تقنية التعرف على الوجه.. هكذا تستخدمها الصين لزيادة قمع الإيغور

12

طباعة

مشاركة

أثارت "بكين" الكثير من الجدل مؤخرا، بسبب احتمالية استخدامها برنامجا للتعرف على الوجه، قد يضاعف من التمييز وقمع الإيغور، الأقلية المسلمة التي تتعرض بشكل منهجي للتمييز والاضطهاد من قبل الحكومة الصينية. 

وقالت صحيفة "إيل بوست" الإيطالية: "إن شركة الاتصالات الكبيرة "هواوي" والشركة التكنولوجية الناشئة "ميجفي" الصينيتين، اختبرتا برنامجا لأنظمة المراقبة بالفيديو بإمكانه التعرف على عمر وجنس وعرق كل شخص من خلال الصور الممسوحة ضوئيا". 

وأضافت: "أن التقنية مبرمجة لإرسال نوع من "الإنذار" إلى الشرطة، كلما قام نظام المراقبة بالتعرف على شخص من عرق الإيغور، وقد أنكرت الشركتان أن يكون ابتكار التقنية لهذه الأغراض".

لكن "إيل بوست" أكدت أنه في كل من الصين ودول أخرى، يتم استخدام برامج مماثلة بالفعل للسيطرة على السكان أو قمع المعارضين، مخلفة آثارا أخلاقية وقانونية كبيرة. 

أنظمة المراقبة

وأجرى صحفيان من صحيفة "واشنطن بوست" تحقيقا حول هذه المسألة، واطلعا على تقرير اختبار البرنامج الذي تم الحصول عليه من خلال "IPVM"، وهي منظمة مستقلة تحلل وتقيم أنظمة المراقبة بالفيديو.

وأشارت الصحيفة الإيطالية إلى أن الوثيقة، التي وقعها مسؤولو "شركة هواوي"، كانت موجودة في موقع الشركة على الإنترنت، موضحة أن البرنامج طُور في عام 2018، وتم اختباره مؤخرا. 

وبعد نشر التقرير في صحيفة واشنطن بوست في 8 ديسمبر/كانون الأول 2020، تمت إزالة الوثيقة من موقع الشركة. وبذلك، أثير الجدل حول استخدام أنظمة المراقبة بالفيديو، والتي تنتشر بشكل كبير في الصين.

ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن مسؤولين بالحكومة الصينية قولهم: "إن أنظمة التعرف على الوجه المتطورة، تعكس التقدم التكنولوجي للصين، وتسهل عمل الشرطة في حفظ الأمن داخل المدن". 

في المقابل، يُعرّف المراقبون الدوليون والمنظمات غير الحكومية، هذه الأنظمة على أنها أدوات لقمع كل من يشتبه في خطورته على استمرار السيطرة التي تمارسها الحكومة على المواطنين. 

بدوره، أكد مؤسس "IPVM"، جون هونوفيتش، أن هذه التقنيات "مفزعة" وتُستخدم أيضا للتمييز. 

ووفقا لمنظمة العفو الدولية، تعرض ما لا يقل عن مليون من الإيغور في السنوات الأخيرة للاضطهاد والاحتجاز في "معسكرات إعادة تأهيل" مختلفة، كما تسميهم الصين. 

من جانبها، لطالما أنكرت "بكين" قيامها بقمع أو معاملة أقلية الإيغور بشكل مختلف، وغالبا ما تصف الشهادات حول ظروف معيشتهم بأنها "أخبار مزيفة" وتبرر قمع هذه الأقلية بإجراء حملة لمكافحة التطرف.  

في هذا الصدد، أوردت "إيل بوست" أنه من خلال التحقيقات الصحفية وتقارير الأمم المتحدة، تم التحقق من وجود معسكرات اعتقال للإيغور، دون إمكانية الدفاع عن أنفسهم، أو دون الخضوع للمحاكمة، بالإضافة إلى إخضاعهم إلى التلقين العقائدي والعمل القسري، وفي بعض الحالات يتعرضون إلى التعذيب. 

