إنقاذ الحلفاء.. هؤلاء عفا عنهم ترامب قبل مغادرته البيت الأبيض

سليمان حيدر | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

خلال الأيام الأخيرة من حكمه، أصدر الرئيس الأميركي "دونالد ترامب" قرارات عفو بحق العشرات من الأشخاص، ما أثار جدلا واسعا داخل الولايات المتحدة وخارجها. 

قرارات العفو التي أصدرها "ترامب" رغم قلتها، مقارنة بالقرارات التي اتخذها رؤساء سابقون إلا أنها أثارت الرأي العام الأميركي، كونها اشتملت في أغلبها على حلفاء الرئيس ومن ساعدوه في الوصول إلى السلطة.

وتقول الصحف الأميركية: "إن من صدر بحقهم العفو كان أغلبهم إما أعضاء في حملة "ترامب" أو في الحزب الجمهوري أو مقربين من دائرة الرئيس، وأغلبهم متهمون في قضية التدخل الروسي في الانتخابات الأميركية 2016، بالإضافة إلى 4 من عناصر شركة "بلاك ووتر" المتهمة بعشرات الجرائم في كثير من الدول. 

صحيفة "يو إس إيه توداي" الأميركية قالت في 23 ديسمبر/كانون الأول 2020: "إن ترامب خرب نظام العدالة لإفادة أصدقائه وإلحاق الأذى بأعدائه المتصورين، وأمضى سنواته الأربع في إتقان قدرته على استخدام الرئاسة لصالح نفسه وحلفائه".

وأشارت الصحيفة، إلى أن ذلك ظهر في دفع المدعي العام "ويليام بار" لتقويض تقرير المحقق "روبرت مولر" في قضية التدخل الروسي في انتخابات 2016، وتقويض مقاضاة وإصدار أحكام على حلفائه مثل "مايكل فلين" و"روجر ستون" الذين عفا عنهم ترامب، بينما حث على المزيد من التحقيقات حول قضية التهرب الضريبي لنجل "بايدن" في أوكرانيا.

دائرة المقربين 

حصلت الدائرة المقربة من الرئيس الأميركي على نصيب الجمل من قرارات العفو التي أصدرها ترامب في 22 و24 ديسمبر/كانون الأول 2020، ويؤكد قرار العفو عن 5 شخصيات أدينت في تحقيق المحقق الخاص "روبرت مولر" بشأن روسيا، رغبة ترامب في التخلص من نتائج وإرث هذا التحقيق.

من بين أولئك الذين عفا عنهم "ترامب"، "روجر ستون"، خبير السياسات الإستراتيجية الذي عمل لصالح "الحزب الجمهوري" منذ سبعينيات القرن الماضي، والذي اتهم بأن له علاقة بقرصنة روسيا رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بمسؤولي الحزب الديمقراطي خلال انتخابات 2016.

وخلال الإدلاء بشهادته أمام لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ في سبتمبر/أيلول 2017، أقر "ستون" بالتواصل مع مؤسس "ويكيليكس" جوليان أسانج قبل نشر رسائل البريد الإلكتروني لـ"هيلاري كلينتون". 

كما أصدر ترامب عفوا عن "بول مانافورت"، مدير حملته السابقة الذي أشرف على الفترة التي فاز خلالها ترامب بترشيح الحزب الجمهوري، وأدين "مانافورت" بتهم الاحتيال الضريبي والاحتيال المصرفي وعدم الكشف عن حسابات بنكية أجنبية، وفي مارس/آذار 2019. حُكم عليه بالتآمر للاحتيال على الولايات المتحدة بالسجن سبع سنوات ونصف.

وسبق الإعلان عن العفو موجة من التقارير زعمت أن "مانافورت" تلقى مدفوعات نقدية سرية من حزب سياسي موال لروسيا، لتمثيله مصالح روسية في أوكرانيا والولايات المتحدة. 

أما "مايكل فلين" مستشار الأمن القومي السابق الذي كان مشمولا أيضا بقرارات العفو، فاعترف بالكذب بشأن الاتصالات مع دبلوماسي روسي في ذات القضية.

"جاك جولدسميث" الأستاذ بكلية الحقوق بجامعة "هارفارد"، قال: إن ما يقرب من 90 % من قرارات العفو والتخفيف التي أصدرها "ترامب" ذهبت إلى الأشخاص الذين ساعدوه أو لزملائه السياسيين. 

وأضاف في تصريحات لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية 22 ديسمبر/كانون الأول 2020: "أن ترامب منح سلسلة من العفو الرئاسي الجديد لمساعديه الذين كذبوا في التحقيق الروسي، وحراس بلاك ووتر، والسياسيين الجمهوريين".

وكشف "جولدسميث" عن 45 عفوا أو تخفيفا تم إجراؤه، 88 في المائة ذهبوا إلى أشخاص تربطهم صلات شخصية بالرئيس أو أولئك الذين ساعدوه سياسيا. 

وأشار إلى أن تلك الأوامر هي تواصل لنمط "ترامب" غير المسبوق لإصدار عفو وتخفيفات تخدم مصالحه الشخصية، أو تكافئ أصدقاء، أو تسعى إلى الانتقام من الأعداء، أو ترضي الدوائر السياسية.

وقال: "قرارات العفو السابقة، يبدو أن معظمها إن لم يكن كلها، تستند إلى توصيات من الداخل بدلا من إجراءات التدقيق العادية التي تجريها وزارة العدل". 

ويضاف إلى الشخصيات التي منحها ترامب عفوا رئاسيا، "جورج بابادوبولوس" و"أليكس فان دير زوان"، اللذان اعترفا بالذنب للإدلاء ببيانات كاذبة للمسؤولين الفيدراليين أثناء تحقيق "مولر"، وعمل "بابادوبولوس" مستشارا للسياسة الخارجية لحملة ترامب لعام 2016. 

