"غزوة العسرة".. ماذا وراء استهداف "حراس الدين" قوات روسية شرقي سوريا؟

يوسف العلي | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

مطلع يناير/كانون الثاني 2021، وقع هجوم على قاعدة عسكرية روسية شمال شرقي سوريا، بسيارة مفخخة تبناها تنظيم "حراس الدين"، ما أثار جملة من التساؤلات بخصوص تداعيات الهجوم غير المسبوق من التنظيم على الرقة التي تسيطر عليها قوات قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، وتأثير ذلك على الهدنة في مدينة إدلب.

الهجوم هو الأول من نوعه للتنظيم الذي ينحسر وجوده في مدينة إدلب، رغم تشكيك البعض في أن "حراس الدين" هو من استهدف القوات الروسية.

ورغم عدم صدور أي تصريح من قبل موسكو حتى يوم 3 يناير/كانون الثاني 2021، بخصوص الهجوم والأضرار التي تسبب بها، إلا أن مراقبين يرون أنه قد يمثل ذريعة للروس في استهداف المناطق المحررة.

"غزوة العسرة"

عقب الهجوم مباشرة نشر التنظيم بيانا تداولته مواقع التواصل بعنوان "غزوة العسرة" قال فيه: "تمكنت سرية من سرايا إخوانكم في تنظيم حراس الدين من الإغارة على وكر للقوات الروسية المحتلة في تل السمن بمحافظة الرقة".

ووثق "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، سقوط جرحى من القوات الروسية جراء انفجار آلية مفخخة عند القاعدة الروسية في تل السمن بريف الرقة الشمالي، حيث أصيبوا بشظايا نتيجة التفجير.

وأفاد "المرصد" خلال بيان صدر في 1 يناير/كانون الثاني 2021، بأن رجلين اثنين قاما بركن الآلية المفخخة عند القاعدة الروسية، قبل أن يطلقا النار باتجاه القاعدة ويفرا هاربين بعدها، وبعد ذلك قاما بتفجير المفخخة، ما أدى لأضرار مادية.

"حراس الدين"، الذي تأسس عام 2018، وينشط في محافظة إدلب شمال سوريا، تعرض العديد من قادته للاستهداف من قبل طائرات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة التي عرضت مكافآت مالية كبيرة لاعتقال زعيمه، وهو مصنف على قوائم الإرهاب الدولي باعتباره تابعا لتنظيم "القاعدة".

كما أن "هيئة تحرير الشام" التي تسيطر على أجزاء واسعة من مدينة إدلب شنت حملة ملاحقات واعتقالات نفذتها تجاه معاقل "حراس الدين" وعناصره، ما أدى لانحسار نفوذه بشكل لافت.

كان التنظيم أحد مكونات "هيئة تحرير الشام" حتى عام 2016، وفي عام 2018 رفض مع فصائل أخرى اتفاق "سوتشي" الروسي التركي لوقف إطلاق النار في إدلب، ونفذ عمليات عديدة عام 2020. ضد الدوريات المشتركة في المنطقة، إلى جانب جماعات مسلحة انضوت ضمن غرفة "وحرض المؤمنين".

تشكيك بالهجوم

الخبير العسكري السوري العميد ركن "أحمد رحال" قال لـ"الاستقلال": "الهجوم كان مفاجئا وغير مسبوق بسبب أنه تعرض إلى قاعدة روسية في منطقة الرقة التي لا يوجد فيها تنظيم حراس الدين".

وتساءل رحال: "جماعة حراس الدين التي تحمل فكر تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة، هل كانت تبتغي من هجومها خلق ذريعة للروس وجرهم للقيام بعملية روسية، كما حصل في وقت سابق باستهداف دورية تركية روسية مشتركة، ما أدى إلى قصف الطيران الروسي للجيش الحر؟".

وتابع: السؤال الأهم كيف وصل التنظيم إلى مدينة الرقة؟ فهناك من قال إن الهجوم كان "مفبركا" من قوات "قسد" وأن الأخيرة قامت بالعمل من أجل الضغط على الروس؟.

وأردف "رحال": إذا ثبت أن "قسد" وراء الموضوع، فهذا عمل خطير وسيكون له تداعيات كبيرة على "قسد" تهدد مستقبلها كله، لأن الروس يحاولون اليوم الوقوف إلى جانب "قسد" بطريقة معينة، وإذا اكتشفوا أنها قامت بالعملية- وأنا استبعد ذلك- فسيكون له تداعيات كبيرة عليها.

