باحث فرنسي: هل أصبح حل جامعة الدول العربية ضرورة؟

12

طباعة

مشاركة

منذ إنشاء جامعة الدول العربية عام 1945 هل ما زال بإمكانها بث الأمل في ضم كيان عربي موحد في مواجهة العالم، وخاصة في حل الأزمات؟ هذا شيء غير مؤكد على الإطلاق.

هذه النتيجة توصل إليها الدكتور في العلوم السياسية، والباحث في علاقات الشرق الأوسط وأوروبا، سيباستيان بوسوا، في مقال له بصحيفة "لو فيف" البلجيكية، وذلك بعد القمة الثلاثين للجامعة العربية التي استضافتها تونس الأحد الماضي، التي لم تنجح في رأب صدع الخلاف بين العديد من الدول الأعضاء أو حتى التطرق إلى الملفات الهامة في الساحة العربية، بحسب الكاتب.

جامعة عربية عاجزة

وقال بوسوا، وهو باحث في مركز جاك بيرك، وفي جامعة بروكسيل الحرّة، وجامعة كبيك بكندا، "في حين تتمتع الجامعة العربية بمنصب مراقب في الأمم المتحدة، فإنها تبدو في بعض الأحيان عاجزة تمامًا مثل نظيرها الديني (رابطة العالم الإسلامي) تجاه فوضى الشرق الأوسط ،التي لا تتوقف أبدًا، وعدم النجاح في التحول الديمقراطي والاجتماعي. كما أنها لم تفعل شيئا في ظل زعزعة الاستقرار الإقليمي في السنوات الأخيرة.

وأضاف الباحث، في حين أن هذه المنظمة تتكون من  22 عضوًا، من الواضح اليوم أنها تحت تأثير الدولة التي تكفلها التي لا تزال تطمح إلى الحفاظ على قيادتها الإقليمية لأطول فترة ممكنة التي جعلت أيضًا مصر تابعة لها، نحن نتحدث عن السعودية، ففي ظل النفوذ والتأثير والتلاعب، نجد أنه داخل الجامعة العربية تسعى القوة السعودية إلى السيطرة على كل شيء في المنطقة.

وأشار دكتور العلوم السياسية، الذي له مساهماتٌ عديدة في مجال اختصاصه عبر كثيرٍ من وسائل الإعلام في فرنسا وبلجيكا وسويسرا وكندا والعالم العربي، إلى أن القمة الثلاثين الأخيرة لجامعة الدول العربية، التي عقدت قبل أيام في تونس، تجعلنا نتساءل عن جدوى هذا النوع من المنظمات الإقليمية في المستقبل.

وأكد أن الجامعة العربية لم تتعاف منذ انتقالها إلى تونس بعد توقيع السلام بين تل أبيب والقاهرة عام 1978 فحسب، بل إنها فشلت في تسوية القضايا الخلافية الهامة داخل من العالم العربي والإسلامي: القضية الفلسطينية، حروب لبنان، توقيع السلام بين إسرائيل والدول الأعضاء الأخرى مثل الأردن، ما يسمى بالربيع العربي، الحرب في ليبيا، الحرب في سوريا، الحرب في اليمن، وغيرها.

قبضة المملكة

وتابع "لا المنع ولا العلاج يمكن أن يكون عقيدة هذه المنظمة، تحت قبضة المملكة العربية السعودية الواضحة عليها، لا يمكن لجامعة الدول العربية إخفاء خلافاتها فحسب، بل عجزها أيضا، فالرياض هي التي تقرر ومن تحدد النبرة بموافقة أخيها الكبير أمريكا".

وبيّن بوسوا، أنه يجب الاعتراف بأن السياق الإقليمي الأخير لم يكن مناسبًا تمامًا لأي توحيد للرغبات الوطنية: 21 دولة كانت حاضرة في قمة تونس ولم يوافق جميع الأطراف على الفكرة المعقدة المتمثلة في عودة سوريا.

وتساءل الباحث؛ "ما الذي يمكن أن يفعله المصري أحمد أبو الغيط، الأمين العام للجامعة، في مواجهة هذه الفوضى؟ لا يستطيع رجل واحد فعل شيء بمفرده ضد إرادة مجموعة من الأفراد. لا شيء يمكن لهذا المصري القيام به في مواجهة الراعي السعودي، لا شيء أكثر من التلويح، لأنه في الواقع الرياض من تقف وراء كل شيء".

