لوموند: مليون ونصف من سكان مدغشقر يحتاجون إلى المساعدة

12

طباعة

مشاركة

في مدغشقر، البلد الذي يعد من أفقر دول العالم، يحتاج 1.5 مليون إنسان إلى المساعدة، وسط أزمة جفاف تعمقت بسبب القيود المرتبطة بتفشي فيروس كورونا.

وهنا، تتساءل صحيفة لوموند الفرنسية عما إذا كان الجوع أمرا محكوما على سكان جنوب مدغشقر؟

وتشير إلى وصول اللواء إيلاك أوليفييه أندريا كاجا، مُدير المكتب الوطني لإدارة المخاطر والكوارث (BNGRC)، إلى أمبانيهي، في 19 نوفمبر/تشرين الثاني، على رأس قافلة من أربع شاحنات مليئة بالأغذية لتنفيذ المزيد من عمليات توزيع المواد الغذائية في إطار حالة الطوارئ. 

وقبل شهر، مثّل مقتل ستة أطفال في قرية ليست بعيدة عن العاصمة، صدمة حيث ظهر فجأة على السطح شبح المجاعة المألوف الذي يُطلق عليه هناك "كيريه".

يقول المُجند المسؤول عن تنسيق عمليات الطوارئ: "نحن نبذل قصارى جهدنا، لكن الأزمة عامة"، مضيفا أنه "يتم إنشاء مراكز إعادة التأهيل الغذائي ويتم إحصاء السكان لتقييم الاحتياجات بدقة".

تتحدث الوكالات الإنسانية أيضا عن حالة من الخطورة طويلة الأمد غير المسبوقة. ويقول موميني ويدراوغو، مدير برنامج الأغذية العالمي: "إثيوبيا في الثمانينيات، هناك أناس لم يبق لهم شيء".

تذكر الصحيفة أنه من مدينة توليار في الغرب إلى فورت دوفين في الجنوب الشرقي، لم تتساقط الأمطار في بعض الأماكن منذ يناير/كانون الثاني 2020. 

وتشير إلى أنه تم إستهلاك الاحتياطيات الضئيلة، وبيعت آخر دجاجات أو أدوات مطبخ في السوق، وموسم الجفاف، الذي سيستمر حتى أبريل/نيسان 2021، قد بدأ للتو.

ولإطعام نفسها، يجب على العائلات أن تكتفي بالمانجو الأخضر أو ​​قَطع الصبار أو التمر الهندي أو الجذور البرية التي يجب طهيها لفترة طويلة لإزالة طعمها المُر. 

وتذكر لوموند أن العثور على الماء يتطلب المشي لأميال. واليوم يحتاج 1.5 مليون شخص إلى المساعدة، أي أكثر بثلاثة أضعاف مما توقعه برنامج الأغذية العالمي في يوليو/تموز 2020.

الجفاف وكورونا

وإلى جانب الجفاف الشديد، جرى تقديم العديد من التفسيرات: ومنها تركز القرى النائية جدا تحت مراقبة شبكة الإنذار المبكر التي تم وصفها بالإجماع تقريبا بأنها فاشلة. 

وأدى فيروس كورونا إلى إغلاق المدارس وحرمان الأطفال من إكمال وجباتهم اليومية، كما أدى إلى إبطاء عمل المراكز الصحية التي يعتمد عليها الناس، والتي تضررت بالفعل أكثر من المناطق الأخرى بسبب الملاريا والإسهال والتهابات الجهاز التنفسي.

وجرى الإعلان عن هذا التدهور في مايو/أيار 2020 في دراسة نشرها المكتب الوطني لإدارة المخاطر والكوارث.

وقالت الدراسة: إن "إجراءات التباعد الاجتماعي التقييدية المطبقة في نهاية شهر مارس/آذار أدت إلى تفاقم الوضع الصحي بشكل عام وسوء التغذية الحاد بشكل خاص في المناطق التي تم تحليلها مع ما يترتب على ذلك من عواقب وخيمة على النظام الغذائي".

قُدر عدد الأطفال المعرضين لخطر الإصابة بسوء التغذية الحاد بحلول نهاية العام بحوالي 120 ألف طفل. ويُخشى أن تنفجر التقييمات الجديدة المتوقعة في الأيام المقبلة هذا الرقم. 

وأشارت الدراسة أيضا إلى الوضع الحرج للغاية في أمبو بومبي، في منطقة أندروي، الأكثر تضررا من الجفاف.

وتقول الصحيفة: إنه في مدغشقر، الجزيرة الكبرى للمحيط الهندي، تضاعفت الدعوات للتبرعات. وفي الخارج، تم تحشيد الجالية المقيمة في البلدان الأخرى.

