مقر سري وأجهزة متطورة و"تدخل سريع".. هل يخشى السيسي مصير السادات؟

أحمد يحيى | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

وحدات قتالية خاصة، ومقر إقامة مجهول، وأنظمة متطورة لتحصين طائرته الرئاسية، هكذا أمعن رئيس النظام "عبد الفتاح السيسي" في حماية نفسه ونظامه، بطريقة غير مسبوقة لم تكن معهودة على أي رئيس أو حاكم مصري في التاريخ الحديث.

يبدو أن حادثة اغتيال الرئيس الراحل "أنور السادات" خلال عرض عسكري في 6 أكتوبر/تشرين الأول 1981، حاضرة أمام السيسي، خاصة وأن من قتل "السادات" في الأساس كانوا عسكريين، فهل يخشى "السيسي" تكرار تلك التجربة المؤلمة معه؟.

الطائرات الرئاسية 

في 23 أكتوبر/ تشرين الأول 2017، رافقت مقاتلات من طراز "رافال" طائرة السيسي، خلال زيارته إلى فرنسا، حيث حلقت 3 طائرات على الجانب الأيمن من الطائرة الرئاسية، فيما حلقت على جانبها الأيسر 3 طائرات أخرى.

وخلال الأيام القليلة الماضية، تعاقدت الحكومة على صفقة شراء أنظمة مضادة لتأمين طائرة الرئيس، بنحو 3 مليارات جنيه، في ظل وضع اقتصادي متدهور تعيشه البلاد.

ورغم أسطول الطائرات الرئاسية الذي يصل عدده إلى 20 طائرة مختلفة الأنواع، تعاقد "السيسي" في 30 ديسمبر/كانون الأول 2020، على صفقة شراء أنظمة مضادة، لحماية طائرته الخاصة.

وحسب موقع "سي إن إن" الأميركي، وافقت وزارة الخارجية الأميركية على عدد من صفقات أسلحة بمليارات الدولارات لكل من المملكة العربية السعودية ومصر والكويت.

حصة مصر في الصفقة تمثلت في الحصول على أنظمة مضادة تعمل بالأشعة تحت الحمراء ومعدات تابعة لها لطائرة "السيسي" بقيمة (104 ملايين دولار)، بالإضافة إلى منصات أهداف قناصة متقدمة ومعدات ذات علاقة بقيمة (65.6 مليون دولار)، وتبلغ إجمالي قيمة الصفقة نحو (169.6 مليون دولار)، أي ما يعادل (2.7 مليار جنيه مصري).

"التدخل السريع"

منذ وصول "السيسي" إلى الحكم في يونيو/حزيران عام 2014، حرص السيسي على تشكيل وحدات قتالية خاصة تدين له بالولاء المطلق استجابة لتأمين مخاوفه التي لا تنقطع.

شرع "السيسي" في تكوين وحدات قتالية خاصة داخل أجهزة الأمن والاستخبارات، هدفها الأول والأخير حمايته شخصيا، من محاولات الاغتيال أو الانقلاب، وجاءت قوات "التدخل السريع" على رأس تلك الفرق المخصصة لحمايته.

تتمتع قوات "التدخل السريع"، بقدرات عالية، وتجهيزات غير عادية، على مجموعة كتائب من فروع الجيش، بداية من فرق "الصاعقة" المزودة بمركبات "هامفي"، ثم كتائب مشاة ميكانيكية مزودة بالمركبات المدرعة المقاتلة والدبابات، بالإضافة إلى كتيبة مدفعية ميدانية مزودة بمدافع الهاوتزر عيار (155) وغيره.

كذلك كتيبة مدفعية مسلحة بعناصر المقذوفات الموجهة المضادة للدبابات والمزودة بمركبات "هامفي" محمول عليها قواذف صواريخ "تاو"، وكتيبة شرطة عسكرية مزودة بمركبات "بانثيرا"، المجهزة بتدريب خاص مضاد للألغام الأرضية.

أيضا، تضم كتيبة دفاع جوي مزودة بمنظومة "شاباريل" المضادة للطائرات، وفصائل الاستطلاع والإشارة والملحقة على كامل القوة، وأخيرا قوات جوية مكونة من مروحيات "شينوك" للنقل العسكري، ومروحيات (مي-17) لنقل الأفراد.

كذلك تأتي وحدات (GIS) القتالية الخاصة التابعة لجهاز الاستخبارات العامة، الذي يقوده اللواء "عباس كامل"، أشد المقربين للسيسي وأكثرهم ولاء، وتأتي أولوية حماية شخصية الرئيس على قائمة عمل القوات، بالإضافة إلى دورها في مكافحة الإرهاب.

يتم استخدام وحدات (GIS) في العمليات الكبرى، التي تهدف لتأمين وصول شخصيات رسمية أو مطلوبين للأمن في جرائم إرهابية، وتندرج هذه القوات ضمن فرق النخبة في أجهزة الأمن، التي تعزز القوات البرية بها، وتشتبك ميدانيا، وتضرب معاقل الخصوم.

