"يعاملوننا كالحيوانات".. مهاجرون يحكون انتهاكات الشرطة الفرنسية بحقهم

12

طباعة

مشاركة

أكدت صحيفة "الغارديان" البريطانية أن السلطات الفرنسية تنتهك حقوق الإنسان في تنفيذ عمليات إخلاء مخيمات اللاجئين والمهاجرين بطريقة تعسفية وغير قانونية، رغم تحذيرات المنظمات الدولية.

وأوضحت أنه "في 9 يناير/كانون الثاني 2020 وقبل شروق الشمس بقليل، تجمع حوالي 40 ضابطا ومسؤولا خارج مركز شرطة كاليه الفرنسي حيث انخفضت درجات الحرارة إلى دون 3 درجات مئوية، وبعد فترة وجيزة، بدأت قافلة مؤلفة من 9 مركبات على الطريق أول 5 عمليات إخلاء قسري لمخيمات اللاجئين المؤقتة المخطط لها ذلك الصباح.

وأضافت الصحيفة أنه "عقب وصول القافلة إلى المخيم، على بعد أميال قليلة من وسط المدينة، طارد رجال شرطة مقنعون يرتدون الزي الأسود اللاجئين بعيدا عن خيامهم وممتلكاتهم".

وتابعت: "تحصن بعض اللاجئين الآخرين البالغ عددهم 150، والذين يحتمون في المخيم بالفرار قبل وصول السلطات، وسرعان ما أصبح المعسكر فارغا، وبقيت أكياس النوم والسترات المغطاة بالصقيع".

سلب للآمال

ووفقا للأرقام الصادرة عن مراقبي حقوق الإنسان (HRO)، وهي منظمة غير ربحية تراقب عمليات إخلاء الشرطة في شمال فرنسا، شهد عام 2020 أكثر من 973 عملية إخلاء في كاليه، أي ما يقرب من 3 حالات في اليوم، وأكثر من ضعف العدد المسجل عام 2018 البالغ 452 حالة، وقد تم في هذه العمليات الاستيلاء على 526 خيمة واعتقال 41 شخصا.

وقالت المنسقة الميدانية لموظفي حقوق الإنسان، إيزابيلا أندرسون: "استمر الأمر على هذا النحو طيلة شهور.. عمليات الإخلاء المستمرة هذه هي جزء من سياسة الحكومة الفرنسية لإرهاق طالبي اللجوء وسلب آمالهم، إنه مثل التعذيب".

ورغم حظر دخول "الغارديان" للعديد من مواقع الإخلاء من قبل الشرطة، إلا أن أدلة الفيديو والروايات المباشرة تظهر ما يؤكد نشطاء الحملة أنه انتهاكات مستمرة لحقوق الإنسان أثناء عمليات الإخلاء التي قامت بها الشرطة، بما في ذلك الاستخدام المفرط للقوة وتدمير الممتلكات الشخصية.

وتضمنت حالات عنف الشرطة المبلغ عنها، تعرض قاصرين للغاز المسيل للدموع، وإصابة لاجئ إريتري برصاصة مطاطية من ارتفاع 10 أمتار في وجهه، مما أدى إلى نقله إلى المستشفى لمدة شهرين.

وتتم عمليات الإخلاء وفق جدول زمني متجدد مدته 48 ساعة لمنع اللاجئين من الحصول على حقوق محدودة وتطلب الشرطة أمرا من المحكمة لـ"تطهير الأرض"، وفق "الغارديان".

عبدول (20 عاما) من السودان وكان يقيم في كاليه منذ 5 أشهر على أمل العبور نحو المملكة المتحدة، قال: "يأتون الساعة الخامسة صباحا، ويدورون حول خيمتك ويقطعونها بالسكاكين.. لقد حدث لي مرات عديدة.. إنهم يعاملوننا كالحيوانات وليس كبشر".

من جهته، قال ناصر، وهو لاجئ أفغاني بلغ الثامنة عشرة في ديسمبر/كانون الأول 2020، إن "عمليات الإخلاء المستمرة أثرت على صحته العقلية.

