الاجتماع الرباعي العربي من أجل سوريا.. لماذا جاء بعد فوز بايدن؟

يوسف العلي | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

أثار الاجتماع الرباعي (مصر، السعودية، الإمارات، والأردن) من أجل سوريا، تساؤلات كثيرة حول دوافع وتوقيت التحرك العربي تجاه الملف السوري بعد ركود طويل، وهل يفضي إلى تسوية الأزمة السورية وفق قرار مجلس الأمن رقم 2254 الذي طرح خلال المشاورات؟.

الاجتماع، الذي لم يعرف مكان انعقاده ولا الجهة التي دعت إليه، ناقش تعزيز الجهود المشتركة لدعم تسوية الأزمة في سوريا بما يحفظ وحدة سوريا وسلامة أراضيها، حسبما ذكرت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الأردنية في 26 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.

وفي السياق ذاته، قالت وزارة الخارجية المصرية في بيان: "الاجتماع التشاوري كان على مستوى كبار المسؤولين في وزارات الخارجية لبحث تطورات الأزمة السورية وسبل تسويتها وفقا لقرار مجلس الأمن رقم 2254".

سر التوقيت

مسؤول الشؤون العربية في الائتلاف السوري المعارض، سليم الخطيب قال: "أهم ما في الاجتماع هو توقيته، كونه حصل بعد فوز جو بايدن بالرئاسة الأميركية، وكذلك بعد جولة مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسوريا، غير بيدرسون، المكوكية التي شملت بلدانا عدة، من أهمها السعودية بما تحمله من رسائل".

وأوضح الخطيب في حديث لـ"الاستقلال" أن "جدول لقاءات، غير بيدرسون، كان الحديث عن الجولة الرابعة للجنة الدستورية، إضافة إلى انتخابات رئيس النظام السوري بشار الأسد المقبلة (أبريل/ نيسان 2021)".

وحسب الخطيب، فإن "التوقيت الذي جرى فيه عقد الاجتماع الرباعي العربي، هو ذاته أيضا الذي ربما يستخدم فيه الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترامب آخر أوراقه تجاه إيران".

ورأى مسؤول الشؤون العربية في الائتلاف المعارض أن "اللقاء الرباعي وإن كان عنوانه الحديث عن سوريا، لكنه تطرق لقضايا أوسع على مستوى المنطقة، فالحديث عن تقارب سعودي تركي قطري بات لم يعد مخفيا".

من جهته، قال أحمد العشري مدير تحرير صحيفة "الأهرام" المصرية خلال مقابلة تلفزيونية في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020: "هناك انعطافة جديدة بدأت من اليوم في محاولة لإحداث نوع من الحراك العربي باتجاه البوصلة السورية في المرحلة المقبلة".

العشري أوضح أن "الاجتماع جرى الترتيب له بعد زيارة المبعوث الأممي (غير بيدرسون) القاهرة، ثم زيارته إلى السعودية ولقائه بوزيري خارجية البلدين في الرياض والقاهرة في محاولة جادة للدخول بشكل متعاون مع الأمم المتحدة لتوفير استحقاقات الدعم والغطاء العربي في المرحلة المقبلة".

جدوى التحرك

وبخصوص قدرة هذه الدول على الدفع نحو تسوية الأزمة السورية، قال الخطيب: "واضح جدا أن الصراع في سوريا أصبح مباشرا، بمعنى أن القادر على إنتاج حل بسوريا بالدرجة الأولى هي القوى الموجودة بشكل فعلي على الأراضي السورية، وأقصد هنا بالذات الجيوش الخمسة: أميركا، روسيا، تركيا، إيران، وأخيرا إسرائيل".

أما الدول العربية الرباعية، يضيف الخطيب: "بات دورها ثانويا، وهو سياسي دبلوماسي أكثر منه عسكري أو ميداني، ومن المعلوم أن هذه الدول أعضاء في المجموعة المصغرة والتي غالبا ما تكون ضمن السقف الأميركي".

وأشار الخطيب إلى أن "هذا السقف الآن يشهد تحولا كبيرا بوصول بايدن إلى إدارة البيت الأبيض، وتأكيد هذه الدول على قرار مجلس الأمن رقم 2254 يأخذ أهميته من نجاح العملية السياسية أو فشلها".

وفي ختام حديثه، لفت الخطيب إلى أن "التطبيع الحاصل مع إسرائيل قد يرسم قواعد لعبة جديدة في مواجهة إيران، ولا سيما إذا جرى إطلاق تفاهم جديد حول النووي الإيراني، الذي إذا فتح سيكون بالتوازي مع دعم كبير لإسرائيل في مواجهة إيران بالمنطقة، وبالتالي رسم تحالفات واضحة تكون سوريا فيها أحد أهم ميادينها".

من جانبه، أعرب المحلل السياسي السوري عبد الوهاب عاصي، عن اعتقاده بأن "هذه المباحثات الرباعية التي تشترك فيها الأردن وتغيب عنها البحرين "تهدف إلى مناقشة سبل فك العزلة عن النظام السوري، لا سيما مع قرب انتقال السلطة في الولايات المتحدة إلى إدارة الرئيس جو بايدن".

وأشار خلال تصريحات صحفية في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020 إلى أن هذه المشاورات تأتي على غرار مساعي اللجنة الرباعية العربية التي تأسست في سبتمبر/أيلول 2018.

وتابع: "هناك اعتقاد سائد بأن إدارة جو بايدن ستولي مزيدا من الاهتمام للدبلوماسية وأدواتها في قضايا المنطقة، ومن ضمنها سوريا، ما قد يشجع الدول العربية على توسيع هامش التحرك بما يتيح إعادة النظام السوري إلى الجامعة العربية".

