بعد المصالحة الخليجية.. هل تتوسط قطر بين السعودية والحوثيين في اليمن؟

سام أبو المجد | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

الأزمة الخليجية التي اندلعت صيف 2017، بين قطر ورباعي دول الحصار (السعودية والإمارات والبحرين ومصر) كانت لها انعكاساتها طيلة 3 سنوات على تطور الأحداث في الملف اليمني بشكل واضح.

وقتها خرجت قطر من التحالف العربي الذي بدأ تنفيذ ضربات جوية على الحوثيين في 25 مارس/آذار 2015، فيما عرف بعملية "عاصفة الحزم"، وما تلا ذلك من تغيرات في المشهد اليمني.

لكن بعد توقيع المصالحة الخليجية في قمة "العلا" بالسعودية يوم 5 يناير/كانون الثاني 2020، يتوقع مراقبون أن تفرز هذه المصالحة معطيات جديدة فيما يخص الأزمة اليمنية، وأنها قد تعيد رسم المشهد في البلد المأزوم، بما يتماشى مع المتغيرات التي طرأت مؤخرا، وبما يسهم أيضا في الحفاظ على مصالح الدول الخليجية.

فيما يرى آخرون، أن المصالحة لن تحدث تغييرات جوهرية في مسار الأزمة اليمنية، لأن المصالحة تهدف في المقام الأول لترميم العلاقات بين البلدين الجارين (السعودية وقطر).

إعادة الثقة

الكاتب والمحلل السياسي اليمني "ياسين التميمي" كان من الفريق المتفائل الذي يرى أن المصالحة سوف تسهم بشكل من الأشكال في تقارب المكونات اليمنية التي تأثرت بذلك الصراع، وتخفف من حمى الاستقطابات، على أقل تقدير، وهو الأمر الذي يمكن أن ينعكس بشكل إيجابي في تقارب النخب وتعزيز موقف الحكومة الشرعية في اليمن.

"التميمي" قال في حديثه مع "الاستقلال": "المصالحة السعودية القطرية خطوة إيجابية تأخرت كثيرا، ومع هذا لا يوجد شيء أهم من أن يستعيد العرب وحدة موقفهم، ويستعيدوا المشاعر الإيجابية بوحدة المصير المشترك".

وتابع التميمي: "فيما يخص الأزمة اليمنية، فإن المصالحة كانت أمرا مهما، فهي ستنهي سنوات من الصراع المكلف جدا لجميع الأطراف، وبالتالي ستنعكس على الأزمة التي نالتها آثار سلبية جدا على كافة المستويات في اليمن".

مضيفا: "على سبيل المثال فإن السلك الدبلوماسي الذي كنا نحتاجه لإسناد اليمنيين في معركة استعادة الدولة أصيب بالشلل التام، نتيجة انقطاع تمويل ميزانيته التي كانت توفرها قطر، وقد توقف هذا الدعم نتيجة القطع التعسفي للعلاقات من جانب واحد وهو السلطة الشرعية في اليمن".

الكاتب اليمني قال: "من المعلوم أن صراع الأطراف الخليجية تسبب على مدى 3 أعوام، بتصنيف الشتات اليمني إلى معسكرات وولاءات، وبالتالي هدم الثقة بين مكونات الشرعية، وتسبب بحالة من الفرز لدى النخب اليمنية، ومن المؤمل أن تعيد المصالحة الثقة بين تلك المكونات".

وختم التميمي حديثه بالقول: "ما ينبغي التأكيد عليه من جانب اليمنيين، عقب هذه المصالحة، أن معركة استعادة الدولة والجمهورية هو قدرهم وخطهم الثابت، لا ينبغي أن يفقدهم إيمانهم بأهدافهم المصيرية الحتمية، أو يتأثر بالخصومات الإقليمية".

مؤكدا أن "بعض زعماء دول الحصار لم يتوقفوا بعد عن طموحاتهم الخبيثة، ولم يظهروا القدر الكافي من التفاعل مع المصالحة وتداعياتها الإيجابية المستدامة (في إشارة للإمارات)، وهو تحدٍ سيقي المنطقة تحت الأنظار لفترة طويلة".


 

قطر و"الحوثي"

كانت الحكومة اليمنية قد اتهمت قطر، بعد خروجها من التحالف إبان اندلاع الأزمة الخليجية، بدعمها جماعة الحوثي، وغرد وقتها وزير الإعلام اليمني "معمر الإرياني" على "تويتر" مؤكدا أن السياسات التي تنتهجها قطر في الأزمة اليمنية باتت تتناغم وأجندة الانقلاب الحوثي المدعوم إيرانيا.

