر والإمارات".

ونقل الموقع عن مصدر حكومي مصري تأكيده "توتر العلاقة بين القاهرة وأبوظبي بشكل متزايد خلال الشهور الثمانية عشر الماضية".

"مدى مصر"، قال نقلا عن مصدره إن زيارة ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد 16 ديسمبر/ كانون الأول 2020، القاهرة ولقاءه السيسي، قبل نحو 20 يوما من قمة العلا السعودية وما تلاها من مصالحة خليجية، "لا ينبغي أن يُنظر إليها على أنها دليل على نهاية خلافات عميقة بين العاصمتين".

فيما أشار الموقع لتأكيد اثنين من المسؤولين الحكوميين المصريين المطلعين، ومصدر سياسي إماراتي، تحدثا له أن "شهر العسل المصري والإماراتي الذي بشرت به رئاسة دونالد ترامب قد انتهى".

وقال: "كانت القاهرة على استعداد لأن تكون شريكًا لدولة الإمارات، وتوقعت في المقابل أن يتم تضمينها في عملية صنع القرار بشأن جميع القضايا ذات الاهتمام المشترك".

ولكن، بدلًا من ذلك، اتخذت أبوظبي مرارًا وتكرارًا زمام المبادرة في القضايا الإقليمية دون استشارة مصر بجدية، وغالبًا ما تبنت سياسات عدوانية من جانب واحد وتجاهلت مخاوف القاهرة، بحسب الموقع.

وأضاف: "من القضية الفلسطينية إلى ليبيا وقطر، ومن إثيوبيا والقرن الإفريقي إلى قناة السويس والبحر الأحمر، تباعدت المصالح السياسة الخارجية للبلدين بشكل متزايد، ما تسبب في ضغط كبير على ما كان يومًا علاقة متينة".

ولفت إلى أن موقف الإمارات غير الواضح بشأن أزمة سد النهضة، وفتحها خطّ اتصال دائما مع إثيوبيا، دون التفات للمطالبات المصرية المتكررة باستغلال تلك العلاقات لمساعدة القاهرة، ودعمها أديس أبابا ماليا أكثر من مرة؛ رسالة سلبية لصانع القرار المصري".

في الشأن الليبي، أضاف أن مصر مستاءة من عدة أمور أدّت لاحقا لخلاف، إن لم يظهر علنا فإنه بات أمرا واقعا، من بينها تَهرُّب الجنرال الليبي المنقلب خليفة حفتر من المسؤولين المصريين واستمراره في التشاور مع المسؤولين الإماراتيين.

وأشار أيضا إلى "خلافات عميقة" بين الجانبين، بسبب مقترح إسرائيلي على أبوظبي لبناء ممر برّي يربط بينها وبين دول الخليج، بما فيها السعودية، لنقل النفط والغاز الطبيعي ونواتج التقطير من تلك الدول إلى الغرب، حسب صحيفة "جلوبس" الإسرائيلية المختصة بالشأن الاقتصادي.

وفي نفس سياق الرصد الإسرائيلي للفتور المصري الإماراتي، بدت على الجانب الآخر، علامات الغضب الإماراتية من تحرك أحادي للسيسي بالملف الفلسطيني الإسرائيلي إثر اجتماع وزراء خارجية مصر والأردن وألمانيا وفرنسا "الرباعية الدولية".

وهاجمت "صحيفة العرب" اللندنية، الممولة من الإمارات، تحرك مصر لحل القضية الفلسطينية على أساس الدولتين.

وكتبت يوم 12 يناير/ كانون الثاني 2021، تحت عنوان "عودة المفاوضات مع إسرائيل خدمة للداعين إليها أم للفلسطينيين"، مؤكدة أن اجتماع القاهرة الرباعي 11 يناير/ تشرين الثاني 2021، مجرد "عناوين تقليدية، وبدت قريبة من أهداف من حضروها، قبل أن تحمل معها طموحات الشعب الفلسطيني".