وفي المقابل، قال أحمد العشري: "بكل تأكيد هناك خطوات عربية جادة لأن هناك حالة من الغضب والاحتقان العربي فيما يتعلق بالتدخلات الإقليمية والدولية في سوريا خلال المرحلة الأخيرة. ومن هناك بدأ الاجتماع الرباعي العربي للحفاظ على وحدة سوريا".

وأشار إلى أن "الدول العربية تريد التعاطي بقوة لتنفيذ القرار الأممي 2254 على اعتبار أنه يمثل لُب الحل في سوريا في المرحلة المقبلة، وهذا القرار يحظى بإجماع كل الفرقاء السوريين سوءا المعارضة في الداخل والخارج أو حتى السلطة في سوريا".

القرار 2254

في ديسمبر/كانون الأول 2015، أصدر مجلس الأمن الدولي القرار 2254  الذي يعطي موافقة أممية على خطة تدعو لوقف إطلاق النار بسوريا، وإجراء محادثات بين الحكومة والمعارضة، ووضع جدول زمني مدته نحو عامين لتشكيل حكومة وحدة ثم إجراء انتخابات.

ووفق هذا القرار، شكلت الأمم المتحدة اللجنة الدستورية الخاصة بسوريا من أجل صياغة دستور جديد، ضمن مسار العملية السياسية، وهي مقسمة بالتوازي بين النظام والمعارضة وممثلي منظمات المجتمع المدني.

وحددت المعارضة السورية يوم 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، موعدا للجولة الرابعة من اجتماعات اللجنة الدستورية مع وفدي النظام والمجتمع المدني في جنيف.

وتضم الهيئة الموسعة للجنة 150 عضوا بواقع 50 لكل جهة، في حين تضم لجنة الصياغة 45 عضوا بواقع 15 من كل طرف، حيث اجتمعت الهيئة الموسعة قبل أكثر من عام وأطلقت عمل لجنة الصياغة.

وعقدت لجنة الصياغة بدورها 3 جولات كانت آخرها في أغسطس/آب 2020، بعد أشهر من الانقطاع بسبب عدم الاتفاق على جدول الأعمال وانتشار وباء كورونا، لكن جميع الجولات السابقة لم تسفر عن أي تقدم بسبب عدم جدية النظام في المناقشات.

تأهيل الأسد

لكن العشري تطرق خلال حديثه إلى مساعي هذه الدول لإعادة تأهيل نظام الأسد، بالقول: "الاجتماع العربي سيتلوه في الأيام والأسابيع المقبلة ربما اجتماع على مستوى وزراء خارجية الدول الأربع لبحث الشق المتعلق في إمكانية عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، وهناك مطلب مصري أردني في هذا الشأن ويحظى بالقبول إلى حد ما من غالبية العواصم العربية".

وتابع: "كذلك جرى بحث مشاركة الأطراف العربية مع المبعوث الدولي للأمم المتحدة خلال المرحلة المقبلة في إمكانية تسهيل المسار السياسي والتعاطي مع أطراف أستانا وغيرها".

وأوضح العشري أن "التعاطي الدولي مع الإدارة الأميركية الجديدة في المرحلة المقبلة يتمثل في أن يكون هناك زخم في محاولة استعادة سوريا إلى الحضن العربي، وإمكانية أن يكون هناك غطاء عربي للعمل مع جميع الأطراف الدولية والإدارة الأميركية الجديدة مع روسيا الاتحادية في محاولة جادة لتوفير الحلول السورية خلال المرحلة المقبلة".

ورأى أن "الحل العربي سيلعب دورا كبيرا في تعبيد الطريق نحو عودة سوريا إلى الجامعة العربية مرة ثانية وفي الوقت نفسه يعطي زخما للتعاطي العربي بقوة مع الملف السوري بعد غياب استمر 10 سنوات حتى الآن منذ جرى تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية عام 2011".

وفي النقطة هذه، أشارت الباحثة، سارة هنكل، في دراسة نشرتها دورية "SWP" في نوفمبر/ تشرين الثاني 2019 إلى وجود توجهين إزاء التعامل مع سوريا، أحدهما عربي يعمل على تطبيع العلاقات مع دمشق وعودة النظام لشغل مقعد سوريا في جامعة الدول العربية، والثاني أوروبي - أميركي، يعمل على عزل النظام وفرض المزيد من العقوبات عليه لإجباره على التفاوض من أجل التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية.

ولفتت الباحثة إلى أن النظام السوري لم يكن في أي وقت من الأوقـات خلال الحرب معزولا بالكامل، حيث اتخذت دول المغرب العربي والعراق وعمان مواقف محايدة إلى حد ما، إضافة إلى افتتاح الإمارات والبحرين سفارتيهما في دمشق أواخر عام 2018، فيما تبذل كل من تونس والجزائر ومصر جهودا دبلوماسية لإعادة النظام إلى حضن جامعة الدول العربية منذ مارس/آذار 2019، فضلا عن إعادة تعيين سلطنة عمان سفيرا لها بدمشق في أكتوبر/تشرين الثاني 2020.

كان المبعوث الأميركي الخاص بالشأن السوري السابق، جيمس جيفري، قد حذر بالتزامن مع إطلاق عقوبات "قانون قيصر" ضد النظام السوري في يونيو/ حزيران 2020 من أن أية جهة تنخرط في نشاط اقتصادي مع النظام "ستصبح هدفا محتملا للعقوبات الأميركية".