وذكرت الصحيفة أن باحثين صينيين صمموا  في عام 2018، خوارزمية بإمكانها التعرف وتمييز "السمات المميزة" لوجوه الإيغور والتبتيين (أقلية التبت) والكوريين. 

وبحسب ما نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" في العام 2019، رصد برنامج التعرف على الوجه الذي استخدمته شرطة مدينة سانمنشيا - شمال غرب شنغهاي- وجوه الإيغور 500 ألف مرة في شهر واحد. 

برامج للقمع

وتجدر الإشارة إلى أن العديد من البرامج المستخدمة لأنظمة المراقبة بالفيديو التي طورتها شركة "ميجفي"، يتم استخدامها في أكثر من 110 مدن صينية. 

ووفقا للمراقبة في منظمة هيومن رايتس ووتش "لمايا وانغ"، تنتشر هذه البرامج في الصين أيضا، للسيطرة على المعارضين وقمع الاحتجاجات. 

وأضافت "وانغ" أن طموحات الحكومة الصينية تتجاوز اضطهاد الأقليات، لأن هدفها الحقيقي في استخدام هذه الأنظمة هو تجريمهم.

ولفتت الصحيفة الإيطالية، إلى أنه بالإضافة إلى الآثار الأخلاقية للاستخدام المنهجي لأنظمة المراقبة بالفيديو لرقابة المواطنين، هناك أيضا نوع آخر من المشاكل: يمكن للبرنامج أن يوفر نتائج غير دقيقة، لأن أداءه يعتمد على عوامل معينة، مثل شدة الضوء أو جودة الصور الممسوحة ضوئيا.  

كما من غير المؤكد أنه يمكن تمييز الملامح بوضوح أو نسبتها بيقين تام إلى مجموعة عرقية محددة أو إلى أخرى.

من جانبهما، أكدت الشركتان الصينيتان على تعاونهما في تطوير ثلاثة برامج للتعرف على الوجه، واعترفتا أن التقرير الخاص بالبرنامج الذي تم اختباره مؤخرا كان حقيقيا. 

وقال المتحدث باسم هواوي، "غلين شلوس": إن الوثيقة أشارت إلى "مجرد اختبار ولا وجود لتطبيق حقيقي"، كما بيّن أيضا أن الشركة "تبيع فقط المنتجات ذات الاستخدامات العامة لهذا النوع من التجارب، ولكنها لا توفر خوارزميات أو تطبيقات مخصصة". 

وبدوره، قال متحدث باسم  "شركة ميجفي": إن البرامج التي طورتها الشركة "ليست مصممة لتحديد مجموعات عرقية معينة".

وأوضح "جوناثان فرانكل"، الباحث في مختبر علوم الكمبيوتر والذكاء الاصطناعي في معهد "ماساتشوستس للتكنولوجيا"، أن شركات تطوير البرمجيات تستثمر بكثافة في أنظمة التعرف على الوجه لأنها مربحة للغاية. 

وعلى سبيل المثال في الولايات المتحدة ودول أخرى، يجري استخدامها منذ عدة سنوات في التحقيقات الجنائية رغم أنها مثيرة للجدل، لأنها وفقا للبعض تنتهك القوانين التي تحمي المواطنين قيد التحقيق. 

وفي بلدان أخرى، مثل أوغندا، تأكد استخدام أنظمة مماثلة لمراقبة المعارضين السياسيين، وتحديد المشاركين في الاحتجاجات.

في عام 2019، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على ثماني شركات صينية من بينها "ميجفي" لتورطها في أنشطة "تنتهك حقوق الإنسان" و"انتهاكات متعلقة بتنفيذ حملات القمع والاعتقال الجماعي التعسفي، والمراقبة بأنظمة  متطورة" ضد الإيغور والأقليات الأخرى. 

وجدير بالذكر أن الولايات المتحدة تحاول أيضا منذ فترة، الحد من نفوذ هواوي في أوروبا وفي الدول الحليفة، لأن الشركة مقربة من الحكومة الصينية وتشكل خطرا أمنيا، وفق ما صرحت الإدارة الأميركية في أكثر من مناسبة.