Tuesday 19 March, 2024

صحيفة الاستقلال

تستهدف الأميركيين بالعراق.. هل تمردت مليشيا “العصائب” على إيران؟ 

منذ 2020/12/29 08:12:00 | تقارير
أصابع الاتهام في استهداف الأميركيين توجه إلى مليشيا "عصائب أهل الحق" بقيادة المعمم الشيعي قيس الخزعلي
حجم الخط

استمرار الميليشيات الشيعية في شن هجمات صاروخية على مقر السفارة الأميركية في بغداد، يؤكد أن إيران فقدت السيطرة على بعض أذرعها في العراق، وأن تمردا حصل على قرارات طهران بضرورة استمرار التهدئة لحين رحيل إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

أصابع الاتهام في استهداف الأميركيين توجه إلى ميليشيا "عصائب أهل الحق" بقيادة المعمم الشيعي قيس الخزعلي، وهو ما ينفيه الأخير مع تأكيده على "حق المقاومة" في إنهاء وجود القوات الأميركية والحفاظ على هيبة الدولة بعدم استهداف البعثات الدبلوماسية.

ضوء أخضر

في 25 ديسمبر/كانون الأول 2020، انتشرت "عصائب أهل الحق" في شوارع بغداد، ردا على اعتقال أحد عناصرها بتهمة استهداف السفارة الأميركية ببغداد قبل 5 أيام، وأظهر مقطع مصور مسلحي "العصائب" يهددون رئيس الحكومة "مصطفى الكاظمي" بالتصعيد إذا لم يفرج عنه خلال 48 ساعة.

وفي الليلة ذاتها أفرجت الحكومة عن عنصر "العصائب" بعد وساطة أجرتها أطراف سياسية شيعية، ولا سيما زعيم تيار الحكمة "عمار الحكيم"، ومستشار الأمن الوطني الحالي "قاسم الأعرجي"، حيث أعلن "قيس الخزعلي" عبر تغريدة على "تويتر" انتهاء الأزمة.

وقال "الخزعلي" في تغريدته: "ما حصل من اعتقال أحد أفراد الحشد الشعبي بتهمة كيدية جرت معالجته بالعقل والحكمة. نجدد التزامنا بالدولة ومؤسساتها، وفي نفس الوقت نؤكد حق المقاومة في إنهاء وجود القوات العسكرية الأميركية مع الحفاظ على هيبة الدولة بعدم استهداف البعثات الدبلوماسية".

تأتي هذه التطورات بعد زيارة أجراها قائد فيلق القدس الإيراني "إسماعيل قاآني"، إلى العاصمة العراقية بغداد في 23 ديسمبر/كانون الأول 2020، تباينت التحليلات في أسبابها وما تلاها من تداعيات على الساحة العراقية، باعتقال أحد عناصر الحشد الشعبي الذي ينتمي إلى "عصائب أهل الحق".

رأى السياسي العراقي "أثيل النجيفي"، عبر تغريدة على "تويتر" في 26 ديسمبر/كانون الأول 2020، أن "زيارة قاآني الأخيرة إلى بغداد أعطت الضوء الأخضر لضرب الميليشيات المنفلتة، التي لا تلتزم بمصلحة إيران بتفادي الصراع المسلح مع الولايات المتحدة. هذه فرصة لن تتكرر أمام الدولة العراقية".

"تتحدى إيران"

حديث "النجيفي" يشبه إلى حد كبير ما نشره موقع "ميدل إيست آي" في 12 ديسمبر/كانون الأول 2020، عن تحدي "عصائب أهل الحق" التي يقودها "قيس الخزعلي" لإيران، من خلال شنها هجمات صاروخية على مصالح الولايات المتحدة في العراق.