كما أن قوائم العفو التي أصدرها "ترامب" لا تشمل فقط العديد من الأشخاص الذين أدينوا في "تحقيق مولر"، بل تشمل أيضا حلفاء من الكونغرس ومجرمين آخرين، من أبرزهم "تشارلز كوشنر" والد جاريد كوشنر صهر "ترامب" وكبير مساعديه، الذي اعترف بالذنب في تصريحات كاذبة، والتلاعب بالشهود والتهرب الضريبي. 

كما حصل 3 أعضاء جمهوريين سابقين في الكونغرس على الرأفة وهم "دنكان هانتر من كاليفورنيا، وكريس كولينز من نيويورك، وستيف ستوكمان من تكساس".

وتقول الصحف الأميركية: "إن الثلاثة أساؤوا استغلال مناصبهم المتميزة لتحقيق مكاسب مالية خاصة بهم أو لعائلاتهم" فيما ذهبت صحيفة "يو إس إيه توداي" إلى "أن ترامب لم يكن من المحتمل أن يرتبط بهم فحسب، فقد أساء لسنوات استغلال منصبه المتميز لتحقيق مكاسب مالية". 

مضيفة: "لكن صادف أن هنتر وكولينز كانا أيضا من أوائل أعضاء الكونغرس الذين صادقوا عليه في محاولته للترشح للانتخابات الرئاسية".

لم يعف "ترامب" عن نائب مانافورت "ريك جيتس"، الذي حُكم عليه في 2019. بالسجن 45 يوما بعد تعاون مكثف مع المدعين العامين، أو محامي ترامب السابق "مايكل كوهين"، الذي أقر بالذنب في جرائم تمويل الحملات الانتخابية المتعلقة بجهوده لشراء صمت النساء اللاتي قلن إنهن أقمن علاقات جنسية مع "ترامب". 

"جيتس وكوهين"، أدين كلاهما في تحقيق "مولر"، وربما كان السبب وراء استبعادهما من العفو تعاونهما على نطاق واسع مع المدعين خلال التحقيقات بقضية التدخل الروسي في الانتخابات.

ورد "كوهين" الذي لم يشمله العفو وأطلق سراحه من السجن في مايو/آيار 2020، بسبب مخاوف من "فيروس كورونا"، وقال على حسابه بتويتر: "ما حدث الليلة يظهر مدى كسر نظام العدالة الجنائية برمته".

"بلاك ووتر"

شمل العفو الرئاسي 4 أشخاص لم تربط ترامب بهم علاقة، إلا أن هذا العفو أيضا يدخل في إطار رد الجميل لمؤسس شركة "بلاك ووتر" إريك برنس، الذي دعم ترامب في الانتخابات، وورد اسمه أيضا في التحقيقات الخاصة بالتدخل الروسي في انتخابات 2016. 

والأشخاص الأربعة، هم "بول سلاو، وإيفان ليبرتي، ودستن هيرد، ونيكولاس سلاتن"، وكلهم تابعون لشركة "بلاك ووتر" الأميركية، وحكم على 3 منهم بالسجن 30 عاما تم تخفيفها فيما بعد إلى 14 و 13 و 12 سنة على التوالي.

فيما تم الحكم على الأخير بالسجن مدى الحياة، بعد إدانتهم بقتل 14 عراقيا وإصابة نحو 17 آخرين، بينهم نساء وأطفال في مجزرة وقعت في سبتمبر/أيلول 2007، بالعاصمة بغداد خلال الغزو الأميركي للعراق. 

وقالت صحيفة نيويورك تايمز: طإن مقاولي بلاك ووتر الذين تم العفو عنهم، لهم صلات مباشرة باثنين من حلفاء ترامب المقربين، ولم تذكر الصحيفة أسماءهم، لكن بالبحث داخل الدائرة المقربة من ترامب، نجد مؤسس بلاك ووتر إريك برنس وشقيقته وزيرة التعليم بيتسي ديفوس المقربة أيضا من ترامب".

ويوضح تقرير لصحيفة واشنطن بوست في أبريل/نيسان 2017. أن مؤسس "بلاك ووتر" كان من أشد المؤيدين لترامب، وتبرع لحملته الانتخابية بمبلغ 250 ألف دولار، وأن لديه علاقات قوية بأشخاص نافذين في الإدارة الأميركية، بينهم ستيف بانون كبير مستشاري ترامب للشؤون الإستراتيجية في هذا الوقت. 

كما شارك برنس بلقاء سري في يناير/كانون الثاني 2017، مع أحد الأشخاص المقربين من الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" كجزء من جهد لإنشاء قناة اتصال خلفية بين موسكو وواشنطن، حسب تقرير لصحيفة "واشنطن بوست".

وقالت الصحيفة: إن الإمارات رتبت اللقاء، وقال مسؤولون أميركيون: "إن الاجتماع عقد في جزر سيشل في المحيط الهندي قبل 9 أيام من تنصيب ترامب وأن مكتب التحقيقات الفيدرالي كان يدقق في هذا الاجتماع كجزء من التحقيقات المرتبطة بالتدخل الروسي في الانتخابات الأميركية". 

وحسب صحيفة "فاينانشيال تايمز"، يتوقع الكثيرون أن يمضي "ترامب" أبعد من ذلك في أسابيعه الأخيرة في منصبه، مشيرة إلى أنه ناقش منح عفو وقائي لأطفاله الثلاثة، وكذلك صهره "جاريد كوشنر"، ومحاميه الشخصي "رودي جولياني".