وأشارت إلى أن تحرك القاهرة وعمان جاء لمخاوفهم من التطبيع وصفقة القرن، وتحرك ألمانيا وفرنسا محاولة لاستعادة الدور الأوروبي.

قلق واحتمالات

حالة الفتور بين السيسي والإمارات، دفعت المؤرخ الإسرائيلي دان شيفتان، لدعوة حكومة بنيامين نتنياهو للتعامل الحذر مع خلافات البلدين، للحفاظ على الفوائد الهائلة للعلاقات التي طورتها إسرائيل مؤخرا مع العالم العربي.

وقال في مقاله بـ"إسرائيل اليوم"، 11 يناير/ كانون الثاني 2021، إن "أهم حليف إقليمي لإسرائيل هي مصر السيسي التي تواجه جماعة الإخوان المسلمين"، لكنه استدرك بالقول إن "أهم تحالف إسرائيلي أنشأته العام الماضي كان مع الإمارات".

ولفت إلى أن أهمية تحالف تل أبيب وأبوظبي تكمن في "التقارب مع السعودية"، و"التعاون الاقتصادي والأمني"، و"تقديم شرعية واسعة وكاملة للدولة اليهودية لأول مرة"، لكنه أضاف أن "مصر قد تكون أكثر أهمية لإسرائيل، لكن الإمارات تقدم قيمة مضافة مهمة للمنطقة وواشنطن".

وأكد أن "مصر رحبت بالسلام الإماراتي مع إسرائيل، لكن ابن زايد وأميركا لم يحتاجا للسيسي للانطلاق بهذا السلام، فالعلاقات الثنائية بين أبوظبي وتل أبيب تتجاوز القاهرة، وقد تأتي على حسابها".

روشتة التعامل الإسرائيلي مع الموقف أوضحها بالقول إنه "ليس من المتوقع أن تفقد مصر مكانتها كأكبر دولة عربية وأكثرها تماسكا، لكنها تعتمد بشكل مميت على المساعدات الاقتصادية بعكس منافسيها الخليجيين".

ولذلك يجب على إسرائيل أن تدرك هذه الحساسيات، وتكون حذرة للغاية في المناورة بينها، ولا تميل إلى التخلي عن الشركاء الذين أثبتوا جدارتهم معها، وفق قوله.

 

 وبرغم ما قدمته الإمارات للسيسي، إلا أن مراقبون ومحللون يرون أن أبوظبي، قد تعطيه ظهرها، لأجل تنفيذ أطماعها الجديدة بعد التطبيع الإسرائيلي والتي قد تضر بالاقتصاد المصري وتسحب البساط من رئيس النظام المصري شخصيا في ملفات المنطقة وتقلل دوره لدى الإدارة الأميركية الجديدة.

واستشهدوا بما وقع في ملف اليمن من قبل الإمارات بحق السعودية، وانفرادها في الجنوب اليمني والجزر الاستراتيجية. 

الصحفي المصري محمد مرسي، أشار عبر صفحته بـ"فيسبوك"، إلى أن النظام المصري يحاول استعادة دوره الذي سلبته الإمارات في المنطقة.

وكتب قائلا: "جزء مهم من الثقل الدبلوماسي لمصر هو دورها في عملية السلام باعتبارها الدولة العربية الكبيرة ولها علاقات مع إسرائيل"، مؤكدا أن النظام المصري شعر أن هذا الدور خطفته الإمارات التي أصبحت عراب التطبيع، ويبدو أنه يحاول استرجاعه خصوصا مع تغير الإدارة الأميركية.

 

 لكن؛ أستاذ العلاقات الدولية، بجامعة سكاريا التركية الدكتور عصام عبدالشافي، أكد عبر فضائية "مكملين"، 12 يناير/ كانون الثاني 2021، أنها "خلافات في التكتيكات وليست بالأهداف ولا التوجهات".

