تعرضت لانتهاكات بسجون ابن سلمان.. ما دلالات الحكم على لجين الهذلول؟

الرياض - الاستقلال | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

سلسة طويلة من الانتهاكات تعرضت لها الناشطة السعودية المعتقلة "لجين الهذلول"، بداية من توقيفها والتحرش والتنكيل بها، ومحاولة إجبارها على توقيع إقرارات تبرئ السلطة، ومنعها من التواصل مع ذويها شهورا طويلة، وغيرها من الاعتداءات التي أثارت ردود فعل غاضبة على المستويين المحلي والدولي.

وربط ناشطون بين محاولة السلطة السعودية احتواء هذا الغضب، وإغلاق قضيتها قبل استلام الرئيس الأميركي المنتخب "جون بايدن"، السلطة رسميا في 20 يناير/كانون الثاني 2021، بعد فوزه في الانتخابات، وفشل ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان"، في مساندة "دونالد ترامب" للحفاظ على منصبه رئيسا لأميركا.

وكان مرشح الحزب الديمقراطي "بايدن" قد أعلن إبان حملته الانتخابية، أن إدارته ستعيد تقييم العلاقات الأميركية مع السعودية، وستنهي دعمها للحرب في اليمن، وستضمن ألا تساوم أميركا على قيمها من أجل بيع الأسلحة أو شراء النفط".

وشدد "بايدن" على أن التزام أميركا بالقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان سيكون أولوية، متعهدا بالدفاع عن حقوق الناشطين، والمنشقين السياسيين، والصحفيين حول العالم، ليقولوا ما يفكرون به دون خوف من المحاسبة والعنف.

تصريحات "بايدن" التي تحمل تهديدا لعرش "ابن سلمان"، دفعته للتعجيل بإنهاء قضية "لجين" وتوجيه القضاء لإصدار حكم بسجنها 5 سنوات و8 أشهر، مع وقف تنفيذ نصف المدة، ليتبقى لها 3 أشهر بعدما قضت عامين و7 أشهر قيد الاحتجاز منذ توقيفها في مايو/أيار 2018؛ لـ"دفاعها عن حقوق المرأة وادعاء مساسها بأمن البلاد".

الحكم الصادر الاثنين 28 ديسمبر/كانون الأول 2020. –أي قبل أيام قليلة من تنصيب بايدن- أثار غضب ناشطين على "تويتر"، ودفعهم للتأكيد على براءة "لجين" ورفض توجيه إدانات لها، مشيرين إلى أن الحكم "مبني بالأساس على اتهامات زائفة".

وأكدوا عبر مشاركتهم في وسوم تحمل اسم #لجين_الهذلول، #لجين_بريئة، #الحرية_للجين_الهذلول، أن التلاعب بقضية لجين، والمماطلة في المحاكمات، وإنكار تعذيبها، وصولا للحُكم ضدها والإصرار على اتهامها بـ"العمالة والخيانة" يكشف عدم استقلالية القضاء.

وذكروا بتصريحات السلطات السعودية إبان الأحكام الصادرة في قضية اغتيال الصحفي "جمال خاشقجي" بأن "القضاء السعودي لا تفرض عليه الأوامر"، مستهجنين الترويج الآن بأن الحكم الصادر على "لجين" مخفف بأمر من ولي العهد ابن سلمان.

واستنكر الناشطون تجاهل المحكمة لتعرض "الهذلول" للتعذيب والتحرش على يد رجال ابن سلمان، إذ أفاد الإعلام السعودي في 22 ديسمبر/كانون الأول 2020، برفض المحكمة الجزائية بالرياض، دعوى "الهذلول" بشأن تعرضها للتعذيب والتحرش خلال وجودها في السجن على خلفية قضية أمنية.

تنديد بالحكم

وندد ناشطون بالأحكام الصادرة الإثنين، على ناشطات سعوديات، بينهن "الهذلول" والناشطة ميا الزهراني، بزعم ثبوت تورطها بعدد من النشاطات المجرّمة بموجب نظام مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله، وقضت المحكمة بسجنها 5 سنوات و8 أشهر.

وعقّب الأمين العام لحزب "التجمع الوطني" السعودي، يحيى عسيري، على الحكم الصادر بحق "الهذلول والزهراني"، قائلا: إن "الواجب كان التكريم وليس التجريم مقابل الدفاع عن حقوق الإنسان، وليس القمع والسجن والتعذيب الوحشي!، وبعد كل هذه الفظاعات تتجرأ المحكمة وتحكم ضدهم أيضا! أي ظلم هذا!".

واستنكر الناشط الحقوقي، "يحيى الحديدي"، تجاهل السلطات السعودية لـ"الانتهاكات التي تعرضت لها لجين من تعذيب وتحرش جنسي من قبل مسؤولين سعوديين مقربين من ولي العهد".
فيما أعلن القائمون على حساب "معتقلي الرأي"، رفضهم لإنهاء قضية لجين بهذه الطريقة التي تحاول إظهارها أمام الرأي العام على أنها "خائنة ومجرمة"، مؤكدين أنها ناشطة حقوقية، وبريئة من جميع التُهم الموجهة ضدها، واعتقالها في الأصل باطل.
وقالوا: إن "أقل  ما يتوجب على السلطات فعله هو الإفراج الفوري عن الهذلول ورفع حظر السفر عنها، ومحاسبة جميع المسؤولين عن التعذيب الوحشي الذي تعرضت له".

