فشله في سيناء وليبيا.. كيف دفع السيسي للبحث عن امتلاك "الدرونز"؟

أحمد يحيى | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

ما عجزت عنه مصر في سيناء لسنوات طويلة، لم تكن لتحسمه في ليبيا خلال أشهر معدودة، خاصة في ظل فقدانها لطائرات "الدرونز" التي دخلت إلى سماء المعركة بعد الاتفاقية العسكرية التي وقعتها حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا مع تركيا وقلبت موازين الصراع في ليبيا.

فشل مصر ومعها الإمارات وفرنسا في إنقاذ حليفهم اللواء الانقلابي المتقاعد خليفة حفتر من براثن الهزيمة وتراجع قواته التي كانت على مشارف العاصمة طرابلس، جعل القاهرة تصمم على امتلاك "الدرونز" بأي شكل وبأي ثمن.

فهل أدركت القاهرة أن صفقات التسلح التي كانت تقتنيها، لا تسد الثغرات والاختلالات الإستراتيجية القائمة، في ظل التحديات الأمنية التي تواجهها، وحاجة مؤسساتها العسكرية لتغييرات في مستويات عديدة؟.

دعم الترسانة

خطوات حثيثة قطعتها القوات المسلحة المصرية، في الآونة الأخيرة للحصول على صفقات طائرات مسيرة "درونز"، لتدعيم ترسانتها العسكرية.

وفي 28 ديسمبر/ كانون الأول 2020، كشف موقع "تاكتيكال ريبورت" الأميركي المعني بشؤون الاستخبارات والشؤون العسكرية، أن "وزارة الدفاع المصرية تتجه لتطوير قدراتها في مجال تصنيع الطائرات بدون طيار متعددة المهام".

وأضاف أن "ذلك يأتي في ظل حاجة الجيش المصري، لمثل هذه الطائرات المسيرة، خاصة المقاتلة منها، بعد أن اتضح خطورة (الدرونز) المتوفرة في دول مثل تركيا وإيران". 

 وذكر: أن "هذه الطائرات أثبتت مؤخرا فعاليتها في حروب ليبيا، واليمن، وقره باغ في أذربيجان، وباتت وزارة الدفاع تدرك خطر الطائرات المسيرة التركية في حال وقوع مواجهات بين الجيشين المصري والتركي" بحسب ما أورد الموقع الاستخباراتي الأميركي.

كما أورد أن مصدرا قريبا من القوات المسلحة المصرية، قال إن "الجيش يعمل مع جهات عدة للحصول على أفضل الطائرات المسيرة، يتضمن ذلك مناقشات جارية مع البنتاغون للحصول على طائرة بدون طيار قتالية من طراز (MQ-9 Reaper)". 

وأكد كذلك "سعي وزارة الدفاع المصرية إلى التعاون مع العديد من صانعي (الدرونز) الأوروبيين، بما في ذلك شركة ليوناردو الإيطالية، وفي هذا السياق، تهتم القوات المسلحة المصرية بنوعين من  طائرات ليوناردو بدون طيار، هما (Falco Xplorer و AWHero)".

صفقات وتساؤلات

في فبراير/ شباط 2020، أخذت القاهرة خطوة متقدمة، ليس فقط بالحصول على (الدرونز) وإنما المشاركة في إنتاجها، عندما وقعت مع الهيئة الأكاديمية الوطنية للعلوم في بيلاروسيا، عقدا لإنتاج مشترك لطائرات مسيرة. 

وأعلن حينها رئيس غرفة الصناعة والتجارة البيلاروسية فلاديمير أولاخوفيتش،  أن "مصر وبيلاروس تنويان إطلاق خط إنتاج مشترك للدرونات". 

في تقرير نشره يوم 9 أكتوبر/ تشرين الأول 2018، بعنوان "مصر وحمى الإنفاق على التسليح"، أرجع موقع "ستراتفور" الأميركي، الكم الهائل لصفقات السلاح التي عقدتها القاهرة في الآونة الأخيرة، إلى "عوامل جيوسياسية أبعد من الحاجة العسكرية، في ظل توجه النظام المصري إلى الاعتماد على مصادر متعددة للتسليح".

أخطر ما ورد في التقرير، يتعلق الجزئية الخاصة بـ"ميكانيزم" الأسلحة التي حصل عليها الجيش في السنوات الأخيرة، قائلا: "الضرورات العسكرية ليست هي العامل الذي أدى إلى الزيادة الكبيرة في مشتريات النظام المصري من الأسلحة، ورغم المعركة التي يخوضها الجيش في سيناء ضد المتمردين، إلا أن الأسلحة لا تناسب طبيعة القتال هناك".