لكن برنامج الأغذية العالمي الذي يقدم عادة 65٪ من توزيعات الغذاء، يعرف بالفعل أن مخزونه سيسمح له فقط بتغطية الشهرين المقبلين.

يقدر نائب الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي آغنيس جويمبا - أويدراغو "لدينا 12500 طن لنحو 900 ألف مستفيد"، وهو متخوف، حسب الصحيفة، من اللحظة التي سيكون فيها من الضروري التماس سخاء المانحين المعتاد. وبينت الصحيفة أن الجوع في جنوب مدغشقر أمر قديم ومتعارف عليه.

وبدورها، تدعم وكالة المعونة الأميركية "USAID" الجزء الأكبر من عمليات المساعدة الغذائية من خلال برنامج الأغذية العالمي ومنظمتين غير حكوميتين، هما خدمات الإغاثة الكاثوليكية ووكالة الإغاثة والتنمية السبتية (أدرا).

 حتى الآن، فضلت الحكومة عدم طلب المساعدة الدولية. وتذكر لوموند أن الجوع قد توقف منذ فترة طويلة عن كونه حالة طوارئ في هذه المنطقة شبه القاحلة، ولكنه آفة مزمنة تتكرر تقريبا بمعدل سنوي.

توضح الصحيفة أنه لدى "كيري العظيم" الذي وصل مدغشقر عام 1993، وهو طبيب صحة مجتمعية يفضل عدم الإفصاح عن اسمه، تفسير خاص بالقول: "هناك أولا وقبل كل شيء المناخ ولكن هناك أيضا تهميش الدولة، والبنية التحتية الصحية السيئة، ووعود التنمية التي لم يتم الوفاء بها أبدا".

تذكر الصحيفة أن مدغشقر واحدة من أكثر البلدان عرضة للتغير المناخي، حيث تشير سيناريوهات الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) إلى زيادة متوسط ​​درجات الحرارة بمقدار 6.5 درجة مئوية في جنوب البلاد بحلول نهاية القرن، إذا لم ينخفض ​​المنحنى العالمي لانبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري.

انتشال الجنوب 

وقد تم إنفاق مئات الملايين من الدولارات لتمويل برامج التنمية التي لم تترك نتائج مستدامة دائمة على أرض الواقع. وظلت مشاريع أخرى قابعة في الرفوف تنتظر خروج البلاد من الأزمات السياسية المتعددة التي شهدتها في العقود الماضية.

عام 2011، تجرأت إحدى وكالات الأمم المتحدة على مقارنة جنوب مدغشقر بـ "مقبرة مشاريع".

وفي عام 2013، أدت العودة إلى النظام الدستوري لانتخاب هيري راجاوناريمامبيانينا وإلى إعادة إشراك المانحين الأجانب الذين تعتمد عليهم الدولة في تمويل استثماراتها.

جرى وضع قائمة من 21 أولوية، تتكون من برامج الدعم الزراعي ومشاريع البنية التحتية الكبرى التي تهدف إلى فتح المنطقة وتحسين إمدادات مياه الشرب وقد بقي معظم هذه البرامج على الورق.

لكن إعادة تأهيل خط أنابيب يبلغ طوله حوالي 200 كيلومتر ومحطة معالجة مياه في منطقة أمبوتاكا أصبح ممكنا بفضل تمويل من وكالة التعاون اليابانية التي كانت بالفعل قد مولت المشروع الأول قبل عشرين سنة.

تشير الصحيفة لتعهد أندري راجولينا خليفة الرئيس راجاوناريمامبيانينا، بكسب "الحرب ضد سوء التغذية". وكدليل على التزامه، كانت الزيارات الميدانية للرئيس أكثر من أي وقت مضى.

وجرى الإعلان عن مشاريع أخرى من بينها، معمل لتصنيع المكملات الغذائية الذي نشأ عن شراكة بين "مؤسسة ميرييه" وشركة نوتريست، سيتم إنشاؤه قريبا بالقرب من "تولانارو" أو مايعرف بـ"فورت دوفين" .

وعادت مشاريع الإمدادات المائية الكبرى مرة أخرى على جدول الأعمال.

والتقى رئيس الدولة هلال نوفمبر/تشرين الثاني، مع ممثلي وكالات الأمم المتحدة والمانحين الآخرين لمناقشة سبل تقديم المساعدات الطارئة اللازمة للتعامل مع "مجاعة كيريه". 

وتذكر الصحيفة أن هناك أيضا حديثا عن إعداد خطة عمل كبرى من شأنها أن تنتشل الجنوب من هلاكه إلى الأبد.