على خطى الحوثي.. السعودية تجنّد أطفال اليمن لحراسة حدودها

آدم يحيى | 5 years ago

12

طباعة

مشاركة

ليس الحوثيون وحدهم متورطون بتجنيد الأطفال في الحرب باليمن، بل السعودية والإمارات أيضا، فقد كشف تقرير حديث لصحيفة "ديلي ميل" البريطانية، أن أطفالا يمنيين تجنّدهم الرياض وأبو ظبي على الحدود اليمنية السعودية، بتدريب وإشراف من قوات بريطانية.

وكانت "ديلي ميل"، قد نشرت تقريرا بعنوان "حربنا السرية القذرة"، تحدثت فيه عن إصابة خمسة جنود من القوات البريطانية الخاصة في اليمن، أثناء تقديم المشورة للمملكة العربية السعودية بـ"شأن حملتهم الفتاكة التي جلبت الموت والمجاعة إلى الملايين"، مؤكدة أن الجنود الخمسة أصيبوا في اشتباكات مع عناصر حوثية مقاتلة في اليمن.

مطالبات بالأدلة

أثار التقرير ضجة كبيرة وردود أفعال واسعة في بريطانيا، ودفع الأمم المتحدة لمطالبة الصحيفة بتقديم معلوماتها وأدلتها التي تثبت صحة ما ورد في تقريرها، فيما أوضحت "ديلي ميل"، أنها بعد نشر تقريرها عن اليمن تلقت طلبا من الفريق الرسمي لخبراء الأمم المتحدة المعني باليمن، الذي يقدم المشورة لمجلس الأمن بشأن حالة النزاع، للحصول على معلومات، وقد أعلنت الصحيفة موافقتها على تقديم الأدلة.

وكانت صحيفة "الجارديان" البريطانية، قد نقلت عن وزير الدولة البريطاني لشؤون آسيا مارك فيلد، أفاد بأن لديه تقارير تشير إلى أن "40 بالمئة من جنود قوات التحالف السعودي في اليمن هم من الأطفال، وأن معلومات أشارت إلى  أن القوات البريطانية دربت أطفالا ليكونوا جنودا للتحالف السعودي الإماراتي في حرب اليمن".

ووعد الوزير البريطاني بإجراء تحقيق شامل للتأكد من إشراف قوات بريطانية على تدريب أطفال باليمن، وعن إصابة جنود من القوات الخاصة البريطانية في اشتباك مع عناصر حوثية مقاتلة في اليمن، وعن مزاعم تورط قوات بريطانية من سلاح الجو باستهداف مستشفى في اليمن، في إشارة إلى مستشفى كتاف الريفي المدعوم من منظمة "Save the children" البريطانية الذي استهدفته طائرات التحالف قبل أيام، وأسفر عن مقتل سبعة مدنيين، بينهم أربعة أطفال، وإصابة ثمانية آخرين من الطاقم الصحي وحراس المشفى.

حراسة الحدود

ذكر تقرير "الديلي ميل"، أن التحالف يدفع رشوة لزعماء القبائل لجلب أطفال وتجنيدهم على الحدود اليمنية السعودية في مناطق التماس مع الحوثيين.

وكان تحقيق استقصائي حديث بثته قناة "الجزيرة" القطرية، قد كشف عن كيفية تجنيد أطفال، حيث أظهر منطقة جغرافية على الحدود اليمنية السعودية تسمى البقع، تدور فيها معارك طاحنة بين جماعة الحوثي والتحالف العربي والجيش اليمني، ويقتاد أطفال اليمن سماسرة إلى هذه المنطقة، من أجل حماية حدود المملكة مقابل مبلغ من المال يتراوح بين 1500 و3 آلاف ريال سعودي، بعد أن يصبح جنديا وهميا في صفوف التحالف والجيش اليمني.

وأضاف التحقيق، أن كل يوم يقتنص السماسرة فرصة للتغرير بأطفال، دفعهم شظف العيش لترك ذويهم وحمل السلاح دفاعا عن حدود المملكة العربية السعودية من التقدم الحوثي تجاهها.

أطفال أفارقة

لم يقتصر التجنيد على أطفال اليمن فقط، بل طال أطفالا أفارقة أيضا، حيث قامت السعودية والإمارات بتجنيدهم ضمن القوات المشاركة في حربها باليمن، فقد كشف تقرير صدر في ديسمبر/كانون الأول الماضي لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، أن "السعودية جنّدت اليائسين من الصراع في دارفور غربي السودان للقتال في اليمن، وأن 20 إلى 40 بالمئة منهم أطفال، تتراوح أعمارهم بين ال14 و 17 عاما".

وأضافت الصحيفة أنه "منذ أربع سنوات يقاتل نحو 14 ألف فرد من المجندين السودانيين، وأن المئات قتل منهم في المعارك باليمن، يأتي ذلك في وقت ينفي فيه المتحدث باسم التحالف أي مزاعم لتجنيد أطفال للقتال في الحرب باليمن". 