قضاء مسيس

وهاجم ناشطون القضاء السعودي، وسخروا من الترويج عبر وسائل الإعلام الأجنبية بأن الحكم الصادر بحق "لجين" تم تخفيفه بأوامر من "ابن سلمان".

وعقب المحامي المصري "محمود رفعت"، قائلا: "لا يوجد في السعودية قضاء، بل مجموعة مهرجين بسيرك نراهم منذ قضية خاشقجي"، معتبرا الحكم الصادر على "لجين" والذي أكد أنه "مجرد تعليمات من ابن سلمان المرتعد من  بايدن دليل دامغ".

 ورأى رئيس تحرير صحيفة "المصريون"، جمال سلطان، أن "الحكم على لجين كاف لفهم طبيعة عمل القضاء في بلاد العرب، كنوع من الفن المسرحي، السجن خمس سنوات وثمانية أشهر، مع وقف التنفيذ لسنتين وعشرة أشهر"، قائلا: "تجمع وتطرح، تكون نتيجة الحساب أنه يتم الإفراج عنها، بشياكة، رضوخا للإهانات الدولية، تفصيل ترزي بلدي". فيما تساءل الصحفي المصري، "محمد القدوسي"، عن طبيعة الحكم الصادر بحق لجين "هل هو حكم قضاء أم كوميديا سوداء"، موضحا أنها "سيفرج عنها لكن ليس قبل شهر بناء على حكم ظاهره السجن، أي بعد بدء رئاسة "بايدن"، وهي ممنوعة من السفر لمدة 5 سنوات، أي ستظل رهينة لحين انتهاء رئاسة بايدن الأولى".

وتعجب قائلا: "بعد هذا يسمونه حكم القضاء، ويزعمون أنه لم يصدر خوفا من بايدن!".

ووصف الصحفي اليمني "عباس الضالعي"، السعودية بـ"الدولة القمعية" ونظامها بـ"المستبد وقضاؤها بـ"الفاسد"، مبشرا بأن لجين "ستنتصر عليهم".

التودد لبايدن

وربط ناشطون بين الحكم الصادر على الهذلول، وبين اقتراب تسلم الرئيس الأميركي منصبه رسميا، مشيرين إلى أن "ابن سلمان" يتودد له بالحكم، فيما رآه آخرون رضوخا.

وكان موقع "نيوز ون" العبري، قد أفاد بأن السعودية تبذل جهودا لتحسين صورتها في عيون إدارة "بايدن" الجديدة فيما يتعلق بقضايا حقوق الإنسان في المملكة، خشية أن يعرقل الأخير صعوده إلى العرش ملكا جديدا بعد تنحي والده الملك سلمان بن عبد العزيز عن المسرح السياسي.

وتوقع الصحفي المصري، "سلامة عبد الحميد"، الإفراج عن لجين "بعدما يبدأ بايدن العمل فعليا عقب ترتيبات الحكومة كنوع من التودد لحاكم العالم الجديد"، مضيفا أن ذلك "لا يعني أن واشنطن لن تطلب المزيد من المال طبعا".

 ونقل الباحث والناشط في شؤون الخليج "فهد الغفيلي" عن صحيفة "وول ستريت جورنال" قولها: إن ابن سلمان أمر بالأحكام المخففة على الهذلول للتهدئة مع بايدن"، معقبا بالقول: "ليس للتهدئة مع بايدن وإنما خوفا منه".

غضب دولي

وتداول ناشطون ردود الفعل الأميركية والغربية على الحكم الصادر بحق "لجين"، وأعادوا نشر تغريدات شخصيات بارزة نددت بالحكم وانتقدت "ابن سلمان". 

وأشار شقيق الهذلول، "وليد"، إلى تحدث أكبر الصحف النرويجية عن تواطئ السفيرة السعودية في النرويج، "أمال يحيى المعلمي"، في التغطية عن التعذيب الذي حصل للجين حين كانت في "هيئة حقوق الإنسان".

ونقل الصحفي المعارض، "تركي الشلهوب" عن مستشار الأمن القومي الأميركي "المقبل" قوله: إن "حكم السعودية على الهذلول لمجرد ممارستها حقوقها العالمية هو حكم ظالم ومقلق"، وتعهده بأن إدارة "بايدن" ستقف ضد انتهاكات حقوق الإنسان أينما حصلت، معقبا: "لا يرضون عنه حتى وهو راضخ ". فيما أعادت الإعلامية "وجد الفقي" نشر تغريدة العضو الديمقراطي بلجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ والمقرب من بايدن، "كريس مورفي" ينتقد فيها السعودية بعد الحكم على "لجين"، ويقول: إنه كان بإمكانها أن "تنهي تعذيبها" كبادرة حُسن نية لإدارة "بايدن"، لكن بدلا من ذلك حكمت عليها بالسجن لمجرد "المطالبة بقيادة النساء السيارات".