كاتب أميركي: ولاية ترامب كشفت عيوب الديمقراطية بالولايات المتحدة

12

طباعة

مشاركة

يبرز هذا التحليل مستوى الديمقراطية في الولايات المتحدة الأميركية، في ظل ما تشهده البلاد من قرارات الرئيس دونالد ترامب ورفضه لنتائج الانتخابات التي أجريت في 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2020. 

وقال الكاتب البارز، إريك بوزنر، في تحليل نشره موقع "ipg": إن "الانتخابات الرئاسية دحضت عددا من التوقعات المتشائمة".

وأوضح: "قيل لنا إنه لن يتم احتساب كل بطاقات الاقتراع؛ وأن آلات التصويت سيتم اختراقها، وأن المجالس التشريعية للولاية ستوجه أعضاء الهيئة الانتخابية لتجاهل إرادة الشعب". 

وأضاف بوزنر: "قيل إن البلطجية المسلحين سيرهبون الناخبين، وستندلع أعمال الشغب، وستقف الشرطة إلى جانب رئيس القانون والنظام، لكن لم يقع ذلك". 

وأشار إلى أن "ترامب، وهو صادق مع نفسه، رفض بالفعل الاعتراف بالهزيمة، واتهم الديمقراطيين بالتزوير وطعن في نتائج الانتخابات في المحاكم، لكن ليس لديه أمل حقيقي في البقاء في منصبه بعد يوم تنصيب الرئيس المنتخب (جو بايدن في 20 يناير/كانون الثاني 2021) ".

محاولة انقلاب؟

وقال بوزنر: إن "أولئك الذين يجادلون بأن سلوك ترامب بعد الانتخابات يرقى إلى مستوى محاولة انقلاب يسيؤون فهم الوضع، فلا فرق في رفض ترامب الاعتراف بالهزيمة أو اعترافه بها، لأن ادعاءاته غير مدعمة بالأدلة القانونية ورفضتها المحاكم، ما يعني أنه خسر لا محالة".

وأشار إلى أن "العديد من الناخبين الجمهوريين بينما يزعمون في استطلاعات الرأي أن الانتخابات سُرقت، لم يخرج أي منهم إلى الشوارع أو اتخذ أي إجراء آخر يتوقعه المرء من الأشخاص الذين يعتقدون حقا أن الديمقراطية في خطر".

واستطرد بوزنر: "لا تلوح في الأفق انتفاضات على غرار منطقة هونغ كونغ، لقد اتخذت هجمات ترامب على المؤسسات الأميركية إلى حد كبير شكل المسرح السياسي".

من الملفت القول: إن ترامب أضر بالنظام الانتخابي والديمقراطية الدستورية الأميركية بشكل عام، حيث إن الفكرة الرئيسية، التي تكررت بشكل لا يصدق على مدى السنوات الأربع الماضية، هي أن ترامب انتهك بعض "المعايير" التي تعتبر حاسمة لسير الديمقراطية بسلاسة، وفق الكاتب الأميركي.

وتضمن هذه القواعد غير المكتوبة تعاون الحزبين السياسيين الرئيسيين، واحترام إرادة الشعب، وألا تتحول السياسة إلى عنف، وإذا انتهك الرئيس أو هاجم هذه المعايير، فإنها تختفي، مما يجعل من المستحيل وجود الديمقراطية.

واستدرك الكاتب قائلا: إن "إدارة ترامب كشفت عن بعض العيوب الخطيرة، ومع ذلك، لا تزال الديمقراطية الأميركية قوية، على الأقل في الوقت الحالي".

صراع الأجهزة

لفت بوزنر إلى أنه "كانت هناك مخاوف بشأن الناخبين والإعلام والقضاء، وهي مخاوف لها ما يبررها، لكن من المفارقات أن هجمات ترامب على الديمقراطية الأميركية قد عززتها بدلا من إضعافها".

وبرر الكاتب ذلك بالقول: "خذ الانتخابات على سبيل المثال، اشتكى علماء السياسة منذ عقود من أن قلة قليلة من الأميركيين يذهبون إلى صناديق الاقتراع وأن لديهم القليل من الاهتمام بالسياسة. لكن هذا العام، بلغ إقبال الناخبين (نسبة الذين يحق لهم التصويت) أعلى مستوى منذ عام 1900".

