لوموند: عبدالمجيد تبون "يستخف" بالجزائريين ويعمق أشكال القمع

12

طباعة

مشاركة

بعد سنة من انتخابه، وشهرين من علاجه، يحيط الغموض بحالة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون الصحية، وتدخل البلاد نفقا جديدا من أزمات لا تنتهي.

الغموض المحيط بالحالة الصحية للرئيس الجزائري، الذي تولى زمام السلطة منذ ديسمبر/كانون الأول 2019، هو "شكل من أشكال ازدراء الشعب"، وفق ما تقول المحامية والناشطة الحقوقية زبيدة عسول.

وفي 13 ديسمبر/كانون الأول 2020، ظهر الرئيس الجزائري، لأول مرة منذ إصابته بفيروس كورونا في 15 أكتوبر/تشرين الأول من نفس العام، وأكد تعافيه من المرض وعودته إلى الجزائر من ألمانيا خلال أيام.

تصف المحامية الجزائرية عسول في حوار مع صحيفة لوموند الفرنسية، السنة الأولى من حكم تبون بأنها "عام الأزمات والفشل، على المستوى السياسي والاقتصادي والصحي".

ومع انتخاب تبون في 12 ديسمبر/كانون الأول 2019، كانت المحامية زبيدة عسول، المدافعة عن سجناء الرأي ورئيسة الاتحاد من أجل التغيير والتقدم، تنتقد بصرامة حكم تبون. 

تقول عسول: "جاء السيد تبون في أعقاب ثورة سلمية وضعت الجزائريين في حراك حول التطلعات الديمقراطية والمطالبة بسيادة القانون".

ومع وفاة رئيس الأركان السابق قايد صالح في ديسمبر/كانون الأول 2019 بعد قدوم تبون إلى السلطة، فقد أداروا ظهورهم لهذه المطالب. 

وتبون انتخب بنسبة أقل من 40٪، بحسب أرقام رسمية مبالغ فيها، تقول عسول. ومهما كانت حقيقة هذه الأرقام، فإنها تفتقر إلى الشرعية الشعبية، وهو اليوم غير قادر على تقديم رؤية سياسية.

بل على العكس من ذلك، توجه تبون إلى قرار فردي متمثلا في تعديل الدستور وقد فرض الاستفتاء على التعديل في خضم أزمة صحية وسياسية، وفي النهاية، كان الفشل في ذلك واضحا. كان رد فعل الشعب لاذعا، فقد أدار 77٪ من الجزائريين ظهورهم لهذا الاستفتاء.

تراجع اقتصادي

أما المجال الاقتصادي فهو ثاني أزمة يتم تسجيلها في فترة حكم عبد المجيد تبون. وتقول عسول: "ليست هناك إرادة لتقديم رؤية يمكن أن تشجع الاستثمار، الوطني أو الأجنبي".

وترى أنه "لم يكن لعبد المجيد تبون برنامج أو رؤية اقتصادية على المدى المتوسط ​​أو البعيد وهو ما يفسر هذه التجربة والخطأ الدائمين. نظموا مؤتمرا حول التنويع الاقتصادي، لكن لم يتبع ذلك أي شيء". 

وأردفت: "في حين أن ما نشهده هو انخفاض بنسبة 25 بالمئة في قيمة الدينار وعجز في الميزانية بقيمة 20 مليار دولار بموجب قانون المالية".

وأوضحت أن الوضع الاقتصادي ازداد سوءا بسبب العواقب الوخيمة وباء كورونا على الرغم من أن اقتصاد البلاد لا يزال يعتمد على الهيدروكربونات. 

أضف إلى ذلك الانغلاق الذي عرفته البلاد منذ مرض الرئيس تبون، والغموض الذي يحيط بمرضه، قرابة شهرين. وتابعت "لقد ظل بعيدا لمدة خمسين يوما دون أن يعرف أحد ما حل به".

وبينت أن "ذلك شكل من أشكال ازدراء الناس، إذا كان يحترم الناس فعليه إبلاغهم،  والحال أن الواقع ليس كذلك".

وتطرقت عسول إلى أزمة ثالثة وهي فيروس كورونا "الذي كشف حالة نظامنا الصحي والفجوة بين الخطاب السياسي والواقع".