وأشار لصعوبة الانفصال بين النظامين، لما قدمته الإمارات من دعم 7 سنوات للسيسي، وتغلغل شركاتها بقطاعات عديدة مصرية، ومعتقدا أن "وجه الخلاف الأهم هو أن بن زايد راهن على السيسي في ملف ليبيا".  

مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير عبدالله الأشعل، يرى أن "العلاقة بين مصر والإمارات والسعودية كان يحكمها دونالد ترامب الذي اهتز كرسيه وبالتالي ارتبك ابن سعود، وكانت فرصة ذهبية أن يقوم جاريد كوشنر، بالمصالحة التي جاءت وفق تعليمات لا تواؤمات؛ وبالتالي غضب السيسي، لتنفيذ المصالحة دون تحقيق مطالبه من قطر".

وحول أسباب إعطاء الإمارات ظهرها في ملف المصالحة للسيسي، أكد أستاذ العلوم السياسية، لـ"الاستقلال"، أن "ابن زايد حضر لمصر قبل المصالحة، ويبدو أن السيسي رفض وأكد أن المصالحة الخاصة به لها شروط،  وهنا وقع الخلاف"، مشيرا إلى أن "اختلاف السرعات واختلاف المصالح سيجعل هناك خلاف مواقف". 

ويعتقد، أنه "في نهاية المطاف فإن جميعهم مرتبكون بسبب قدوم جو بايدن، وإسرائيل أيضا لديها خوف كبير، ولا يعرفون ماذا سيصنع الرئيس الأمريكي الجديد"، متوقعا أنه "لن يتبنى المجموعة الحالية من حكام العرب؛ ولكنه سيتبنى المصالح الأمريكية المتراجعة بالمنطقة".  

وفي توقعاته لنهاية التحالف بين السيسي وابن زايد القائم بالملفات الداخلية والإقليمية لأكثر من 7 سنوات، قال الأشعل، إن "الوقيعة بينهما غير نهائية؛ لأن كل الأطراف انتهازيون يبحثون عن مصالح وقتية، وطالما لا توجد مصالح دائمة للوطن وهي مصالح للعصابات فإن هذا التحالف لا يمكن أن يتفكك، قد يتجمد ولكن اللصوص يحافظون على شعرة معاوية".

بشأن موقف تل أبيب من تأزم الوضع بين القاهرة وأبوظبي، وأيهما أقرب لها كي تبقي على وده؟،  يرى السياسي المصري أن "القاهرة هي الأساس رغم قيادة الإمارات لفقاعة التطبيع".

ولكن إسرائيل عند أي خلاف تتبع العقلية اليهودية التي لا تخسر وتحاول كسب كل الأطراف، ولن تخوض في النزاع بين السيسي والإمارات، وقد توفق بينهما، ولن تصل لمرحلة أن تختار بينهما، وفق تقديره.

وعن نقاط الضغط التي يملكها السيسي على الإمارات، وما بيد حكام أبوظبي ليعيدوه إلى حظيرتهم، قال الأشعل: "أبوظبي من تريد مصر التي قد لا تريده هي".

ورأى أنه "ربما يعرقل السيسي مشروعات إماراتية بمصر أو يفرض ضرائب عالية، ولديه أدوات كثيرة يضايق بها الإمارات".


تحميل

المصادر:

1

פרשנות | אבו דאבי הפכה מבעלת ברית של מצרים למתחרה שלה על השפעה אזורית

2

צרות של עשירים: ישראל בסבך הרגישויות האזוריות

3

اتساع الهوة.. هكذا تدهور التنسيق الوثيق بين مصر والإمارات

4

عودة المفاوضات مع إسرائيل خدمة للداعين إليها أم للفلسطينيين

كلمات مفتاحية :

إسرائيل الإمارات دونالد ترامب عبدالفتاح السيسي علاقات متوترة مصر