أهداف واشنطن الثلاثة بسوريا.. هل ينجح بايدن فيما فشل فيه ترامب؟

يوسف العلي | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

تحركات مكوكية أجراها المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، جويل رايبورن، شملت تركيا ومصر والائتلاف السوري المعارض، طرح خلالها رؤية الإدارة الأميركية تجاه الملف السوري، والتي حددها بثلاثة أهداف تسعى واشنطن إلى تحقيقها خلال المرحلة المقبلة.

خلال لقائه برئيس الائتلاف السوري المعارض، نصر الحريري بمدينة إسطنبول التركية، في 4 ديسمبر/ كانون الأول 2020، قال جويل رايبورن: إن بلاده حددت 3 أهداف واضحة في سوريا، خاصة خلال فترة حكم الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترامب.

3 أهداف 

الأهداف الثلاثة وفق تصريحات المسؤول الأميركي، هي: "أولا: تحقيق هزيمة نهائية لتنظيم الدولة وغيره من الجماعات الإرهابية. ثانيا: خروج النظام الإيراني والمليشيات الإيرانية من سوريا. ثالثا: الوصول لحل سياسي للصراع في سوريا بموجب قرارات الأمم المتحدة".

رايبورن أوضح أن "الأهداف الثلاثة تحظى بالدعم في واشنطن؛ فهذه ليست قضية سياسية، وهي شيء يتفق عليه كل من الحزبين والكونجرس، والجميع يعمل على بذل جهود في إطار تحقيقها".

مؤكدا أن "السياسة الأميركية الآن في مسار جيد، وتمضي قُدُما لتحقيق الأهداف الضرورية، ليس فقط للمصلحة الأميركية، بل لمصلحة المجتمع الدولي وأمنه، ولدينا ارتياح حول سياستنا وما حققناه حتى الآن".

وشدد جويل رايبورن على أنه لا مفر لنظام الأسد من العملية السياسية، وأن بلاده ستواصل الضغط من خلال عقوبات "قيصر" لإجباره على القبول بحل سياسي للنزاع في البلاد.

وأوضح المسؤول الأميركي أن سبب أزمات النظام الحالية ليست العقوبات الأميركية، بل استمراره في إنفاق المال على الأسلحة لتدمير بلاده وقتل شعبه، ولبناء دولة مخابراتية.

فشل ترامب

لكن مبعوث واشنطن الخاص السابق بشأن سوريا جيمس جيفري، اعترف بعجز إدارة الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترامب عن تحقيق هذه الأهداف الثلاثة في سوريا. وما فعلناه هو وقف تقدم الأسد ميدانيا، وجرى التوصل إلى حالة من الجمود العسكري هناك".

جيفري الذي ترك منصبه الشهر الماضي، أكد في مقابلة نشرتها صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" في 6 ديسمبر/ كانون الأول 2020، أنه إذا فشلت الولايات المتحدة في التوصل إلى حل وسط يشمل انسحاب إيران من سوريا، فلا بد من وضع "إستراتيجية مؤقتة تكمن في منعهم من الانتصار".

ودافع جيفري عن الغارات الإسرائيلية على سوريا، قائلا: "الطريقة الوحيدة لوقف هذه العمليات هي انسحاب القوات الإيرانية والمدعومة إيرانيا من سوريا"، معتبرا أنه طلب غير قابل للنقاش.

وتعليقا على تحركات المسؤول الأميركي وحديثه عن أهداف واشنطن في سوريا، قال المحلل السياسي السوري أحمد كامل في حديث لـ"الاستقلال": إن "موقف الإدارة الأميركية الجديدة من القضية السورية غير واضح مطلقا، والسوريون يخشون من أن تكون من إدارة أوباما، فهذه كارثة بالنسبة للسوريين".

وأوضح كامل أن "أسوأ من تعامل مع القضية السورية من رؤساء أميركا هو أوباما، لأنه كان مستسلما كليا لإيران ومتواطئا جدا من التنظيمات الكردية والشيعية ولا يعتبرها إرهابية أصلا، وبالتالي السوريون في حالة ترقب، ولا نعرف ما الذي سيقوم به بايدن".

ورأى المحلل السياسي أن "الإدارة الأميركية يمكنها تحقيق هذه الأهداف الثلاثة إذا كانت لديها إرادة في فعل ذلك، لأن المشكلة تكمن غياب الإرادة، فهل فعلا تريد واشنطن طرد الإيرانيين والمليشيات الشيعية وحزب الله اللبناني والتنظيمات الإرهابية الكردية التي تحتل سوريا، هذا كله موضع شك وترقب من السوريين".

وأشار إلى أن إدارتي أوباما وترامب بقيتا تتحدثان عن الحل السياسي وفق قرارات الشرعية الدولية، لكنهما لم يفعلا شيئا لتحقيق ذلك، فإذا استمرت الإدارة الأميركية الجديدة في ترديد موضوع الحل السياسي في سوريا وفق قرار (2254) دون السعي لتحقيق ذلك، فهذا يدل على سوء نية وتواطؤ على احتلال سوريا وتقطيعها وذبح شعبها.