وذكر التقرير، أن إيران قد أصدرت أوامر في أكتوبر/تشرين الأول 2020، لحلفائها المسلحين بالعراق، بعدم مهاجمة الأهداف الأميركية؛ تجنبا لردود فعل الرئيس ترامب، الذي يرغب في إعاقة المساعي الإيرانية للتفاوض مع خلفه "جو بايدن" من أجل العودة إلى الاتفاق النووي الذي أبرم عام 2015.

ورغم التوجيهات الإيرانية الصارمة، إلا أن "عصائب أهل الحق" قامت ببعض الهجمات ضد السفارة الأميركية في بغداد، وضد المبعوثين الأميركيين على مدى الأسابيع الثلاثة الماضية، دون تنسيق مع أي من الفصائل الأخرى أو الإيرانيين، حسبما نقل الموقع عن قائد أحد الفصائل المسلحة.

وأفاد الموقع، بأن هذا يشير إلى أن "عصائب أهل الحق" تعمل خارج السيطرة الإيرانية، وبذلك فهي لا تعتمد على حماية طهران أو أي من التشكيلات العراقية الأخرى شبه العسكرية، الأمر الذي يثير العديد من التساؤلات حول مستقبل هذا الفصيل.

ومع أن أصابع الاتهام كانت تشير إلى كتائب "حزب الله" الميليشيا الشيعية الأكبر نفوذا، إلا أن قيادات 4 من الفصائل المسلحة، بما في ذلك تلك المجموعة و"عصائب أهل الحق"، نفوا في تصريح لموقع "ميدل إيست آي" ضلوع كتائب "حزب الله" في هذه الهجمات.

وبدلا من ذلك، أصروا على أن "عصائب أهل الحق" هي من قام بالهجمات، منهية بذلك هدنة مع الولايات المتحدة كانت الميليشيات قد التزمت بها في أكتوبر/شهر تشرين الأول 2020، وفقا للموقع البريطاني.

وخلال مقابلة مع قناة "العراقية" الرسمية في 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، كشف "قيس الخزعلي"، عن مضمون رسالة وجهها إلى قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني "إسماعيل قاآني"، تتعلق بالعمليات العسكرية، والوضع الداخلي العراقي.  

وفي معرض رده عما إذا كانت الفصائل المسلحة العراقية، في "جيب" صانع القرار الإيراني، أجاب "الخزعلي"، برفض هذا الوصف، واستشهد على ذلك بتوجيه رسالة شديدة اللهجة إلى قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، "إسماعيل قاآني"، بالقول: "أبلغت قاآني شخصيا أننا لن نسمع منكم في المستقبل إذا تعرضتم لضغوط".

وأضاف: "قلت له إن المخازن التي قُصفت هي تابعة لنا، وأن الشهداء الذين سقطوا هم أبناؤنا، وأننا نحن من قدم الخسائر والتضحيات، وبالتالي فهذه القضية نحن معنيون بها أيضا، وفي حال زارتكم شخصيات أو وفود عراقية، تحاول الضغط عليكم، أبلغوهم بأن القضية عراقية، وليست إيرانية".

تكتيك مدروس

لكن الباحث في الشأن السياسي العراقي، "لطيف المهداوي" قال في حديث لـ"الاستقلال": "ما يجري من شن هجمات على السفارة الأميركية كان بتوجيه مباشر من إيران، لكنها تحاول بشكل أو بآخر إبعاد أي اتهامات لها بهذا الخصوص، وهي تصرح بذلك رسميا أن مرتكبي هذه الأعمال لا يرتبطون بها".

وشدد "المهداوي" على أن "عصائب أهل الحق لن تخرج عن طوع إيران، لأنها هي من أنشأتها وحاربت فيها في سوريا مع نظام الأسد، وأن من يخرج عن طوع إيران فسيلاقي مصير محمد باقر الحكيم، مؤسس وزعيم مليشيا بدر الأول الذي قتل بسيارة مفخخة في أغسطس/آب 2003، بعد 4 أشهر فقط من الاحتلال الأميركي للعراق، واتهمت إيران بذلك".

