يني شفق: تصرفات إمام أوغلو تظهر يأس الشعب الجمهوري

الاستقلال - قسم الترجمة | 5 years ago

12

طباعة

مشاركة

قالت الإعلامية والكاتبة التركية أوزلام ألبيراق، في مقال لها على صحيفة "يني شفق" التركية، إن مرشح حزب الشعب الجمهوري يتصرف وكأنه رئيس بلدية إسطنبول الكبرى، مع أن النتائج النهائية لم تعلن بعد؛ والتصرف بهذا الشكل ليس فقط هدفه التأثير على مجريات إعادة فرز الأصوات، وإنما أيضًا تهيئة مؤيدي الحزب للنزول للشوارع، وإشاعة أجواء أن الانتخابات الأخيرة تم التلاعب فيها وتزويرها وأن "المرشح المنتخب جماهيرًا" أسقطته القوى المعادية للديمقراطية، مشددة على أن ذلك كله لا يصب البتة في صالح البلاد ولا الأحزاب السياسية الناشطة فيه.

إعادة فرز الأصوات.. أمر طبيعي

ورأت الكاتبة أن الأمور يجب أن تتم بسلاسة أكثر من ذلك، فالديمقراطية راسخة في تركيا، والاعتراض على الأصوات هذه المرة لم يكن الأول ولن يكون الأخير، وإعادة فرز الأصوات التي أمرت به اللجنة العليا للانتخابات في تركيا هو أمر طبيعي جدًا، بحسب الكاتبة.

وتذكر ألبيراق حادثة إعادة الانتخابات في مدينة يالوفا قرب إسطنبول، حيث اعترض الشعب الجمهوري على مرشح حزب العدالة والتنمية الفائز، وبالفعل تم إعادة فرز الأصوات من جديد وأعلن فوز مرشح الشعب الجمهوري بفارق 6 أصوات فقط. مشيرة إلى أن الانتخابات هذه المرة، لا يجب أن تكون مختلفة.

وبيّنت الإعلامية التركية أن حادثة يالوفا، مثال واحد فقط، وهناك العشرات من الحالات المشابهة لنتائج الانتخابات البلدية عبر تاريخ الجمهورية، مشيرة إلى أن هذه الأمور روتينية في عالم الانتخابات.

وتابعت الكاتبة، أن الأمر ينطبق كذلك على إسطنبول، فالمدينة حيث صوّت أكثر من 8 ملايين شخص، فاز حزب الشعب الجمهوري بـ27 ألف صوت فقط. ويرى العدالة والتنمية أن هذه النتيجة غير حقيقة وهناك تزوير فيها، وعليه يعاد الفرز الآن.

وأفادت الكاتبة؛ إن هذا كل ما في الأمر، مشددة على أنه حتى لو لم يكن هناك تزوير، طالما أن حزبا ما طالب بإعادة النتائج وقرن ذلك بدلائل واضحة ومنطقية، يعاد الفرز؛ وهو ما يحدث.

دلائل العدالة والتنمية على التلاعب

أشار المقال إلى أن دلائل العدالة والتنمية ليست مجرد شائعات عبر وسائل التواصل الاجتماعي يتداولها ناشطون، بل هي قرائن ودلالة مثبتة في محاضر الفرز. مضيفة أن القائمين على هذا الأمر من العدالة والتنمية أكدوا أكثر من مرة أن الآلاف من الأصوات في كل من إسطنبول وأنقرة تم استبدالها أو حجبها.

يذكر أن رئيس شؤون الانتخابات في العدالة والتنمية، علي إحسان يافوز، ورئيس الحزب في إسطنبول، بيرم سينوكاك عقدا، أكثر من مؤتمر صحفي وعرضوا أمام الكاميرات الكثير من الوثائق أوضحت تلاعبا وإمكانية للتزوير.

وهنا تقول الكاتبة: "إن كان الأمر كذلك، فلا مشكلة في إعادة فرز الأصوات مرة أخرى وعلى الجميع انتظار نتائج الانتخابات النهائية من اللجنة العليا للانتخابات في تركيا".

ودعت ألبيراق إلى انتظار هذه العملية القانونية التي ستعلن عن الفائز، مشددة على ضرورة تجنب السلوكيات التي يمكن أن تؤدي إلى أي استفزازات، وضرورة التحلي بالهدوء والصبر.

"يستجدي الرئاسة"

الكاتبة تقول، إن مرشح الشعب الجمهوري أكرم إمام أوغلو لم يفعل ذلك ويبدو أنه لن يفعل، ساردةً جملة من التصرفات التي قام بها التي توحي بأنه يتصرف كأنه بالفعل رئيس بلدية إسطنبول الكبرى رغم أن النتائج النهائية لم تعلن بعد.