واعتبر الكاتب أنه من المفهوم ترك أمير قطر للقمة قبل انتهائها، بسبب عدم الوحدة، "فقد كان فرط الوجود السعودي في تونس قبل كل شيء عملية اتصال واستعراض للقوة على الرغم من الصورة البغيضة لها، ليس فقط في الجامعة العربية، ولكن أيضا في مجلس التعاون الخليجي الذي نسفته الرياض منذ عام 2017 مع بداية الأزمة مع قطر". قائلا، "نحن لا نرى أي مخرج لعجز هذه المجموعات الإقليمية التي يبدو أنها تجلب الحظ السيئ للمنطقة، أو على الأقل ليس عكس ذلك".

تقسيم العالم العربي

وقال الباحث الفرنسي كما سبق بالنسبة إلى منظمة المؤتمر الإسلامي، الكثير من الجدل يتزايد حول وجود مقرها  في السعودية، وهي دولة لم تعد محمية من الانتقادات، وتعمل كذلك من خلال زعيمها المستقبلي، محمد بن سلمان على تقسيم العالم الإسلامي.

وضرب بوسوا العديد من الأمثلة على دور السعودية وسياسة ولي عهدها الجديد في تقسيم العالم العربي والإسلامي ومنها:

  • مهاجمة البلدان التي تبتعد عن دائرة نفوذها.
  • نشر الوهابية والسلفية مع تعزيز كبير في الاتصالات وإرسال أئمة في كل مكان بالعالم العربي.
  • تحالف ضد الطبيعة مع إسرائيل.
  • التنفير من إيران وهو الشيء الذي قد يسمح لها بأن تكون دولة معتدلة
  • اغتيال الصحفي المعارض جمال خاشقجي في سفارة الرياض بإسطنبول، وهي القضية التي ما زالت تنتظر تحقيق دولي حقيقي يعاقب من يقف وراءها.

وبعد سرده لكل هذا، تساءل سيباستيان بوسوا مجددا هل يجب استمرار جامعة الدول العربية؟ موضحا أنه في بداية الأزمة، دعا أمير قطر إلى إنشاء منظمة بديلة لمواجهة قبضة السعودية على المنطقة، ومبينا أنه في الوقت الحالي ل"ا نرى فائدة من الإصلاحات التي يمكن أن تنقذها، طالما أننا لا نواجه الدوافع الإمبريالية للسعودية، بل وأيضًا رغبتها اللاواعية في العدمية وانفجار منطقة يمكن أن تنقلب في أي وقت".

اختلاف حتى حول القضية الفلسطينية

وفشلت الدول العربية خلال قمة تونس الأحد الماضي في تحقيق هدف الوحدة، باستثناء الجولان، بحسب المقال، وظهر خلالها الفوضوية التي يغرق فيها العالم العربي أكثر من أي وقت مضى، وعلى الرغم من أن الرئيس التونسي أطلق على هذه القمة اسم "تصميم وتضامن".

وأكد  الباجي قايد السبسي في كلمته خلال افتتاح القمة أن "العالم العربي لا يفتقر إلى آليات العمل المشترك ولا الموارد البشرية والمادية، ولا عوامل الاتحاد والتكامل "، انتهت القمة دون قرارات مذهلة أو تاريخية.

وفي ظل المشاكل التي ابتلي بها العالم العربي منذ عقود ولم يتم حلها حتى الآن، لم يشر البيان الختامي الذي أقرته أعمال هذه الدول قائمة الملفات الهامة كسوريا وليبيا مرورا باليمن، بل إن القضية الفلسطينية التي كانت مركزية لجميع الدول الأعضاء أصبحت محل اختلاف بسبب المصالح؛ وفي النهاية لم لا يتم فعل شيء سوى توزيع الوعود فقط لأولئك الذين يريدون تصديقها، بحسب المصدر ذاته.

وأضاف، حتى في ظل الاتفاق بالإجماع على رفض اعتراف الولايات المتحدة بضم إسرائيل لهذه هضبة الجولان، لم يجرؤ أحد على التصويت لإعادة سوريا إلى حضن الوطن العربي.

وفي اعتبار الكاتب، لم ينجح رهان الرئيس السبسي الذي قال عدد خلال كلمته بمناسبة افتتاح القمة، الأولويات التي يعتقد أنه ينبغي أن تكون على جدول أعمالها واتخاذ قرار بشأنها وهي إعادة القضية الفلسطينية إلى الساحة الدولية وضمان أن الأمن في المنطقة العربية لن يكون ممكناً إلا بإنشاء دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة، والتغلب على الخلافات بين الدول العربية لتسهيل المبادرات المشتركة، وحل الأزمات الليبية والسورية واليمنية.