رغم التباعد الجغرافي.. ما حاجة الإمارات واليونان لاتفاقية دفاع مشترك؟

قسم الترجمة - الاستقلال | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

في 18 نوفمبر/تشرين 2020، وخلال اجتماع عقد في أبوظبي بين رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس وولي العهد محمد بن زايد، وقع الجانبان اتفاقية تنص على "إقامة شراكة إستراتيجية لتعزيز التعاون السياسي والاقتصادي والثقافي".

كان البند الأكثر إثارة للأهمية بحسب موقع "إنسايد أوفر"، يتعلق بالدفاع المشترك في حال وجود تهديد لوحدة أراضي إحدى الدولتين.

قال الموقع الإيطالي: إن هذه النقطة كانت جزءا من البند الخامس لحلف شمال الأطلسي للدفاع المشترك لكن في شكل مصغر بين أثينا وأبوظبي.

وأضاف: أن "اتفاقية التعاون ليست بأي حال من الأحوال صاعقة تضرب سماء شرق البحر الأبيض المتوسط الهادئة، خصوصا وأن الإمارات أرسلت في نهاية أغسطس/آب، بعض مقاتلات إف-16 إلى جزيرة كريت للمشاركة في مناورات عسكرية شهدت أيضا مشاركة فرنسا وإيطاليا وقبرص".

بينما كانت الولايات المتحدة، في نفس الفترة، تجري تدريبات منفصلة مع القوات المسلحة اليونانية.

ما الرابط؟

وتساءل الموقع عما يربط البلدين الذين تفصل بينهما مسافات ليست جغرافية فحسب وإنما على عدة مستويات، لدرجة أنهما بحاجة إلى إبرام اتفاقية تعاون ملزمة جدا من الناحية الدفاعية؟ مجيبا أن الأمر بسيط ويتمثل في الحاجة إلى وقف التوسع التركي، على حد تعبيره.

وأوضح أن المسألة تخص الصراع المتواصل بين أنقرة وأثينا من أجل بسط السيادة على المنطقة الاقتصادية الخالصة في ذلك الجزء من البحر الأبيض المتوسط ​​بين جزر قبرص و جزيرة كريت اليونانية. 

كما تشهد المنطقة بحسب الموقع الإيطالي، "استفزازات متكررة من الجانب التركي باستخدام سفن للاستكشاف والتنقيب ترافقها وحدات من البحرية".

وقد استُخدمت السفن الحربية أيضا لترهيب أنشطة تنقيب نفذتها دول أخرى في الأشهر التي سبقت تصعيد التوتر الصيف الماضي بين المتنافسين اللذين يفصل بينهما بحر إيجة. 

وتابع الموقع: أن أنقرة "غيرت وتيرتها، وتتطلع إلى البحر للخروج من بعدها القاري وتحرير نفسها كقوة مهيمنة صغيرة على رقعة الشطرنج في الشرق الأوسط وإفريقيا".

ولذلك، يعتقد الموقع الإيطالي أن أنظار تركيا تتجه إلى الشرق: "من القوقاز (تدعم أذربيجان في نزاع قره باغ) إلى دول تركمان الاتحاد السوفييتي السابق في آسيا الوسطى".

وأشار إلى أن اليونان ''بعد تردد أولي في الرد على هذا المشروع التوسعي التركي -ربما فرضته واشنطن التي أبت في المراحل الأولى من التوتر الانحياز لصالح طرف ضد آخر- تتحرك الآن على المستوى السياسي والعسكري لمحاولة احتواء توسع أنقرة".

ومن هنا، يوضح الموقع أنه من الطبيعي تماما أن تسعى اليونان إلى دعم خصوم تركيا الإقليميين.

 إحدى هذه الدول هي بلا شك الإمارات، التي تمتلك تاريخا حديثا إلى حد ما ولكنه طويل جدا في معارضة السياسة الخارجية لتركيا.

مسألة أيديولوجية

وألمح الموقع إلى وجود مسألة أيديولوجية على المحك، تمثلها جماعة الإخوان المسلمين المدعومة من تركيا وتحظى أيضا بدعم دولة خليجية أخرى هي قطر المحاصرة من قبل الإمارات. ونتيجة لذلك، وجدت أنقرة نفسها داخل صراع "منخفض الحدة" يتعلق بالملف الليبي. 

في هذا الصدد، تنحاز أنقرة علنا إلى حكومة الوفاق وتحوم شكوك حول إرسالها إلى طرابلس بشكل شبه منتظم أنواعا مختلفة من الأسلحة بواسطة رحلات عسكرية وباستخدام سفن تجارية ترافقها وحدات بحرية، وفق الموقع الإيطالي. 

وفي بعض المناسبات، وقعت احتكاكات مع السفن العسكرية الفرنسية واليونانية المتمركزة في مياه وسط البحر الأبيض المتوسط ​​لتطبيق قرار الأمم المتحدة في حظر تهريب الأسلحة إلى ليبيا.

على الطرف المقابل، تدعم الإمارات الجنرال الانقلابي خليفة حفتر، حيث أرسلت طيارين ومقاتلات حربية لدعم هجومه ضد العاصمة طرابلس. 

ويرى ''إنسايد أوفر" أن فاعلية الحصار تستحق تعليلا في حد ذاتها، مفسرا أنه إذا كانت طرابلس تتلقى السلاح فقط من البحر أو الجو، فيمكن لطبرق (معقل حفتر) أن تتزود بالأسلحة أيضا عن طريق البر عبر الصحراء التي تفصلها عن جارها (وصديقها) نظام عبد الفتاح السيسي في مصر، وفي هذا الأمر تلعب أبوظبي دورا مهما بالتأكيد.

وذكر أن الإمارات كانت قد اعتبرت الدعم التركي للدوحة بمثابة ذر رماد في العيون، وذلك بمناسبة تأسيس - برعاية واشنطن - المركز العالمي لمكافحة الفكر "المتطرف" ومقره الرياض، والذي صنف قطر على الفور بأنها "دولة إرهابية" لتمويلها جماعات مثل الإخوان المسلمين. 

وبعد فترة وجيزة من اتهامات "المركز العربي لمكافحة التطرف"، تدخلت تركيا لصالح قطر وقدمت الدعم العسكري لها من خلال إرسال قوات ومدرعات في عام 2017. 

وعاد الموقع الإيطالي إلى الحديث عما وصفه بـ"التحالف الغريب'' بين اليونان والإمارات، الذي يستغل عاملا مشتركا قويا يتمثل في ضرورة مواجهة تركيا وخططها في توسيع نفوذها، التي تزعج فرنسا أيضا. 

ويذكر أن الأخيرة كانت قد انحازت علنا إلى أثينا بإبرام صفقات عسكرية. وبالإضافة إلى بيع قاذفات القنابل المقاتلة من طراز رافال، تمكن الإليزيه أيضا من إشراك اليونان في مهمة قوة تاكوبا في الساحل، والتي تمثل حدثا استثنائيا في تاريخ السياسة اليونانية.

وخلص الموقع إلى القول: إن هناك "تحالفا ثلاثيا معاديا لتركيا بصدد التشكل، يؤكده إجراء المناورات العسكرية التي تحمل اسم ميدوسا قبالة السواحل المصرية بمشاركة قبرص ومصر والتي بدأت في 30 نوفمبر/تشرين الثاني وحتى 6 ديسمبر/كانون الأول".