وغادر عبد المجيد تبون مريضا للعلاج في ألمانيا في الوقت الذي يواجه فيه الجزائريون وضعا كارثيا هنا، رغم كل النوايا الحسنة للعاملين الصحيين وتضامن المجتمع.  وتقول عسول: "عندما يمرضون، يسافرون إلى الخارج للعلاج بالمال العام".

حالة الحريات

هذا ناهيك عن حالة الحريات، فقد وعد تبون ببوادر ترضية بعد انتخابه، وفق عسول، لكنها لم تتم.

وأوضحت أنه "منذ أن كان تبون في المرادية (القصر الرئاسي)، كان هناك تصعيد في القمع. أنا في وضع جيد للحديث عن ذلك كمحامية وعضو في ائتلاف الدفاع عن المعتقلين السياسيين وسجناء الرأي بسبب مواقفهم أو آرائهم السياسية".

وتابعت: "جرى سجن الناشطين والمدونين الشباب والصحفيين والناشطين، رأينا ذلك مع خالد دراراني وكريم طابو ورشيد نكاز وعلي الغديري وسعيد بودور، وحتى الجزائريين العاديين الذين عبروا عن وجهة نظرهم أو كل من يقدم بدائل. 

لا يتطلب الأمر سوى منشور على فيسبوك حتى ينتهي بك الأمر في السجن، وفق قولها. وأضافت أن جميع وسائل الإعلام الموجودة مغلقة أمام المعارضة ومن يتحدثون عن مستقبل البلاد.

وأكدت أن "الصحف الإلكترونية تخضع للرقابة، ووزير الاتصالات يزيد التهديدات، هناك تراجع واضح في الحريات بشكل عام". 

لذلك، فهي تعتقد أن "غياب تبون يخلق انغلاقا كاملا ويطرح المشكلة الحقيقية للنظام المؤسسي الذي نددت به منذ عهد عبد العزيز بوتفليقة، نظام يركز السلطة المطلقة في يد رجل واحد".

وذكرت أن عبد العزيز بوتفليقة رحل، "لكن الشرور نفسها ما زالت قائمة: الغموض التام، وغياب الحوار، والنزعة الأحادية، والرغبة في فرض الحلول من الأعلى".

وتنبع الأزمة في الجزائر برأيها، من انعدام شرعية السلطة والنظام المؤسسي، بينما على العكس من ذلك، من الضروري ضمان الفصل بين السلطات وقبل كل شيء عدالة مستقلة.

وواصلت أنه "منذ انتخاب تبون، شهدنا استخداما غير مقبول للعدالة والأجهزة الأمنية".

الخروج من المأزق

كطرف سياسي اقترح الاتحاد من أجل التغيير والتقدم، خططا للخروج من هذا الوضع تستند إلى حوار وطني شامل للتوصل إلى خارطة طريق توافقية.

وقالت: "علينا أن ننتهي بعملية تأسيسية، وهذا هو فحوى مقاربتنا في إطار ميثاق البديل الديمقراطي (الذي يجمع أحزابا وجمعيات وائتلافات وشخصيات)".

واقترحت هذه العملية التّأسيسية، منذ يونيو/حزيران 2019 من أجل البدء من جديد على أساس صحيح وتوحيد الشروط التي ستسمح لنا بالذهاب إلى انتخابات شفافة، و نحو مؤسسات شرعية معترف بها من قبل الشعب لإعادة بناء هذا البلد ومنح شبابنا الأمل، وفق عسول.

وأردفت: "هناك الكثير للقيام به في الجزائر، في مجالات الاقتصاد والتعليم والصحة واستصلاح الأراضي".

وحول سؤال عن جدية المؤسسة العسكرية بالإصلاح واستعدادات السلطة للتغيير، قالت عسول: "أولئك الذين فرضوا انتخابات ديسمبر/كانون الأول 2019 ونوفمبر/تشرين الثاني 2020 (التعديل الدستوري) يجدون أنفسهم في مأزق. هذه فرصة، حتى لو كان الوضع مُعقدا". 

وتأملت أن "يكون هناك أشخاص في المؤسسة العسكرية فهموا أنه لا يمكن بناء دولة دون شعبها، ولا بناء دولة ذات مصداقية ومحترمة دون الاستماع إلى مشاغل الناس. يجب أن ننقذ البلد وليس النظام".