بمساعدة حزب الله.. كيف ساهم تهريب المخدرات في بقاء نظام الأسد؟

سام أبو المجد | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

سوريا بعد أن كانت من أبرز الدول التي تحارب إنتاج وزراعة وترويج المخدرات، ومن البلدان الموقعة على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات عام 1961، غدت من أكثر الدول تصديرا للمخدرات.

لم يترك بشار الأسد وسيلة غير مشروعة إلا وسلكها من أجل استمراره في الحكم، فإلى جانب تدمير مؤسسات الدولة وتشريد الملايين، غدت سوريا من أكثر البلدان تهريبا للمخدرات إلى دول عربية وغير عربية، وفق متابعين.

في 27 أكتوبر/تشرين الأول 2020، أعلن الأردن إحباط عملية لتهريب المخدرات قادمة من سوريا، وحسب تصريحات رسمية فإن الشحنة المهربة تحتوي على 1942 لوح حشيش و19500 حبة كبتاغون، وأسفرت عملية إيقاف الشحنة عن مقتل وإصابة عدد من المهربين الذين انسحبوا إلى الأراضي السورية.

وفي 22 أكتوبر/تشرين الأول 2020، أحبطت إدارة جمارك ميناء دمياط شمالي مصر، عملية لتهريب حوالي 6 أطنان من الحشيش المخدر تقدر قيمتها بنحو 57 ملايين دولار، قادمة من سوريا في طريقها للسودان.

وقبل ذلك بنحو أسبوع، تم إحباط عملية تهريب لشحنة من الحشيش في ميناء الإسكندرية شمالي مصر قادمة من الموانئ السورية، بحسب ما نقل التلفزيون السوري.

وفي أبريل/نيسان 2020، تم ضبط شحنة مهربة داخل علب لحليب الأطفال، تزن نحو 4 أطنان من الحشيش المخدر في ميناء بورسعيد شمالي مصر، وفي ذات الميناء تم إحباط نحو 3 أطنان من الحشيش المخدر داخل شحنة لفاكهة التفاح في أكتوبر/تشرين الأول 2019، قادمة من الموانئ السورية.

السعودية كذلك، كانت إحدى الوجهات التي وصلت إليها شحنات المخدرات القادمة من سوريا، ففي أبريل/نيسان 2020، أحبطت القوات السعودية شحنة من أقراص الإمفيتامين المخدرة.

وأعلنت المديرية العامة لمكافحة المخدرات في السعودية، أنه جرى إحباط عملية وصفتها بـ"الإجرامية"، لتهريب أكثر من 19 مليون قرص إمفيتامين، حيث أُخفيت في عبوات مشروب "المتة".

تلك العمليات تجاوزت المنطقة العربية، وفي ديسمبر/كانون الأول 2018، أحبطت قوات خفر السواحل اليونانية، شحنة مخدرات تزن نحو 6 أطنان، بقيمة تتجاوز نحو 120 مليون دولار، في عملية تهريب هي الأكبر من سوريا إلى اليونان.

العمليات التي تم إحباطها تكشف عن كثافة الشحنات المهربة، والمبالغ الضخمة التي باتت تتلقاها شبكة التهريب في الداخل السوري، والتي مكنت نظام بشار من الصمود والبقاء، وعززت تحالفه في ذات الوقت مع حزب الله الذي يتولى مهمة تهريب المخدرات إلى خارج سوريا، وفق مراقبين.

"صناعة حزب الله"

وفق خبراء، بات حزب الله اللبناني ذراعا طولى داخل سوريا، ومحركا رئيسيا لعمليات تهريب المخدرات في الوطن العربي، مستفيدا من حالة عدم الاستقرار الذي تعيشها سوريا.

تقارير إعلامية تؤكد أن حزب الله عمد إلى تهريب المخدرات عبر الموانئ السورية في طرطوس واللاذقية، واستخدم جزءا من الأراضي السورية لزراعة الحشيش، مستفيدا من خبرته الطويلة في زراعة وتهريب المخدرات.

صحيفة فورميكى الإيطالية نشرت في سبتمبر/أيلول 2020، تقريرا أكدت فيه هيمنة حزب الله على سوق المخدرات في الشرق الأوسط.

الصحيفة قالت: إن الشرطة بمدينة ساليرنو الإيطالية، صادرت في يوليو/تموز 2020، 84 مليون قرص كبتاجون (مخدر)، بدت في البداية من إنتاج "تنظيم الدولة"، غير أن الصحيفة قالت: إن تنظيم الدولة لا يمتلك قدرات تقنية (مواقع إنتاج وإمكانيات لوجستية) لإنتاج كميات معينة.

الصحيفة أكدت أن حزب الله يقف خلف تلك الشحنة، لأنه "المهيمن على سوق المخدرات في الشرق الأوسط، وهو الأكثر تنظيما على مدار عقد من الزمان على الأقل في هذه الصفقات". 