وأضاف: أنه "رغم الصعوبات والقيود الناجمة عن أسوأ أزمة صحية (كورونا) منذ قرن، تبرع الناس بالمال للمرشحين، وتجادلوا مع بعضهم البعض على الإنترنت، ونظموا أنفسهم على نطاق واسع، هذه كلها أعراض للديمقراطية السليمة، رغم نظريات المؤامرة والاستقطاب والشعور المستمر بالفوضى".

كما هاجم ترامب الصحافة، يكتب بوزنر، واصفا إياها بـ"عدو الشعب"، وكثيرا ما انتقد مختلف الصحفيين بشكل شخصي، لكن وسائل الإعلام الرئيسية ازدهرت، وارتفعت الاشتراكات المطبوعة والرقمية في صحيفة نيويورك تايمز، أحد أكبر أعداء ترامب، من 3 ملايين عام 2017 إلى 7 ملايين في عام 2020.

فيما تلقت قنوات CNN وMSNBC وFox News تقييمات قياسية عام 2020، ولا يوجد دليل على أن الصحفيين أو المعلقين رفضوا نشر مقالات أو آراء خوفا من انتقام السلطات.

واحتفظ القضاء - وهو هدف دائم آخر لانتقاد ترامب - باستقلاليته، بالإضافة إلى إنكار مزاعم ترامب الانتخابية التي لا أساس لها، يلفت الكاتب الأنظار الى أن القضاة ألحقوا الهزيمة تلو الأخرى بإدارته.

كما تدخلت المحاكم في العديد من القرارات -التي أحبها ترامب- للحد من الهجرة غير النظامية، وفي بعض الحالات انتقدت إدارته بشدة. 

ورغم أن ترامب نقل النظام القضائي إلى اليمين، فإن القضاة الذين عينهم، كما نرى، أخذوا عملهم على محمل الجد، بحسب بوزنر.

مراكز القوة

ولفت بوزنر إلى أن "الخلاصة العامة هي أن انتهاكات ترامب للقواعد لم تكن دائما ناجحة، وغالبا ما كشفت عن نقاط ضعف يمكن معالجتها من خلال الإجراءات الديمقراطية".

وأوضح أنه "بعد انتهاك الرئيس الأسبق فرانكلين روزفلت القاعدة المقبولة عموما والتي لا تسمح بأن يصبح رئيسا أكثر من مرتين، تم تدوين هذه القاعدة في دستور الولايات المتحدة في شكل التعديل 22".

وأشار إلى أن "هجمات ترامب على مراكز القوة المتنافسة في النظام السياسي الأميركي كانت بمثابة تذكير للناس بأهمية مراكز القوة هذه من حيث المبدأ". 

وقال بوزنر: إن "ترامب هاجم هذه المراكز فقط خطابيا، ولم يتخذ أي إجراء خاص لإضعاف الصحافة أو القضاء، على سبيل المثال عن طريق الأمر بإجراء تحقيقات أو ملاحقات قضائية، أو بالضغط من أجل قوانين لتقييد أنشطتهم".

وتابع: "لم يستخدم تطبيق القانون أو الموارد الحكومية الأخرى لتخويف الديمقراطيين وغيرهم من المعارضين السياسيين، رغم أنه ربما كان يريد ذلك حقا". 

واستدرك بوزنر: "خطاب ترامب الملتهب أدّى إلى نتائج عكسية عليه، فقد دفع ثمن ذلك بخسارة أصوات الجمهوريين المهمة، بالمقابل حفز إقبالا هائلا من المؤيدين الديمقراطيين، بينما لم يفعل سوى القليل لإلحاق ضرر حقيقي بالأهداف المختارة".

وأكد أن "السبب الرئيسي وراء عدم حدوث انفلاتات هي أن ترامب رئيس غير محبوب، لم يكن لديه دعم سياسي كاف للفوز بالانتخابات، وبالتالي فليس من المستغرب أنه لم يحصل على دعم سياسي لعكس نتائج الانتخابات".

واختتم  "بوزنر" مقاله بالقول: "سيمر وقت طويل قبل أن يقدّر المؤرخون تماما تأثير ترامب على الديمقراطية الدستورية في أميركا، ومن الواضح أن عهده كشف بعض العيوب الخطيرة، أبرزها الدور المفْرِط للمال في السياسة".