"واعدة للغاية".. صحيفة روسية: هذه نتائج اللقاءات بين موسكو والدوحة 

12

طباعة

مشاركة

يتناول التحليل العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية المتنامية بين روسيا وقطر، في ظل التطورات الإقليمية بمنطقة الشرق الأوسط والخليج العربي، وذلك في مقال نشرته الكاتبة "ماريانا بيلينكايا"، في صحيفة "كوميرسانت" الروسية.

وقالت الكاتبة المختصة في شؤون الشرق الأوسط والعلاقات الروسية الإفريقية، "بيلينكايا": إن "أحد أكبر المستثمرين في روسيا بدأ 23 ديسمبر/كانون الأول الجاري، زيارة إلى موسكو، لإجراء محادثات تشمل كل جوانب التعامل".

وأضافت: "على رأس هذه المحادثات، الاستثمارات المالية في (روس نفت):(شركة النفط الروسية) وVTB)): (البنك الحكومي للاستثمارات الدولية)، وصولا إلى المحادثات مع الحكومة ومجلس الأمن الروسي". 

وأشارت "بيلينكايا" إلى أنه "كان من المقرر سابقا تعزيز التواصل بين البلدين في منتدى بطرسبورغ الاقتصادي الدولي (SPIEF)، وكان من المفترض أن تشارك قطر فيه كدولة ضيف، ولكن تم إلغاء المنتدى بسبب جائحة كورونا".

ولفتت إلى أن "الدعوة ظلت سارية للعام المقبل، وقد بدأ الجانبان في مناقشة مسودات الاتفاقيات والمذكرات، وسيكون توقيعها ممكنا خلال منتدى 2021".

زيارة الوفد القطري الذي يتألف من وزيري الخارجية والمالية "محمد بن عبد الرحمن وشريف العمادي"، تأتي في وقتها من وجهة نظر الأجندة السياسية، حيث وصل الوفد عقب آخر إماراتي، لذلك كانت روسيا قادرة على النظر إلى الوضع الصعب في الخليج العربي من زوايا مختلفة، بحسب الكاتبة.

توقعات عالية

وترى "بيلينكايا" أنه "بناء على مستوى الوفد الهام، فالتوقعات من القرارات والمخرجات من هذه اللقاءات عالية وفائقة الأهمية للبلدين". 

وكانت المباحثات بين وزيري الخارجية الروسي "سيرغي لافروف"، والقطري "ابن عبد الرحمن" الذي يشغل أيضا منصب نائب رئيس الوزراء، في ختام برنامج الأعمال الخاص بزيارة الوفد القطري، وأكد "ابن عبد الرحمن"، خلال اجتماعه في مقر الخارجية الروسية، أكثر من مرة، أن "قطر" هي أكبر مستثمر في الاقتصاد الروسي بين الدول العربية. 

وأشارت "بيلينكايا" إلى أن "الأرقام ومبالغ الاستثمار لا تزال طي الكتمان".

فيما قال "لافروف": إن "صندوق الاستثمار المباشر الروسي ووكالة قطر للاستثمار، قد أنشؤوا منصة مشتركة، يتم من خلالها تنفيذ مشاريع استثمارية بقيمة 1.2 مليار دولار".

وفي وقت سابق، كان هناك حديث عن استثمار 2.5 مليار دولار في مشاريع روسية.

وبحسب الكاتبة، فإن "من بين أكبر الاستثمارات مطار بولكوفو في مدينة سانت بطرسبرغ، بالإضافة إلى ذلك يعد جهاز قطر للاستثمار أحد أكبر المساهمين في شركة النفط الروسية بحصة تبلغ 18.93٪، وتبلغ قيمتها السوقية الآن 862.6 مليار روبل (نحو 11.5 مليار دولار).

وفي عام 2013، ساهمت قطر أيضا بمبلغ 500 مليون دولار في البنك الحكومي للاستثمارات الدولية، وأكد الوزير القطري أن الدوحة الآن "مستعدة لفتح اتجاهات جديدة للاستثمار".

ولفتت "بيلينكايا" إلى أن "ممثلي قطر ناقشوا في المقام الأول آفاق نمو الاستثمار والتعاون التجاري والاقتصادي، وفي الوقت نفسه، لا تتحدث الدوحة عن استثماراتها في روسيا فحسب، بل تنتظر أيضا مشاركة رجال الأعمال الروس في مشاريع مشتركة في قطر". 

ومن بين الرواد، كما تقول الكاتبة، هو البنك الحكومي للاستثمارات الدولية، الذي أصبح العام الماضي شريكا في ملكية البنك القطري الجديد "CQUR Bank".

ولم يستبعد الخبراء في ذلك الوقت أن يكون "CQUR" قد تم إنشاؤه كاستثمار متبادل، وسط تراجع الأوراق المالية للبنك الحكومي للاستثمارات الدولية نفسه، والذي يمتلك جهاز قطر للاستثمار أكثر من 2٪ منها.