ولفت الباحث إلى أن "إيران لديها الإمكانية أن تحرك أدواتها في العراق والمنطقة، والتنصل من ذلك، فهي تحاول الضغط على الأميركيين وإحراج حكومة العراق الحالية، وإظهارها بمظهر الضعيف الهزيل، والدليل أن المتحدث باسم كتائب حزب الله العراقي، أهان الكاظمي، وتوعده بقص أذنية كالماعز".

ونشر المسؤول الأمني لـ"كتائب حزب الله"، أبو علي العسكري، تغريدة على "تويتر" في 26 ديسمبر/كانون الأول 2020، دعا فيها من وصفه بـ"كاظمي الغدر" إلى عدم اختبار "صبر المقاومة بعد اليوم"، مهددا "الكاظمي" بالقول: "لن تحميه حينها الاطلاعات (الاستخبارات) الإيرانية، ولا الـCIA الأميركية، ولا المزايدون على مصلحة الوطن".

وفي السياق ذاته، نشرت قناة "الحرة" الأميركية، تقريرا في 26 ديسمبر/كانون الأول 2020، كشفت بأن "قاآني" خلال زيارته الأخيرة إلى بغداد، التقى بقادة 4 ميليشيات، وطلب منهم الاستعداد لشن هجمات على مصالح أميركية في العراق في حال استهداف الولايات المتحدة إيران.

ونقلت القناة عن مصدر سياسي (لم تكشف هويته) في 26 ديسمبر/كانون الأول 2020، قوله: "إن القادة الأربعة كانوا، زعيم "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي، وأمين عام "كتائب الإمام علي" شبل الزيدي، وقائد "كتائب حزب الله" أحمد الحميداوي، وزعيم "حركة النجباء" أكرم الكعبي، وجميعهم مصنفون على قائمة الإرهاب الأميركية".

وأفاد التقرير نقلا عن مصدر سياسي من داخل هيئة الحشد الشعبي، التي تضم فصائل موالية لطهران، بأن "الميليشيات المذكورة أعلاه عمدت ومنذ 5 أيام إلى إفراغ مقراتها في بغداد وباقي مدن العراق، تحسبا لأية ضربات أميركية محتملة".

وتزامنت زيارة "قاآني" إلى العراق مع هجوم هو الأعنف منذ 10 أعوام، استهدف الأحد السفارة الأميركية في بغداد بواسطة نحو 21 صاروخ "كاتيوشا"، لكنه لم يسفر عن خسائر بشرية.

ولم يسبق أن تمرد فصيل عسكري شيعي في العراق على إيران، سوى ميليشيا "جيش المهدي" التي أسسها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أواخر عام 2003، لمواجهة القوات الأميركية، بدعم وتمويل بالسلاح والمال من إيران، والذي جرى تجميده نهاية عام 2007.

لكن مع تمرد "الصدر" وتقلباته الكثيرة على إيران، استطاعت الأخيرة أن تشق عددا من قيادات "جيش المهدي" وتنشئ ميليشيات جديدة عدة، ومن أبرزها "عصائب أهل الحق" التي جذبت إليها المقاتلين، واشتركت مع "كتائب حزب الله" بعشرات الهجمات ضد القوات الأميركية ما بين (2006 و2008).


تحميل

المصادر:

1

EXCLUSIVE: Asaib Ahl al-Haq defying Iran to attack US in Iraq

2

“عصائب الخزعلي” العسكرية تهدد الحكومة.. والكاظمي يرد

3

طلب منهم الاستعداد.. كواليس اجتماع قاآني مع قادة ميليشيات العراق

4

قيس الخزعلي يقول إنه وجه رسالة إلى قاآني: رجاءً.. لن نستجيب للضغوط

5

“كتائب حزب الله” تهدد الكاظمي: لا تختبر صبرنا

كلمات مفتاحية :

إيران العراق الولايات المتحدة حزب الله العراقي دونالد ترامب عصائب الحق