رياض حجاب.. رئيس "حكومة الحرب" الذي انشق عن نظام الأسد وانضم للثوار

يوسف العلي | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

بين الفينة والأخرى يقفز إلى السطح اسم الدكتور رياض حجاب، رئيس الوزراء المنشقّ عن نظام بشار الأسد عقب نحو شهرين من تعيينه في المنصب.

مؤخرا، رشحه المعارض السوري ماهر شرف الدين لأخذ زمام المبادرة، لتشكيل حركة إنقاذية تضطلع بدور رئيسي في قيادة المرحلة المقبلة في سوريا.

وقال شرف الدين في مقاله الذي نشرته صحيفة "زمان الوصل" المعارضة، في 28 سبتمبر/ أيلول 2020: "أجد من واجبي ألا أتردد في تسمية الشخصية التي أعتقد بأنها الأكثر جدارة وقدرة على تشكيل حركة إنقاذية تضطلع بدور رئيسي في قيادة المرحلة المقبلة، فإني أُسمّي الدكتور رياض حجاب، رئيس الوزراء المنشقّ، وأدعوه لأخذ زمام المبادرة".

قصة الهروب

بعد شهرين فقط من توليه منصب رئيس وزراء سوريا، أعلن رياض حجاب، انشقاقه عن النظام مؤكدا رفضه المجازر التي يرتكبها بشار الأسد بحق شعبه.

مثل انضمام حجاب، الذي ينحدر من عائلة سُنية، إلى صفوف المعارضة، الضربة الأقوى التي وجهت مبكرا للنظام السوري بعد اندلاع الثورة الشعبية عام 2011.

"حجاب" سياسي مخضرم تولى مناصب وزارية عدة في سوريا قبل تسلمه منصب رئاسة الوزراء، إضافة إلى أنه كان قياديا كبيرا في "حزب البعث العربي الاشتراكي" الحاكم، حيث شغل فيه منصب أمين فرع محافظة دير الزور بين عامي 2004 و2008.

وعن طريقة خروجه من سوريا، تحدثت تقارير أن حجاب غادر بسرية شديدة إلى الأردن بمساعدة من "الجيش السوري الحر" الذي أسسه عسكريون منشقون عن النظام.

وبثت قناة "الجزيرة" القطرية في حينها صورا لمراحل من عملية نقل حجاب ظهر فيها في منزل بمنطقة النعيمة في درعا، إضافة إلى صور لموكب نقل حجاب إلى الحدود الأردنية.

وقال قائد العمليات في "الجيش الحر" المقدم الركن ياسر عبود: إنه جرى التنسيق في عملية انشقاق حجاب بين "كتائب الصحابة" العاملة في دمشق وريفها والتي كان يقع على عاتقها إخراج رئيس الوزراء المنشق من دمشق وريف دمشق كمرحلة أولى.

وأضاف أنه في المرحلة الثانية نقل من ريف دمشق إلى ريف درعا بالتعاون مع كتائب "الجيش الحر" في المنطقة الجنوبية، وهي "كتائب المعتصم بالله" و"اليرموك" و"ابن تيمية" و"عبد الله بن عمر".

وكشف القائد في "الجيش الحر" أن "عملية نقل رياض حجاب استغرقت 24 ساعة وتمت بشكل معقد ووسط سلسلة من الصعوبات"، واصفا العملية بأنها كانت "مضنية ومتعبة جدا".

حكومة حرب

وعقب انشقاقه، كشف حجاب أن بشار الأسد رفض مرارا دعوات من حكومته من أجل التوصل إلى تسوية سياسية، وفضل النهج العسكري، وقال: إن مسؤولين كبارا في نظامه ناشدوا الأسد أن يتفاوض مع المعارضة.

وقال: "أبلغنا الأسد أن عليه أن يجد حلا سياسيا للأزمة، فهؤلاء الذين نقتلهم هم شعبنا"، مضيفا: "اقترحنا عليه العمل مع مجموعة أصدقاء سوريا، لكنه رفض بكل صراحة وقف العمليات العسكرية أو التفاوض".

وحسب حجاب، فإنه أدرك لدى توليه الحكومة أن لا خيار أمامه سوى الانشقاق، خاصة بعد أن استمع لكلمة الأسد التي كان يتحدث فيها بثقة وقناعة بأن الحل العسكري سيسحق أعداءه، وشرح ذلك بقوله: "كان مطلوبا مني أن أقود حكومة تسوية وطنية، لكن في أول اجتماع لنا، أوضح بشار أنها حكومة للتغطية، وأطلق علينا اسم حكومة حرب".

بعد انشقاقه عن النظام، انضم حجاب مباشرة إلى صفوف المعارضة السورية، وتفرغ لتأسيس كيان إداري تنظيمي سوري معارض باسم "التجمع الحر للعاملين في الدولة"، بهدف "جمع وحشد الكوادر التي شردها نظام الأسد في إطار حربه على الشعب".

