ياسين أقطاي: لهذه الأسباب على القادة العرب أن يشكروا تركيا

12

طباعة

مشاركة

عُقدت في تونس الأحد الماضي قمة عربية جديدة، تزامنت مع انعقاد الانتخابات المحلية في تركيا في نسختها الـ19 منذ تأسيس الجمهورية، وتعليقا على القمة ومجرياتها كتب نائب في البرلمان التركي ونائب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ومسؤول الشؤون الخارجية في الحزب، ياسين أقطاي، مقالا على صحيفة "يني شفق" تساءل فيه عمّا وصفه بالتكبّر والعلو الذي تعاملت به الدول العربية في قمتها الأخيرة، التي كانت فارغة تمامًا من المضمون أو من القرارات التي تصلح للتطبيق، بحسب الكاتب.

قمة فارغة

وقال أقطاي في مقاله: إن تركيا بينما كانت مشغولة بالانتخابات المحلية، عقدت القمة العربية في تونس، ذلك الاجتماع الدوري كل 4 سنوات الذي يتم بدعوة من جامعة الدولة العربية، وعلى الرغم من أنه يجب أن يكون عربيا بحتا يبحث في مشاكل العرب الخالصة، لم يخرج بأي قرار لا لحل مشكلة عربية ولا حتى مشكلة إقليمية، فضلا عن أن يكون دوليا وذلك على الرغم من أن القمة اقترح فيها الرئيس المضيف لها الباجي قايد السبسي أن تكون "قمة العزم والتضامن" غير أنه، أضاف الكاتب: "لا تضامن خرج ولا قرار".

واعتبر الكاتب أن الكلمات والبيان الختامي تضمنت بيانات فضفاضة وكلمات مستهلكة مكررة، بالإضافة إلى الكلمات المعتادة حول قضية فلسطين وأهميتها.

وشدد أقطاي على أن جامعة الدول العربية بالأساس ليس لديها نية أو قرار لحل المشكلات التي تعصف بالعالم العربي اليوم، لقد جاء القادة العرب إلى تونس في الغالب للتسوق وإلقاء الكلمات المكررة والمعتادة بشكل روتيني.

وأضاف مسؤول الشؤون الخارجية بالحزب الحاكم، أنه وحتى المشكلة العالقة بين دول الخليج وما بات يعرف بالأزمة الخليجية بين السعودية والإمارات والبحرين من جهة وبين قطر من جهة أخرى لم يتم اقتراح أي حلول أو خطوة قد تسهم في علاجها؛ حتى إنه لم يتم التطرق لها.

وتابع الكاتب، كذلك مسألة هضبة الجولان الأخيرة، واعتراف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بسيادة إسرائيل على الجولان، لم تُدنه القمة أو أي من الرؤساء العرب، كل ما في الأمر، كان التأكيد على عروبة الجولان دون أي استنكار أو إدانة للخطوة الأمريكية الإسرائيلية.

مجرد شكليات

وهنا؛ تساءل الكاتب: كيف يمكن للقمة أن تنتج إرادة أو قرارا؟

وقال ياسين أقطاي: "حتى أقوى دولة في المنطقة وهي المملكة العربية السعودية لم يكن لها ذاك الصدى الكبير، فالعاهل السعودي الذي كان موجودًا في تونس قبل يومين من انعقاد القمة غادرها بعد سويعات من بدئها قبل حتى أن تنتهي الجلسة الافتتاحية"، مضيفا: "من هنا بالفعل تظهر على السطح مدى الأهمية التي تولى بها هذه القمة".

ورأى الكاتب أن "الزعماء العرب أتوا إلى تونس بهدف السياحة والتسوق، وليس القمة التي كانت مجرد عذرٍ ليس أكثر، القمة هنا مجرد شكليات".

وتابع الكاتب، على نفس المنوال، غادر أمير قطر، تميم بن حمد آل ثاني، القمة فجأة أثناء خطاب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط دون أن يلقي كلمته في الجلسة الافتتاحية.

ويذكر أن أمير قطر غادر الجلسة الافتتاحية دون إلقاء كلمة، وخرج من القاعة خلال خطاب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط؛ ولم تصدر العاصمة القطرية الدوحة، بيانا عن سبب خروج أمير قطر المفاجئ من القمة قبل إلقاء كلمته أمام القمة، ومغادرته تونس.

غير أن وسائل إعلام مقربة من الأمير وأخرى مقربة من الدوائر السياسية في قطر أكدت أن الأمير تميم خرج من القمة احتجاجاً على انتقاد أمين عام جامعة الدول العربية التدخل التركي والإيراني في شؤون البلاد العربية، بزعم زعزعة الأمن والاستقرار فيها.

وفي المقابل قالت وسائل إعلام تونسية إن قرار الأمير، بمغادرة مقر انعقاد القمة قبيل انتهائها كان أمرا مبرمجا بين السلطات القطرية والسلطات التونسية وأنه اتُّفق على أن تقتصر مشاركة الأمير على الجلسة الافتتاحية وعلى كلمتي الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي وأمين عام الجامعة العربية أحمد أبو الغيط.

