"تمويل سخي".. هكذا تتحرك فرنسا وفق مصالحها في شمال إفريقيا

قسم الترجمة - الاستقلال | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

يتناول التحليل التحركات الفرنسية في شمال إفريقيا وفق "مصالح وطنية محددة" واستنادا إلى 3 نقاط: الأسلحة، النفط والجغرافيا السياسية، بحسب الأكاديمية الإيطالية المتخصصة في الشأن الليبي "ميكالا ميركوري".

وفي مقال نشره موقع "إيل سوسيداريو" الإيطالي، أشارت الخبيرة الإيطالية إلى  أن "تصريح الرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون" خلال الزيارة الأخيرة لرئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي إلى الإليزيه، أثار ضجة كبيرة".

وقال "ماكرون" حينها إن "بين مصر وفرنسا شراكة إستراتيجية أساسية للاستقرار الإقليمي وبالتالي لن نربط التعاون في قطاعات الدفاع أو الاقتصاد، بالخلافات حول حقوق الإنسان". 

المبادئ الثلاث

ووصفت "ميركوري" موقف "ماكرون"، بما يسمى بـ"السياسة الواقعية التي لم يخفها الرئيس الفرنسي مطلقا في الدفاع عن المصلحة الوطنية في شمال إفريقيا (وخارجها) استنادا إلى النقاط التي سبق ذكرها".

وأردفت بأن هذه "المبادئ التوجيهية الثلاثة"، أرشدت السياسة الخارجية الفرنسية لفترة طويلة، قام خلالها آخر ثلاث رؤساء فرنسيين باتباعها بـ"طريقة ثابتة ودون قيود".

وأوضحت "ميركوري" أن "ليبيا تمثل مثالا بارزا لهذه السياسة، خصوصا وأن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أيد عام 2011، الحرب ضد زعيم ليبيا الراحل معمر القذافي للسيطرة على احتياطيات النفط في الجماهيرية السابقة، وعلى وجه الخصوص تلك الموجودة في خليج سرت الذي يزخر بالموارد التي لا تزال غير مستكشفة جزئيا". 

وتابعت: "باريس لم تدخر أي جهد خلال حرب 2011، في إرسال أسلحة للثوار في مدينة بنغازي، انتهت بين أيدي العديد من الفصائل الليبية إلى الآن".

وفي 13 أبريل/نيسان 2011. (قبل مقتل القذافي في 20 أكتوبر/تشرين الأول من نفس السنة)، استقبل "ساركوزي" بسرية تامة رئيس أركان جيش التحرير الوطني الليبي، "عبد الفتاح يونس"، الذي قُتل في بنغازي في ظروف غامضة في يوليو/تموز 2011، لمناقشة ضمانات حول عقود الطاقة المستقبلية. 

في تلك المناسبة، تعهد الرئيس الفرنسي في المقابل، بإرسال مدربين عسكريين إلى جانب تمكين "يونس" من "تمويل سخي"، حسبما تقول "ميركوري".

كما تم الاتفاق (وفق المعلومات التي تم تسريبها وغير المؤكدة إلى اليوم) على أن تتولى القوات الفرنسية أيضا مهمة الإشراف على نقل الأسلحة والإمدادات إلى الثوار، وهو أمر محظور تماما بموجب قرار الأمم المتحدة لعام 1973.

سياسة واحدة

وأضافت الأكاديمية الإيطالية أن "الرئيس الفرنسي التالي فرانسوا هولاند واصل نفس السياسة، ولا ينسى الإيطاليون لقاءه بالسيسي في القاهرة رفقة وفد يتكون من 60 رجل أعمال لحضور توقيع عقود وزيادة الاستثمارات والشراكة في مجال التسلح وغيرها".

ولفتت "ميركوري" إلى أن "جزء من  هذه الأسلحة، التي غالبا ما يتم تمويلها بأموال سعودية، انتهى بها المطاف في ليبيا، في أيدي الجنرال الانقلابي خليفة حفتر لتأجيج الصراع في البلاد".