موقف الحكومة اليمنية المقيمة في "الرياض" جاء معبرا عن الموقف السعودي تجاه قطر، أكثر من تعبيره عن الموقف اليمني، وفق محللين.

كانت "قطر" قد استنكرت في أبريل/نيسان 2020، الاتهامات اليمنية لها بدعم جماعة الحوثي، وأكدت أنها "لا تكن  للشعب اليمني الشقيق إلا كل خير ولن تألو جهدا في دعم أية مساع إقليمية أو دولية لرفع هذه الغمة عن اليمن الشقيق"، حسب بيان وزارة خارجيتها.

إلا أنه من الملاحظ، أن تقاربا قطريا حوثيا قد حدث، على الأقل في مستواه الإعلامي، حيث كانت جماعة الحوثي قد سمحت مطلع يوليو/تموز 2017، أي بعد اندلاع الأزمة الخليجية، بإعادة افتتاح مكتب قناة الجزيرة في صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين.

وغرد رئيس ما يسمى باللجنة الثورية "محمد علي الحوثي" على تويتر قائلا: "بالنسبة لقناة الجزيرة، بعد التواصل معهم بعد طلبهم فتح مكتب في صنعاء، أبلغناهم بالموافقة المبدئية على أساس أن يتم مناقشة التفاصيل مع المعنيين"، وهو ما اعتبره البعض مؤشرا على للتقارب بين قطر وجماعة الحوثي.

كان افتتاح "مكتب الجزيرة" قد أتى بعد إغلاقه بنحو عامين، حيث أقدمت جماعة الحوثي على اقتحامه والعبث بمحتوياته في 26 مارس/آذار 2015، عقب إعلان العملية العسكرية "عاصفة الحزم".

يتوقع خبراء أن تعيد المصالحة السعودية القطرية رسم العلاقة بين الدوحة والحوثيين بما يراعي قواعد اللعبة الجديدة، خاصة وأن موقف السعودية ذاتها من الحوثيين لم يعد بتلك الدرجة من التوتر.

فالسعودية خلال السنوات الماضية، وبعد أن فشلت في القضاء على الحوثيين، قد لجأت لإجراء محادثات غير مباشرة معهم في كل من الظهران ومسقط، وعليه فليس من الوارد أن تشهد العلاقة بين قطر والحوثيين توترا كما كان عليه الحال قبل اندلاع الأزمة الخليجية.

يأتي هذا الحديث في ظل تصريحات لمسؤولين أمريكيين وأوروبيين أنه من الوارد جدا حدوث اتفاق بين السعودية والحوثيين، عقب تولي بايدن رئاسة الولايات المتحدة الأميركية.

كان جيرالد فاير ستاين السفير الأمريكي الأسبق لدى اليمن قد صرح في حواره مع مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية مطلع يناير/كانون الثاني 2020، بأن هناك إمكانية لالتقاء مصالح السعودية مع ميليشيا الحوثي المسلحة.

وذهب فاير ستاين إلى أبعد من ذلك حين قال: "إن الحوثيين سيتخلون عن علاقتهم بإيران، ويتفقون مع السعوديين في ظل الظروف المناسبة"، مشيرا إلى أن السعوديين يعتقدون أن ذلك أمرا واردا، وإن كان البعض يستبعد حدوثه في الوقت الحالي.

وسيط محتمل

وبناء عليه، لو تم هذا الأمر، فمن الوارد جدا أن تقوم قطر بدور الوساطة بين السعودية والحوثيين، وتقوم بتيسير المحادثات واللقاءات بين الجانبين، وهو الدور الذي تقوم به سلطنة عمان حاليا، وفق ما كشفت عنه صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

ورغم التباين السعودي الإماراتي في قرار المصالحة مع قطر، إلا أن كلا من "الرياض وأبوظبي" متفقتان على الأجندة في عدن والمحافظات الجنوبية باليمن، وليس من الوارد أن ينعكس ذلك التباين على طبيعة تحالف الرياض وأبوظبي في "عدن".

علاوة على ذلك، فإن موقف المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن، يأتي منسجما مع الموقف الإماراتي الذي ما يزال يشهد توترا وقطيعة مع الدوحة، لأن المجلس الانتقالي يدين بالولاء الكامل لأبوظبي، وتعبر مواقفه السياسية عن الرغبة الإماراتية التي تسيطر سياسيا وعسكريا على "عدن" والمحافظات الجنوبية.