وأضاف "تستمر الشرطة في القدوم إلى هنا.. كنت أعتقد أنه ربما لو هطلت الأمطار لن يأتوا، لكنهم يفعلون، حتى أنهم جاؤوا في رأس السنة الجديدة عندما كان الجميع سعداء بالعطلة.. يأخذون أغراضنا وعلينا أن نكون بالخارج لعدة ساعات -أحيانا من 10 إلى 12 ساعة- إنهم لا يهتمون إذا كنت قاصرا".

ويتم تنفيذ معظم عمليات الإخلاء باستخدام "التلبس"، وهو إجراء يسمح للشرطة بإبعاد شاغلي الأراضي الخاصة إذا كانت هناك شكوى وكانوا هناك منذ أقل من 48 ساعة، ويؤدي بعضها إلى الاعتقالات والترحيل، لكن غالبا ما يفر اللاجئون ويعودون لاحقا، وفق الصحيفة البريطانية.

خرق للقانون

ويقول محامون إن "عمليات الإخلاء هي مضايقة وخرق لقانون حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة وكذلك القانون الفرنسي، مع تطبيق إجراءات الطوارئ -التي تهدف إلى جمع الحقائق حول جريمة - بشكل خاطئ ودائم".

وقالت مارجوت سيفري، المتخصصة في عمليات الإخلاء لمؤسسة "كاباني جوريديك" الخيرية للدعم القانوني: "إنه انتهاك كامل للنظام.. في ظل الظروف العادية، يتطلب الإخلاء إذنا من القاضي، وتشخيصا اجتماعيا لتحديد الأشخاص المستضعفين، والاستعداد لتقديم حلول إعادة الإسكان.

واستدركت سيفري: "لكن في ظل التلبس الذي ينبغي أن يكون تدبيرا قصير الأجل، لا يوجد أساس قانوني ولا فرصة للاستئناف".

من جانبه، قال باستيان رولاند، وهو محام يعمل في كاليه، إن التكتيكات "غامضة عن عمد ويصعب الطعن فيها"، مضيفا أن “الحكومة تنفق ملايين اليوروهات لإبطاء عمل هؤلاء اللاجئين.. سيظلون يحاولون العبور إلى إنجلترا".

وأشار تقرير "الغارديان" إلى أن عمليات الإخلاء واسعة النطاق، التي توصف بأنها عمليات "إيواء"، والتي تنطوي على تشتيت اللاجئين في مراكز متفرقة، تنفذها السلطات الفرنسية من خلال أوامر المحكمة.

وفي 29 سبتمبر/أيلول الماضي، تم إجلاء نحو 800 شخص في منطقة تعرف باسم "المستشفى"، وهي واحدة من 15 عملية مماثلة العام الماضي.

وبعد تدمير مخيم كاليه "الغابة" عام 2016 ومخيم مؤقت كبير آخر في سبتمبر/أيلول الماضي، اعتبرت السلطات الفرنسية عمليات الإخلاء "سلاحا رئيسا" في منع إنشاء "نقاط تثبيت" مماثلة من قبل ما يقدر بنحو 1200 لاجئ حاليا في كاليه ودنكيرك ، والتي تشمل النساء الحوامل والأطفال.

وتقول المنظمات الإنسانية العاملة في شمال فرنسا إن "الظروف ساءت في الأشهر الأخيرة، وعمليات الإجلاء أصبحت بلا هوادة".

وينام حوالي 150 شخصا تحت الجسور وسط مدينة كاليه، حيث يُحظر على الجمعيات الخيرية توزيع الطعام، ولكن في 24 ديسمبر/كانون الأول 2020، أصدرت محكمة ليل الإدارية أمرا بالإخلاء، ومن المتوقع أن يتم قريبا.

وختمت الصحيفة البريطانية تقريرها بتصريح لمهاجر جزائري يبلغ من العمر 17 عاما، اسمه محمد، وينام حاليا تحت جسر مولين: "لا أعرف ماذا سأفعل إذا طردونا.. إستراتيجيتهم هي إضعافنا، لو كان كل شيء على ما يرام في بلادنا لما غادرنا.. ليس لدينا خيار".