وكان تقرير آخر لـ"ميدل أيست مونيتور" صدر في أغسطس/آب الماضي، قد ذكر أن "الإمارات تستخدم أطفالا أفارقة للقتال في اليمن، وأن معظم الأحيان يُجلب هؤلاء الأطفال عبر موانئ أفريقية كثير منها مملوك جزئيا لدولة الإمارات، حيث يتم استغلالهم وإجبارهم على حمل السلاح والقتال في اليمن، وأن كثيرا من الأطفال قتلوا ودفنوا في ساحة المعركة".

وأعلن التحالف، أكثر من مرة عن أسره لأطفال مقاتلين في صفوف الحوثيين، ومن ثم تأهيلهم، وإعادتهم إلى أهاليهم، وكان التسليم يتم عادةً بحضور ممثل الصليب الأحمر الدولي والهلال الأحمر السعودي، وحقوق الإنسان، وتترافق تلك المراسم مع تصريحات للتحالف بأن ميلشيا الحوثي المدعومة من إيران لا تزال مستمرة في تجنيد الأطفال وتعريضهم للهلاك، وأن الحوثيين لا يستثنون الأطفال في عمليات التجنيد في انتهاك صارخ للمواثيق الدولية والأعراف الإنسانية ، ويشدد أكثر من مرة على أن سلامة الأطفال وعدم الزج بهم في الحروب تأتي في رأس أولوياته.

وكان التقرير الذي أعدته "ميدل ايست مونيتور"، قد قال إن "الإمارات تعمل على الظهور كما لو كانت تقاتل وتكافح جرائم الإتجار بالبشر، من خلال عقد مؤتمرات"، لكن تلك ـ بحسب التقرير، "محاولات لصرف الانتباه عن الجرائم الخاصة بها".

اليمني أرخص

في 19 ديسمبر/كانون الأول الماضي، كشفت وكالة "الأسوشيتد برس" الأمريكية في تقرير لها، عن تجنيد آلاف الأطفال من قبل جماعة الحوثي. ونقل التقرير عن مسؤول عسكري كبير يتبع الجماعة الحوثية، رفض الكشف عن اسمه، لحساسية المعلومات، أن "الجماعة قامت بتجنيد 18 ألف طفل منذ بدء الحرب في عام 2014".

وبحسب الوكالة، فإن بعض الأطفال المجندين لا يتجاوزون سن العاشرة، فيما أكد الصليب الأحمر الدولي، أن الأطفال يمثلون ثلث المقاتلين، إلا أن الجماعة لا تكشف عن عدد المجندين، ولا سيما الضحايا منهم، وليس لديها إحصائية معلنة عنهم.

تلك المعلومات تثير التساؤل حول ما إذا كان الحوثيون يجندون أطفالا، والسعودية تجند أطفالا أيضا، فما الذي أبقته دولة لمن تصفهم بالميلشيا؟

وفي هذا الصدد أثار تقرير قناة "الجزيرة" تساؤلا حول أسباب استعانة السعودية بمقاتلين يمنيين بدل الاعتماد على جنودها في حماية الحدود؟

وعرضت "القناة" إجابة ضمنية لموقع وزارة الدفاع السعودي، الذي ينص على أنه في حال قتل الجندي السعودي، فإن مساعدة عاجلة تمنح لأهله بقيمة مئة ألف ريال، كما يصرف لأسرته تعويض بقيمة مليون ريال سعودي، إضافة إلى التزامات أخرى تتكفل بها الحكومة السعودية.

وفي هذا الحين يبدو الأمر مفهوما، ويغدو من الواضح معرفة علة زج السعودية بأطفال يتم شراؤهم بثمن بخس ورميهم في الصفوف الأولى من الجبهات، دون تدريبهم وتأهيلهم، فما دام الجندي السعودي باهظ الثمن كان لزاما عليهم إيجاد بديل أرخص قد لا يكلف 15 ألف ريال، بحسب التحقيق.

ملاحقات قانونية

على إثر تقرير صحيفة "النيويورك تايمز"، تقدم النائبان الديموقراطيان في الكونغرس الأمريكي، تيد ليو، وتوم مالينوفسكي، بطلب للإدارة الأمريكية للتحقيق في تقارير تفيد بتجنيد السعودية والإمارات أطفالا للقتال في اليمن، وقد وقّع على الطلب 13 عضوا، وطالب الأعضاء بالتحقق من المعلومات التي أوردتها الصحيفة، وإعادة تقييم العلاقة مع السعودية والإمارات، والعمل بقانون حماية الأطفال من التجنيد الذي يقضي بمنع تقديم الدعم العسكري الأمريكي إلى جهات أو حكومات تجند الأطفال.

في حين ينص القانون الإنساني الدولي وبروتوكولات جنيف واتفاقية حقوق الطفل، والنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية على حظر تجنيد الأطفال دون الثامنة عشرة أو إشراكهم جبرا في النزاعات المسلحة، في وقت  يؤكد فيه قانون حماية الطفل اليمني في مادته الـ45 لعام 2002 على عدم إشراك الأطفال بشكل مباشر في الحرب وعلى عدم تجنيد من لم يتجاوز عمره سن الـ18.