وذكرت منظمة "دي اي اي" الأميركية لمكافحة المخدرات أن "نحو 70% من الحشيش المتداول داخل لبنان هو إنتاج محلي، في المناطق البقاعية وفي مناطق الجنوب المحظور دخولها على قوى الأمن اللبنانية".

وكشفت المنظمة أنه يجري تكريرها في مصاف يديرها عناصر من حزب الله الذين يؤمنون عمليات توزيع 50 % منها في لبنان، والباقي يحاولون نقله إلى بعض الدول العربية والأوروبية وخصوصا إلى إسرائيل لينقل منها إلى الخارج.

وصنفت الأمم المتحدة لبنان كثالث مصدر رئيسي للحشيش في العالم لعام 2018 بعد أفغانستان والمغرب.

وفي السنوات الماضية، اتهمت الإدارة الأميركية حزب الله أكثر من مرة بالاستفادة ماليا من زراعة الحشيش في البقاع، لكن الحزب نفى على لسان أمينه العام حسن نصر الله الاتهام معتبرا أن "هذه افتراءات واتهامات ظالمة".

وعادة ما ينفي حزب الله علاقته بصناعة المخدرات المزدهرة في المنطقة، غير أن تورطه بعملية زراعة المخدرات وتهريبها وتصديرها أصبحت أمرا شائعا، في الداخل اللبناني، حتى أنه يمارس نشاطا كبيرا فيما يتعلق بالأسلحة والمخدرات في أوروبا وخاصة في إيطاليا، مستعينا بمافيا "ندرانجيتا" الإيطالية خلال السنوات الأخيرة، بحسب مجلة فورميكي الإيطالية.


 

العملة الصعبة

الإعلامي السوري نورس عزيز قال لـ"الاستقلال": "في واقع الأمر فإن نظام بشار غدا في أمس الحاجة للأموال وللعملة الصعبة، ليس لتمويل حملته على الشعب السوري فقط، بل لاستمراره، لأن نظام بشار عمليا انتهى، ولم يعد لديه إمكانات حاليا، وأصبحت سوريا بيد روسيا وبقية الأطراف المتصارعة".

وأضاف: "بالنسبة لتهريب المخدرات، فهي جزء من التمويل الذي يعتمد عليه نظام بشار الأسد، بعد أن بات حاليا غير قادر على تأمين الخبز للمواطنين، وهناك أزمة، كما نشاهد، وطوابير طويلة على  الخبز والبنزين، وعلى المواد الأساسية".

يضيف الصحفي المقيم في فرنسا: "يعتمد بشار في تهريب المخدرات بالدرجة الأولى على حزب الله، وهو المنفذ المباشر لملف المخدرات، حيث يتم جلب المخدرات من الجنوب اللبناني، وحاليا بدأت زراعته بالمناطق الجنوبية في سوريا، في بعض الأماكن المخفية بطبيعة الحال، ويستغل حزب الله حاجة الناس في سوريا وفقرهم من أجل تجنيد أشخاص للعمل في عمليات التهريب".

يتابع عزيز: "الطريق الأساسي الذي يمر به المخدرات إلى دول الجوار هي مناطق الجنوب السوري، التي هي محافظة درعا والسويداء والقنيطرة، وبدرجة أكبر محافظة درعا، وحاليا بدأ حزب الله اللبناني بالتوغل بشكل أكبر من خلال أعوان له داخل المناطق الجنوبية، وقد تم قبل أيام مصادرة كميات من الحبوب المخدرة من قبل حرس حدود الأردن وتم إطلاق النار وقتل شخص مهرب وإصابة آخرين".

ويوضح الكاتب والصحفي السوري: أن "هناك أيضا صفقات يتم إخراجها عبر الساحل السوري من طرطوس، التي تعد البيئة الحاضنة للنظام، وكذلك من اللاذقية، من خلال إخراجها ببواخر وتصديرها، بطرق ملتوية عبر سفن ووسطاء".

مضيفا: "المخدرات ليست المصدر الوحيد الذي يعتمد عليه بشار الأسد في بقائه، وإن كان ذلك يعد مصدرا أساسيا، لكنه أصبح حاليا يعتمد على عدة مصادر أخرى كفرض مبالغ باهظة على استخراج جواز السفر السوري من خلال قنصلياته المنتشرة في عدد من البلدان، يفرض النظام مبالغ تتراوح بين 500 و1200 على الجواز الواحد".

وختم عزيز حديثه بالقول: "أيضا يقوم النظام بمصادرة أموال بعض رجاله السابقين مثل رامي مخلوف والحجز على أموال محافظ ريف دمشق علاء إبراهيم، كما أصدر مؤخرا مرسوما بتعديل قيمة البدل النقدي، وبدل خدمة العلم من أجل جباية الأموال من جيوب المواطنين".