معارضون رأوا أن حجاب أراد عبر تأسيس هذا التشكيل السياسي خلق غطاء مؤسساتي معارض للوصول إلى رئاسة الائتلاف المعارض. في حين ذكرت تقارير أن حجاب "لم يكتف بممارسة العمل السياسي داخل المعارضة، بل قام بدعم لواء (الفاتحون من أرض الشام) في مدينة دير الزور، موكلا مهمة قيادة اللواء إلى ابن أخته محمد عبد الفتاح الشاطي، الذي قتل خلال اقتحام الجيش النظامي لحي الرشيدية أواخر عام 2013".

في المقابل، رفض عضو "الائتلاف" المعارض أحمد رمضان خلال تصريحات صحفية في يوليو/ تموز 2014 الربط بين الحقبة التي أمضاها حجاب داخل النظام وتلك التي نشط خلالها في صفوف المعارضة.

وقال رمضان: إن "إستراتيجية الائتلاف كانت منذ بداية الثورة تقضي بتشجيع المسؤولين داخل النظام للانشقاق عنه، ودعوتهم للعب دور في المعارضة"، متسائلا: "كيف يمكن أن نوفق بين هذه الإستراتيجية وبين اتهام المنشقين بأنهم كانوا مع النظام؟". ويصف خطوة انشقاق حجاب بـ"الموقف الكبير، إذ عرّض حياة عائلته للخطر".

رئيسا للمفاوضات

وفي 17 ديسمبر/كانون الأول 2015 اختير حجاب منسقا عاما لـ"الهيئة العليا للمفاوضات السورية" بأغلبية 24 صوتا من أصل 34 هم أعضاء الفريق، وذلك في الاجتماع الأول للهيئة بالعاصمة السعودية، الرياض.

لكنه أعلن استقالته من الهيئة في 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2017 مع 8 من أعضائها، بينهم الناطق الإعلامي باسم الهيئة رياض نعسان آغا.

وقال حجاب في بيان: إنه "وجد نفسه اليوم مضطرا لإعلان الاستقالة من مهمته، وذلك بعد سنتين من العمل للمحافظة على ثوابت الثورة السورية"، مشيرا إلى أنه كان "ملتزما بمبادئ الثورة، ويعمل على تأسيس نظام تعددي لا مكان لبشار الأسد ونظامه فيه".

وأكد أنه "رغم تباين المواقف وتعدد الآراء، فقد عمل على النأي بالنفس عن أية اصطفافات خارجية للمحافظة على استقلال وسيادة القرار الوطني". وتابع: أنه كان "متسلحا بمبادئ الثورة للصمود أمام محاولات خفض سقفها، والتصدي لمحاولات بعض القوى الخارجية تقسيم البلاد إلى مناطق نفوذ ضمن صفقات جانبية يتم إبرامها بمنأى عن الشعب السوري".

استقالة حجاب جاءت قبل يومين من انعقاد مؤتمر الرياض الثاني الذي يجمع أطيافا من المعارضة السورية لتشكيل وفد موسع للمشاركة في الجولة الثامنة من مفاوضات جنيف في 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2017.

واجهة دولية

وفي 28 سبتمبر/ أيلول 2020، قال المعارض السوري ماهر شرف الدين في مقال نشرته صحيفة "زمان الوصل" المعارضة: "أجد من واجبي ألا أتردد في تسمية الشخصية التي أعتقد بأنها الأكثر جدارة وقدرة على تشكيل حركة إنقاذية تضطلع بدور رئيسي في قيادة المرحلة المقبلة، فإني أُسمي الدكتور رياض حجاب، رئيس الوزراء المنشق، وأدعوه لأخذ زمام المبادرة".

وبرر شرف الدين اختياره لحجاب، بالقول: إنه أرفع شخصية تنشق عن نظام الأسد، وهو موضع إجماع إيجابي لدى شريحة واسعة من أبناء الثورة، إضافة إلى أنه موضع تطمين لمختلف شرائح الشعب، بما فيها شريحة الموالين الذين عرفوه محافظا للاذقية.

ورأى الكاتب أن حجاب هو المعارض الأكثر ممارسة لمهام الإدارة وشؤون الحكم في الدولة، وهو شخص محصن ضد أهم تهمتين في لائحة التهم الرئيسية التي يستعملها نظام الأسد وحلفاؤه لتشويه صورة المعارضين: التطرف والطائفية، بسبب تاريخه السياسي قبل الانشقاق وسلوكه بعده.

وتابع شرف الدين: حجاب شخصية معتدلة ومقبولة دوليا، وهو بالتوازي مع ذلك ابن الأكثرية التي جرت عليها أعمال الإبادة والتطهير، فضلا عن أنه ابن محافظة دير الزور التي باتت تقع ضمن سيطرة ما يعرف بـ"الإدارة الذاتية". بمعنى أنه ابن المنطقة التي يقع على عاتقها تطويق المشاريع الانفصالية التي تهدد وحدة الأراضي السورية.