على المستوى الرسمي، دعم "هولاند" الحكومة المعترف بها دوليا بموجب اتفاقيات الصخيرات لعام 2015. التي أقرت تشكيل حكومة الوفاق الوطني بقيادة "فايز السراج".

في ذلك الوقت، بينما زار وزير الخارجية الفرنسي طرابلس لتهنئة رئيس الحكومة الجديد، عملت القوات الخاصة الفرنسية دون عائق في قاعدة "بنينا" بالقرب من "بنغازي" لدعم حفتر، وفق الخبيرة الإيطالية.

وأشارت "ميركوري" إلى أن "السياسية الفرنسية تعززت بوصول ماكرون إلى السلطة، وفي السنوات الأخيرة، أصبحت فرنسا، المورد الرئيس للأسلحة لمصر، وفي عام 2017. وحده، باعت أجهزة حربية إلى القاهرة بقيمة مليار ونصف المليار يورو". 

علاوة على ذلك، تعدّ باريس "السيسي" حليفا مهما في مناهضة تركيا ومواجهة أهداف "أردوغان" في ليبيا، وبشكل عام، في البحر الأبيض المتوسط ​​ولتجنب الإسقاط الجيوسياسي لأنقرة الذي يتعارض مع مصالح فرنسا في المنطقة. 

الموت الدماغي

وفي هذا الصدد، قال "ماكرون" قبل بضعة أشهر، صراحة: "أعتقد أن تركيا تمارس  في ليبيا لعبة خطيرة، تتعارض مع جميع الالتزامات التي تم التعهد بها خلال مؤتمر برلين، لذلك مخاوف مصر مشروعة". وذهب إلى حد الإشارة إلى "الموت الدماغي" لحلف شمال الأطلسي "الذي لم يفعل شيئا لعرقلة التقدم التركي".

وألمحت "ميركوري" إلى أن "الرئيس الفرنسي يبيع أسلحة لحلفاء حفتر ولا يخفي تقربه إلى الغرب، ويتضح ذلك من خلال مناقشة مؤسسة النفط الليبية مؤخرا مع شركة "توتال" الفرنسية، زيادة إنتاج النفط الخام وتطوير مشاريع التعاون في مختلف القطاعات".

وجاء الاتفاق بعد زيارة وزير داخلية حكومة الوفاق الوطني، "فتحي باشاغا"، إلى باريس، بحثا عن تأييد لترشحيه لمنصب رئاسة الوزراء.

وتشرح الباحثة الإيطالية أن "الإليزيه يطمح إلى إبقاء قنوات الاتصال مفتوحة أيضا مع طرابلس ومحيطها، وهو ما تسعى إليه مصر أيضا، ويظهر ذلك من خلال توجه وفد من القاهرة منذ أيام إلى العاصمة الليبية، كما تتحدث شائعات عن زيارة وشيكة للسراج إلى مصر". 

لذلك من المحتمل أن "يحاول كل من ماكرون  والسيسي، بالنظر إلى حالة عدم اليقين السائدة في البلاد وخطر استئناف الأعمال العدائية، ترسيخ مكانتهما كوسطاء جدد حتى لا يظلا مهمشين في التوازن المستقبلي للبلد، وربما الاستفادة من عقود إعادة الإعمار لفترة بعد الحرب"، وفق ميركوري.

وأكدت الخبيرة الإيطالية أن "النهج الذي سلكته السياسة الخارجية الفرنسية في الدفاع عن المصالح الوطنية في شمال إفريقيا من ساركوزي إلى ماكرون، مروراً بهولاند، ظل على حاله، ورغم الوقوع في بعض الأخطاء، تمكن الفرنسيون من تدارك الأمر".

وختمت مقالها بالقول: "قدمت فرنسا درسا يتعين على إيطاليا أن تضعه في الاعتبار إذا كانت تريد (صنع السلام) استنادا إلى مصلحتها الوطنية وكسب مكانتها في العالم".

الكلمات المفتاحية