سياسة ناعمة

وفي السياق ذاته، رأى الكاتب السوري حسين عبد العزيز خلال مقال نشرته صحيفة "عربي21" في 7 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020 أن "أوباما آثر اتباع سياسة ناعمة حيال الملف السوري، في وقت آثر أو مال إلى الرؤية الروسية في كثير من النقاط، في حين آثر ترامب اتباع سياسة أكثر تشددا حيال النظام السوري، لا سيما في المستوى الاقتصادي".

وأضاف: "لا يعني ذلك أن وصول بايدن إلى الرئاسة أنه سيتبع خطى أوباما، لأن ظروف الملف السوري اختلفت كثيرا: في مرحلة أوباما كانت الأولوية لترتيب شروط الميدان العسكرية، ولترتيب القاعدة السياسية التي سينطلق منها الحوار السوري ـ السوري برعاية الأمم المتحدة".

وتابع الكاتب السوري، قائلا: "أما الآن، فالوضع مختلف؛ حيث لم يعد بيد الولايات المتحدة -بعد انحسار المعارضة العسكرية في بقع جغرافية صغيرة- سوى الإبقاء على ضغوطها الاقتصادية والسياسية والعسكرية المتمثلة بالوجود العسكري شرق الفرات".

ولفت إلى أن بايدن يمتلك رؤية مختلفة عن ترامب حيال الدولتين الإقليميتين الفاعلتين في الجغرافية السورية (إيران، تركيا)؛ فهو يرغب في إعادة تفعيل الاتفاق النووي الإيراني وإصلاح العلاقة مع إيران، وهذا أمر يتطلب بالضرورة تقديم تنازل أميركي لإيران في ملفات المنطقة، خصوصا في العراق وسوريا، بما ينعكس إيجابا على النظام السوري، ويضرب عرض الحائط الضغوط السياسية والاقتصادية الأميركية على النظام.

في مقابل ذلك، يتمسك بايدن بسياسة داعمة للأكراد وسياسة متشددة حيال تركيا في سوريا، فقد رفض سابقا خطوة ترامب بمنح الأتراك فرصة التحرك في الشمال السوري، وقد يعني ذلك وضعا صعبا لتركيا ولفصائل المعارضة السورية في إدلب ومناطق "غصن الزيتون" و"درع الفرات" و"نبع السلام"، بما يمنح الروس فرصة أخرى لممارسة الضغط على تركيا، بحسب الكاتب.

الرباعي العربي

وبخصوص تزامن طرح الأهداف الأميركية الثلاثة مع عقد الاجتماع الرباعي العربي من أجل سوريا في 26 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، بين (مصر، السعودية، الإمارات، والأردن)، فقد استبعد المحلل السياسي أحمد كامل وجود ربط بين التحركين.

ناقش الرباعي العربي تعزيز الجهود المشتركة لدعم تسوية الأزمة السورية بما يحفظ وحدة سوريا وسلامة أراضيها، وسبل تسوية الأزمة وفقا لقرار مجلس الأمن رقم 2254، حسبما أفادت وزارتا خارجية مصر والأردن.

وقال كامل: إن "التحرك الأميركي لا علاقة له بالتحرك الرباعي؛ لأن الأنظمة العربية لا تضع للإدارة الأميركية مسارها، لأن العكس هو الصحيح، والاجتماع الرباعي العربي جاء لضرب الودع وتوقع ماذا يريد الرئيس الأميركي الجديد من سوريا، فهم يستعدون مسبقا للبس ما يفصله لهم بايدن فقط".

وعلى نحو مماثل، قال الكاتب حسين عبد العزيز: "سياسة بايدن إذا ما طُبِّقت فعلا، فإنها ستعطي انطباعا بأن الإدارة الأميركية متساهلة حيال النظام السوري، وقد تدفع كلا من روسيا والنظام إلى استكمال العمليات العسكرية في الشمال الغربي، وإلى التشدد أكثر حيال الملف السياسي، وحيال ملف المعتقلين والمختفين قسريا".

وأردف: "كما أن مثل هذه السياسة، قد تدفع دولا عربية إلى إعادة تفعيل انفتاحها السياسي على النظام السوري، وهو انفتاح جرى صده من إدارة ترامب. وفقا لذلك، لن تكون مرحلة بايدن أكثر قوة من مرحلة ترامب، ولن تكون بالمقابل في مستوى سياسة أوباما، بل ستكون بين هذا وذاك، وهو مستوى كاف لإعطاء النظام السوري وإيران فرصة لإعادة ترتيب أوراقهما من جديد".

معهد "الشرق الأوسط" تحدث خلال تقرير نشره في نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، أن سياسة الولايات المتحدة الأميركية في المرحلة المقبلة حيال الملف السوري ستبقى على حالها، لكن الاختلاف الأكبر بين سياسة "ترامب" و"بايدن" هي أن إدارة الأخير عازمة على تنفيذ سياسة متوازنة لا تقلبات فيها، بعكس تعامل إدارة "ترامب" مع الوضع السوري.