بينها آبل وأمازون.. شركات عالمية متورطة في انتهاك حقوق الإيغور

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة ''إيل بوست'' الإيطالية الضوء على ما كشف عنه موقع ''بزفيد" الإخباري الأميركي من خلال تحقيق نُشر نهاية ديسمبر/كانون الأول 2020، يدين النظام الصيني بإجبار الإيغور المحتجزين في إقليم شينغيانغ على العمل القسري.

وقالت الصحيفة إن التحقيق كشف بناء الصين للعديد من المصانع في السنوات الثلاث الماضية داخل أو قرب معسكرات الاعتقال التي أنشأتها لاستهداف الإيغور الأقلية العرقية المسلمة المضطهدة، في مسعى اعتبره المجتمع الدولي مرارا وتكرارا "تطهيرا عرقيا" و"إبادة الجماعية".

وأضافت أنه وفقا لتحقيق أجرته صحيفة ''واشنطن بوست'' ومشروع ''الشفافية التقنية''، يقع تصنيع داخل هذه المصانع مكونات وقطع لفائدة الشركات متعددة الجنسيات الكبيرة، مثل آبل وأمازون وتيسلا.

وأشارت "إيل بوست" إلى أن قضية الاضطهاد المنهجي والعنف ضد الإيغور،  أسالت الكثير من الحبر في الآونة الأخيرة. 

آلة قمعية

وأبرزت التحقيقات الصحفية والتحريات من قبل المنظمات الدولية، الامتداد الهائل للآلة القمعية الصينية ضد الإيغور في السنوات الثلاث الماضية، من خلال الاعتقالات الجماعية وحملات إعادة التثقيف القسرية وأنظمة المراقبة الصارمة للغاية، مثل نظام التعرف على الوجه. 

من جانبه، ركز تحقيق بزفيد، وهو الجزء الأخير من مشروع صحفي أوسع يهدف إلى تسليط الضوء على القمع الذي يتعرض له الإيغور في الصين، على جانب معين يتعلق بكيفية استغلال النظام الصيني أقلية الإيغور في إنتاج السلع الموجهة للاستهلاك المحلي و إلى التصدير.

وبحسب الموقع الأميركي، يوجد  داخل ما يقرب 135 من مئات معسكرات الاعتقال التي تم بناؤها في السنوات الثلاث الماضية في شينغيانغ، مصانع يجبر فيها المعتقلون على العمل القسري، وغالبا ما تكشف صور الأقمار الصناعية عن هذه المنشآت بفضل أسطحها الزرقاء أو الحمراء.

وبحسب الصحيفة الإيطالية، من الصعب التحقق بشكل مستقل مما إذا كانت جميع هذه المصانع تعتمد على العمل القسري، بسبب تحكم النظام الصيني الصارم للغاية في المرافق والسجناء.

واستنادا لشهادات مختلفة جمعها موقع "بزفيد"، أجبر الأشخاص المحتجزون في هذه  المعسكرات على العمل في المصانع رغما عنهم، بأجر زهيد أو دون تلقي أي مقابل.

بدورها، تحدثت "دينا نورديباي"، التي احتُجزت في مخيم "لإعادة التأهيل" عامي 2017 و 2018، عن إجبارها على العمل في مصنع داخل المخيم، حيث كانت تمكث طوال اليوم في حجرة مغلقة من الخارج، لتخيط جيوبا للأزياء المدرسية، قائلة "لقد جعلوا من هذا المكان جحيما ودمروا حياتي".

وأوردت الصحيفة الإيطالية أن مصانع أخرى يفرض فيها العمل القسري لأشخاص منتمين إلى أقليات عرقية صينية تم بناؤها خارج معسكرات الاعتقال الجماعية وخارج شينغيانغ. 

وقد حدد موقع "بزفيد" مصانع من هذا النوع تمتد على مساحة تقارب ألفي كيلومتر مربع (منها 1300 كيلومتر مربع تشغلها مبانٍ بنيت خلال عام 2018 فقط). 

وأكدت الصحيفة الإيطالية أنه "من الصعب أيضا تحديد بدقة المصانع التي تُستخدم فيها العمالة القسرية، خاصة وأن الحكومة الصينية أطلقت في السنوات الأخيرة برنامجا يهدف إلى انتشال الناس من براثن الفقر عن طريق نقل العمال الزراعيين من المناطق الريفية إلى المصانع".

وبذلك أخفى النظام الصيني عمليات النقل القسري المرتبطة بدوافع عرقية وراء برنامج اقتصادي يستهدف فئة أوسع من الناس.

بدوره، أكد ''مركز معهد السياسة الإستراتيجية الأسترالي"، أنه من الصعب للغاية بالنسبة للأيغور وأفراد الأقليات العرقية الأخرى في شينغيانغ، مثل الكازاخ، رفض عمليات النقل هذه في إطار برنامج  لمكافحة الفقر لأنها أعمال "وثيقة الصلة" بجهاز الاعتقال الصيني و سياسة التلقين العقائدي التي يفرضها النظام.