وتبين الكاتبة أن إمام أوغلو في البداية عارض إعادة فرز الأصوات، بل ورفع دعوى في بداية الأمر لإيقافه قبل أن تتواصل العملية من جديد.

ليس هذا فحسب بل إن إمام أوغلو غير تعريفه على صفحته على تويتر مقدمًا نفسه على أنه رئيس بلدية إسطنبول الكبرى. بل أيضًا حين زار ضريح مصطفى كمال أتاتورك في أنقرة وقّع في دفتر النعي الخاص على أنه رئيس بلدية إسطنبول.

وتابعت الكاتبة، كلنا تابعنا المقابلات التي أجراها إمام أوغلو كما لو كان الرئيس الرسمي للبلدية، حيث رافق عددا من الصحفيين الأجانب في أحد الأسواق الشعبية في المدينة، وصرّح أيضًا حول المشاريع التي ينوي إيقافها في المدينة بحجة أنها ليست ذات جدوى اقتصادية ولا تفيد المدينة ومنها قناة إسطنبول على سبيل المثال.

يوضح المقال أنه "حتى لو كان إمام أوغلو رئيسًا للبلدية بالفعل، وعملية الانتخابات تمت بدون أي ملاحظات تذكر كان يجب أن ينتهي من الإجراءات القانونية الاعتيادية لتقليده رئيسًا للبلدية كاستحقاق انتخابي؛ وليس التصرف بصبيانية والوقوف أمام الكاميرات بقلق واستجداء تقليد الرئيس أردوغان له، رافعًا صورة الرئيس في ال94 حين فاز بالانتخابات في إسطنبول".

"حزب الشعب الجمهوري أكثر يأسا"

تشدد الكاتبة على أن إمام أوغلو حتى اللحظة ليس رئيس بلدية إسطنبول بشكل رسمي وإنما مولود أويصال، ولم يتم الانتهاء من عملية فرز الأصوات بشكل نهائي، ولم يمنح المنصب بعد؛ سواء لبن علي يلدرم ولا للآخر.

وأضافت، أن اللجنة العليا للانتخابات أعلنت النتائج الأولية فقط، وهذه النتائج ليست ملزمة قانونيًا، لكن النتائج النهائية لم تعلن بعد ويجب على الجميع بما فيهم إمام أوغلو التصرف بناء على ذلك، بحسب المقال.

ورأت الإعلامية التركية أن هناك أهدافا وراء تصرفات حزب الشعب الجمهوري، ذلك الحزب الذي بقي في السلطة لمدة تزيد عن ال30 عاما، وفي كل انتخابات بعدها يصاب الحزب بخيبة أمل، ويصبح أكثر يأسا في كل مرة؛ لكن هذه المرة باتت اللغة مختلفة والأدوات متغيرة.

قالت ألبيراق إن أكرم إمام أوغلو يلعب على عواطف الناخبين خاصة من الذين يقفون في صف حزبه، يريد الرجل تهيئة الخلفية النفسية للناخبين أن ما يجري الآن بعيد تمامًا عن الديمقراطية، معلّقة، "كل ما يجري الآن هو حيل دبرت في الخفاء".

تهديدات الشعب الجمهوري

وتواصل الكاتبة، بعبارة أخرى يريد أكرم إمام أوغلو أن يوصل رسائل للناخبين وللأطراف المعنية بأنه "تم التحايل على الرجل الذي فاز بعرق جبينه، وبكل شفافية، إن أصوات الناخبين لا تحترم.. أولا، لم يتم الاعتراف بالرجل الذي فاز، ثم اتهموه بالتزوير، لقد أنزلوا الرجل المستحق لمنصبه منه".

الكاتبة تقول "نحن نفهم لماذا فعل هذا" مضيفة أن رئيس الحزب كيلتشدار أوغلو وإمام أوغلو، يمزج تصريحاته بتهديدات مبطنة، للنزول إلى الشارع، لقد فهم الجميع هذا من التصريحات الأخيرة المتكررة.

ورأت الكاتبة أن الصحفيين وصناع الرأي والكتّاب والشخصيات العامة في المجتمع يُنتظر منهم دور كبير؛ وهو الإيمان بالديمقراطية وسيادة إرادة الأمة، لا نريد التصرف على أهوائنا، هناك قانون يجب أن ينصاع الجميع له.

وخلص المقال إلى أن احتمال ضياع الديمقراطية في البلاد، لا يعني فقط خسارة حزب الشعب الجمهوري ولا حتى حزب العدالة والتنمية أو الحزب الجيد أو السعادة وغيرهم من الأحزاب، "إنها خسارتي أنا وخسارتكم أنتم، إنها خسارة الوطن برمته"، بحسب ألبيراق.

وتختم الكاتبة مقالها بالقول، "إن السياسة أمر، والوطن أمر آخر تمامًا".