قادة عرب بعيدون عن شعوبهم

وعاد الكاتب، الذي يرى في الانتقاد العربي لبلاده أمرا غريبا، ليقول إن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لا يتركون شاردة ولا واردة دون تدخل فيها في البلاد العربية، حتى في طريقة الحكم واتخاذ القرارات وطريقة نظرتهم للأمور.

ورأى أقطاي أن النتيجة هنا تكون طبيعية، فمن المنطقي أن تكون وجهة نظر قادة الدول العربية لتركيا هي نفس وجهة نظر الولايات المتحدة التي تنظر لها بعين الريبة والشك وعلى أنها دولة أجنبية.

واصل الكاتب في مقاله: "إن القمة الأخيرة أظهرت كيف أن القادة العرب بعيدون عن شعوبهم والرأي العام العربي"، مشيرا إلى أنه "لم يكن أي من هؤلاء القادة أقرب إلى شعبهم من رجب طيب أردوغان، وربما هذا هو سبب الخوف والقلق من تركيا".

وشدد أقطاي على أن ردود فعل قادة البلاد العربية على  الأزمات التي عصفت وتعصف بالدول العربية كان أقل من عادي، متابعا، فتركيا نفسها بسبب المشاكل الداخلية في العالم العربي، كانت إلى جانب الدول العربية، وكانت الأقرب إلى شعوبها. وأضاف: "كل الظلم الواقع على الناس هناك لم يحرك لدى القادة العرب ساكنا، بل تركوهم بمفردهم في مواجهة كل ما حدث ويحدث".

العرب في تركيا أصبحوا يعلّمون زعمائهم

وضرب الكاتب مثالاً على ذلك برئيس النظام السوري بشار الأسد، الذي قتل المدنيين للحفاظ على كرسيه فاضطر الملايين إلى ترك بلادهم هربًا من بطشه وبطش القوات الموالية له، ومن هؤلاء نحو 3.5 مليون يعيشون في تركيا منذ سنين خلت.

وفي مصر أيضًا، أكبر دولة عربية، فتحت تركيا أبوابها للهاربين من بطش الانقلابين هناك، بعد أن أمعن النظام الانقلابي في معارضيه قتلاً وتعذيبًا واعتقالاً، وكان سبب التدخل التركي بكلا الحالتين هي الإنسانية وحماية النفس البشرية ليس أكثر، بحسب المسؤول في الحزب الحاكم.

وذهب أقطاي إلى اليمن التي وصف الحرب فيها بأنها "لا معنى لها"، وتابع، لم تتدخل تركيا في الجانب العسكري منها على الرغم من أنها لا تؤيد الحرب هناك؛ لكنها، انحازت للإنسان اليمني المظلوم، ليس هذا فحسب بل إن كثيرا من اليمنيين يعيشون هنا في تركيا بكل أمن وسلام هربًا من الحرب ونيرانها.

وهنا مربط الفرس، يؤكد الكاتب، أن كل هؤلاء يعيشون في تركيا بما لهم من حقوق وما عليهم من واجبات تعلموها، ورأوا أن ثمة بلاد تعترف بالقانون وتظهر لهم احتراما وتقديرا، باتوا يوجهون رسائل قوية للزعماء العرب حول كيفية معاملة شعوبهم.

لكن القمة والزعماء المشاركين تركوا كل ذلك وراء ظهورهم والتفتوا إلى تركيا، واتهموها بالتدخل في الشؤون الداخلية للبلاد العربية.. أصلا من هي الدول العربية؟ يتساءل الكاتب!

هي الأحق بالأمة العربية

وذكر أن الإحصائيات تشير إلى أن هناك 4 مليون تركي أصولهم عربية تركوا بلادهم لسبب أو لآخر وباتوا مواطنين أتراك، يتمتعون بالجنسية التركية. مضيفًا، مجموع من هرب من المناطق العربية المتأزمة يتجاوز 8-10 ملايين، وحتى هذا الرقم أكثر من عدد سكان العديد من الدول العربية الذين شاركوا في القمة.

تركيا، هي الأكثر حقا في الحديث باسم الأمة العربية، لقد قدمت لذلك الكثير وما زالت، وأكثر من يقر بهذا الحق بل وربما يتمناه هم الشعوب العربية التي تعترف بالفعل بنشاط تركيا وجهودها في هذا الصدد. متسائلًا: ما الذي يمكن أو لا يمكن إعطاؤه أو استلامه من قبل بعض الأسماء في القمة؟ يجيب الكاتب: "الحق ينتزع من العمل والجهد وليس من الثرثرة".

وخلص الكاتب في نصيحة أخيرة لاجتماع القمة العربية المقبل، مشيرا إلى أن العرب والشعوب العربية الإسلامية تستحق حياة كريمة وأن تتمتع بالحقوق والرفاهية. وأضاف: "إن كانت هناك رغبة في الاستفادة من نهضة تركيا وتجربتها؛ فإن أبواب أنقرة مشرعة لمن أراد استنساخ التجربة ومشاركة المعلومات كاملة بصدر رحب".