وأكد المدير التنفيذي للبنك ذاته، "أندري كوستين"، في مقابلة مع وكالة "رويترز" في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أن هذه "كانت رغبة الجانب القطري". 

كما أشار المدير العام لشركة موسكو بوليسي جروب الاستشارية، "أليكسي بوتيمكين"، إلى أن "التعاون بين الشركات الروسية والقطرية واعد للغاية في مجال التقنيات العالية والأمن السيبراني والأمن الغذائي".

وقالت "الكاتبة": إنه وفقا لـ"بوتيمكين"، كان الدافع للتعاون من نواح كثيرة، هو تجربة روسيا في كأس العالم 2018، حيث التقطت الدوحة زمام الأمور وهي تستخدم بذكاء التطورات الروسية.

وقدمت بعض الشركات الروسية التي عملت في "مونديال 2018" خدماتها بالفعل إلى الدوحة، وتأمل قطر في توسيع التعاون في مجالات أخرى.

وذكرت بيلينكايا أن "موسكو والدوحة تسعيان إلى أن تساعد مشاركة قطر في منتدى بطرسبرغ الاقتصادي الدولي في إيجاد مشاريع استثمارية جديدة، بل ستساهم أيضا في نمو التجارة بين البلدين".

ويظهر التبادل التجاري الآن نموا، لكن الأرقام لا تزال منخفضة جدا، مشيرة إلى أن الأرقام بلغت من يناير/كانون الثاني إلى أكتوبر/تشرين الأول 2020، 87 مليون دولار، وفي 2019، 80 مليون دولار.

القضايا السياسية

وبما أن القضايا الاقتصادية لا تستوي بدون الأرضية السياسية المستقرة، أشارت "بيلينكايا" إلى أن الوزراء من الجانبين تطرقوا إلى الأجندة الإقليمية بشكل فاعل، وتم خلال اللقاء مناقشة المواضيع الساخنة، سوريا وليبيا وفلسطين والملف النووي الإيراني والوضع العام في منطقة الخليج.

وأوضحت بيلينكايا أن "القضية الأكثر إلحاحا بالنسبة لقطر هي إنهاء الحصار الذي فرضته عليها السعودية والإمارات ومصر والبحرين عام 2017".

وذكرت أن "الكويت" أعلنت في وقت سابق من الشهر الجاري، بصفتها وسيطا في النزاع الإقليمي، عن "مفاوضات مثمرة" خلال جهودها لتحقيق المصالحة في الخليج العربي، وأعربت جميع دول الخليج ومصر عن دعمها لجهود الكويت والولايات المتحدة، اللتين تشاركان بنشاط في هذه القضية.

وأشارت بيلينكايا إلى أن "المصالحة في الخليج العربي تهدف إلى أن تكون أحد أحدث إنجازات السياسة الخارجية للإدارة المنتهية ولايتها للرئيس الأميركي دونالد ترامب، وهناك آمال بأن يحقق هذا الأمر خلال قمة مجلس التعاون الخليجي في 5 يناير/كانون الثاني 2021".

وبحسب الكاتبة، فإن وزير الخارجية القطري أجاب عندما سأله الصحفيون في المؤتمر الصحفي في موسكو، عما إذا كان الأمر يتعلق بتطبيع العلاقات فقط بين الدوحة والرياض، أو بين جميع أطراف النزاع، قال: "السعودية في جميع الاتصالات الأخيرة، تصرفت نيابة عن جميع البلدان الأخرى في المنطقة".

من جانبه، أعرب "لافروف" عن أمله في أن تؤدي القمة المرتقبة إلى تجاوز الانقسام في مجلس التعاون الخليجي.

وقال لافروف: "مهتمون بذلك، لأن جميع دول الخليج هم شركاؤنا وأصدقاؤنا، لا نريد أن يكون هناك تناقضات بينهما، واستعادة وحدة هذا المجلس وقدرته على العمل أمر مهم أيضا، لتنفيذ الأفكار المتعلقة بضمان الأمن في منطقة الخليج ككل، أي بمشاركة إيران".

وحول الدور الروسي الممكن لرأب الصدع الخليجي، استقبل لافروف في 14 ديسمبر/كانون الأول الجاري، بالعاصمة موسكو، وزير الخارجية الإماراتية "عبد الله بن زايد"، وناقش معه هذا الموضوع. 

واستدركت بيلينكايا قائلة: "لكن الفضيحة الأخيرة، التي أحاطت باختراق أرقام هواتف الصحفيين من قناة الجزيرة التلفزيونية القطرية، والشكوك التي أعربت عنها السعودية والإمارات في هذا الصدد، تثير بعض الشكوك حول نجاح مبادرة المصالحة بين الطرفين".