كما يخضع الأشخاص الذين يُجبرون على الانتقال إلى المصانع للمراقبة المستمرة والمنهجية، ويقع تخويفهم يإرسالهم إلى معسكرات الاعتقال أو معاقبتهم بطرق أخرى.

ووفقا لدراسات أجراها "مركز الدراسات الدفاعية المتقدمة"، الذي يتخذ من واشنطن مقرا له، ترتبط المصانع داخل معسكرات الاعتقال ارتباطا وثيقا باقتصاد إقليم شينغيانغ.

ومن خلال مقارنة موقع المصانع التي حددها  "بزفيد" بسجلات الشركات الصينية المعلنة من قبل النظام، رصد مركز الدراسات الدفاعية المتقدمة، ما يقارب 150 شركة موجودة في/ أو بجانب مرافق التصنيع، تؤشر 92 منها إلى الواردات والصادرات كجزء من أنشطتها.

وفي السنوات الأخيرة قامت هذه الشركات بنقل بضائعها إلى العديد من البلدان حول العالم، على غرار سريلانكا وقيرغيزستان وبنما وفرنسا والولايات المتحدة. 

وذكرت إيل بوست أن وزارة الخارجية الأميركية قدرت أن 100 ألف شخص من الإيغور والأقليات العرقية الأخرى في شينغيانغ، أجبروا على العمل القسري في الصين. 

استغلال عالمي

كما تحدثت مصادر عديدة في الأشهر الأخيرة عن تورط محتمل لبعض الشركات متعددة الجنسيات في هذه المسألة.

وبحسب صحيفة ''واشنطن بوست'' وموقع ''ذا انفورميشن''، ضغطت بعض الشركات متعددة الجنسيات، في مقدمتها "آبل" و"نايكي" و"كوكا كولا"، على الكونغرس الأميركي لإلغاء قانون يحظر استيراد السلع المصنوعة في الصين إلى الولايات المتحدة باستخدام العمالة القسرية للإيغور. 

وقد جرت الموافقة على القانون في مجلس النواب الأميركي في سبتمبر/أيلول 2020، لكن لم تتم مناقشته والتصويت عليه في مجلس الشيوخ بعد.

وأشارت الصحيفة الإيطالية إلى أن شركة "آبل"، التي أعربت في أكثر من مناسبة عن معارضتها للعمل القسري، تعرضت بصفة خاصة لانتقادات شديدة.

وقالت الشركة إنها أجرت 1142 عملية تفقد عبر سلسلة الإنتاج الخاصة بها في 49 دولة عام 2019؛ بهدف تعزيز القواعد الواردة في مدونة قواعد السلوك الخاصة بالشركة.  

من جهته، أكد المتحدث باسم الشركة، جوش روزنستوك، أن عمليات المراقبة أجريت أيضا في الصين، ولم يتم العثور على دليل يثبت استخدام العمل القسري في التصنيع. 

بدوره، أدلى "تيم كوك"، الرئيس التنفيذي لشركة آبل، في يوليو/تموز الماضي بشهادته أمام الكونغرس الأميركي ووصف الأعمال الشاقة بأنها "مثيرة للاشمئزاز" مؤكدا أن شركته لن تتسامح مع ذلك وستعمل على قطع أي علاقات مع الشركات التي تستغل العمل القسري في عملية التصنيع.

وأوضحت الصحيفة الإيطالية أنه وفقا لبعض الوثائق التي تحصل عليها مشروع ''الشفافية التقنية''، لا يتسم سلوك شركة آبل بهذه الشفافية، وتثبت هذه الوثائق أن شركة ''لينس تكنولوجي"، التي تنتج مكونات لـ"آبل"، تستغل عمل الآلاف من عمال الإيغور بشكل رئيس من منطقة شينغيانغ. 

وفي هذا الصدد، قالت ''كاتي بول''، مديرة مشروع الشفافية التقنية، لصحيفة واشنطن بوست: "يظهر تحقيقنا استخدام آبل للعمل القسري في عملية التصنيع الخاصة بها، يتجاوز بكثير ما اعترفت به الشركة".

وأضافت أن "الشركة تدعي أنها تتخذ إجراءات لإبعاد سلسلة إنتاجها عن هذه الأنواع من المشاكل، لكن الأدلة التي وجدناها متاحة على نطاق واسع على الإنترنت".

وختمت الصحيفة الإيطالية تقريرها بالقول: إن "معهد السياسة الإستراتيجية الأسترالي قام برصد 82 شركة متعددة الجنسيات من بينها أبركرومبي وفيتش، آبل، آمازون، إتش أند أم، نايكي، نينتندو وجنرال موتورز، تستخدم في عملية الإنتاج الخاصة بها مكونات يصنعها عمال الإيغور خارج شينغيانغ، ضمن برنامج النظام الصيني في مكافحة الفقر".