وفي 28 فبراير/ شباط 2019، أصدر مركز "كارنيغي لدراسات الشرق الأوسط"، تقريرا بعنوان "الجيش المصري.. العملاق المستيقظ من ثباته"، للباحث "روبرت سبرنغبورغ"، ذكر فيه أن "معدل الاستخدام للمعدات والأسلحة المصرية يشير إلى مستوى منخفض من النشاط التدريبي".

وأضاف: "ما يجعل المشكلة أكبر هو أن التدريب المصري غالبا ما يفتقر إلى مبدأ (اللعب الحر) لصالح سيناريوهات قاسية وغير مرنة وتم التخطيط لها مسبقا".

إخفاقات متعددة

لم يغب عن قادة الجيش في مصر أثناء خطواتهم نحو الدرونز، حجم الإخفاقات العسكرية التي حدثت في السنوات الماضية، لا سيما فيما يتعلق بسلاح الجو، وقد شهدت الأعوام الأخيرة، سيل محطم من الطائرات العسكرية المصرية لأسباب متباينة، جلها وفق البيانات الرسمية، في إطار التدريبات، مع تقارير تؤكد سقوطها في ظل معارك شرسة مع تنظيم الدولة في سيناء، أو مهام خارج الحدود. 

وحسب رصد أجرته "صحيفة الاستقلال"، تبين أنه خلال الفترة من 21 أبريل/ نيسان 2013، إلى 14 يناير/ كانون الثاني 2020، سقطت 19 طائرة عسكرية في حوادث مختلفة، ولقي معظم طواقم تلك الطائرات مصرعهم. 

ودفع سقوط ذلك العدد من الطائرات، خلال فترة زمنية ليست طويلة إلى التساؤل عن مدى نجاعة المهارات العسكرية، ودقة العمليات والتدريبات داخل القوات المسلحة المصرية.

وفي 19 ديسمبر/ كانون الأول 2017، أعلن الجيش مقتل ضابط وإصابة 2 آخرين في استهداف مطار العريش بقذيفة أثناء زيارة وزير الدفاع (السابق) الفريق صدقي صبحي، ووزير الداخلية (السابق) مجدي عبد الغفار.

في اليوم التالي، أعلن تنظيم الدولة تبنيه العملية التي استهدفت المطار، وتسببت في حرج بالغ لنظام السيسي، الذي تعرض وزيري دفاعه وداخليته للاستهداف المباشر، بغرض الاغتيال، في سابقة خطيرة.

الطيران الإسرائيلي 

فشل المنظومة العسكرية للسيسي في حسم المعارك بسيناء المستعرة بالحرب منذ سنوات، كان واحدا من النقاط المفصلية التي أكدت الحاجة إلى الطائرات المسيرة، وأنها باتت ضرورة ملحة، متجاوزة فكرة الرفاهية، أو مجرد الصفقات العشوائية.

هذا ما كشفت عنه صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، في 3 فبراير/ شباط 2018، عندما قالت: "سلاح الجو الإسرائيلي شن خلال العامين الماضيين أكثر من 100 غارة على أهداف في سيناء، في إطار الحرب على تنظيم الدولة".

وشددت الصحيفة الأميركية أن "الطائرات الحربية الإسرائيلية اقتحمت الأجواء المصرية بموافقة عبد الفتاح السيسي، إذ سمحت مصر لطائرات حربية وعمودية وأخرى من دون طيار دخول أجوائها وقصف أهداف في أراضيها".

ووصل الأمر أن "نيويورك تايمز" نقلت عن مسؤولين أميركيين قولهم إن "إسرائيل اشتكت لدى واشنطن بأن القاهرة أخفقت، بعد فشلها في استكمال الغارات الإسرائيلية بتحركات الجنود المصريين على الأرض".

كانت جماعة أنصار بيت المقدس قد نشرت مقطعا مصورا يوم 27 يناير/ كانون الثاني 2014 قالت: إنه لـ "عملية استهداف الطائرة العسكرية التي سقطت في سيناء، وقتل فيها 5 من الطيارين المصريين ومعاونيهم". 

وظهر في المقطع المصور أحد الأشخاص، وهو يطلق صاروخا يعتقد أنه من نوع متطور باتجاه مروحية الجيش ليصيبها ويتسبب في سقوطها.

وشككت استعانة نظام السيسي بإسرائيل في حسم المعارك الداخلية ضد تنظيم الدولية في سيناء، على قدرة الجيش المصري في معالجة إشكاليات إقليمية أعقد كثيرا من تلك المواجهات مع جماعات غير نظامية.