وتعتبر هذه الفرق جيوب منفصلة، داخل الجيش والمؤسسات الأمنية، كجزء من تكتيكات "السيسي" لتحصين حكمه، خاصة وأنه تعلم مما حدث في 25 يناير/كانون الثاني 2011، عندما رفضت قوات الحرس الجمهوري الانصياع لأوامر الرئيس الراحل "حسني مبارك"، بالتحرك لخمد المظاهرات، بعد رفض الجيش آنذاك، لذلك أسس السيسي وحدات لا تأتمر إلا بأمره، وأوامر رجاله.

 

مقر سري

يعتبر مقر حكم "السيسي" أو مكان إقامته من الألغاز المجهولة، وهو ما لم يكن لأحد قبله من الزعماء الذين حكموا مصر، فالجنرال فضّل أن تكون مقار إقامته (المتعددة) سرية، ولا يعرف أحد في أي قصر يقيم "السيسي"، تأمينا لنفسه وعائلته من أي خطر مفاجئ.

كان قصر الاتحادية الرئاسي في منطقة "مصر الجديدة" بالقاهرة، هو مقر الحكم الرئيسي، على مدار سنوات طويلة، وعقب صعود السيسي إلى الحكم، استبعده من حساباته.

ضابط المخابرات الراحل "سامح سيف اليزل"، أكد إبان توليه الرئاسة، أن "إقامة السيسي لن تكون بالقصور المعروفة سواء القبة أو الاتحادية أو عابدين" مشددا على أنه سيقطن في مكان آخر لم يعلن عنه، حرصا على سلامته وتأمينه". 

وفي 20 يناير/كانون الثاني 2017، صرح اللواء "عادل سليمان" الخبير العسكري لصحيفة "الثورة اليوم" الإلكترونية: أن "إقامة السيسي تكمن وسط كتيبة صغيرة تضم 3 سرايا وهم الحراسة الشخصية المكونة من 30 حارس بقيادة العقيد "محمد الشعراوي".

والسرية الثانية هي الحرس الجمهوري والتي تقوم بحراسة المداخل والمخارج والتمشيط بمسافة تبعد 3 كم، والسرية الثالثة وهي حماية سماء موقع إقامة السيسي والتي تعمل طوال الوقت لحمايته هو وأسرته. 

وفي 8 سبتمبر/أيلول 2019، كشف المقاول والفنان "محمد علي"، خلال مقاطع مصورة أنه "كُلف ببناء قصر للسيسي، و5 فيلات لمعاونيه، تقع جميعها في منطقة الهايكستب العسكرية (شرق)، والقصر يربطه نفق سري بمبنى إداري مكون من 4 طوابق، أما فيلات المعاونين فيربط نفق سري أيضا بين كل فيلا منهم بمبنى إداري مكون من طابقين".

وأضاف، أنه في أثناء عملهم حسب الخطة الجديدة وردتهم أوامر بالتوقف لأنه سيتم الانتقال إلى مقر جديد يجمع جهات الحكم كلها، اسمه "الكيان"، يحتوي على 5 قصور في منطقة "الجولف" بمنطقة التجمع الخامس بالقاهرة، والتي يسكن "السيسي" في أحدها على حد قول محمد علي.

مصير مجهول

الباحث السياسي المصري، "محمد ماهر"، قال لـ"الاستقلال": "لا نغفل أن الخلفية المخابراتية لعبد الفتاح السيسي هي العامل المؤثر في حياته من البداية، فالرجل باعتباره شغل منصب مدير إدارة المخابرات الحربية، وهو من المناصب الحساسة داخل الجيش، والتي تستلزم حيطة وحذر ومراقبة، وبالتالي أثرت عليه فهو دائم الحذر، ويعلم جيدا كيف يحيط نفسه بالحماية المطلوبة". 

وأضاف: "ذلك التكوين في طبيعة السيسي تضاعف بعد وصوله للحكم بانقلاب عسكري خلف آلاف الضحايا، فهو يعلم أنه يمكن استهدافه أو التخطيط لاغتياله، نتيجة القمع وكثرة متطلبات الثأر ضده، وهذه بالمناسبة طبيعة أي حاكم ديكتاتور".

وتابع: "المذابح التي حدثت على يد السيسي مثل رابعة والنهضة وغيرها، بالإضافة إلى ما يحدث في سيناء، مع تردي الأوضاع الاقتصادية، وانتهاكات حقوق الإنسان، تجعله متحسبا لعمليات انتقامية واردة".

وأردف: "خلافات السيسي داخل المؤسسة العسكرية، وتحديدا ما حدث لرجال مثل سامي عنان أو أحمد شفيق أو أحمد وصفي، ربما لا ترقى لدرجة وجود خطورة عليه، ومع ذلك فهو لا يترك فرصة لإمكانية حدوث خطأ في هذه الجزئية".

الباحث المصري أكد أن "الحاكم المستبد يقوض دولته في كل شيء، وأن هوسه بالخوف على حياته، وإمكانية تعرضه للقتل، تجعل منه شخصا متحفزا بشكل دائم، ويميل إلى مزيد من القهر، ولا يثق بأحد أي كانت درجة قرابته أو صلته به".

وختم ماهر حديثه بالقول: "السيسي يضع أمنه الشخصي فوق كل اعتبار، ويمكن أن ينفق على أنظمة تأمين طائراته الرئاسية مليارات، ولا ينفق (جنيه) على مستشفيات متهالكة يموت فيها الناس نتيجة نقص الأوكسجين، أو سوء الرعاية، فلا يهم أن يموت الشعب، ويبقى الرئيس".