وزاد: "يبقى حراس الدين هم وراء هذه العملية لدوافع غير معروفة الأسباب، لكن بالتأكيد ليس قصدهم تحرير هذه الأراضي أو الإضرار بالوجود الروسي، بقدر ما قصدهم إيجاد ذريعة للروس للهجوم على المناطق المحررة".

وفي السياق ذاته، توقع المحلل العسكري "أحمد حمادي"، خلال تصريحات صحفية في 1 يناير/كانون الثاني 2021. استغلال قوات "قسد" للهجوم لتثبت أنها "مستهدفة من التنظيمات المرتبطة بتنظيم القاعدة، وربما لإقناع الروس بأن الضغط على قسد غير مجد لهم".

ولفت "حمادي" إلى أن تلك التنظيمات المسلحة أصبحت "شماعة لتثبيت بازار (سوق) الربح والخسارة"، لا سيما وأن قسد مهددة بشكل كبير بخسارة مدينة "عين عيسى" الإستراتيجية إما لصالح الروس أو لصالح الجيش التركي.

ووجهت "قسد" انتقادات لاذعة للقوات الروسية بسبب "إعطاء الضوء الأخضر" للجيش التركي وترك بلدة "عين عيسى" لمصيرها، خاصة مع طلب الروس تسليمها إلى النظام السوري مقابل وقف الهجوم التركي عليها، الأمر الذي رفضته "قسد".

 

مكسب جديد

"عبد الرحمن الحاج" الباحث في شؤون الجماعات الدينية يرى خلال تصريحات صحفية في 1 يناير/كانون الثاني 2021. أن هناك سيناريوهات عديدة للنشاط الجديد لهذا التنظيم في مناطق شمال شرق سوريا.

وأوضح "الحاج" أن "بعض السيناريوهات تتحدث عن وجود أطراف إقليمية لها دور في ذلك من أجل الضغط على الروس، والبعض الآخر يقول: إن أطرافا قريبة من قسد تريد خلق حجة للأخيرة من أجل أن تستمر في الحصول على دعم من الولايات المتحدة والتحالف الدولي".

الباحث السوري يرجح أن "كلا الطرحين بعيد عن الواقع"، مرجحا أن "التنظيم يحتاج إلى تجديد شبكة مقاتليه، لأنه يفقد عناصره بشكل مستمر، والبيئة الموجودة في إدلب غير مواتية فهو لا يستطيع جذب عناصر له، خصوصا أن هناك تنظيمات وطنية أكثر جاذبية منه".

وأضاف: "على الأرجح فإن التنظيم يريد أن يغرس العناصر الموجودة في مناطق البادية التي كانت سابقا جزءا من تنظيم الدولة أو متأثرة به، لذلك بنى شبكة جديدة من المقاتلين، وهذه الخلايا بدأت ببعض العمليات ضد روسيا".

وفي 27 ديسمبر/كانون الأول 2020، أقرت وزارة الدفاع الروسية أنها أرسلت قوات إضافية إلى مدينة "عين عيسى" في مدينة الرقة، والتي تسيطر عليها قوات "قسد"، ويحاول الجيش الوطني السوري المدعوم تركيا السيطرة عليها.

ونشرت وكالة "تاس" الروسية، بيانا لنائب قاعدة حميميم الروسية في سوريا، اللواء البحري "فياتشيسلاف سيتنيك"، قال فيه: إن "وحدات إضافية أُرسلت للشرطة العسكرية الروسية بهدف تعزيز الجهود لإرساء الاستقرار في منطقة عين عيسى".

تداعيات محتملة

وعن تداعيات الهجوم وردة فعل روسيا المحتملة، قال الحاج: "روسيا تستطيع القيام بعمليات عدة بمبرر أن هذا التنظيم هاجم وحداتها، لكن هذا التنظيم مختفي في البادية، ولا أحد يعلم أين هو، وهذه البيئة هي المناسبة لهذه التنظيمات للتخفي، وبالتالي فإن روسيا سوف تتلقى الضربات وتحتاط بشكل دائم".

واستدرك، قائلا: "لكن روسيا يمكن مثلا أن تضرب هذا التنظيم في إدلب وتتخذه ذريعة للتقدم في المدينة وخرق الاتفاقيات، لكن الأمور ليست بهذه البساطة، لأن هذا التنظيم بالفعل يقوم بعمليات من الصعب الرد عليها، كونه يعمل في بيئة مفتوحة".

ورجح الحاج "قيام تنظيم حراس الدين بعمليات جديدة خلال المرحلة المقبلة، لكن ليس الهدف منها إزعاج الروس بقدر ما السعي إلى جلب عناصر جدد للتجنيد، وبالتالي تجديد دماء التنظيم وتوسيعه، وأيضا الحصول على مصادر تمويل جديدة".